بازگشت

خطاب المدينة أو فتيلُ الثورة


فأمر الامام زين العابدين(عليه السلام) بكرسي فنصب له، وان عويل الجماهير وصراخها يشق عنان السماء. فأومأ الامام إليهم أن انصتوا فأنصتوا وراح يدلي بخطاب تأريخي هام، حيث يقول :



الحمد لله رب العالمين مالك يوم الدين، بارئ الخلائق أجمعين، الذي بعد فارتفع في السموات العلي، وقرب فشهد النجوي، نحمده علي عظائم الامور، وفجائع الدهور، ومضاضة اللواذع، وجليل الرزء، وعظيم المصائب الفاظعة الكاظة الفادحة الجائحة. أيها القوم: ان الله وله الحمد ابتلانا بمصائب جليلة في الاسلام عظيمة قتل أبو عبد الله الحسين(عليه السلام) وسبي نساؤُهُ وصبيته وداروا برأسه في البلدان من فوق عالي السنان وهذه الرزية التي لامثلها رزية. ايها الناس، فأي رجالات منكم يسرون بعد قتله، أم أي فؤاد لا يحزن من أجله، أم أية عين منكم تحبس دمعها وتضن عن انهمالها، فلقد بكت السبع الشداد لقتله، وبكت البحار بأمواجها والسموات بأركانها والارض بأرجائها والاشجار بأغصانها والحيتان ولجج البحار والملائكة المقربون وأهل السموات أجمعون يا ايها الناس، أي قلب لا ينصدع لقتله، أم أي فؤاد لا يحن اليه، أم أي سمع يسمع هذه الثلمة التي ثلمت في الاسلام ولا يصم؟ ايها الناس، أصبحنا مطرودين مشردين مذودين وشاسعين عن الامصار كأنا أولاد ترك وكابل من غير جرم اجترمناه ولا مكروه ارتكبنا ولا ثلمة في الاسلام ثلمناها، ما سمعنا بهذا في أبائنا الاولين إن هذا إلاّ اختلاق. والله لو أن النبي تقدم إليهم في الوصاية بنا لما زادوا علي ما فعلوا فأنّا لله وانا اليه راجعون من مصيبة ما أعظمها وأوجعها وأفجعها واكظَّها وافظعها وأمرَّها وأفدحها، فعند الله نحتسب فيما أصابنا وأبلغ بنا فانه عزيز ذو انتقام(253).

پاورقي

(253) العلامة السيد ابن طاووس / اللهوف / ص116، والعلامة المجلسي / بحار الانوار ج45 ص128 ـ 129، ومصادرها كثيرة.