بازگشت

نصوص من رسالة الحقوق


ذكر الامام زين العابدين(عليه السلام) توطئة لاطروحته ثم عقّب بذكر الحقوق واحد بعد آخر وهي خمسون حقاً.



ومما جاء في التوطئة : اعلم رحمك الله ان لله عليك حقوقاً محيطة لك، في كل حركة تحركتها، او سكْنَة سكنتها، او منزلة نزلتها، او جارحة قلبتها، او آلة تصرّفت بها، بعضها اكبر من بعض. واكبر حقوق الله عليك ما أوجبه لنفسه تبارك وتعالي من حقه الذي هو اصل الحقوق ومنه تفرع. الي ان يقول(عليه السلام) ختاماً للتوطئة: فطوبي لمن اعانه الله علي قضاء ما اوجب عليه من حقوقه ووفقه وسدّده.



ومن هذه الحقوق التي بيّنها الامام زين العابدين(عليه السلام) ما سوف نذكره ولكن لا علي سبيل التسلسل الوارد في الرسالة.



1 ـ فأما حق سائسك بالسلطان فان تعلم انك جعلت له فتنة وانه مبتليً فيك بما جعله الله له عليك من السلطان وان تخلص له في النصيحة وأن لا تماحكه وقد بسطت يده عليك فتكون سبب هلاك نفسك وهلاكه. وتذلل وتلطف لاعطائه من الرضا ما يكفه عنك ولا يضر بدينك وتستعين عليه في ذلك بالله ولا تعازه ولا تعانده، فانك ان فعلت ذلك عققته وعققت نفسك فعرضتها لمكروهه وعرضته للهلكة فيك وكنت خليقاً أن تكون معينا له علي نفسك وشريكاً له فيما اتي اليك ولا قوة الا بالله.



2 ـ واما حق سائسك بالعلم فالتعظيم له والتوقير لمجلسه وحسن الاستماع اليه والاقبال عليه والمعونة له علي نفسك فيما لا غني بك عنه من العلم بأن تفرغ له عقلك وتحضره فهمك وتذكي له قلبك وتجلي له بصرك بترك اللذات ونقص الشهوات وان تعلم انك فيما ألقي اليك رسوله إلي من لقيك من اهل الجهل فلزمك حسن التأدية عنه اليهم ولا تخنه في تأدية رسالته والقيام بها عنه اذا تقلدتها ولا حول ولا قوة الا بالله.



3 ـ واما حق سائسك بالملك فنحو من سائسك بالسلطان الا ان هذا يملك ما لا يملكه ذاك تلزمك طاعته فيما دق وجل منك الا ان تخرجك من وجوب حق الله ويحول بينك و بين حقه وحقوق الخلق، فاذا قضيته رجعت الي حقه فتشاغلت به ولا قوة الا بالله.



4 ـ فاما حقوق رعيتك بالسلطان فأن تعلم انك انما استرعيتهم بفضل قوتك عليهم فانه انما احلهم محل الرعية لك ضعفهم وذلهم، فما اولي من كفاكه ضعفه وذله حتي صيره لك رعية وصير حكمك عليه نافذاً، لا يمتنع منك بعزة ولا قوة ولا يستنصر فيما تعاظمه منك الا بالرحمة والحياطة والاناة وما اولاك اذا عرفت ما اعطاك الله من فضل هذه العزة والقوة التي قهرت بها ان تكون لله شاكراً ومن شكر الله اعطاه فيما انعم عليه ولا قوة الا بالله.



5 ـ واما حق رعيتك بالعلم، فأن تعلم ان الله قد جعلك لهم فيما آتاك من العلم وولاك من خزانة الحكمة، فان احسنت فيما ولاك الله من ذلك وقمت به لهم مقام الخازن الشفيق الناصح لمولاه في عبيده، الصابر المحتسب الذي اذا رأي ذا حاجة اخرج له من الاموال التي في يديه كنت راشداً وكنت لذلك آملاً معتقداً وإلا كنت له خائناً ولخلقه ظالماً ولسلبه وعزه متعرضاً.



6 ـ واما حق إمامك في صلاتك فان تعلم انه قد تقلد السفارة فيما بينك وبين الله والوفادة الي ربك وتكلم عنك ولم تتكلم عنه، و دعا لك ولم تدعُ له، وطلب فيك ولم تطلب فيه، وكفاك همّ المقام بين يدي الله والمسألة له فيك. ولم تكفه ذلك فان كان في شيء من ذلك تقصير كان به دونك، وان كان آثماً لم تكن شريكه فيه ولم يكن لك عليه فضل، فوقي نفسك بنفسه، ووقي صلاتك بصلاته فتشكر له علي ذلك ولا قوة الا بالله.



7 ـ واما حق الجليس فأن تلين له كنفك، وتطيب له جانبك، وتنصفه في مجاراة اللفظ، ولا تغرق في نزع اللحظ إذا لحظت، وتقصد في اللفظ الي افهامه اذا لفظت، وان كنت الجليس اليه كنت في القيام عنه بالخيار، وإن كان الجالس اليك كان بالخيار. ولا تقوم الا بإذنه و لا قوة الا بالله.



8 ـ واما حق الجار فحفظه غائبا، وكرامته شاهداً، ونصرته، ومعونته في الحالين جميعاً، لا تتبع له عورة، ولا تبحث له عن سوأة لتعرفها، فان عرفتها منه عن غير ارادة منك ولا تكلّف، كنت لما علمت حصناً حصيناً وستراً ستيراً لو بحثت الاسنة عنه ضميراً لم تتصل اليه لانطوائه عليه. لا تستمع عليه من حيث لا يعلم. لا تسلمه عند شديدة، ولا تحسده عند نعمة. تقبل عثرته وتغفر زلته، ولا تدخر حلمك عنه إذا جهل عليك. ولا تخرج ان تكون سلماً له تردّ عنه لسان الشتيمة، وتبطل فيه كيد حامل النصيحة، وتعاشره معاشرة كريمة ولا قوة الا بالله.



9 ـ واما حق الصاحب فأن تصحبه بالفضل ما وجدت اليه سبيلاً، وإلا فلا أقل من الانصاف، وان تكرمه كما يكرمك، وتحفظه كما يحفظك، ولا يسبقك فيما بينك وبينه الي مكرمة، فإن سبقك كافأته ولا تقصر به عما يستحق من المودة، تلزم نفسك نصيحته و حياطته ومعاضدته علي طاعة ربه ومعونته علي نفسه فيما لا يهمّ به من معصية ربه، ثم تكون عليه رحمة، ولا تكون عليه عذاباً ولا قوة الا بالله.



10 ـ واما حق الخصم المدعي عليك فان كان ما يدّعي عليك حقاً لم تنفسخ في حجته ولم تعمل في إبطال دعوته، وكنت خصم نفسك له، و الحاكم عليها، والشاهد له بحقه دون شهادة الشهود، فان ذلك حق الله عليك، وإن كان ما يدّعيه باطلاً رفقت به، وروعته، وناشدته بدينه، وكسرت حدّته عنك بذكر الله، وألقيت حشو الكلام ولغطه الذي لا يرد عنك عادية عدوك، بل تبوء باثمه وبه ويشحذ عليك سيف عداوته لان لفظة السوء تبعث الشر، والخير مقمعة للشر ولا قوة الا بالله.



11 ـ واما حق الخصم المدعي عليه فان كان ما تدّعيه حقاً أجملت في مقاولته بمخرج الدعوي، فان للدعوي غلظة في سمع المدعي عليه. وقصدت قصد حجتك بالرفق، وامهل المهلة، وأبين البيان، والطف اللطف، ولم تتشاغل عن حجتك بمنازعته بالقيل والقال فتذهب عنك حجتك، ولا يكون لك في ذلك درك، ولا قوة الا بالله.



12 ـ واما حق المستشير فان حضرك له وجه رأي جهدت له في النصيحة، وأشرت عليه بما تعلم انك لو كنت مكانه عملت به وذلك ليكن منك في رحمة ولين، فان اللين يؤنس الوحشة، وان الغلظ يوحش موضع الاُنس. وإن لم يحضرك له رأي وعرفت له من تثق برأيه وترضي به لنفسك دللته عليه، وارشدته اليه فكنت لم تأله خيراً، ولم تدخره نصحاً ولا قوة الا بالله.



13 ـ واما حق المشير عليك فلا تتهمه فيما يوافقك عليه من رأيه اذا اشار عليك فانما هي الاراء وتصرف الناس فيها واختلافهم. فكن عليه في رأيه بالخيار إذا اتهمت رأيه، فاما تهمته فلا تجوز لك اذا كان عندك ممن يستحق المشاورة، ولا تدع شكره علي ما بدا لك من اشخاص رأيه وحُسن وجه مشورته، فاذا وافقك حمدت الله، وقبلت ذلك من اخيك بالشكر، والارصاد بالمكافأة في مثلها إن فزع اليك ولا قوة الا بالله.



14 ـ واما حق أهل ملتك عامة فاضمار السلامة، ونشر جناح الرحمة، والرفق بمسيئهم، وتألفهم، واستصلاحهم، وشكر محسنهم الي نفسه واليك فان احسانه الي نفسه احسانه اليك اذا كفّ عنك أذاه، وكفاك مؤونته، فحبس عنك نفسه، فعمهم جميعاً بدعوتك، وانصرهم جميعاً بنصرتك، وانزلتهم جميعاً منك منازلهم، كبيرهم بمنزلة الوالد، وصغيرهم بمنزلة الولد، واوسطهم بمنزلة الاخ فان اتاك تعاهدته بلطف ورحمة، وصل اخاك بما يجب للاخ علي اخيه.



15 ـ واما حق اهل الذمة فالحكم فيهم ان تقبل منهم ما قبِل الله، وتفي بما جعل الله لهم من ذمته وعهده. وتكلهم اليه فيما طلبوا من انفسهم، واجبروا عليه، وتحكم فيهم بما حكم الله به علي نفسك فيما جري بينك وبينهم من معاملة، وليكن بينك وبين ظلمهم من رعاية ذمة الله والوفاء بعهده، وعهد رسوله حائل فانه بلغنا انه قال: «من ظلم معاهداً كنت خصمه» فاتق الله ولا قوة الا بالله(86).

پاورقي

(86) ابن شعبة الحراني، القرن الرابع الهجري، تحف العقول.



وذكر رسالة الحقوق مع شيء من الاختصار الشيخ الصدوق (ت 381) الخصال ابواب الخمسين، الحديث 1.