ترجمه: از دعاهاى آن حضرت (ع) است چون به خدا پناه مىبرد
شرح:
دعاوه متفزعا الى الله جل و عز
مفهوم الاخلاص لله تعالى:
كيف يعيش المومن احساسه بالله عند ما تتحرك حاجاته فى حياته و تشتد ازماته فى اوضاعه، و تنطلق الوان البلاء فى حركه الواقع عنده؟ هل يوزع تطلعاته و امنياته بين الله و بين عباده فيلجا الى الله فى بعض اموره، و يستعين بعباده فى البعض الاخر، فيغفل عن مقام ربه، ليستغرق فى مظاهر القوه عند خلقه؟
هل يفزع الى الله عند اشتداد الخوف، و تعاظم المشاكل، او ينسى ربه فيفزع الى بعض الناس من حوله ليمنحوه العز بعد الذل، و الرفعه بعد الاتضاع، و الثروه بعد الفقر؟...
ان الايمان بالله لا بد ان ينطلق من عمق المعرفه به، فلا قيمه للايمان بعد المعرفه، و ربما كان من اوليات المعرفه الايمانيه، هو معرفه الله فى مواقع عظمته و مجالات نعمته فى صفاته العليا، و اسمائه الحسنى مقارنه بالمعرفه لعباده، لتكون النتيجه فى ذلك كله، ان العبد، مهما عظمت قوته، و كثرت نعمته، و ارتفع قدره، فانه محدود بالحدود التى وضعها الله له، فهو لا يملك نفسه، و لا يملك ما حوله و ما يتصل به الا من خلال ما ملكه الله من ذلك، و هو القادر على ان يزيله عنه فى كل وقت، من دون ان يستطيع دفعا لذلك.
و ان الله هو كلى القدره و العلم و الرحمه و اللطف و غير ذلك من صفاته الكماليه و الجماليه، و هو الكافى من كل شىء و لا يكفى منه شىء، و هو مالك الملك يوتى الملك من يشاء و ينزع الملك ممن يشاء و يعز من يشاء و يذل من يشاء و هو على كل شىء قدير، و هو الذى يرزق من يشاء من عباده بغير حساب، و هو الذى يعطى الرفعه لمن يشاء له ذلك، فلا يملك احد ان يضعه بعد ذلك، و هو الذى يقضى بالضعه لمن يشاء، فلا يستطيع احد ان يرفعه بعد ذلك.
و هكذا ينطلق الوعى الايمانى بالانسان الى ان ينقطع الى الله من موقع الاخلاص له، و يقبل بكل جوانحه و جوارحه عليه، و يصرف وجهه عن كل انسان لا يعيش الحاجه الى الله فى تكوين وجوده، و يبتعد بمسالته عن كل من استغنى عن الله و فضله فى كل شىء، فان ذلك هو الذى يمثل الحقيقه فى سر ارتباط المخلوق بخالقه، و حاجته اليه، و فقره المطلق لغناه المطلق. هذا من الناحيه الفكريه فى معنى الايمان المنفتح على سر الله فى خلقه، اما من الناحيه الواقعيه المتحركه فى خط التجربه الواقعيه، فهناك الناس الذين يطلبون الرفعه فى الدرجات الاجتماعيه او السياسيه تخلصا من الضعه التى يتخبطون فى و حولها، و هناك الناس الذين
يعيشون مراره الفقر فى حياتهم فيتطلبون الحصول على الثروه فى ساحاتهم، فيلهثون وراء هذا العزيز فيبيعونه انفسهم ليمنحهم من عزته شيئا، و يندفعون خلف هذا الرفيع فيتنازلون له عن دينهم، ليعطيهم من رفعته شيئا، و ينطلقون فى خدمه هذا الغنى، فيتواضعون له، و يقدمون بين ايديهم مواقفهم قربانا له، ليقدم لهم من ثروته شيئا، فتكون النتيجه انهم يزدادون بذلك ذلا و ضعه و فقرا، فيخسرون بذلك انفسهم و دينهم و مواقفهم و لا يحصلون من احلامهم على شىء.
و فى ضوء ذلك، كانت الفكره الايمانيه المشرقه و التجربه الحيه الواعيه، تمثلان مفتاح الوعى الروحى للانسان المومن الذى اكتشف خطا مثل هولاء الناس فى كل اوضاعهم العمليه، من دراسته لكل خطواتهم المنحرفه عن الخط، فانطلق اختباره فى طريق الصواب، و عرف كيف ياخذ من تجارب الاخرين درسا ينفتح من خلاله على تجاربه المستقبليه بطريقه و باخرى... و هكذا اتجه الى الله ليوحده فى كل شىء، فلا يسال غيره فى ما يريد سواله، و لا يطلب حاجته من غيره، و لا يدعو احدا سواه، و لا يشرك احدا معه فى رجائه، و لا يتفق احد معه فى دعائه، فهو المدعو فى وحدانيه الدعاء، و هو الغنى عن عباده و الغالب على امرهم، و القوى فى كل معانى القوه، و الاعلى الذى ليس فوقه شىء، اما الاخرون كل الاخرين، فهم الفقراء فى امكاناتهم، المغلبون على امرهم، المقهورون على شانهم، المتغيرون فى احوالهم، المختلفون فى اوضاعهم. فسبحان الله الذى لا اله الا هو الذى لا يماثله شىء، و لا يضاده شىء.
و هكذا نجد فى هذا الدعاء الصغير، الكثير من الايحاءات الايمانيه و الايماءات الروحيه، و التجارب الواقعيه، و الافاق الالهيه، و الضعف الانسانى، لينطلق الانسان- معه- فى مناجاه الله، من كل اعماقه، ليستغرق فى معنى الالوهيه فى سر ربوبيته، و معنى العبوديه فى سر انسانيته، فيخرج من ذلك كله بالنتائج الايجابيه فى الاخلاص بالانقطاع اليه و الاقبال بكله عليه، و الاحساس بالغنى عن غيره، ايا كان
فى موقع قوته و عزته و غناه، و الشعور بالفقر فى كل شىء، لانه ولى كل شىء ممن خلق و مما خلق، و منه الانسان الذى ينفتح على الحقيقه بعقله، و ينجذب اليها بقلبه.
اللهم انى اخلصت بانقطاعى اليك، و اقبلت بكلى عليك، و صرفت وجهى عمن يحتاج الى رفدك، و قلبت مسالتى عمن لم يستغن عن فضلك.
اللهم انى اخلصت بانقطاعى اليك:
يا رب، اننى عبدك الذى خلقته ضعيفا، يتحرك الخوف فى قلبه، و ينطلق الرعب فى وجدانه، و يلهث الفزع فى مشاعره، فيعيش الحيره فى ذلك، و يتساءل: الى اين، و الى من، و ما هو المصير؟... و يلتهب الوعى الايمانى فى عمق ذاته، انه الله الذى يمنح الامن للخائفين، و الفرح للمرعوبين، و الطمانينه للفزعين الحائرين، فانت الملجا و المفزع، فاذا اشتد الخوف فزعنا اليك، و اذا طاردتنا المشاكل التجانا اليك، و اذا اطبقت علينا الضغوط لذنا بك، و اذا و اجهتنا الشدائد وجدنا الفرج عندك، و اذا حاصرتنا البلايا فزعنا الى المخرج لديك.
يا رب، لم يكن الاخلاص لدى مجرد احساس فى الذات فى الالتزام بربوبيتك، و الايمان بالوهيتك، مع الغفله عن معنى ذلك فى الوجدان الحركى و الواقع الحى، بل كان ذوبانا فى سرك من خلال معرفتى بالحق الكامن فى معناك، و من خلال الصفاء الروحى الذى يلتقى ينبوع الصفاء و النقاء فى اسمك. لقد نزعت من قلبى كل الذين يعبثون بخفقات القلوب و نبضاتها من هولاء الذين يقدمون انفسهم للناس على انهم فى موقع الاله فى القدره و الطاعه، و فرغته من كل شىء يحجبنى عنك او يجذبنى الى غيرك.
انه اخلاصى لك- يا رب- فى حركته الايجابيه بالالتزام بك، و السلبيه بالابتعاد عن غيرك، و باقبالى بكل عقلى و قلبى و لسانى و جوارحى عليك، فلا رجاء لى بغيرك فى شىء، و لا التفات فى وجهى لكل اولئك الذين يوجهون وجوههم اليهم، فانت انت- يا رب- الذى وجهت وجهى اليه، و جعلت حياتى له، و اسلمت امرى اليه، فلم التفت الى عبادك الذين كانت كل حياتهم فى حاجاتهم الطبيعيه، حاجه الى رفدك، و لم اطرح مسالتى الى هولاء الفقراء فى كل وجودهم اليك، فلم يستغنوا عن فضلك فى كل شوونهم، انه الانفتاح عليك، و الانغلاق عن غيرك، الا من النافذه التى تطل عليك، و الافق الذى يمتد فى رحابك، فهم الوسائط و انت الاساس، و هم الاسباب و انت المسبب.
براي اين فراز در برنامه حديث مرتبطي موجود نيست براي اين فراز در برنامه آيه مرتبطي موجود نيست