بازگشت

من خصائص ادبه السياسي


هذه بعض خصائص ادب الامام زين العابدين(عليه السلام) وميزاته التي يفترق بها عن التيارات الادبية المعاصرة له والتي مر ذكرها قبل قليل.



أ ـ ان الامام زين العابدين(عليه السلام) نفسه كان ينطوي علي جوانب الادب كلها ويمتلك ناصيتها جميعاً من خطابة وشعر ومناظرة ورسائل وغير ذلك. بينما بقية التيارات تضم اشخاصاً فيهم الخطيب وليس بشاعر، او الشاعر وليس بخطيب، وان وجد فيهم شاعر وخطيب في نفس الوقت، فليس فيهم من يجمع هذين الجانبين الي الجوانب الاخري. فعبد الله بن الزبير خطيب مؤثر ولكنه لا يعدّ من الشعراء ولا من المناظرين الجيدين. وجرير شاعر كبير الاّ انه ليست له قدرة علي صياغة الكلمات القصار، او علي فن الرسائل وهلمّ جرّا.



ب ـ الاصالة الاسلامية الصافية المنبع التي تطبع وجوه ادبه جميعاً. اذ انّ صاحب هذا الادب هو الامام زين العابدين(عليه السلام) الذي اصطفاه الله لاداء رسالته، وارتضاه دليلاً علي دينه المجيد، وكتابه العزيز، فلا يستقي هذا الادب الاّ من السماء وعن السماء.



بينما التيارات الادبية الاخري، بين تيار وثني، وآخر ينطوي علي عقائد باطلة، وثالث يعيش الضياع، ورابع من سقط المتاع، وخامس متّبع للهوي وطالب للدنيا، الي تيار تنقصه الرؤية الشاملة، والانفتاح الايجابي علي الحياة.



ج ـ اذا كانت التيارات الادبية في عصر الامام زين العابدين(عليه السلام)تيارات تقليدية في الاسلوب والاداء و المضمون.. فان ادب الامام زين العابدين(عليه السلام)انتهج منهجاً جديداً، ومبدعاً في المضامين والعرض وتناول المادة وما سقناه ونسوقه من عيّنات يكفي دليلاً ساطعاً علي ذلك.



د ـ انعكاس القاعدة العلمية الرصينة للامام زين العابدين(عليه السلام) علي اغراضه الادبية، اذ لا ريب في وجود رابطة وثقي بين العلم والادب، فنري العلماء الكبار من الذين هم ادباء كبار في نفس الوقت امثال : الشافعي الفقيه، والشريفين المرتضي والرضي، ومحمد الحسين كاشف الغطاء، وجوهان جيتي (1749 ـ 1832 م ) وتوماس هاردي ( 1840 ـ 1894 م )، قد القت امكانياتهم العلمية الفائقة بظلالها الوارفة علي آثارهم الادبية.



ومن هذا نعلم ان سعة علوم الامام زين العابدين(عليهم السلام)، وتنوع معارفه، واستيعابه الكامل للقرآن الكريم، وآثار آبائه(عليهم السلام)، قد زاد في عمق استنتاجاته الادبية، وأورثه الانتزاع الحر لفلسفة الحياة وفنها الرفيع.



بينما تري الذين يمتلكون الخلفية العلمية من الادباء المعاصرين له نادري الوجود امثال عبد الله بن عباس (ت 68) الذي يمكن ان نعده بحق دائرة معارف Ensyclopidia، ابو الاسود الدؤلي(ت69) محمد بن الحنفية (ت 83)، الحسن البصري (ت 110) علما ان علوم هؤلاء لم تبلغ القمم الشمّاء التي تطل عليها علوم الامام زين العابدين(عليه السلام).