بازگشت

قيمة التعامل


يعتبر التعامل الكاشف الواقعي عن جوهر المسلمين ومدي تمسكهم بالاسلام. وهو الركيزة الاكثر تأثيراً في تعميق الاسلام بنفوس مختلف الجماهير، ونشره عقيدة وتشريعاً ومنهجاً تبشيرياً عالمياً.



ان التعامل يترك بصماته الواضحة علي النفوس ان خيراً فخير وإن شراً فشر.



بالكلمة الطيبة وبالتعامل بالحسني دانت بالاسلام مناطق واسعة من ارجاء المعمورة وعلي سبيل المثال اندونيسيا ودول البلقان.



انهم حينما رأوا الخلُق العاطر للتجار المسلمين، والمسامحة في التعامل، و المساهلة في البيع والشراء، والاخلاص في العمل، والابتعاد عن الغش والتطفيف في المكيال والميزان.. رغبوا في دين الاسلام واعتنقوه.



اما سوء التعامل وقبحه من قبل كثير من المسلمين فقد أثر التأثير السلبي علي الاسلام فنتيجة لسياسة عدة عصور من التاريخ الاسلامي تلك السياسة الشنعاء الشوهاء التي انطوت علي ألوان من التعامل المقيت بما لا يرتضيه القرآن الكريم والسنة المطهرة.. قد انسحب بعض الذين اسلموا الي عقائدهم الاولي غير الاسلامية.



كما ان حركة الاسلام في الكسب الي حظيرته عاشت نوعاً من الفتور او الجمود في ازمان مختلفة للسبب ذاته. كما ان بعض المسلمين قد انسحبوا من حظيرة الاسلام للسبب ذاته ايضاً ولقد سأل الحجاج شاباً ان يقرأ القرآن فقرأ: اذا جاء نصر الله والفتح ورأيت الناس يخرجون من دين الله افواجاً، فقال: ويحك يدخلون. وليس يخرجون فأجاب بأن ذلك الدخول في الاسلام كان في الزمن السابق اما في زمان الحجاج فيخرجون.



ان كل قيمة للتعامل بالحسني ـ مع صدق الطويَّة ـ اضافة الي آثارها الايجابية سياسياً واجتماعياً في الحياة الدنيا فانها تعكس آثارها النافعة علي المتعاملين في الدار الاخرة، بشكل عجيب. وحسبنا ان بعض المتعاملين بالحسني يدخلون الجنة بغير حساب.



يقول الامام زين العابدين(عليه السلام) وهو ينشر سياسة التعامل بالحسني ويحث عليها وهذه احدي اساليبه فيها: إذا كان يوم القيامة نادي مناد ليقم اهل الفضل، فيقوم ناس من الناس فيقال: انطلقوا الي الجنة فتتلقاهم الملائكة فيقولون: الي اين؟ فيقولون: الي الجنة. قالوا: قبل الحساب؟ قالوا: نعم قالوا: ومن انتم؟ قالوا: اهل الفضل. قالوا: وما كان فضلكم؟ قالوا: كنا اذا جُهل علينا حلمنا، واذا ظلمنا صبرنا، واذا اسيء الينا غفرنا، قالوا: ادخلوا الجنة فنعم أجر العاملين.



ثم ينادي مناد: ليقم جيران الله في داره. فيقوم ناس من الناس وهم قليل، فيقال لهم: انطلقوا الي الجنة، فتلقاهم الملائكة فيقال لهم مثل ذلك. قالوا: وبِمَ جاورتم الله في داره؟ قالوا: كنا نتزاور في الله ونتجالس في الله، ونتباذل في الله، قالوا: ادخلوا الجنة فنعم اجر العاملين(78).

پاورقي

(78) احمد بن ابي يعقوب، تاريخ اليعقوبي 2 / 303 ـ 304 والاربلي، كشف الغمة 2 / 103.