بازگشت

عود الي فلسفة السماحة


وفي صنع علي بن الحسين(عليه السلام) وفي وصية الامام علي ما يؤكد مرة اخري نظرة الاسلام في ان الجود لابد ان يكون جوداً نزيها خالصا، ولعمري.



أنّ في مفاهيم الاسلام ان درهما ينفق في سبيل الله خير من جنات وعيون وزروع واموال تنفق رئاء الناس، ولقد اُنزلت آية في كتاب الله العزيز بحق جود الامام علي(عليه السلام) (الذين ينفقون اموالهم بالليل والنهار سرّا وعلانية)(150) وما هي الا اربع دراهم انفقها علي الترتيب الذي ذكره الكتاب الكريم. غير ان القليل في سبيل الله تعالي كثير وافر.



حسبنا من نزاهة الكرم والسماحة في الاسلام ان في مفاهيمه: صدقة الليل تطفئ غضب الرّب.



وكانت بيوتات في المدينة المنورة يؤتي لهم ليلاً وفي وضع سري بالارزاق ولا يعرفون من يأتيهم بها حتي توفي زين العابدين(عليه السلام).



ومن الوجهة السياسية في الاسلام أن مجرد اتصاف انسان بالبخل لينفي عنه الصفة القيادية، وان توفرت فيه الخصائص الاخري. ومن ادلتنا علي ذلك الايات القرآنية المباركة التي تذم البخل وتندد بالبخلاء، كقوله تعالي: (ومن يبخل فانما يبخل عن نفسه...)(151)، وكقوله تعالي: (سيطوقون ما بخلوا به يوم القيامة)(152).



ولان البخيل يسيء الظن بالله، إذ لولا ذلك لم يبخل. ولا يُعقل ان يكون الحاكم باسم الله مسيئاً الظن بالله.



وقال الامام علي(عليه السلام): عجبت للبخيل يستعجل الفقر الذي منه هرب، ويفوته الغني الذي اياه طلب فيعيش في الدنيا عيش الفقراء، ويحاسب في الاخرة حساب الاغنياء.



وفي روايـة معتبرة السند عن ابي جعفر الاول محمد الباقر(عليه السلام) رواها عنه ابو بصير : قلت لابي جعفر «الباقر»: كان رسول الله(صلي الله عليه وآله وسلم) يتعوذ من البخل؟ فقال: نعم يا أبا محمد في كل صباح ومساء ونحن نتعوذ بالله من البخل. ان الله يقول: (ومن يوق شحَّ نفسه فاولئك هم المفلحون)(153).



ولقد أقال رسول الله(صلي الله عليه وآله وسلم)الجد بن قيس زعيم بني سلمة من منصبه بسبب بخله، وقال في ذلك: اي داء ادوي من البخل؟! وذلك لمّا قيل له: اَن لا عيب في الجد بن قيس سوي البخل.



مع ان الجد بن قيس لم يكن قائداً الا لشريحة اجتماعية قليلة العدد. اذاً كيف يكون الحال لو كان مرشحاً لقيادة دولة اسلامية. لا ريب إذن يكون التاكيد علي اقصائه من المنصب الالهي المقدس يأتي بصورة اقوي واجلي.

پاورقي





(150) البقرة / الاية 274.



(151) محمد / الاية 38.



(152) آل عمران / الاية 180.



(153) الحشر / الاية 9.