بازگشت

تعرية المسار السياسي


أ ـ قُتل الامام الحسين بن علي(عليه السلام) وسيّر أهل بيته من مكان الي آخر علي اقتاب الجمال بلا وطاء وبحالة مأساوية، فقال الامام زين العابدين(عليه السلام) واوداجه تشخب دماً «بحر البسيط»:



يا أمة السوء لاسقياً لربعكمُ يا امة لم تراع جدّنا فينا(91)



لو أننا ورسول الله يجمعنا يوم القيامة ما كنتم تقولونا



تسيّرونا علي الاقتاب عارية كأننا لم نشيّد فيكمُ دينا



بني امية ما هذا الوقوف علي تلك المصائب لم تصغوا لداعينا



تصفّقون علينا كفكم فرحاً وانتم في فجاج الارض تسبونا



أليس جدي رسول الله ويلكُم اهدي البرية من سبل المضلينا



يا وقعة الطف قد اورثتني حزناً والله يهتك استار المسيئينا



ب ـ



وهو الزمان فما تفني عجائبهُ من الكرام وما تفني مصائبهُ(92)



فليت شعري الي كم ذا يجاذبنا بصرفه والي كم ذا نجاذبُه



يسري بنا فوق اقتاب بلا وُطُؤ وسائق العيس يحمي عنه غاربه



كأننا من اسار الروم بينهمُ أو كل ما قاله المختار كاذبه



كفرتمُ برسول الله ويحكمُ فكنتمُ مثل من ضلّت مذاهبه



جـ ـ



ساد العلوجُ فما ترضي بذا العربُ وصار يقدم رأسَ الامة الذَنَبُ



ياللرجال لما يأتي الزمان به من العجيب الذي ما مثله عجبُ



آل الرسول علي الاقتاب عارية وآل مروان تسري تحتهم نُجُبُ



سُيّر آل محمد الامام زين العابدين(عليه السلام) وذووه تلك المسافات الطويلة بالصورة المأساوية التي قد تقدّمت. وانت خبير بان قطع المسافات الطويلة علي الجمال بلا وطاء مرهق جداً علي السليم بدناً فكيف بالامام زين العابدين(عليه السلام)الذي كان مريضاً في تلك الفترة بالخصوص، وكيف بالنساء والاطفال الذين معه؟!



هذه من جهة الالام البدنية واما من جهة الالام النفسية فان مثل آل الرسول محمد يضطهدون ويؤسرون وينقلون علي تلك الاقتاد العارية بلا ذنب او سبب موجب، بينما تري اعداءهم في جو من الترف المعيشي والحياة الرغيدة.



.. ولا بد ان تكون هذه الواقعة التاريخية قد رسمت بيراع المأساة علي قلب الامام زين العابدين(عليه السلام) الواناً من الصور الاليمة المحزنة جداً، ولهذا السبب فانه قد ضمّنها في عدة مقاطع من شعره.



ان تضمينها في عدة مقاطع من شعره أمر جليل لافت للنظر بالقياس الي كمية شعر الامام زين العابدين(عليه السلام). فلو لا أثرها البليغ عليه لاقلّ من ذلك.



د ـ وهذه صورة اخري أومأ فيها الامام زين العابدين(عليه السلام) الي تسييرهم من منطقة الي اخري وهي من صور تعرية المسار السياسي للحكم القائم. «بحر الطويل»



اُقاد ذليلاً في دمشق كأنني من الزنج عبد غاب عنه نصير



وجدي رسول الله في كل مشهد وشيخي امير المؤمنين أمير



فيا ليت امي لم تلدني ولم اكن يزيد يراني في البلاد اسير(93)



هـ ـ وقال(عليه السلام) أيضاً «بحر البسيط»:



ماذا تقولون ان قال النبيّ لكم ماذا صنعتم وانتم آخر الامم(94)



بعترتي وباهلي بعد منقلبي منهم اُساري ومنهم ضُرِّجوا بدمِ



ما كان هذا جزائي اذ نصحت لكم خلّفتموني بسوء في ذوي رحمي(95) هذه الابيات من الشعر المشهور قد نُسبت للامام زين العابدين(عليه السلام) كما انها نُسبت للسيدة زينب بنت علي(عليهما السلام)، ولام لقمان بنت عقيل بن ابي طالب ولاختها زينب بنت عقيل، ولابي الاسود الدؤلي.



ان نسبتها لابي الاسود الدؤلي بعيدة جداً، وانما ذُكر ابو الاسود حينما تليت الابيات فتوهم بعض المؤلفين أنها له. وذلك انه حينما قيلت الابيات وفيها ماذا تقولون.. قال ابو الاسود : نقول ربنا ظلمنا انفسنا وان لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين.



قال الله تعالي في محكم كتابه الحكيم: (قل لا اسألكم عليه أجراً الا المودة في القربي) فليت الامة آنذاك اذ لم تودّ قربي الرسول تركتهم وشأنهم في بلاد الله العريضة فلا هي عليهم ولا هي لهم ولكنها عمدت إلي ظلمهم اشد الظلم وحسبك ان حفيد الرسول وريحانته الامام الحسين بن علي(عليهما السلام) كان مضرجاً بدمائه و قد قضي عطشاناً، وحسبك أن زين العابدين(عليه السلام) كان أسيراً في البلاد مضطهداً حتي قضي بالسم قتلاً فهل اوصي الله بمودة اهل البيت(عليهم السلام)ام اوصي بظلمهم واقصائهم وهل امر الرسول باكرامهم وإجلالهم والاخذ عنهم والاقتداء بهم ام اوصي بتجريعهم «نغب التّهمام انفاسا»(96).



يقول الامام زين العابدين(عليه السلام): «والله لو ان النبي(صلي الله عليه وآله وسلم) تقدم اليهم في قتالنا كما تقدم اليهم في الوصاية بنا لما زادوا علي ما فعلوا بنا فانا لله وانا اليه راجعون من مصيبة ما اعظمها واوجعها واكظها وافظها وامرّها وافدحها».

پاورقي

(91) جمعتها من روايات مختلفة وقد وردت كاملة في البحار 45 / 114 مؤسسة الوفاء بيروت.



(92) البحار ج 45 / ص 127.



(93) لوط بن يحيي «ابو مخنف»، مقتل الحسين / 197.



(94) ممن نسبها لزين العابدين العلامة احمد بن اعثم الكوفي ت نحو (314 هـ) ج الفتوح 5 / 245. وذكر الخوارزمي في مقتل الحسين 2 / 63 البيتين الاول والثاني ونسبهما لزين العابدين.



(95) وتضيف بعض المصادر القديمة الي هذه الابيات :



ضيعتمُ حقنا والله اوجبه وقد رعي الفيل حق البيت والحرمِ



اني لا خشي عليكم ان يحل بكم مثل العذاب الذي اودي علي اِرَمِ



فيه اشارة الي قوله تعالي (الم تر كيف فعل ربك بعاد * اِرَمَ ذات العماد).



(96) من تعابير الامام علي بن ابي طالب(عليه السلام).