بازگشت

كلمات شمّاء(عليهم السلام)


ـ ايّاك ومعاداة الرجال فانه لم يعدمك مكر حليم، او مفاجأة لئيم...(276)



ـ الكريم يبتهج بفضله، واللئيم يفتخر بملكه...(277)



ـ كفي بالمرء عيبا ان يبصر من الناس ما يعمي عليه من نفسه، او يؤذي جليسه بما لا يعنيه...(278)



ـ ايّاك ان تتكلم بما يسبق الي القلوب انكاره، وان كان عندك اعتذاره، ليس كل من تسمعه شرا، يمكنك ان توسعه عذرا.



ـ من لم يكن عقله من اكمل ما فيه، كان هلاكه من ايسر ما فيه.



ـ اهل الدنيا يتعقّبون الاموال، فمن لم يزاحمهم فيما يتعقبونه كرم عليهم، و من لم يزاحمهم ومكّنهم من بعضها، كان اعز واكرم...



ـ لا تحتقر اللؤلؤة النفيسة ان تجلبها من الكِبا (الكناسة) الخسيسة..



ـ وقال بحضرته رجل: اللّهم اغنني عن خلقك، فقال(عليه السلام): ليس هكذا ، انما الناس بالناس ولكن قل : اللهم اغنني عن شرار خلقك..



قلت :



نظر الشاعر العراقي جميل صدقي الزهاوي الي هذا المعني فقال :



النّاس للناس من بدو ومن حضر بعض لبعض وان لم يشعروا خدم



ـ كفي بنصر الله لك ان تري عدوّك يعمل بمعاصي الله فيك.



ـ ابن آدم انك لا تزال بخير ما كان لك واعظ من نفسك، وما كانت المحاسبة من همّك، وما كان الخوف لك شعارا، والحذر لك دثارا...(279)



ـ لا حسب لقرشي ولا لعربي الاّ بتواضع(280).



ـ يا سوأتاه لمن غلبت احداته عشراته ـ يريد ان السيئة بواحدة، والحسنة بعشرة(281).



ـ مجالس الصالحين داعية الي الصلاح(282).



ـ الخير كله صيانة الانسان نفسه(283).



ـ من رمي الناس بما فيهم، رموه بما ليس فيه(284).



ـ من لم يعرف داءه افسده دواؤه(285).



ـ لا تمتنع من ترك القبيح، وان كنت قد عرفت به، ولا تزهد في مراجعة الجميل وان كنت قد شهرت بخلافه(286).



ـ الشرف في التواضع، والغني في القناعة(287).



ـ خير مفاتيح الامور الصدق، وخير خواتيمها الوفاء(288).



ـ الدنيا سبات والاخرة يقظة ونحن بينهما اضغاث احلام(289).



ـ اخذ هذا المعني الشاعر الكبير ابو حسن التهامي ـ علي بن محمد (ت416) فقال في رثاء ولده :



فالعيش نوم والمنية يقظة والمرء بينهما خيال ساري



وللمؤلف :



العمر نوم ويوم الحشر يقظتنا (ونحن بينهما اضغاث احلام)



ـ عن الامام ابي جعفر الباقر(عليه السلام) قال : لمّا حضرت علي بن الحسين(عليهما السلام)الوفاة ضمّني الي صدره ثم قال: يا بني اوصيك بما اوصاني به ابي حين حضرته الوفاة وبما ذكر ان اباه اوصاه به: يا بني اياك وظلم من لا يجد عليك ناصراً الاّ الله(290).



ـ التارك الامر بالمعروف والنهي عن المنكر كنابذ كتاب الله وراء ظهره الا ان يتقي تقاة. قيل: وما تقاته؟ قال : يخاف جباراً عنيداً ان يفرط عليه او أن يطغي(291).



قلت:



لقد شدّد الامام زين العابدين(عليه السلام) النكير علي تارك الامر بالمعروف والنهي عن المنكر ممثلا له بنابذ كتاب الله وراء ظهره، وهذا امر هائل.



والذي نعتقده ان هذا التمثيل المرعب.. الشديد، بسبب ان الامر بالمعروف والنهي عن المنكر من المفاهيم القرآنية الثابتة، التي لا تقبل النقاش او التأويل، بل وردت صريحة ظاهرة في جملة من الايات المباركة مثل قوله تعالي :



(ولتكن منكم امة يدعون الي الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر واولئك هم المفلحون)(292).



ومثل قوله تعالي:



(الذين ان مكنّاهم في الارض اقاموا الصلاة وآتوا الزكاة وأمروا بالمعروف ونهوا عن المنكر ولله عاقبة الامور)(293).



اذن اصبح من الواضح ان التارك لامر صريح ظاهر في القرآن كالنابذ له ولقد قال تعالي: ( افتؤمنون ببعض الكتاب وتكفرون ببعض فما جزاء من يفعل ذلك منكم الاّ خزي في الحياة الدنيا ويوم القيامة يردون الي اشد العذاب وما الله بغافل عما تعملون)(294).



ان القرآن الكريم وحدة متكاملة متناسقة غير قابلة للتجزئة او التشرذم.



الحقيقة ان ترك العمل بأي مفهوم من المفاهيم القرآنية غير القابلة للتأويل هو بمثابة نبذ القرآن وراء الظهر، غير ان الامام زين العابدين اكّد ذلك في خصوص الامر بالمعروف والنهي عن المنكر باعتبار الاهمية الخاصّة للامر والنهي.



ان الامر بالمعروف والنهي عن المنكر طاقة روحية وادبية تحفظ جوهر الاسلام وتمنح التربية الاجتماعية الديمومة والاصالة.



بيد ان السؤال الذي يفرض نفسه: لم اوجب الامام زين العابدين(عليه السلام)الامر والنهي في جميع الحالات الاّ اذا ارتفع امر الي مستوي التقية فحينئذ يسقط الوجوب؟ فلماذا يسقط الوجوب؟



الذي اتصوّره : ان الامر والنهي اللذين يقصدهما الامام زين العابدين(عليه السلام)انما هما الامر والنهي في الشؤون الاعتيادية، او ما نستطيع تسميته بيوميات الامر والنهي. اما اذا بلغت الحال الي درجة الحفاظ علي لباب العقيدة، وكيان الاسلام فلا تقية حينئذ. ويستمر الامر والنهي حتي وان غضب الف جبار. كما قال الامام الشهيد الحسين بن علي(عليهما السلام) انما خرجت لطلب الاصلاح في امة جدي، خرجت لامر بالمعروف، وانهي عن المنكر.



وكما واجه الامام زين العابدين(عليه السلام)بشدة وعنف يزيد بن معاوية وعبيد الله بن زياد وكما حضر وقعة كربلاء بل كما قاتل فيها وهو عليل حتي سقط جريحا كما في رواية.



وعن طريق الرؤية هذه نتمكن من الجمع بين كلام الامام زين العابدين(عليه السلام)حول الامر والنهي اللذين حددهما بعدم وصول الامر الي درجة التقية وبين كلام الامام الحسين(عليه السلام)وكذلك الجمع بين كلام الامام زين العابدين وبين سلوكه وسلوك ابيه(عليه السلام)وموقفهما من الجبابرة.



ـ وقال الامام زين العابدين(عليه السلام): ان عدوّي يأتيني بحاجة فابادر الي قضائها خوفا ان يسبقني احد اليها وان يستغني عني فتفوتني فضيلتها.



ـ لا يقول رجل في رجل من الخير ما لا يعلم الا اوشك ان يقول فيه من الشر ما لا يعلم(295).



ـ وقال(عليه السلام): هلك من ليس له حكيم يرشده، وذل من ليس له سفيه يعضده.



قلت: هذا ما تؤكده المختبرات السياسية والاجتماعية عبر التاريخ، اذ في كثير من الحالات لا تستطيع الشخصية القويمة والمتزنة ان ترد علي طيش اجتماعي، او سفه، او اعتداء من نوع خاص.. بينما باستطاعة السفيه الذي يعضدك ان يرد السفه بالسفه والاعتداء وان كان بما لا يليق.



ولقد كان الاحنف بن قيس مضرب المثل في الحلم والصفح ومع هذا فهو يمدنا من حقيبته التجريبية بالحكمة قائلاً : عليكم بالسفهاء فانهم يكفونكم العار والنار.



والمقصود من السفيه هنا الخفيف التصرف الذي يتسارع لرد الطيش والاعتداء كيلا بكيل، والذي لا يغض النظر عن هفوة عامدة.



ان الحكمة التي ادلي بها الامام زين العابدين(عليه السلام) لا تقتصر علي الشؤون الفردية، بل ان الدولة تستخدم مثل هذا العضد الذي يفدي ولا يفدي، وفي بعض المنتسبين للقوي التنفيذية في الدولة ما يدل علي ذلك.



ان كلام الامام زين العابدين(عليه السلام) لا يعني في حالة من الحالات تشجيعا للسفهاء، ولاحثا علي السفه ولكنه(عليه السلام) لا ينظر الي الحياة السياسية والاجتماعية بمنظار الخيال المحلق بل بمنظار واقعي رزين... فان وجود السفهاء في المجتمع ظاهرة لا تخفي، كما ان الحاجة الي امثالهم في بعض الاحيان من الامور الواضحة التي لا ينبغي اطالة الجدال فيها.



وللفلاسفة والقادة والتأريخيين والشعراء كلمات رائعة تلتقي وسياق حكمة الامام زين العابدين(عليه السلام) في هذا المجال.



ولقد قال سعد بن كعب الغنوي:



ولا يلبث الجهال ان يتهضموا اخا الحلم ما لم يستعن بجهول



وقال نهشل بن حري التميمي(رحمه الله):



ومن يحلم وليس له سفيه يلاق المعضلات من الرجال



وينسب هذا البيت أيضاً للاحنف بن قيس.



وقال(عليه السلام):



ـ المؤمن نطقه ذكر، وصمته فكر ونظره اعتبار(296).



ـ الفكرة مرآة تري المؤمن حسناته وسيئاته(297).



ـ لقد استرقك بالود من سبقك الي الشكر(298).



ـ وقيل له(عليه السلام): من اعظم الناس خطراً؟ قال :



«من لم ير الدنيا خطراً لنفسه»(299).



قلت:



هذا كلام عظيم صادر من رجل عظيم، وهو بعد عميق المحتوي.. بعيد الاثر.. سواء كان ينصب في المداليل الروحية او المداليل السياسية.



اما مدلوله الروحي فباعتبار ان الدنيا بزينتها.. وبهجتها.. والوان زخارفها ( فيما اذا كانت بمعزل عن التوجيه الي الاخرة) ليست معادلة للكيان الروحي للانسان ولا ثمنا للنفس الانسانية. وان حاول الاستغناء بها عن الاخرة كل محاولة، وجاهد في سبيل الانتفاع بلذائذها، ومتعها البائدة..



يقول الامام(عليه السلام): «انه ليس لانفسكم ثمن دون الجنة فلا تبيعوها الا بها».



واما المدلول السياسي فالكلام يتضمن نقداً عنيفاً للقادة السياسيين الذين يجعلون من مناطق نفوذهم وصلاحياتهم السياسية دليل العظمة والشموخ.



وهكذا كلما تضاءلت همة الانسان استكثر مناطق النفوذ التي يديرها واستعظم حجم الدولة الخاضعة لحكمه.



كما ان في كلام الامام زين العابدين(عليه السلام)تقديراً واكباراً للقادة السياسيين من اولي الهمم الشماء الذين لا يعدون مكانتهم الدولية او مناطق نفوذهم بالامر، الذي هو فوق الخط البياني لمستوياتهم ومكانتهم النفسية او السياسية.



ولقد فطن احد قادة الامام علي(عليه السلام)لهذا السياق الدلالي فقال يخاطب الامام(عليه السلام): « لقد زنت الخلافة وما زانتك وشرفتها وما شرفتك ». وللمؤلف ـ غفر الله له ـ ما يلتقي مع هذا المعني :



ارأيتم الصقور لاتقطن اعشاش العصافير كذلك لا تتسع الدنيا لهمم العظماء.

پاورقي





(276) علي بن عيسي الاربلي ـ كشف الغمة 2 / 106.



(277) المجلسي ـ البحار 17 / 106.



(278) الكليني ـ اصول الكافي ـ علي هامش مرآت العقول 2 / 428.



(279) الشيخ المفيد ـ الامالي / ص 207، والديلمي ـ ارشاد القلوب / ص 25.



(280) الشيخ الصدوق ـ الخصال باب الواحد.



(281، 4، 5) تحف العقول، فصل: وروي عنه في قصار هذهِ المعاني.



(284، 7، 8، 9) اعلام الدين/ فصل من كلام علي بن الحسين.



(288) الديلمي ـ ارشاد القلوب / ص 25.



(289) وفي رواية ورام الاشتري ـ مجموعة ورام 2 / 24 الدنيا سنة. والسنة اشبه بالنوم الخفيف.



(290) الصدوق ـ الخصال باب الوصية بخصلة / ص 16.



(291) ابن سعد ـ الطبقات الكبري ج 5 / ص 213 ـ 214.



(292) آل عمران / الاية 104.



(293) الحج / الاية 41.



(294) البقرة / الاية 85 .



(295) ابن الصباغ المالكي ـ الفصول المهمة / ص 202.



(296) الحسن بن محمد الديلمي ـ ارشاد القلوب / ص 25.



(297) تاريخ دمشق ـ نسخة مصورة علي النسخة الخطية في المكتبة الظاهرية بدمشق.



(298) المصدر السابق.



(299) تحف العقول ـ فصل : وروي عن الامام زين العابدين (عليه السلام) ، في قصار هذه المعاني.