بازگشت

خاتمة


مما سبق نلاحظ أثر الدين في بناء الانسان، أما القاعدة القائلة بأن العلم أساس الحياة، و أن العلم هو وحده الذي يزيل شقاء المجتمع و يزيد في سعادته، و هو الذي ينبغي أن تبني عليه كل نظم الحياة السياسية و الاقتصادية و الاجتماعية و التربوية، فهي قاعدة غير صحيحة، فانتشار العلم في أوروبا لم يمنع الحروب و ويلاتها و أهوالها، فالانسان ليس جسما ماديا فحسب، بل جسم و روح، و من قصر النظر أن تنظم الحياة المادية دون أن يكون للروح دخل في هذا التنظيم، و الذي يعالج الروح انما هو التربية الدينية، و في رأينا أن سعادة الانسان و البشرية لا تسود الا بهما معا.

و لابراز هذه المعاني و توضيحها فقد جاء في رسالة الامام الخميني (رض) «لغور باتشوف [1] : لا يمكن للمادية أن تنفذ البشرية من أزمة عدم الاعتقاد بالمعنويات؟ هذه الأزمة التي تعد أهم أساس لمعاناة للمجتمعات البشرية في الشرق و الغرب.

ان فلاسفة المسلمين قد أجمعوا علي أن التربية الدينية هي الأساس في بناء الانسان، و أن الوصول الي التدين الصحيح و الي الخلق الكامل للانسان، يعود اما الي الموهبة و اما الي الاكتساب، فاذا كان المرء من الفريق الأول يقال له (موهوب)، و اذا كان من الفريق الثاني يقال له (مجتهد). و في علم النفس يقال عن الأول (عبقري) و عن الثاني (ألمعي).

و يندر بين الناس من يتوفر فيه هذان البعدان اعني بهما: الموهبة و الاكتساب، غير أن الامام علي بن الحسين عليه السلام - هو واحد ممن توفر فيهم البعدان المذكوران.

و يطيب لي أن أنهي كلمتي بالدعاء المأثور عن الامام العظيم زين العابدين علي بن الحسين عليهماالسلام بما أثر عنه في صحيفته السجادية مخاطبا ربه سبحانه و تعالي بقوله:

«اللهم صل علي محمد آله و سددني لأن أعاوض من غشني بالنصح و أجزي من هجرني بالبر و أثيب من حرمني بالبذل و أكافي من قطعني بالصلة و أخالف من اغتابني الي حسن الذكر و أن أشكر الحسنة و أغضني عن السيئة. اللهم صل علي محمد و آله و حلني بحيلة الصالحين و ألبسني زينة المتقين في بسط العدل و كظم الغيظ و اطفاء النائرة و ضم أهل الفرقة [2] . - و اصلاح ذات البين و افشاء العارفة و ستر العائبة و لين العريكة، و خفض الجناح و حسن السيرة و سكون الريح و طيب المخالقة و السبق الي الفضيلة و ايثار التفضل و ترك التعيير، و الافضال علي غير المستحق، و القول بالحق و ان عز، و استقلال الخير و ان كثر من قول و فعل و اكمل ذلك لي بدوام الجماعة و رفض أهل البدع و مستعملي الرأي المخترع...».

من دعاء رقم / 20 / مكارم الأخلاق


پاورقي

[1] «آخر رؤساء الاتحاد السوفيتي السابق».

[2] هذه من آيات الوحدة الاسلامية علي لسان الامام السجاد عليه السلام.