بازگشت

بين القرآن وخطب زين العابدين


ولو شخصنا ببصرنا الي خطب الامام علي بن الحسين عليه الصلاة والسلام وسائر ادبه.. لعلمنا انه لا جرم ان يكون كذلك، السنا نعلم انّ من القابه (حليف القرآن).



بلي، انه حليف القرآن، وسميره.



انهما الحبيبان وهيهات ان يفترقا.



ومن ولعه بكتاب الله العزيز انه كان يرفع صوته بقراءته، ويجوِّده، ويتلوه حق تلاوته بصوت جميل ما بعده من جمال.



وهذه الملازمة الوثيقة للقرآن صاحبت الامام علي بن الحسين(عليه السلام) لا في قراءته للقرآن وتفسيره له، وتأويله لاياته فحسب بل حتي في مناظراته ورسائله وخطبه، وسائر شؤونه الفكرية والاجتماعية ومختلف انطلاقاته، وكانت خطبه في كل يوم جمعة في مسجد رسول الله(صلي الله عليه وآله وسلم) بالمدينة وهي خطب في التربية الروحية والسياسية تشعّ بالروح القرآني، وتتدفق بالبيان العذب، والكلمات المتّسقة، والالفاظ الشائقة، وحسن النظم، وجودة التأليف.



وان كثرة الاستدلال والاستشهاد والاستنطاق لايات الكتاب طابع مميز لخطبه(عليه السلام).



ولابد من الاشارة والتذكير : ان يد الخيانة والعاطفة امتدّت فشوهت مقادير من خطبه السياسية، وفنونه الادبية الاخري. وأحدثت اضافات يبرأ منها الادب والادباء، بيد انّ مقادير كثيرة جدا من أدبه بقيت علي اصالتها ورونقها.



وما يهمنا الان منها خطبته يوم الجمعة في مسجد رسول الله.. فجاءت هذه الاخيرة.. مزهوّة مهيبة.. رائعة القسمات.. ظاهرة الوسامة.. تتهادي بين الفصاحة وبين الجمال. وقد حذر فيها من سلوك خط الظالمين وسياسة المعتدين.