للاسباب الطبيعيه التى اودعها الله فى حركه الكون فى ظواهره الارضيه و السماويه، دورها الاساس فى تقدير الله للامور المتصله بالحياه و بالانسان، من حيث السنن الالهيه التى اراد الله للوجود ان يخضع لها فى كل تفاصيله، باعتبارها القوانين الوجوديه التى تحكم مفاصل الوجود الكونى، فلا مجال للمسببات من دون اسبابها، و لا معنى للنتائج بدون مقدماتها فى الاجواء الطبيعيه للحياه.
و لكن الله- سبحانه- جعل حالات معينه يمكن ان تتجاوز الظاهره بعض اسبابها البارزه، بحيث قد تكون الظروف الموضوعيه مقتضيه لعدم نزول المطر فى هذا الوقت بالذات، لعدم توفر الاسباب لذلك بتمامها، او لعدم حصول هذا الامر او ذاك من رزق او نصر او حاجه او ولد و نحو ذلك، و لكن الدعاء او الصلاه او الصدقه و امثال ذلك قد تكون مناسبه لتحقيق ذلك باراده الله بشكل مباشر، او بتهيئه الاسباب غير المعلومه للانسان، و هذا ما توحى به الايات التى تتحدث عن استجابه الدعاء فى الحالات التى يتعرض الناس فيها للخطر المحتوم فى البحر عند اشتداد الامواج، او فى حالات اخرى، و الاحاديث التى تتحدث عن نتائج بعض الاعمال العباديه فى تحقيق بعض الغايات الخاصه او العامه للانسان، او الايات التى تتحدث عن سببيه التقوى للرزق من دون احتساب، و للمخرج حيث لا مخرج، و ما الى ذلك، مما يوحى بان هناك اراده الهيه فى افاضه بعض الالطاف على عباده من خلال بعض اعمالهم و توسلاتهم، بما يعلمه الله مما خفى علينا سره فى تحقيق ما يريدون و ما يحبون.
انه الايمان بالغيب الذى يمثل العقيده الاسلاميه الروحيه التى تفتح للانسان الافاق الخفيه التى تطل على غيب الله. فتوحى للانسان بان الحس ليس كل شىء فى حركه الواقع، و ان الاسباب الماديه ليست- وحدها- هى الاسباب الحقيقيه للمسببات، فهناك الاسباب الخفيه التى تبقى فى غامض علم الله، او الاراده الالهيه المباشره التى تتجاوز الاسباب من موقع القدره المطلقه التى لا يعجزها شىء،
فتتجمد لديها كل الموانع الطبيعيه و كل الحواجز العاديه (انما امره اذا اراد شيئا ان يقول له كن فيكون)(يس: 82).
و ما زال الناس منذ بدايه الحياه يعيشون حالات الجدب التى يمتنع فيها نزول المطر الذى يبعث الحياه فى الارض، و جفاف الينابيع التى تحيى الارض الميته، و تشتد الازمات الخانقه عليهم من خلال ذلك، و لا يجدون لذلك حلا فى قدراتهم المحدوده، او فى الاسباب المطروحه عندهم، لان القضيه ليست قضيه الارض فى امكاناتها، بل هى قضيه السماء فى قدراتها، على اساس ارتباطها بالنظام الكونى الذى يحركه الله بارادته فى دائره السنن الكونيه التى خلقها و اودعها فى الكون.
و لكن الله لم يرد لعباده ان يعيشوا فى اجواء الياس، او يتجمدوا فى دائره الازمه، او يسقطوا امام حالات الشده، ففتح لهم ابواب الرحمه من خلال الايمان و العمل الصالح، فكانت صلاه الاستسقاء و دعاء المبتهلين اليه بانزال المطر عليهم هى احدى الوسائل الروحيه التى قد تتنزل عليهم بالمطر اذا توفرت شروطها العميقه فى وجدان الناس المومنين و روحيتهم.
و قد جرت سيره المسلمين المومنين على التجمع الحاشد فى الصحارى و السهول تحت السماء، حيث يجتمع اهل الزهد و الصلاح و الشيوخ و الاطفال و النساء و البهائم، و يفرق بين الاطفال و امهاتهم، و يوذن الموذنون بدل الاذان، الصلاه، ثلاثا، و يصلى الامام بالناس ركعتين يقرا فى الاولى بعد الحمد سوره بالجهر، ثم يكبر خمسا، و يقنت عقيب كل تكبيره بالاستغفار، و سئوال الله تعالى طلب الغيب، و توفير المياه، و انزال الرحمه، و من الماثور فيه:«اللهم اسق عبادك و اماءك و بهائمك، و انشر رحمتك، و احى بلادك الميته»، ثم يكبر السادسه و يركع و يسجد السجدتين، ثم يقوم الى الركعه الثانيه، فيقرا بعد الحمد سوره ثم يكبر اربعا، و يقنت عقيب كل تكبيره كما فى الاولى، ثم يكبر و يركع و يسجد و يتشهد، حتى اذا سلم صعد المنبر و حول رداءه فيجعل الذى على يمينه على يساره، و الذى على يساره على يمينه، و يتركه
محولا حتى ينزعه، و يخطب خطبتين، فاذا فرغ استقبل القبله و كبر الله مئه مره، ثم يلتفت على يمينه و يهلل الله مئه مره، ثم يلتفت على يساره و يسبح الله مئه مره، ثم يستدير عن القبله و يستقبل الناس و يحمد الله مئه مره رافعا بكل ذلك صوته و الناس يتابعونه فى الاذكار دون الالتفات الى الجهات، فان سقوا و الا عادوا ثانيا و ثالثا من غير قنوط، باقين على الصوم الاول ان لم يفطروا، و الا فبصوم مستانف.
و قد كانت التجارب ناجحه فى كثير من الحالات التى يعيش فيها الناس اجواء الخشوع الروحى و الايمان الصادق، بامامه العالم الصالح العادل.
و هذا اسلوب من اساليب التربيه الروحيه التى تربى الانسان المومن على الاقبال على الله فى كل اموره فى الحالات التى يدفع بها الواقع الانسان الى الياس الذى تسقط معه روحه، و يهتز ايمانه، فيشعر بان الله هو الملاذ و الملجا و المرجع فى كل الاوضاع الصعبه، بعيدا عن الاسباب العاديه التى تتحرك بها الامور بشكل طبيعى، لانها مهما كانت علاقتها بالكون، فان الله هو الذى اعطاها حيويه هذه السببيه و فاعليه هذه العلاقه، و هو القادر على ان يمنح اشياء اخرى مثل ذلك، و على ان يتجاوز كل شىء فى امتداد ارادته فى قدرته. و فى ضوء ذلك، يبقى الامل بالله، و الثقه به، معنى عميقا فى مساله الايمان، فلا يغيب عن الانسان فى ايه لحظه، و لا يحس بجمود الحياه من حوله تحت تاثير اى حدث طارىء، او ايه صعوبه حادثه، لان ذلك معنى:(ان الله على كل شىء قدير)(البقره: 20).
و هذا لون من الوان الدعاء الصارخ بالتوسل الى الله المبتهل اليه بان يحقق لعباده مطالبهم فى انزال المطر عليهم ليحصلوا على رى العروق، و رى الارض، و امتلاء الينابيع.
اللهم اسقنا الغيث، و انشر علينا رحمتك بغيثك المغدق من السحاب، المنساق لنبات ارضك، المونق فى جميع الافاق، و امنن على عبادك بايناع
الثمره، و احى بلادك ببلوغ الزهره، و اشهد ملائكتك الكرام السفره بسقى منك نافع دائم غزره، واسع درره، وابل سريع عاجل تحيى به ما قد مات، و ترد به ما قد فات، و تخرج به ما هو آت، و توسع به فى الاقوات.
اللهم اسقنا الغيث و انشر علينا رحمتك:
يا رب، لقد خلقتنا فى هذا الارض و اردتنا ان نحيى فى مداها الواسع فى سهولها و جبالها، و جعلت لها حياه تغنى حياتنا بما تحتاجه من الغذاء و الماء، فاذا ماتت فيها الحياه كانت حياتنا فى خطر محقق، لانها تفقد اكثر شروطها من خلال ذلك.
و جعلت المطر حياه لها كما هو حياه لنا، لانك جعلت من الماء كل شىء حى، فهو الذى يسقى عروقها، و يلين قسوتها، و ينمى بذورها، و يبعث فيها القوه و النمو و الخضره و الحياه، و هو الذى يملا الينابيع فى الخزانات الكبرى التى اودعتها فى اعماق الارض، فجعلها تتفجر انهارا تمتد امتداد الحياه فى الكون، و ها نحن- يا رب- نعيش حاله الجفاف فى ينابيع الارض، و الجدب فى حقولها، و الموت فى ترابها، كما نعيش العطش فى عروقنا، و تطوف بنا و يلات الموت فى مستقبل ايامنا، فقد احتبس عنا نزول المطر، و لا ندرى هل كان ذلك عقوبه لنا على ذنب ارتكبناه و معصيه اقترفناها، او هو بلاء تريد ان تختبرنا به، هل نصبر او نجزع، او هو لون من الوان الهزه الروحيه التى تريد لنا ان نفزع فيها اليك، لندعوك و نتوسل اليك و نبتهل فى سرنا و علانيتنا ان ترحمنا برحمتك، و تتفضل علينا بنعمك؟ مهما كانت طبيعه ذلك، فاننا- يا رب- هنا نتطلع اليك، و نستغيث بك، و نهرب الى مواقع لطفك و رحمتك، لانك- وحدك- القادر على دفع هذا البلاء بقدرتك.
اللهم انا عبادك العطاشى، فاسقنا الغيث لترتوى عروقنا بالماء الصافى الزلال من رزقك، و اننا المجهدون المتعبون المحرومون، فانشر علينا رحمتك لنستريح من كل اثقالنا، و لنتخلص من كل حرماننا، و لنغسل اجسادنا فترتاح و تسترخى و تنام فى
احلام رخيه هادئه.
اللهم ان ارضنا عطشى، و ان زروعنا قد ذبلت و كادت ان تموت، فاعطنا- يا رب- من رحمتك غيثا كثيرا شاملا، من قلب السحاب المتحرك بقدرتك، الحامل لاثقال نعمك، الذى تسوقه الى البلد الميت الذى تتطلع ذرات ترابه و بذور نباته الى الماء الحى الذى يعطى النبات معنى النمو، و يمنح الارض اهتزاز الحياه و حيويه التنوع الذى يتميز باليناعه، و يبعث على الاعجاب، و يثير جمالات الخضره فى جميع الافاق، و يحرك الثمار الشهيه، و الفواكه الجنيه، فتزهو بها الارض، و تهفو لها النفوس فى جوعها لكل شىء لذيذ.
براي اين فراز در برنامه حديث مرتبطي موجود نيست آيات مرتبط:
ابرها حاملان باران رحمت الهى:
وَ هُوَ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّياحَ بُشْراً بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ حَتَّى إِذا أَقَلَّتْ سَحاباً ثِقالاً سُقْناهُ لِبَلَدٍ مَيِّتٍ فَأَنْزَلْنا بِهِ الْماءَ فَأَخْرَجْنا بِهِ مِنْ كُلِّ الَّثمَراتِ كَذلِكَ نُخْرِجُ الْمَوْتى لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ (و اوست كه بادها را پيشاپيش [باران] رحمتش مژدهرسان مىفرستد، تا آنگاه كه ابرهاى گرانبار را بردارند، آن را به سوى سرزمينى مرده برانيم، و از آن، باران فرود آوريم؛ و از هر گونه ميوهاى [از خاك] برآوريم. بدينسان مردگان را [نيز از قبرها] خارج مىسازيم، باشد كه شما متذكّر شويد.) قرآن كريم، سوره مباركه الاعراف (7)، آيه 57.
سيراب كردن توسط باران:
وَ أَرْسَلْنَا الرِّياحَ لَواقِحَ فَأَنْزَلْنا مِنَ السَّماءِ ماءً فَأَسْقَيْناكُمُوهُ وَ ما أَنْتُمْ لَهُ بِخازِنِينَ (و بادها را بارداركننده فرستاديم و از آسمان، آبى نازل كرديم، پس شما را بدان سيراب نموديم، و شما خزانهدار آن نيستيد.) قرآن كريم، سوره مباركه الحجر (15)، آيه 22.
سيراب كردن با باران رحمت:
اللَّهُ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّياحَ فَتُثِيرُ سَحاباً فَيَبْسُطُهُ فِي السَّماءِ كَيْفَ يَشاءُ وَ يَجْعَلُهُ كِسَفاً فَتَرَى الْوَدْقَ يَخْرُجُ مِنْ خِلالِهِ فَإِذا أَصابَ بِهِ مَنْ يَشاءُ مِنْ عِبادِهِ إِذا هُمْ يَسْتَبْشِرُونَ (خدا همان كسى است كه بادها را مىفرستد و ابرى برمىانگيزد و آن را در آسمان به -هر گونه بخواهد- مىگستراند و انبوهش مىگرداند، پس مىبينى باران از لابلاى آن بيرون مىآيد. و چون آن را به هر كس از بندگانش كه بخواهد، رسانيد، بناگاه آنان شادمانى مىكنند.) قرآن كريم، سوره مباركه الروم (30)، آيه 48.
ابر روان گشته در همه آفاق:
وَ اللَّهُ الَّذِي أَرْسَلَ الرِّياحَ فَتُثِيرُ سَحاباً فَسُقْناهُ إِلى بَلَدٍ مَيِّتٍ فَأَحْيَيْنا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِها كَذلِكَ النُّشُورُ (و خدا همان كسى است كه بادها را روانه مىكند؛ پس [بادها] ابرى را برمىانگيزند، و [ما] آن را به سوى سرزمينى مرده رانديم، و آن زمين را بدان [وسيله]، پس از مرگش زندگى بخشيديم؛ رستاخيز [نيز] چنين است.) قرآن كريم، سوره مباركه فاطر (35)، آيه 9.
باران و رويانيدن ميوهها و گياهان:
الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ فِراشاً وَ السَّماءَ بِناءً وَ أَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ ماءً فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الَّثمَراتِ رِزْقاً لَكُمْ فَلا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَنْداداً وَ أَنْتُمْ تَعْلَمُونَ (همان [خدايى] كه زمين را براى شما فرشى [گسترده]، و آسمان را بنايى [افراشته] قرار داد، و از آسمان آبى فرود آورد؛ و بدان از ميوهها رزقى براى شما بيرون آورد؛ پس براى خدا همتايانى قرار ندهيد در حالى كه خود مىدانيد.) قرآن كريم، سوره مباركه البقرة (2)، آيه 22.