بازگشت

خطاب دمشق


قال فأبي يزيد ذلك. فقال الناس: يا أمير المؤمنين ائذن له ليصعد المنبر، لعلنا نسمع منه شيئا. فقال لهم : ان صعد المنبر لم ينزل الا بفضيحتي وفضيحة آل ابي سفيان. قيل له: يا امير المؤمنين وما قدر ما يحسن هذا. فقال: انه من اهل بيت قد زقوا العلم زقاً. قال: فلم يزالوا به حتي اذن له بالصعود فصعد المنبر فحمد الله واثني عليه، ثم خطب خطبة ابكي منها العيون، واوجل منها القلوب فقال فيها :



ايها الناس اعطينا ستاً، وفضلنا بسبع : اعطينا العلم والحلم والسماحة والفصاحة، والشجاعة والمحبة في قلوب المؤمنين.



وفضلنا بأن منا النبي المختار محمداً(صلي الله عليه وآله وسلم) ومنا الصديق ومنا الطيار ومنا اسد الله واسد الرسول ومنا سيدة نساء العالمين فاطمة البتول، ومنا سبطا هذه الامة وسيدا شباب اهل الجنة.



«وفي رواية: ومنا مهديها».



فمن عرفني فقد عرفني، ومن لم يعرفني انبأته بحسبي ونسبي. انا ابن مكة ومني، انا ابن زمزم والصفا. انا ابن خير من طاف وسعي، انا ابن خير من حج ولبّي، انا ابن من اسريَ به من المسجد الحرام الي المسجد الاقصي، فسبحان من اسري، انا ابن من بلغ به جبرئيل الي سدرة المنتهي، انا ابن من اوحي اليه الجليل ما اوحي، انا ابن محمد المصطفي، انا ابن علي المرتضي، انا ابن من ضرب خراطيم الخلق حتي قالوا لا اله الاّ الله، انا ابن من ضرب بين يدي رسول الله بسيفين، وبايع البيعتين، وصلي القبلتين، وقاتل ببدر وحنين، ولم يكفر بالله طرفة عين.



انا ابن صالح المؤمنين، ووارث النبيين، وقامع الملحدين، ويعسوب المسلمين، ونور المجاهدين، وزين العابدين، وتاج البكّائين.



انا ابن المؤيد بجبرئيل، المنصور بميكائيل.



انا ابن المحامي عن حرم المسلمين، وقاتل الناكثين والقاسطين والمارقين، والمجاهد اعداءه الناصبين، وافخر من مشي من قريش اجمعين، واول من اجاب واستجاب لله ولرسوله من المؤمنين. واقدم السابقين، وقاصم المعتدين ومبير المشركين، وسهم من مرامي الله علي المنافقين، ولسان حكمة العابدين. وناصر دين الله، وولي امر الله، وبستان حكمة الله، وعيبة علم الله. سمح سخي بهلول زكي، ابطحي رضي مرضي، مقدام همام، صابر صوّام، مهذب قوام، شجاع قمقام، قاطع الاصلاب، ومفرق الاحزاب، اربطهم جنانا، واطلقهم عناناً، واجرأهم لسانا، وامضاهم عزيمة واشهدم شكيمة، اسد باسل، وغيث هاطل، يطحنهم في الحروب ـ اذا ازدلفت الاسنة وقربت الاعنّة ـ طحن الرحي، ويذروهم ذرو الريح الهشيم.. ليث الحجاز وكبش العراق. مكي مدني، ابطحي تهامي، خيفي عقبي، بدري احدي، شجري مهاجري من العرب سيدها، ومن الوغي ليثها. وارث المشعرين، وابو السبطين، الحسن والحسين. مظهر العجائب ومفرق الكتائب، والشهاب الثاقب، اسد الله الغالب، مطلوب كل طالب، ذاك جدي علي بن ابي طالب. انا ابن فاطمة الزهراء، انا ابن سيدة النساء، انا ابن الطهر البتول، انا ابن بضعة الرسول.



قال ولم يزل يقول انا انا حتي ضج الناس بالبكاء والنحيب، وخشي يزيد ان تكون فتنة، فأمر، المؤذن ان يؤذن فقطع عليه الكلام وسكت فلما قال المؤذن: الله اكبر، قال علي بن الحسين: كبرت كبيراً لا يقاس، ولا يدرك بالحواس، لا شيء اكبر من الله.



فلما قال: اشهد ان لا اله الاّ الله، قال علي: شهد بها شعري وبشري، ولحمي ودمي، ومخي وعظمي.



فلما قال: اشهد ان محمداً رسول الله، التفت علي من اعلي المنبر الي يزيد وقال: يا يزيد محمد هذا جدي ام جدك؟ فإن زعمت انه جدك فقد كذبت، وان قلت: انه جدي فلم قتلت عترته؟!.



قال: وفرغ المؤذن من الاذان والاقامة فتقدم يزيد وصلي صلاة الظهر(245).



فلما فرغ من صلاته أمر بعليّ بن الحسين واخواته وعماته رضوان الله عليهم ففرَّغ لهم داراً فنزلوها. وأقاموا أياماً يبكون وينوحون علي الحسين(عليه السلام)(246).

پاورقي





(245) الخوارزمي : مقتل الحسين 2 / 69 ـ 71، وانظر الفتوح 5 / 247 ـ 249.



(246) الفتوح 5 / 249.