بازگشت

المختار الثقفي


من زعماء المسلمين في العراق وله في الجهاد والسياسة باع طويل وهو من اسرة مؤمنة مجاهدة تعتبر بحق الصفوة المختارة من بني ثقيف وقد استشهد ابوه وعمّه في فتح العراق.



ولمّا اوشكت ثورة الامام الحسين(عليه السلام) علي الانطلاق اعدّ المختار فوجاً من المقاتلين للمشاركة في الثورة فالقت السلطة الاموية القبض عليه، وحينما اطلق سراحه التجأ الي عبدالله بن الزبير في الحجاز واشترك معه في قتال القوّات الاموية.



ولم يكن هواه مع ابن الزبير إلاّ انّه رأي الفرصة السانحة لاضعاف الامويين تتحقق من خلال الثائر في الحجاز.



الواقع ان المختار لمّا هاجر الي الحجاز وصل ببدنه فقط، امّا روحه وتطلّعاته فما برحت داخل حدود العراق. وفي الحجاز اخذ يراقب عن كثب التطورات السياسية والاجتماعية في العراق ويتحرّاها بتلهّف. وفي ذات يوم حدثّه هانئ الوادعي عن الكوفة قائلاً: انّهم في صلاح واتّساق علي طاعة ابن الزبير إلاّ ان طائفة من الناس اليهم عدد اهل مصر لو كان لهم رجل يجمعهم علي رأيهم اكل بهم الارض الي يوم ما.



فرأي المختار ان آفاق طموحاته وتطلّعاته الهادفة في تحقيق حكومة اسلامية عادلة تقصم ظهور قتلة الحسين قد اقتربت من التنفيذ. فقال لهانئ: انا ابو اسحاق انا والله لهم انا اجمعهم علي الحق وانفي بهم ركبان الباطل واقتل بهم كل جبار عنيد. واتّجه تلقاء الكوفة يدعو الناس الي نفسه.



ويمكن ارجاع هذه النفس المقتدرة والروح العالية والعزم الشديد في المختار الي علّتين:



الاولي: ما يحسّه في شخصيته من كفاءة عالية وقدرة فائقة.



الثانية: التلويح احياناً والتصريح احياناً اخري في الاخبار بانّه طالب الثأر وقاتل الجبارين، كقول الامام الشهيد وهو يدعو علي الحشود المقاتلة له: وابعث عليهم غلام ثقيف.



ولما دعا الناس الي نفسه وزعم ممثليته لمحمد بن الحنفية ذهب وفد الي محمد بن الحنفية(عليه السلام) للتأكد من صحة ادّعاء المختار، فلمّا قدموا عليه قال لهم فيما قال: وامّا ما ذكرتم ممّن دعاكم الي الطلب بدمائنا فوالله لوددت ان الله انتصر لنا من عدونا بمن شاء من خلقه. ولو كره لقال لا تفعلوا.



وممّا يؤكد علي العلاقة الايجابية بين الامام زين العابدين(عليه السلام) وبين المختار دعاء الامام للمختار وترحّمه عليه بعد استشهاده وقبول هداياه التي منها الاموال ومنها جارية كريمة ولدت للامام ولده العظيم زيداً الشهيد(عليه السلام) وعمر وعلياً وخديجة.



روي زياد بن المنذر (ابو الجارود) قال: اشتري المختار بن ابي عبيدة جارية بثلاثين الفاً فقال لها: ادبري فادبرت، ثم قال لها: اقبلي فاقبلت، ثم قال: ما ادري احداً احق بها من علي بن الحسين فبعث بها اليه. وهي ام زيد بن علي(عليه السلام)(260).



قلت: ان في الرواية مؤشراً الي ان المختار كان يفضّل علياً زين العابدين(عليه السلام)علي محمد بن الحنفية ولولا ذلك لم يقل: ما ادري احداً احق بها من علي بن الحسين، ولقال: ما ادري احداً احق بها من محمد بن الحنفية.



ويعلم من خط اهل البيت في بعض الاحايين مساندة تحركات اسلاميّة ثورية من دون التدخل المباشر في ذلك كمساندة الامام الصادق لزيد الشهيد ومساندة الامام الكاظم لشهيد فخ «الحسين بن علي الحسني» من دون اثارة الضجيج ومن دون اتباع الوسائل المباشرة التي تعلمها السلطة فتقبض علي الامام وتقطع دوره في الحياة الرسالية. وما هي الاّ موازنة دقيقة بين التدخل المباشر والتدخل غير المباشر، فكما تتعيّن افضلية الثاني تارة تتعين افضلية الاول تارة اخري.



ولمّا رجع الوفد من محمد بن الحنفية(عليه السلام) الي المختار قوي امره واتسعت دائرة نفوذه، وسانده اعيان المنتمين لخط اهل البيت، ومن بينهم ابراهيم بن الاشتر ونعيم بن هبيرة الشيباني، وابو الطفيل وابو عبدالله الجدلي.

پاورقي

(260) ابو الفرج الاصفهاني، مقاتل الطالبيين ص86.