بازگشت

الملحق الاوّل


كتب ملك الروم الي عبد الملك يتوعده، فضاق ذرعاً بجوابه وكتب الي الحجّاج وهو إذ ذاك علي الحجاز أن ابعث الي علي بن الحسين فتوعده وتهدّده واغلظ له، ثم انظر ماذا يجيبك فاكتب به إليّ. ففعل الحجاج ذلك، فقال له الامام علي بن الحسين(عليه السلام): انّ لله في كل يوم ثلاثمئة وستين لحظة، وارجو أن يكفيك في اول لحظة من لحظاته. وكتب بذلك الي عبد الملك، فكتب به الي صاحب الروم كتاباً. فلما قرأه قال: ليس هذا من كلامه هذا من كلام عترة نبوّته(339).



كتب عبد الملك هذا الكتاب أثناء تولية الحجّاج علي الحجاز. ومن هنا نفهم أن تأريخ الكتاب قد وقع بعد مقتل عبدالله بن الزبير، أي أن العالم الاسلامي آنذاك تحت سيطرة عبدالملك.



ومن هذا المنطلق ينبغي أن نعي أنّ عبد الملك لم يعرف بين الاصدقاء والاعداء في العالم الاسلامي جميعاً شخصاً أولي بالتفكير الراجح والرؤية الثاقبة من علي زين العابدين، ولهذا السبب حاول أن يستطلع تفكيره ويستجلي رؤيته في جواب ملك الروم.



ولقد كان بمستطاع عبد الملك أن يستشير الامام زين العابدين(عليه السلام) في جواب ملك الروم كما استشاره في قضية النظام النقدي، ولكن الظاهر ان سياسة عبدالملك تحاول الاستفادة من الطرف المناوئ ذي التفكير القويم من دون أن تنزله الي دائرة الضوء، أو تعمّق وجوده الاجتماعي.



كما يمكن أن يكون السبب أنّ عبد الملك كان في حالة شديدة من الحرج والضغط الخارجي، فأراد أن يشرك رجلاً مفكراً قوي العزيمة في نفس شباك الحرج والضغط الشديد والتي كان هو واقعاً فيها.



ان الانسان اذا كان بعيد الغور قوي الارادة. انتزع من الحلول السريعة والعملية ما لا يستطيع ان ينتزعه في الحالات الطبيعية.

پاورقي

(339) اليعقوبي : تاريخ اليعقوبي 2 / 304.