بازگشت

سطور مضيئة من حياته


قال الامام زيد بن علي عليه السلام: (كان أبي علي بن الحسين عليه السلام لا يفرط في صلاة خمسين ركعة في يومه و ليلته، و لقد كان ربما صلي في اليوم و الليلة ألف ركعة).

و قال الامام محمد بن علي عليه السلام: (دخلت علي أبي: فاذا هو قد بلغ من العبادة ما لم أر أحدا قد بلغه، و اذا به قد اصفر لونه، و رمصت عيناه من البكاء، و ديرت جبهته، و انخرم أنفه من السجود، و ورمت ساقاه و قدماه من الصلاة، فرأيته بحال لم أملك أن بكيت من رحمته فاذا به يفكر، ثم قال: (يا بني، أعطني الصحف التي فيها عبادة أميرالمؤمنين عليه السلام) فأعطيته فما قرأ فيها الا يسيرا حتي رمي بها تضجرا، و قال: (من يقوي علي عبادة علي عليه السلام).

و كان الامام علي بن الحسين عليه السلام اذا توضأ اصفر لونه، و اذا قام الي الصلاة أخذته الرعدة، فقيل له في ذلك، فقال: (ما تدرون بين يدي من أقوم؟!)، و كان اذا هاجت الريح سقط مغشيا عليه، و وقع حريق في بيت هو فيه و هو ساجد، فجعلوا يقولون: (يابن رسول الله، النار النار، فلما رفع رأسه قال: (ألهتني النار الكبري)، و كان يسمي ذا الثفنات، حتي كأن مساجده كثفنات البعير.

و روي عنه عليه السلام أنه كان يذكر الله اذا مشي في طريق فان سها عن ذكره في بعض خطاه رجع حتي يذكر الله فيما كان سها منه.

و روي ولده الباقر عليه السلام: أنه كان اذا فاته شي ء من صلاة الليل صلاه بالنهار، و يقول: (يا بني، انه ليس عليكم بواجب، ولكن أحب لمن عود نفسه منكم شيئا من الخير أن يداوم عليه، فان الله لا يعذب علي الحسن، ولكن يعذب علي السي ء).

و كان يستقي الماء لطهوره بنفسه، و لا يحب أن يعينه عليه أحد، و كان اذا مشي لا تجاوز يده فخذه، و لا يخطر بيده، و كان يقول: (عجبت للمتكبر الفجور الذي كان بالأمس نطفة و هو غدا جيفة، و عجبت كل العجب لمن يشك في الله و هو يري خلقه، و عجبت كل العجب لمن ينكر النشأة الأخري و هو يري النشأة الأولي، و عجبت كل العجب لمن عمل لدار الفناء و ترك دار البقاء).و روي أنه تكلم عليه رجل و افتري عليه، فقال له زين العابدين عليه السلام: (ان كنت كما قلت فأنا استغفر الله، و ان ألم أكن كما قلت فغفر الله لك)، فقام اليه الرجل فقبل رأسه، و قال: جعلت فداك، لست كما قلت: فاغفر لي فقال: (غفر الله لك)، فقال الرجل: (الله أعلم حيث يجعل رسالاته).

(و خرج يوما من المسجد فلقيه رجل فسبه، فأسرعت اليه العبيد و الموالي، فقال لهم علي بن الحسين عليه السلام: مهلا عن الرجل)، ثم أقبل عليه و قال: (ما ستر عليك من أمرنا أكثر مما بدا لك، ألك حاجة نعينك عليها، فاستحي الرجل فألقي اليه خميصة، و أمر له بألف درهم، فكان الرجل يقول: (أشهد أنك من أولاد الرسل).

و كان عليه السلام كثير الصدقات ينفق سرا، و جهرا، و قد حصر من كان ينفق عليه بالمدينة سرا، فكانوا أهل مائة بيت، و كانوا لا يدرون أنه المنفق عليهم، حتي مات عليه السلام، و لما غسل وجد علي كتفيه كثفنة البعير، فقيل لأهله: ما هذه الآثار؟ فقالوا: (من حمله للطعام في الليل يدور به علي منازل الفقراء)، و دخل عليه السلام علي محمد بن أسامة في مرضه فجعل محمد يبكي، فقال له: (ما يبكيك)؟ قال: (علي دين)، قال: (كم هو)؟ قال: (خمسة عشر ألف دينار)، فقال: (هي علي).

ان الامدادات الروحية و صفاء السريرة هي من وراء تلك الأعصاب الحديدية: العبادة المتواصلة، الذكر الدائم، الابتهال المتكرر، الأخلاق العالية، نقل الطعام للأرامل و الأيتام، كل ذلك من سمات أهل بيت النبوة و معدن الرسالة، عليهم سلام الله، و قد توفي عليه السلام سنة 95 ه، و دفن في البقيع بالمدينة المنورة.