بازگشت

الامام زين العابدين وتعيين الامام بعده


لقد اولي الامام زين العابدين(عليه السلام) قضية الامامة اهمية قصوي قلما يوليها لقضية اخري من القضايا العقائدية والسياسية والمصيرية. فلم يشأ ان يلتحق بالرفيق الاعلي دون ان يشخص الامام بعده، وينص عليه. فما احوج الامة الاسلامية، والانسانية الضائعة، الي القدوة المثلي والامام العادل. يكشف لها ظلمات الجهل والغواية، وينير آفاق الليل البهيم، ويأخذ بأيديها الي شاطئ الخير والرحمة والسلام.



ولقد شاء الامام زين العابدين ـ عن وعي وادراك ـ ان يكون الامام بعده محمد الباقر(عليه السلام)، فعينه بالفعل اماماً للناس وقدوة للمقتدين. وتذهب الامامية كلها وفي قول واحد الي ان تعيين الامام السابق للامام اللاحق انما هو انعكاس لاحاديث الرسول(صلي الله عليه وآله وسلم) في تعيين الائمة. وليس تعيين احدهما للاخر إلاّ بنحو الكشف والحكاية عن النصوص النبوية في هذا المضمار.



فاما من حيث النصوص فقد بينها الامام زين العابدين بما فيها من النص علي الامام الباقر(عليه السلام)، واما من حيث النصب والتعيين فقد اشار إليه بل نص عليه كما في جملة من الاخبار الروائية والتاريخية واليك جملة منها:



اولاً: في رواية معمر عن الزهري بما مختصره قال: «دخلت علي علي بن الحسين(عليه السلام) في المرض الذي توفي فيه (إلي ان قال): ثم دخل عليه محمد ابنه فحدثه طويلاً... قلت: يابن رسول الله ان كان من امر الله ما لابدّ لنا منه ـ ووقع في نفسي انه قد نعي نفسه ـ فإلي من يختلف بعدك؟ قال يا ابا عبد الله الي ابني هذا ـ واشار الي محمد ابنه ـ انه وصيي ووارثي وعيبة علمي، معدن العلم، وباقر العلم. قلت يابن رسول الله هلا اوصيت الي اكبر اولادك.



قال: يا ابا عبد الله ليست الامامة بالصغر والكبر. هكذا عهد الينا رسول الله(صلي الله عليه وآله وسلم)»(220).



ثانياً: عن عثمان بن عثمان بن خالد عن ابيه قال: «مرض علي بن الحسين بن علي بن ابي طالب(عليه السلام) في مرضه الذي توفي فيه، فجمع اولاده محمداً والحسن وعبدالله وعمر وزيدا والحسين، واوصي الي ابنه محمد بن علي، وكنّاه الباقر، وجعل امرهم إليه ...»(221).



ثالثاً: عن مالك بن أَعين الجهني قال: «اوصي علي بن الحسين(عليه السلام) ابنه محمد بن علي(عليه السلام) فقال:



بنيّ اني جعلتك خليفتي من بعدي، لا يدّعي فيما بيني وبينك احد إلاّ قلّده الله يوم القيامة طوقاً من النار، فاحمد الله علي ذلك واشكره...»(222).



رابعاً: التفت علي بن الحسين إلي ولده وهو في الموت، وهم مجتمعون عنده، ثم التفت الي محمد بن علي ابنه فقال: «يا محمد هذا الصندوق فاذهب به إلي بيتك ثم قال: اما انه لم يكن فيه دينار ولا درهم ولكنه كان مملوءاً علماً»(223).



خامساً: ونحو الرواية الرابعة ما رواه جعفر بن محمد(عليه السلام) قال: «لما حضر علي ابن الحسين(عليه السلام) الموت، قبل ذلك اخرج السفط أو الصندوق عنده فقال: يا محمد احمل هذا الصندوق. قال: فحمل بين اربعة «رجال». فلما توفي جاء اخوته يدّعون في الصندوق فقالوا: اعطنا نصيبنا من الصندوق. فقال: والله مالكم فيه شيء، ولو كان لكم فيه شيء ما دفعه اليَّ، وكان في الصندوق سلاح رسول الله وكتبه»(224).



سادساً: عن ابي خالد (الكابلي): «قلت لعلي بن الحسين: من الامام بعدك؟



قال: محمد ابني يبقر العلم بقرا»(225).

پاورقي





(220) العلامة المجلسي، بحار الانوار، ج46 ص232 ـ 233، والبياضي العاملي / الصراط المستقيم، ج2 ص131.



(221) كفاية الاثر / مخطوط، وبحار الانوار، ج46 ص230 ـ 231.



(222) البحار، ج46 ص231 ـ 232.



(223) البحار، ج46 ص229.



(224) بصائر الدرجات، باب 4، ص48.



(225) البحار، ج46 ص230.