بازگشت

الحقوق بين الامام والمأموم


فارق كبير بين حاكم يسيّر دفة الامور ضمن قانون محدد، وصلاحيات معتبرة ومنطقية سواء كانت اسلامية تستلهم القرآن والسنة المطهرة روحاً ونصاً، أو علي الحد الادني تستمد وجودها مما يسمي في المصطلح العصري بالسيادة الشعبية Popular Soverignty، وبين حاكم آخر قد اتخذ رأيه الشخصي، ومزاجه الخاص، وحالاته النفسية قانوناً يعتمده ومنهلاً يرده، فليست لقانونه أو صلاحياته من حدود إلاّ الاهواء والنزوات والمشتهيات.



ولقد اراد الامام زين العابدين ان تكون ثم ضوابط وحدود بين الامام ـ بالمعني الاعم ـ وبين المأموم، فلا يجحف هذا بحق هذا، ولا يهدر احدهما حقوق الاخر، في موازنة عادلة، وطريقة سليمة مثلي فيقول(عليه السلام):



أ ـ فأما حق سائسك بالسلطان فان تعلم انك جعلت له فتنة، وانه مبتلي فيك بما جعل الله له عليك من السلطان، وان تخلص له في النصيحة، وان لا تماحكه، وقد بسطت يده عليك، فتكون سبب هلاك نفسك وهلاكه، وتذلل وتلطف لاعطائه من الرضا ما يكفه عنك ولا يضر بدينك، وتستعين عليه في ذلك بالله، ولا تعازّه ولا تعانده، فانك ان فعلت ذلك عققته وعققت نفسك فعرضتها لمكروهه وعرضته للهلكة...(226).



ب ـ اما حقوق رعيتك بالسلطان فان تعلم انك انما استرعيتهم بفضل قوتك عليهم فانه انما احلهم محلّ الرعية لك ضعفهم وذلهم، فما اولي من كفاكه ضعفه وذله حتي صيرّه لك رعية، وصيرّ حكمك عليه نافذا، لا يمتنع منك بعزة ولا قوة، ولا يستنصر فيما تعاظمه منك إلاّ بالرحمة والحياطة والاناة...(227).



تعليق: ان هذه الحقوق التي ذكرها(عليه السلام) للامام ـ بالمعني الاعم ـ وما أعلنه من الطاعة له والانقياد لتعاليمه ومقرراته، وعدم التعرض لمكروهه انما تكون في حالات يجدر السكوت فيها، واوضاع يمكن الصبر عليها. اما إذا كان الامر علي خلاف هذه الصورة بحيث ان العقيدة السليمة تكون معرضة للخطر، والمبادئ العليا للانتهاك، والقيم للاندكاك والتهافت، فان الامام زين العابدين علي خط ابيه الامام الشهيد(عليه السلام) روحاً وانطلاقاً وجرأة وشدة علي الظلم والظالمين. ولقد زوّدنا التاريخ بوثائق رائعة عن مواقفه البطولية المتعددة من عبيد الله بن زياد، ويزيد بن معاوية، وعبدالملك بن مروان. كما اوضحنا ذلك في بحثنا مع الحسين في الثورة الخالدة، والبحث عن مواقفه من الحكم القائم.

پاورقي





(226) ابن شعبة الحراني / تحف العقول / رسالة الحقوق.



(227) المصدر السابق.