بازگشت

فصاحة اهل البيت عموماً وزين العابدين(عليه السلام) خصوصاً


والمصطفي محمد(صلي الله عليه وآله وسلم) واهل بيته الكرام من افصح العرب واجلاهم بيانا. يقول(صلي الله عليه وآله وسلم): أنا افصح من نطق بالضاد بيد اني من قريش.



ويقول الامام علي(عليه السلام) كما في نهج البلاغة: وانّا لاَمراء الكلام، وفينا تنشبت عروقه، وعلينا تهدلت غصونه.



ولو لم تكن لعلي من الاثار الاّ خطبة الاشباح التي ارتجلها، والاّ عهده لمالك الاشتر لكان المثالان دليلين علي أنه من اهل بيت هم أمراء الكلام حقاً. وخطبة الاشباح هي التي ارتجلها حينما قيل له صف لنا ربك. وهي التي اولها: الحمد لله الذي لا يفره المنع والجمود(155). وهي طويلة وكأفصح ما يكون الكلام وكأنه اعدها منذ اعوام.



وذكر الامام علي(عليه السلام) مقارنة بين بني هاشم وبين بني عبد شمس كانت الفصاحة فيها الي جانب بني هاشم. وهذه الميزة للهاشميين عامة فضلاً عن اهل البيت(عليهم السلام)خاصة الذين هم افصح الهاشميين كما تدل علي ذلك الاثار التاريخية والادبية.



وهذا الامام علي بن الحسين زين العابدين(عليهما السلام) شدَّ جيلاً من الناس الي دينهم ووثق صلة الارض بالسماء، واحكم الارتباط بالخلق الرفيع عن طريق بلاغته الساحرة، وفصاحته السامية، التي تتعلق بها القلوب، وتنشد لها الطباع، وتعشقها الارواح، وترتشفها الاذواق السليمة لما بها من رونق واصالة، ووضوح وسلاسة، وصدق وعمق وانسجام.. وان ذلك لواضح اين ما تصفحنا صحيفته السجادية ورسائله وما صحَّ من تراثه البارع الجميل.



والحقيقة ان الادلة علي ذلك كثيرة غنية، فاين ما تتبعنا نتاجاته الادبية، وتراثه المجيد تكشفت لنا ملكات عجيبة، وازددنا ايماناً بقدرة هذا الامام علي الفصاحة والبلاغة قدرة تنساب كشعاع الشمس في كل حدب وصوب. تصبغ الحياة بصبغتها وتألقها، وتمنح القوة والجمال، لتبني الانسان بناءً اسلامياً وحضارياً خالصاً.



ولقد كتبنا بحثاً طويلاً فيما يتعلق بأدب الامام زين العابدين(عليه السلام)، وكان من المقرر منهجياً أن يكون ضمن الكتاب الكبير عن الامام زين العابدين(عليه السلام)، ثم رأينا ان يستقل بنفسه في كتاب آملين اَن يساهم بقدر ما في اعطاء الامة لوناً حضارياً زاهياً، من الوان حضارة آبائها الكرام، وفيضاً ثرّاً من تراثها الخالد.



واليك الان مثالاً مهمّاً للتدليل علي فصاحة الامام زين العابدين(عليه السلام)، تلك الفصاحة النادرة، وللتفصيل محل آخر.

پاورقي

(155) ابن ابي الحديد / شرح نهج البلاغة ج6 ص398. ط. دار احياء الكتب العربية ط.2.