بازگشت

الخاتمة


ان من الشرائط الاساسية للبحث العلمي بل مطلق البحوث ان يكون بحثاً نزيهاً موضوعياً، بعيداً عن التعصب والميول الشخصية أو الطائفية او السياسية أو الطبقية.



ولكن جملة من البحوث، والمقالات، وفنون من التقييم لاهل البيت(عليهم السلام)تحمل النزعة المتطرفة لاصحابها، فكم بين الكتاب والباحثين واصحاب الرأي او الهوي من شذّوا عن الحدود القويمة، وعفّروا وجه الحقيقة عن طريق الغلو بفضائلهم وامتيازاتهم. وكم بين الكتاب والباحثين واصحاب الرأي من يشوه الصورة المتألقة، ويكتم الحق الصراح، ويخبط خبط عشواء، يحمله علي ذلك العداء والجفاء.



والامر لا يقتصر علي عصرنا او العصور القريبة منه. فلقد كان في عصر اهل البيت(عليهم السلام) من هؤلاء المتطرفين نحو اليمين او الشمال الجمّاء الغفير. سواء من اصحاب التأليف، او من شتي طبقات المجتمع او الرابضين في الاروقة السياسية.



ولقد كان الامام علي بن ابي طالب(عليه السلام) المثال الطيب، بل أقوي الامثلة للتعرّض الي هجمات المبغضين من جهة، وإلي آراء المغالين من جهة اخري. وكان بعض المبغضين يزعم ان علياً(عليه السلام) لا يصلي. وكان احد الاطراف قد بلغ به الغلو الي القول إن علياً اله من دون الله (كبرت كلمة تخرج من افواهم إن يقولون إلا كذباً)(345).



ولقد صدقت بعلي(عليه السلام) قولة رسول الله(صلي الله عليه وآله وسلم): يا علي هلك فيك اثنان محب غال، وعدو قال. ومثله قول علي(عليه السلام): يهلك في اثنان محب غال، ومبغض قال(346).



وعلي زين العابدين(عليه السلام) هو المثال الاخر من الامثلة الوفيرة في هذا الباب. لقد زعم بعض اعدائه انه ومن معه من اسراء كربلاء من الخوارج. وجاءه آخرون يبالغون في شخصه الكريم، فما كان منه الا ان قال: حسبنا ان نكون من صالحي قومنا.



وقال الامام زين العابدين: احبونا حبَّ الاسلام فما زال حبكم حتي صار علينا عابا.



ان شدة التطرف في المدح او الذم لون من الوان المبالغة عند الكثير من مختلف المجتمعات البشرية لاسيما المتخلفة منها. كما انها حالة من الحالات النفسية عند كثير من الناس، فتراهم يبالغون اذا احبوا أو مدحوا أو اكبروا شخصاً او جماعة. وكذلك يبالغون اذا كرهوا او ذموا او احتقروا شخصاً او جماعة.



إن المبالغة في شتي انماطها لتدل علي الخلل الكبير في الكيان الثقافي والتربوي لمختلف المجتمعات التي تستشري فيها هذه الحالة.



وفي عقيدتي ان بالامكان ان نعزو المبالغة والتطرف الي نوعين من الاسباب:

پاورقي

(345) سورة الكهف : الاية 5.



(346) البيهقي، المحاسن والمساوئ ج 1 / ص 29.