بازگشت

1 ـ تحديد الخط القيادي


ايتها الامة ان كان اختلافك رحمة في تعيين القائد، فان غلبة الاشرار ليست من الرحمة في شيء. نعم ربما كان الاختلاف في تعيين القائد رحمة ولكن لا ينبغي التأكيد علي هذا المعني. فاذا كان رحمة في بعض الاحايين، ودليلاً علي الوعي واليقظة، فانه طالما كان مصدراً للشرور ونجوم النفاق والضعف والهوان، وتصاعد الخلافات الفرعية.



واذا كان اختلاف الرأي لا يفسد في الود قضية ـ كما يقال ـ فمن غير الصحيح التركيز علي هذا التوجه فانه لا يصحّ إلاّ في حالات قليلة، وغالباً ما يكون اختلاف الرأي مدعاة للفساد والتدهور، وتفخيم الاحقاد الكوامن، لا سيما في اكثر بلدان الشرق فان الحرية في الرأي والسلوك هي الغالبة عليها.



لقد قال تعالي وقوله الحق ـ والحق احق ان يُتّبع ـ : (ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم واصبروا ان الله مع الصابرين). فالاية المباركة تقرر ان التنازع آية الفشل، وذهاب القوة. وقال تعالي: (ولا تكونوا كالذين تفرقوا واختلفوا من بعد ما جاءهم البينات).



لقد استشهد الامام علي زين العابدين(عليه السلام) بالاية الثانية ناعياً علي الامة تشتت الكلمة وانعدام الوحدة(22).



ان الخلافات في القضايا السياسية والحيوية ظاهرة طبيعية ولكن ليس كل ظاهرة طبيعية يُستشف منها القوة او الجمال:



الاستغلال والجشع في المستعمرين ظاهرة طبيعية.



الاستلاب الحضاري ظاهرة طبيعية.



تبرير مواقف الظالمين والمستبدين ظاهرة طبيعية.



الكذب، الغدر، التملق الذليل، كلها من الظواهر الطبيعية.



ولو لا خشية الابتعاد عن صلب الموضوع لكان التفصيل مرغوباً فيه، فهل تري في شيء من هذه الظواهر الطبيعية عنصراً من عناصر القوة او النفع او الجمال للمبادئ او الانسانية؟



انت وما ارتأيت.

پاورقي

(22) وذهب آخرون الي التقصير في أمرنا، واحتجوا بمتشابه القرآن، فتأوّلوه بآرائهم واتهموا مأثور الخبر بما = استحسنوا. يقتحمون أغمار الشبهات، ودياجير الظلمات، بغير قبس نور من الكتاب ولا أثرة علم من مظانّ العلم. زاعمين أنهم علي الرشد من امرهم فإلي من يفزع خلَف هذه الامة وقد درست اَعلام الملة ودانت الامة بالفرقة والاختلاف يكفّر بعضها بعضاً والله تعالي يقول: (ولا تكونوا كالذين تفرقوا واختلفوا من بعد ما جاءهم البيّنات).



فمَن الموثوق به في اِبلاغ الحجة وتأويل الحكمة، الاّ قرناء الكتاب وائمة الهدي، ومصابيح الدجي الذين احتج الله بهم علي عباده، ولم يدع الخلق سديً من غير حجة.