بازگشت

الامامة في الاصطلاح السياسي


الامامة في الاصطلاح السياسي تعني القيادة الاسلامية أو الخلافة، والفارق ما بين الامامة في اللغة كما مرَّ وبين الامامة في الاصطلاح السياسي انها في اللغة اكثر احاطة واوسع دائرة منها في الاصطلاح، والتمييز ما بينهما ليس مستصعباً لدي القارئ الكريم.



وسوف نسوق عدداً من الامثلة الروائية والتاريخية والادبية شواهد علي المقصود، والحكمة من كل ذلك ان نحدد معني الامامة في نصوص الامام زين العابدين وكلماته علي ضوء المصطلح السياسي والعرفي والخطابي عند المسلمين علي مختلف مواردهم ومصادرهم ومشاربهم.



أولاً: عقد البخاري في صحيحه باباً بعنوان (بطانة الامام واهل مشورته). ومما جاء فيه «... عن ابي سعيد الخدري عن النبي(صلي الله عليه وآله وسلم): ما بعث الله من نبيّواستخلف من خليفة إلاّ كانت له بطانتان بطانة تأمره بالمعروف وتحضّه عليه، وبطانة تأمره بالشر وتحضه عليه، فالمعصوم من عصم الله تعالي»(176).



ثانياً: كما عقد البخاري باباً بعنوان (كيف يبايع الامام الناس)(177)، والمراد من الامام الخليفة لانه الذي يبايع.



ثالثاً: روي مسلم في كتاب الامارة من صحيحه عن رسول الله(صلي الله عليه وآله وسلم): من بايع اماما، فاعطاه صفقة يده، وثمرة قلبه، فليطعه ان استطاع، فان جاء آخر ينازعه فاضربوا عنق الاخر.



رابعاً: روي الحاكم بسنده عن علي(عليه السلام) قال: قال رسول الله(صلي الله عليه وآله وسلم): «الائمة من قريش ابرارها امراء ابرارها، وفجارها امراء فجّارها. وان امّرتُ عليكم عبداً حبشيا مجدّعاً فاسمعوا له واطيعوا»(178).



فالتعبير بكلمة امراء وكذلك امرت اضافة الي الامر بالسمع والطاعة كل ذلك يلقي الضوء الاخضر، بل يصرح بالمعني السياسي من كلمة (الائمة) لا سيما مع تكرار التعبير بالامراء.



خامساً: قال الامام علي بن ابي طالب(عليه السلام) معلقاً علي بعض اخبار السقيفة ابان وقوعها: ما قالت الانصار؟ قالوا: قالت: منا امير ومنكم امير، فقال: فهلا احتججتم عليهم بان رسول الله وصّي بان يحسن الي محسنهم، ويُتجاوز عن مسيئهم. قالوا: وما في هذا من الحجة عليهم؟ فقال(عليه السلام): لو كانت الامامة فيهم، لم تكن الوصية بهم.



والامامة في كلامه(عليه السلام) تعني بالضرورة الامامة السياسية بقرينة احداث السقيفة، وكذا قول الانصار: منا امير ومنكم امير.



سادساً: لما قتل عثمان اجتمع اصحاب رسول الله(صلي الله عليه وآله وسلم) من المهاجرين والانصار، فيهم طلحة والزبير، فاتوا علياً فقالوا له: انه لابدّ للناس من إمام. قال: لا حاجة لي في امركم فمن اخترتم رضيت به، فقالوا: ما نختار غيرك، وترددوا إليه مراراً وقالوا له في آخر ذلك: إنّا لا نعلم احداً احق به منك، لا اقدم سابقة، ولا اقرب قرابة من رسول الله(صلي الله عليه وآله وسلم)، فقال: لا تفعلوا فاني اكون وزيراً خيراً من أَن اكون اميرا، فقالوا: والله ما نحن بفاعلين حتي نبايعك. قال: ففي المسجد فان بيعتي لا تكون خفية ولا تكون إلاّ في المسجد(179).



سابعاً: قال عمار بن ياسر(رضي الله عنه) حول بيعة الامام علي(عليه السلام) ابياتاً مطلعها:



قال سعد لذي الامام وسعد في الذي قاله حقيقٌ ظلوم(180)



وثم شواهد وادلة في المقام كثيرة جداً لو اردنا ايرادها جميعا روايةً وتاريخاً وادباً لاحتجنا الي تأليف مجلد كامل حول ذلك.



ومن هنا يُعلم ان مصطلح الامامة يرادف مصطلح الخلافة. نعم تسمي الشيعة أئمتها الاثني عشر أئمةً، وإن لم يكونوا بالفعل، وبحسب الواقع الخارجي، قد نالوا الخلافة بسبب جملة من الملابسات السياسية وذلك لانها تري انهم(عليهم السلام)منصوص عليهم بالخلافة وانهم اولي من غيرهم بهذا المنصب الالهي والسياسي الخطير.



وممن يؤكد علي الوحدة الاتساقية أو التماثل المعنوي بين الامامة والخلافة العلامة ابن خلدون إذ يقول: وإذ قد بينّا حقيقة هذا المنصب، وانه نيابة عن صاحب الشريعة، في حفظ الدين وسياسة الدنيا به تسمي خلافة أو امامة، والقائم به خليفة أو امام. ويذهب الماوردي الي نفس الرأي حين يعرف الامامة بانها خلافة النبوة في حراسة الدين وسياسة الدنيا. ويتابعه رشيد رضا فيقول في كتابه الخلافة أو الامامة العظمي: الخلافة والامامة العظمي وامارة المؤمنين ثلاث كلمات معناها واحد. ويفسر الشيخ ابو زهرة الترادف بين اللفظين بقوله: ان المذاهب السياسية كلها تدور حول الخلافة، وهي الامامة الكبري وسمّيت خلافة لان الذي يتولاها، ويكون الحاكم الاعظم للمسلمين، يخلف النبيَّ في ادارة شؤونهم، وتسمّي الامامة لان الخليفة كان يسمي اماماً، ولان طاعته واجبة، ولان الناس كانوا يسيرون وراءه، كما يصلون وراء من يؤمهم في الصلاة(181).

پاورقي





(176) فتح الباري بشرح صحيح البخاري / للامام الحافظ احمد بن علي بن حجر العسقلاني (773 ـ 852 هجرية) ج13 ص189.



(177) المصدر السابق ج13 ص192.



(178) مستدرك الحاكم ج4 ص76.



(179) ابن الاثير / الكامل في التاريخ. طبعة دار صادر بيروت ج3 ص190. وكذا تاريخ الطبري ج3 ص450.



(180) المؤرخ القديم ابن اعثم / الفتوح، ج2 ص442.



(181) الدكتور احمد محمود صبحي / الامامة لدي الشيعة الاثني عشرية ص20.