اللهم فى حياه الانسان الداخليه و الخارجيه تاثير كبير على حركته و نشاطه و صفاء وجدانه، لانه يلقى بظلاله الكثيفه على شخصيته فتمنعها من الهدوء و الصفاء و الانطلاق فى المسئووليات الحيه من خلال اشتغاله بها عما حوله و عمن حوله، بما تثيره فى نفسه من المشاعر و الاحاسيس القلقه، و بما تحركه فى واقعه من المشاكل و التعقيدات المتنوعه.
و هو حاله من الحزن الداخلى الذى يشعر الانسان معه بالالم الروحى الذى يقض مضجعه، و يربك حياته و يسىء الى نفسه.
و الهم قد يتصل بشئوون الدنيا فى ماكله و مشربه و مسكنه و علاقاته بالناس و بالاشياء، و حاجاته فى المال و الاولاد و الجاه، و فى شئوون الجسد فى لذاته و شهواته و راحته و نحو ذلك مما يتصل باستقراره الجسدى عند ما يتعرض لبعض الامور السلبيه فى حياته الخاصه.
و قد يتصل بشئوون الاخره فى مستقبله هناك من حيث رضا الله عنه و غضبه عليه، و انفتاحه على الطاعه، و سقوطه فى وحول المعصيه. و لعل من الطبيعى ان شئوون الاخره ترقى الى الدرجه العليا من الاهميه التى لا بد ان تمثل هم الانسان فى حركته فى الحياه، لانها تمثل المصير الابدى له فى ما يقبل عليه هناك من النعيم
الخالد او العذاب الخالد، الامر الذى يفرض على الانسان ان يوازن دائما بين راحه الدنيا و راحه الاخره، ليكون اهتمامه بالراحه فى الاخره كبيرا و لو كان ذلك على حساب الراحه فى الدنيا، لا سيما اذا عرفنا ان الاخره هى غايه العمل فى الدنيا لانها ترتبط بالقيمه الروحيه و الاخلاقيه للانسان بحيث تلتقى الدنيا و الاخره عندها لانعكاسها الايجابى هنا و هناك.
مفاهيم الدعاء:
و فى هذا الدعاء جوله روحيه انسانيه فى اجواء الحاجات الايمانيه للانسان فى كشف همه، و الانفتاح على الاجواء التى يستكشف فيها همومه باعانه الله له فى ذلك.
و يبداء بالنداء المتوسل لله من حيث صفته فى تفريج الهم، و كشف الغم، و رحمته للدنيا و الاخره، و وحدانيته فى كل شىء، ليطلب منه - من هذا الموقع - ان يفرج همه و يكشف غمه و يعصمه و يطهره من الذنوب و يذهب ببليته، و ليساله من موقع الفاقه الشديده التى اشتدت عليه و اخذت بزمام حياته، و من موقع ضعف القوه فى روحه و جسده، و ليعبر له عن حاجته اليه دون غيره، فلم يجد احدا يغيثه فى فاقته و يقويه فى ضعفه و يغفر له ذنوبه، فعاد الى الله لانه - وحده - الذى يحقق له ما يريد و يكشف عنه ما اهمه، و بداء يقدم طلباته اليه ليوفقه للعمل الصالح الذى يمنحه حبه، و لليقين العقيدى فى نفاذ امر الله الذى ينتفع به صاحبه فى علاقته بربه، و ليجعل نفسه قائمه على قاعده الصدق فى النيه و الكلمه و الموقف، و ليبتعد به عن الاستغراق الذاتى فى حاجات الدنيا حتى لا تكون اكبر همه الذى يشغله عن مسئوولياته فى الاخره، و ليقترب به من الشوق الى القائه لتكون رغبته فى كل الاشياء التى ترفع درجته عنده، و ليعمق فى نفسه روحيه التوكل عليه فى ثقه مطلقه به.
و ان يجعل كتابه الذى يقدم بين يديه يوم القيامه خير كتاب فى الاعمال الصالحه
التى تقربه اليه، و يعيذه من الكتاب الشرير الذى يمتلىء باعمال الشر التى ترهق مصيره فى الاخره، و ان يوفقه ليخافه فى وجدانه العبادى خوف العابدين، و ليعبده فى حركته العمليه عباده الخاشعين الذين يعيشون خشوع العباده فى وجدانهم الروحى و فى التزامهم العملى، و ليفتح عقله على اليقين الذى ينفتح به المتوكلون عليه من حيث الثقه به التى لا تتوقف عند الثقه بالاسباب الماديه الموجوده عندهم، و ليحرك خطواته و تطلعاته على التوكل عليه على الطريقه التى يتوكل بها المومنون عليه، و ليدفع برغبته فى مسائله التى يقدمها له كرغبه مسائله فى مسائلهم من حيث نوعيتها و كميتها و عناوينها التى تلتقى فى الامور التى تجتذب رضوانه الى حياه الانسان، و ليحرك رهبته من عذابه و من سخطه و مما يوجب ذلك كرهبه الاولياء المقربين فى رهبتهم منه و خوفهم من تاثير السيئات على ذلك، و ليستعمله فى كل اعماله و اوضاعه الخاصه و العامه التى يستحق بها رضوانه بالدرجه التى تتقدم بها شئوون الدين عنده على شئوون الدنيا، بحيث لا يترك اى واجب من واجباته الدينيه تحت تاثير الخوف من فقدان بعض الفرص الدنيويه او الوقوع فى قبضه بعض الناس الذين يملكون القوه العدوانيه التى يوجهونها اليه.
و لينتهى به المطاف - فى هذا الجانب - الى ان يجعل هذه الامور حاجته التى يقدمها اليه مما يمثل الرغبه العظمى عنده، ليمنحه الثواب على ذلك، و يقدم الانسان فيها الحجه على ما يريد من خلال توفيق الله له، بما يلقنه من عناصرها، و يظهر فيها عذره عن التقصير فى طاعه الله، و ليعطيه العافيه فى جسده التى يقوى بها على طاعته.
و يبقى للانسان - بعد ذلك - رغبه اخيره، و هى ان تتحرك ايامه فى آفاق الله فى كل صباح، لينطلق فى اشراقه الفجر و طلوع الشمس و هو ممتلىء الروح بالثقه بالله و الرجاء له فى الامور كلها، و ان انطلق الاخرون فى وجدانهم الشعورى بالثقه بغيره، و الرجاء لسواه، ليوكد - لله - تلك الثقه، فقد اصبح - فى كل صباحاته - و الله - وحده - هو سر الثقه و اساس الرجاء فى كل الامور، لانه - وحده - القادر على ذلك كله، و لا قدره لغيره الا من خلال قدرته.
و على ضوء ذلك كانت طلباته منطلقه من مواقع الثقه و الرجاء فى القضاء الالهى بافضل الامور عاقبه فى نتائجها الطيبه، و من انقاذه من كل الفتن المضله التى تجعله يتحرك فى متاهات الضياع فيتحرك بالامور من دون هوى فى حاله تخبط حائره لا يهتدى فيها الى الغايه الخيره، مما يتطلبه الانسان من شئوون النجاه، برحمته التى وسعت كل شىء.
يا فارج الهم، و كاشف الغم، يا رحمن الدنيا و الاخره و رحيمهما، صل على محمد و آل محمد، و افرج همى، و اكشف غمى.
يا واحد يا احد يا صمد يا من لم يلد و لم يولد و لم يكن له كفوا احد، اعصمنى و طهرنى، و اذهب ببليتى.
يا فارج الهم اعصمنى و طهرنى:
يا رب، هذه همومى و غمومى بين يديك، و انت اعلم بها منى، اطرحها فى موقفى الابتهالى الدعائى الخاشع الذى ينطلق بالنداء الصارخ من اعماق القلب: يا فارج الهم، فانت- وحدك- الذى تملك اسباب الحزن و الفرح، و حركه العلاقه بين الاسباب و المسببات، يا كاشف الغم، فانت الذى تعرف عمق الكرب الانسانى الذى يكربه و يغمه، و تستطيع ان تزيله من جذوره لانك تملك الانسان كله و تملك كل الظروف التى تترك تاثيرها الايجابى على روحه، يا من انطلقت رحمته لتشمل الدنيا و الاخره، فانت رحمن الدنيا و الاخره و رحيمها، يا رب اتوسل اليك من موقع قدرتك و رحمتك، ان تفرج عنى همى الذى يقض مضجعى، و تكشف غمى الذى يثقل روحى و يربك وجدانى.
براي اين فراز در برنامه حديث مرتبطي موجود نيست براي اين فراز در برنامه آيه مرتبطي موجود نيست