و از دعاهاى آن حضرت است عليهالسلام براى پدر و مارش عليهماالسلام
شرح:
دعاوه لابويه
دور الابوه و الامومه فى الحياه:
للابوه و الامومه فى الحياه معنى للامتداد الذى تتجدد فيه الفروع من خلال
حركه الاصول فى الرغبه العميقه الواعيه فى الانسان، للاستمرار من خلال وجود اولاده، و ذلك هو سر بقاء النوع الانسانى فى المشاعر التى تمتزج فيها اللذه الجسديه بالحس الروحى الخفى.
و هما- فى الوقت ذاته- يمثلان قصه العطاء بلا حدود فى حياه الانسان الذى تكتشف فيه الام فى اعماق ذاتها، الاحساس العميق بالينبوع المتدفق الذى ينساب بالحنان فى روحها و عقلها و قلبها، فى اللبن الذى يرضعه وليدها، و فى الضمه التى تحضنه بذراعيها، و فى القبله الحبيبه و البسمه المشرقه، و فى النظره الحانيه، و اللمسه الهنيه، و الوداعه الرضيه، و فى هدهدات الليالى و غنائيه الاحلام، و لهثه القلق، و لهفه الحنين، و غير ذلك مما يمنح الولد فى عمق مشاعره الطفوليه، الاحساس بالامن و الطمانينه و الفرح الخفى الذى يدغدغ كل احلام طفولته فى الانفتاح اللاواعى على مرحله جديده.
كما يكتشف فيه الاب، فى احساسه بالابوه، سر انسانيته، فى الانسان الجديد الذى ولد منه، فيستعيد طفولته الاولى الجديده، و تختلط فى داخله مشاعر العاطفه الابويه باحاسيس المستقبل المسوول، و هكذا يتحرك فى رعايته المباشره او غير المباشره، ليعطى هذا المخلوق الحى شيئا من معنى القوه و الاستقرار النفسى، عندما يتحرك فى اجواء الابوه فى معانى الحركه القويه فى احتضانه و عنايته و انطلاقه فى الواقع الذى يمتد فيه كل وجوده فى كل تفاصيله بامتداد حاجاته فى حاضره و مستقبله.
و هكذا نجد فى غريزه الامومه فى الام، و غريزه الابوه فى الاب، سر الانسانيه التى تذوب فى الانسان الاخر، حتى كان وجوده يمثل حاله اندماجيه فى داخل وجودهما، و بهذا اراد الله للانسان ان يشكر لوالديه، كما يقدم الشكر له (ان اشكر لى و لوالديك)(لقمان: 14)، لان فى عطائهما معنى الايثار و التضحيه و الذوبان فى الاخر، و غياب الشعور الواعى بالتعويض، فاذا لم يشكر الانسان والديه، فانه لا يمكن ان يعيش الشكر لايه جهه ادت اليه الخدمه الانسانيه، لان خدمه الابوين تعلو
على كل خدمه، لانها تنطلق من عمق وجودهما عندما ينطلق من الاخرين من طبيعه مصالحهم و حاجاتهم عنده.
العلاقه الايمانيه مع الوالدين:
و هذا ما نستوحيه من الايات الكريمه التى اكدت على الاحسان الى الوالدين، و ان كانا فى الخط المضاد للعقيده، بحيث لا يتاثر الموقف الاحسانى بالخلاف العقيدى، لان الله يريد للانسان ان يبقى مع المشاعر الانسانيه العميقه التى قد تتحول الى وسيله من وسائل الانفتاح الروحى و الموده القلبيه، بحيث يفتح القلب الطريق الى العقل فى المجال الذى لا يستطيع العقل ان يفتحه بشكل مباشر، لان الانسان قد تتاثر روحه بالاحسان بما لا تتاثر بالحجه و البرهان. و قد جاء ذلك فى قوله تعالى:
(و ان جاهدك على ان تشرك بى ما ليس لك به علم فلا تطعهما و صاحبهما فى الدنيا معروفا و اتبع سبيل من اناب الى)(لقمان: 15).
و فى هذه الايه ايحاء بان هناك تاكيدا على الالتزام بالمصاحبه بالمعروف للوالدين و ان كانا مشركين يتحركان فى اتجاه الضغط على ولديهما بالانتماء للشرك، فان عليه ان لا يطيعهما فى ذلك، لانه لا معنى لطاعتهما فى الاشراك بالله فى العقيده و العباده، فان حق الله اولى من حقهما، و لكن ذلك لا يمنع من الاحسان اليهما من خلال الروحيه الايمانيه التى تفتح الانسان على الابعاد الشعوريه للعلاقات الانسانيه. و فى ضوء ذلك يمكن امتداد هذا الخط الاخلاقى الى كل الناس الذين يرتبط بهم الانسان فى علاقته بهم من ناحيه القربى او غيرها فى التعامل الانسانى الذى لا يبتعد عن الاحسان، فى الوقت الذى يضع فيه حدودا فكريه و عمليه للبقاء على التزامه العقيدى او العملى.
الاحسان الى الوالدين:
و هناك نقطه مهمه لا بد من اثارتها فى هذا المجال، و هى ان المطلوب فى علاقه
الانسان بابويه هو الاحسان اليهما فى رعايته لهما و التذلل اليهما، و الانسجام مع عواطفهما و مشاعرهما، و الابتعاد عما يوذيهما و يسخطهما، الى غير ذلك مما يتصل بالعنصر الانسانى من الحنان و العاطفه و الاشفاق، لان ذلك هو الذى تفرضه العلاقه الانسانيه التى تستجيب للعاطفه بطريقه ايجابيه، و للنعمه بالشكر العملى، لتكون المساله عاطفه فى مقابل عاطفه، و شكرا فى مقابل نعمه، وردا للجميل فى مقابل الجميل، و هذا ما اكده القرآن الكريم فى الايات المتفرقه كما فى قوله تعالى:
(و قضى ربك الا تعبدوا الا اياه و بالوالدين احسانا اما يبلغن عندك الكبر احدهما او كلاهما فلا تقل لهما اف و لا تنهرهما و قل لهما قولا كريما و اخفض لهما جناح الذل من الرحمه و قل رب ارحمهما كما ربيانى صغيرا)(الاسراء: 24 -23).
فاننا نلاحظ ان الله- سبحانه- يوكد على عبادته التى تشمل الطاعه، لانه- تعالى- هو اساس وجود الانسان فى خلقه له، و يوكد على الاحسان للوالدين فى احتضانهما و رعايتهما و خدمتهما حتى فى الحالات الصعبه عندما يتقدم بهما العمر، فيسوء خلقهما، و تتعقد اوضاعهما، و تكثر مشاكلهما، و يضيق صدرهما، مما قد يوثر تاثيرا سلبيا على حياه الولد، فيودى ذلك الى اهمالهما، و النفور منهما، و التضييق عليهما...، فيريد الله منه ان يحسن اليهما، و لا يسىء اليهما بالفعل او بالكلام، و يتحمل الاذى منهما، و يخفض لهما جناح الذل من الرحمه، و يتذكر تربيتهما له و هو صغير، و يستعيد رعايتهما له و تحملهما الاذى الذى لا يتحمله الانسان من غيره، و تضحيتهما فى سبيله، فيدعو لهما بالرحمه الالهيه.
و ليس المطلوب اطاعتهما فى اوامرهما و نواهيهما، لان هذه المساله تتصل بالوعى و الرشد و مواقع المسووليه فى النظام الانسانى للحياه، و لا علاقه لها بالعلاقات العاطفيه من قريب او بعيد، فليس للابوين حق الطاعه على الولد، لان ابوتهما لا تفرض ذلك، و لا تمنحهما موقعا قياديا بعيدا عن الوضع العاطفى و التربوى، فلا يجب على الولد طاعتهما فى ما لا يرى لنفسه مصلحه فيه، او فى ما يرى ان هناك
مفسده فى السير عليه، و لعل الاشاره فى قوله تعالى: (و ان جاهداك على ان تشرك بى ما ليس لك به علم فلا تطعهما)(لقمان: 15)، تعطى الايحاء بالعنوان الكبير الذى يتجاوز مساله الشرك الى كل الاوامر و النواهى التى لا تحمل فى مضامينها العمليه الواقعيه للصلاح او الفساد، لتكون المصاحبه فى المعروف او الاحسان اليهما فى النطاق الذى يتجاوز ذلك.
المفاهيم الاساسيه للدعاء:
و فى هذا الدعاء حديث عن الوالدين فى ابتهالات الولد لربه فى ما يختص بوالديه، ليطلب لهما الكرامه لديه و الصلاه منه، و ليلهمه الله ما يجب عليه من حقوقهما من خلال و عيه الشامل لذلك كله، و ليوفقه بعد ذلك للقيام به من دون تقصير او اهمال، لان المعرفه المسووله هى التى تتحول الى عمل و ممارسه.
ثم ينفتح هذا الانسان على الروحيه الحانيه الخاضعه امام الوالدين فى الاحساس بالهيبه لهما، ليمتد ذلك الى الخضوع لهما كما يخضع الانسان لصاحب السلطه المهاب، و فى الشعور بالحنان ليبرهما بر الام الرووف، و فى الطاعه لهما بالدرجه التى تتحول الى حاله من الرضى الشعورى الذى يرتاح له الولد تماما كما يرتاح للنوم فى حاله النعاس او للماء فى حاله الظماء، فيستقل بره بهما و ان كان كثيرا، و يستكثر برهما به و ان كان قليلا، و يخفض لهما صوته و يطيب لهما كلامه، و يلين لهما عريكته و يعطف عليهما قلبه، و يرفق بهما و يشفق عليهما، و يدعو الله ان يشكر لهما تربيته و يثيبهما على تكرمته، و يحفظ لهما ما حفظاه منه فى طفولته، ثم يثير مساله الاذى الذى قد يصدر منه، و المكروه الذى يخلص اليهما منه، و الحق الذى يضيع لهما من قبله، ليطلب من الله ان يجعل ذلك حطه فى ذنوبهما، و علوا فى درجاتهما، و زياده فى حسناتهما، لانه الذى يملك امر ذلك كله و يبدل السيئات باضعافها من الحسنات، رحمه بعباده، و تخفيفا عنهم مما يثقلهم فى مصيرهم من خلال تعويضهم عما يصيبهم من آلام و مشاكل و ضياع حقوق، بما ييسره من
امورهم، و يحققه من امنياتهم.
اما اذا كانت المساله السلبيه صادره منهما، فى ما يتعديان عليه، مما لا حق لهما فيه من قول يوذيه، او يسرفان فيه من فعل يضره، او فى ما يضيعانه من حق له من حقوقه اللازمه لهما تجاهه، او يقصران فيه من واجب شرعى من واجبات الولد على والديه، و اذا كانت المساله- فى هذا الاتجاه- مساله الاساءه له من قبلهما، فانه يطلب الى الله ان يسامحهما على ذلك، لان القضيه اذا كانت قضيه حقه عليهما، فانه يقدمه لهما هديه من كل قلبه و من كل عقله و علامه حب لهما، و يرغب الى الله ان يهبهما من رحمته الرحمه التى يتخففان فيها من مسووليه هذا العمل السيىء تجاهه، لان ذلك لم يصدر عن سوء نيه، او رغبه فى الاساءه، او انحراف فى العاطفه، لان تاريخهما معه لا يوحى بذلك، بل يوحى بخلافه، فانه لا يتهمهما على نفسه، و لا ينسب اليهما التراخى فى البر به، و لا يكره ما تولياه من امره، و هو يدرك- الى جانب ذلك- ان حقهما عليه اوجب، و ان احسانهما اليه اقدم، و ان منتهما عليه اعظم، فكيف يمكن ان يفكر بالاقتصاص منهما فى ما يجب له عليهما من الحق، و هو يستذكر استغراق اوقاتهما فى تربيته، و استنزاف جهدهما فى حراسته، و جوعهما لكى يشبع، و ظماهما لكى يروى، و عريهما لكى يلبس، فهل يستطيع القيام بحقهما عنده، و ما يجب عليه لهما لديه؟ انه لا يستطيع بعض ذلك، فكيف يحصل على الوفاء بكله، و مبادله خدمتهما له بخدمته لهما.
و ينتهى الدعاء بالفصل الاخير الذى تتصاعد فيه الابتهالات الروحيه، بالابتعاد عن حاله العقوق للوالدين و استبدالها بحاله البر، ليقف يوم القيامه موقف البار بوالديه، فينال جزاء ذلك رحمه و رضوانا من الله، ثم بالدعاء لوالديه، فى اختصاص الله لهما برحمته، و بالذكر الدائم لهما فى كل اجواء العباده و فى كل حركه الزمن، و ان يجعل هذا الدعاء لهما- منه- سببا لمغفرته له، باعتباره علامه بر، كما يجعل برهما به سببا لمغفرته لهما، و ان يشفعه فيهما اذا كان من اهل الشفاعه و يشفعهما فيه- اذا سبقت مغفرته لهما، حتى يجتمع معهما، و يجتمعان معه فى دار الكرامه و المغفره و الرحمه عنده، لانه الرب الكريم صاحب الفضل العظيم و المن القديم.
ان هذا الدعاء يمثل وثيقه اسلاميه حيه فى النظره الى الوالدين، فى مشاعر الولد تجاههما، من حيث انفتاحها على الجانب الانسانى فى حياتهما، و فى رعايتهما، مما يفرض عليه ان يدرس كل مفردات حياتهما معه دراسه دقيقه موضوعيه للتعرف على عمق العاطفه، و دفء الحنان، و عظمه المسووليه، و انفتاح الروحيه الانسانيه فى داخلهما على صنع الانسان الجديد بكل عفويه و محبه من دون تكلف او منه او احساس بحركه هذا العطاء فى شعور الذات بعملهما تجاه الاخر.
و هذا ما يترك تاثيره فى روحيه الولد، لتنطلق رعايته لهما، فى خط الامتداد الانسانى فى رعايه الاجيال لبعضها البعض، فاذا كان الاباء و الامهات يقومون برعايه الابناء فى انطلاق حركه الوجود فى بدايتها و امتدادها، فان على الابناء ان يقوموا برعايه آبائهم و امهاتهم فى حركه الحياه فى حاله تقدم العمر نحو النهايه، ليبقى الشعور الانسانى منطلقا فى عمليه التبادل فى عفويته هنا و عقلانيته هناك، ليبقى للحياه معنى الدفء و الحراره و العمق الروحى فى حركه الانسان كله.
اللهم صل على محمد عبدك و رسولك و اهل بيته الطاهرين، و اخصصهم بافضل صلواتك و رحمتك و بركاتك و سلامك، و اخصص اللهم والدى بالكرامه لديك و الصلاه منك يا ارحم الراحمين.
اللهم اخصص والدى بالكرامه لديك:
يا رب، انك خلقت رسولك طاهرا مطهرا من كل دنس و رجس، منفتحا عليك بكل عقله و روحه و حركه حياته، داعيا بكل جهده، مبشرا عبادك بما رغبتهم به و اعددتهم له من الثواب و الاجر العظيم على اطاعه اوامرك و اجتناب نواهيك، منذرا لهم مما قد يقعون فيه من عذابك على عصيانك، و الابتعاد عن مواقع رضاك، رفيقا بهم، حانيا عليهم، يتعهدهم بالرعايه و العنايه، فى كل ما يرفع درجتهم عندك، و يقربهم اليك، و يشدهم الى ساحه هداك، و آفاق محبتك، فكان الاب لهم فى انفتاح رسالته عليهم فى كل امورهم، و كان الهادى و المرشد و الدليل و السراج المنير، فى حركه حياته فى حياتهم.
اللهم فصل عليه بكل ما تختزنه الصلاه من معنى الرحمه الواسعه التى تمنحها له فى امتداد وجوده عندك فى عليائك فى مواقع القرب منك، كما منحتها له فى حياته بين الناس، فجعلته رحمه للعالمين من خلال رحمتك فى عبوديته الخالصه لك المخلصه فى المحبه لك، و فى رسوليته المتحركه فى المعاناه من اجل تبليغ رسالتك و هدايه عبادك، و صل على اهل بيته الطاهرين الذين اذهبت عنهم الرجس و طهرتهم تطهيرا، فانفتحوا على عبادك من عمق طهاره الفكر و الروح و الحياه، و انطلقوا فى امانه الرساله ليكونوا الامناء فى خلقك، الحجه على عبادك، المندفعين فى الاخلاص لك، و الدعوه اليك، و الجهاد فى سبيلك.
براي اين فراز در برنامه حديث مرتبطي موجود نيست آيات مرتبط:
پيامبر (ص)، رسول خدا و خاتم پيامبران:
ما كانَ مُحَمَّدٌ أَبا أَحَدٍ مِنْ رِجالِكُمْ وَ لكِنْ رَسُولَ اللَّهِ وَ خاتَمَ النَّبِيِّينَ وَ كانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيماً (محمّد پدر هيچ يك از مردان شما نيست، ولى فرستادهى خدا و خاتم پيامبران است. و خدا همواره بر هر چيزى داناست.) قرآن كريم، سوره مباركه الاحزاب (33)، آيه 40.