منهجيته و مادته
هذا الكتاب هو إحدي حلقات سلسلة شروح الصحيفة الشريفة. و قد حبّرته يراعة أحد أفذاذ الأمّة و علمائها في مبتدء القرن الثالث عشر من الهجرة النبويّة - علي مهاجرها و آله الآف التحيّة و الثناء -. و قد فصّلنا في ما مضي من هذه التقدمة بعض الكلام حول المؤلّف و أسرته العلميّة و آثاره، و الظروف التاريخيّة الّتي فيها قيّض اللّه له أن يدوّن شرحه هذا.
و له في شرحه منهجيّةٌ خاصّةٌ تميّزته عمّا عداه من الشروح.
و هذه المنهجيّة أيضاً أثّرت في تكوّن مادّة الكتاب، بل لاأغالي لو قلت انّ المادّة فيه تابعةٌ لها تبعيّةً تامّةً. و عليَّ الآن أن أبرّز نزعة المصنّف في شرحه و أبيّنها و لوبضوءٍ خافتٍ. فأقول:
ً1 - انّ الطريقة التقليديّة العامّة الّتي عليها سار شارحوا المتون و تتبّعوها، تكوّنت من طريقين رئيسيّين:
الف: طريق الإيجاز و الإختصار.
و هذا ما يسمّي في تأريخ الحضارة الإسلاميّة و بين علمائها و كتّابها بالتعليق؛ و هو شرحٌ صغيرٌ يشتمل علي إيضاح بعض ما في المتن من المشاكل، لغويّاً كان أو مفهوماً.
ب: طريق البسط و التفصيل.
و هو المسمّي بالشرح. و الشروح الّتي ظهرت حول متنٍ واحدٍ و إن اختلفت في سعة التفصيل أيضاً، و لكن تشترك في الإلمام بجميع ما في المتن من ناحيةٍ لغويّةٍ أو أدبيّةٍ أو علميّةٍ خاصّةٍ. غاية الأمر انّ خصائص الشارح حين التأليف كانت ميزةً تميّز شرحه عن الآخر.
و هذه الميزات يمكن أن تحصر في ثلاث نقاطٍ أساسيّة:
1 - علميّة المؤلّف و مرتبته فيه؛
2 - دقّته و منهجيّته في تدوين شرحه؛
3 - سعة تتبّعه في الشروح المتقدّمة و مدي مراجعته إليها.
و هذا الكلام يتمشّي تمشّياً تامّاً في سلسلة شروح الصحيفة الشريفة أيضاً، فبعض الشرّاح يسلك طريق الإيجاز، و بعضهم يسلك طريق التفصيل. و صاحب «اللوامع» من بينهم يسلك طريقاً خاصّاً لامثيل له بين الطرق؛ و هذا هو منهجيّته الخاصّة في هذا الشرح.
و لتوضيح موقفه - و هو موقفٌ صَلبٌ لايتخطّأ عنه من مبتدء كتابه إلي مختتمه - نأتي بقائمةٍ لأسامي بعض ما كتب حول الصحيفة الشريفة، ثمّ نذكر ميزات ما طبع منها، ثمّ نعود إلي تبيين منهجيّة شرحنا هذا. و حاولت أن أدوّن فهرسةً لبعض شروح الصحيفة مرتّبةً ترتيباً أبتثيّاً، و قد دوّنتها أوّلاً علي حسب تسلسل القرون و لكن غيّرتها ثانياً، فكانت كما يلي. و لابأس بي لوذكرت بعض النكت ممّا تركّز في ذهني حول الشرح أو الشارح، فانّه لايخلو عن فائدةٍ و لو قليلةٍ.