بازگشت

شواهد علي رسوخ المدرسة في عهده


الشعر ديوان العرب كما قالوا. و لعل أثبت المدونات عن تلك المرحلة ما ورد عن حياة الشعراء. و يجمعون علي أن أشهرهم علي الاطلاق في مرحلة منتصف القرن الأول الهجري هم: الفرزدق، و الأخطل، و جرير، و الكميت بن زيد.

و قد ثبت بالقطع أن الامام امتلك عواطف و قناعات أبرز الناطقين باسم تلك المرحلة، هذا اذا أخذنا بعين الاعتبار أنهم جميعا رضخوا لضغوط السلطة و عطاياهم، و مع ذلك فقد استمر الفرزدق علي نهجه حتي مات، أما الكميت فقد أثر عنه قصيدته الشهيرة: طربت و ما شوقا الي البيض أطرب... و التي كرسها للاشادة بأهل بيت رسول الله (ص).

في تلك المرحلة (زمن السجاد)لم يعرف عن أتباع الامام أنهم مصطلح (شيعة)، فالكميت في قصيدته يذكر مصطلحا آخر هو (ترابي) نسبة الي لقب الامام علي الذي اشتهر به (أبوتراب) و هو لقب ورد في حديث لرسول الله (ص) يداعب به الامام علي عليه السلام عندما رآه نائما علي التراب. يقول الكميت في شطر من أحد أبياته حول اضطهاد أنصار السلطة الأموية له عندما كانوا يلاحقونه: و قالوا ترابي هواه... فالترابيون أو الشيعة أو أنصار مدرسة أهل البيت شكلوا كما هو واضح من خلال استقراء حياة النخبة المثقفة، غالبية اسلامية طاغية، و ليس أدل علي ذلك من أن الجماهير كانت تربة خصبة لأي تنظيم سري للاطاحة بالأمويين، و هو ما حدث فعلا بعد زمن ليس بالطويل.

لقد تمكن العمل السلمي للامام السجاد اذا من تأسيس المدرسة، و الباحثون بعد ذلك الزمن المديد، لا يجدون أمامهم من وثائقها الا الصحيفة السجادية و رسالة الحقوق، فلا يمكنهم الا التأكيد علي صحة النسبة و مدي التأثير الطاغي للصحيفة في تأسيس كل ذلك، و هو استقراء منطقي لا بديل عن أخذه بعين الاعتبار، اضافة الي شخصية الامام ذاته و سماتها البارزة، و لأن الامام لم يغادر المدينة المنورة الا لماما، بل أنه عمليا في الاقامة الاجبارية و لا مجال لا تصاله الشخصي الا عبر موسم الحج، أدركنا مدي الدور الذي قام به الأثر البارز له (الصحيفة السجادية) في عملية التأسيس.