بازگشت

المحبة في قلوب المؤمنين


الحب هو المعبر الحقيقي عن الولاء، والالتزام بالاوامر، كما ان الولاء والالتزام الحقيقيين بالاوامر هو المعبر الحقيقي عن الحب. ان كل ولاء أو التزام لا يُفصح عن الحب، وكل حب لا يفصح عن الولاء والالتزام مظهر زائف، وادعاء كذوب.



يحكم القائد العام امة من الناس قلّت او كثرت، فلابد له اذاً من طائفة معينة تكنّ له الحب الصادق، وتمتثل اوامره امتثالاً كاملاً. وهو عن طريق كفاءته الذاتية، وعن طريقهم. يتصدي لقهر المتعصبين من اعدائه في الداخل. وعن طريق مجمل القوة الداخلية يتصدي لقهر اعدائه في الخارج.



اذاً فالعلة الكبري، او من العلل الرئيسية علي الاقل، في قدرة القائد العام علي التصدي للمناوئين خارج دائرة حكمه انما هي وجود القوة الداخلية، ولقد علمنا ان قسطاً من القوة الداخلية انما يخضع بواسطة الذين تنطوي قلوبهم علي الحب الصادق فهم العلة الكبري، او من العلل الرئيسية علي الاقل في طاعة الاخرين من اعداء الداخل.



ان هؤلاء المحبين هم القاعدة الشعبية الاولي للقائد العام، والركن الركين في كل تقدم وازدهار يناله البلد، ويخدم العقيدة، وبهم يستتب الامن والاستقرار في المنطقة بشكل مباشر وغير مباشر.



واذا ما عرفنا القيمة السياسية وغير السياسية للحب تتجلي امامنا صور توضيحية عن الايات القرآنية والاحاديث الكثيرة التي تؤكد علي الحب، وليس غرضنا التفصيل في ذلك ولكننا سوف نشير إلي شيء منه:



من المسلّم به ان مودتهم اجر يتلقاه صاحب الرسالة(صلي الله عليه وآله وسلم) لقاء تبليغها، وذلك بنص الذكر الحكيم. يقول تعالي: (قل لا اسألكم عليه اجراً الا المودة في القربي ومن يقترف حسنة نزد له فيها حسناً ان الله غفور شكور)(162).



وقد اخرج الحافظ السلفي عن محمد بن الحنفية صلوات الله عليه أنه قال في تفسير هذه الاية: (ان الذين آمنوا وعملوا الصالحات سيجعل لهم الرحمن ودّا): لا يبقي مؤمن إلاّ وفي قلبه ودّ علي واهل بيته.



وصحّ ان النبي(صلي الله عليه وآله وسلم) قال: «احبوا الله لما يغذوكم به من نعمه واحبوني لحب الله عزّوجلّ واحبوا اهل بيتي لحبي».



وذكر ابن الجوزي: لهذا في العلل المتناهية وهم. واخرج البيهقي وابو الشيخ والديلمي انه(صلي الله عليه وآله وسلم) قال: لا يؤمن عبد حتي اكون احب اليه من نفسه، وتكون عترتي احب اليه من نفسه، ويكون اهلي احب اليه من اهله وتكون ذاتي احب اليه من ذاته».



واخرج الديلمي انه(صلي الله عليه وآله وسلم) قال: «ربّوا اولادكم علي ثلاث خصال، حب نبيكم وحب اهل بيته، وعلي قراءة القرآن والحديث».



وصح ان العباس رضوان الله عليه شكا الي رسول الله(صلي الله عليه وآله وسلم) ما يلقون من قريش من تعبيسهم في وجوههم، وقطعهم حديثهم عند لقائهم فغضب(صلي الله عليه وآله وسلم) غضباً شديداً حتي احمر وجهه، وعرق ما بين عينيه وقال: «والذي نفسي بيده لا يدخل قلب رجل الايمان حتي يحبكم لله ولرسوله». وفي رواية صحيحة ايضاً: «ما بال اقوام يتحدثون فاذا رأوا الرجل من اهل بيتي قطعوا حديثهم. والله لا يدخل قلب رجل الايمان حتي يحبهم لله ولقرابتهم مني»(163).



وقد روي جابر بن عبدالله الانصاري(رحمه الله) قال: جاء اعرابي الي النبي(صلي الله عليه وآله وسلم)فقال:



يا محمد، اعرض عليَّ الاسلام.



فقال(صلي الله عليه وآله وسلم)، تشهد ان لا اله الاّ الله وحده لا شريك له، وان محمداً عبده ورسوله.



قال: تسألني عليه اجراً؟



قال(صلي الله عليه وآله وسلم): لا ... الا المودّة في القربي.



قال: قرباي او اقرباؤك؟



قال(صلي الله عليه وآله وسلم): قرباي.



قال الاعرابي: هات ابايعك. فعلي من لا يحبك ويحب قرباك لعنة الله.



قال(صلي الله عليه وآله وسلم): آمين.

پاورقي





(162) الشوري / الاية 23.



(163) الهيثمي: احمد بن حجر المكي (ت 974 هـ). الصواعق المحرقة / ص172، الناشر مكتبة القاهرة.