بازگشت

لماذا الصحيفة السجادية؟


أدرك الامام السجاد عليه السلام طبيعة المرحلة بعد مأساة كربلاء، و كان عند عودته الي المدينة المنورة محاطا بضمانات السلطة بعدم التعرض له، و لم تكن الضمانات الا لمحاولة الأمويين تهدئه الخواطر و ليس حرصا عليه و علي أسرته، لهذا بادر فورا الي تأسيس مدرسة أهل البيت تحت أنظار السلطة دون تدخل فيها خوفا من القمع المباشر، و كان ذلك عمل بالغ الحكمة من قبله مستشرفا آفاق المستقبل، بأن الأئمة الاثني عشر لن يقومووا بأية خطوة نحو تسلم السلطة في الدولة الاسلامية مهما كانت المغريات أو الظروف المستجدة.

أساليب التأسيس من خلال العمل السلمي جاءت عبر انشاء ما سمي فيما بعد بالمنبر الحسيني، هذا المنبر صعد من خلال سلوك الامام السجاد عليه السلام الذي استن البكاء علي الحسين عليه السلام طوال عمره و أمام أنظار الناس مباشرة، بل انه أحيا ذكري المجزرة طوال فترة امامته التي امتدت خمسة و ثلاثين عاما. هذه الفترة الطويلة من تسنم سدة الامامة في موقع الاقامة في المدينة المنورة قلب العالم الاسلامي و في ظل حصوله علي مبالغ مالية ضخمة من أتباعه، أو هبات من الدولة في سعيها لكسب حياده (علي الأقل) جعلت من الامام و أتباعه مؤسسة حقيقية، كان لها أن تنتشر بطريقة معجزة نحو المشرق الاسلامي.

أصبح للامام مؤسسة خيرية تأوي فقراء الحجاز، و مدرسة علمية في الآن ذاته، و لو أن جهوده العلمية لم يحتفظ منها الا أقل القليل، و لكن الشي ء الملفت للانتباه في حياة الامام و هو ما أبرزه المستشرقون تحديدا من تاريخه أنه امتلك الكثير من العبيد ثم حررهم. و الحقيقة أن هذه الخطوة تحديدا من خلال الامتلاك و الاعتاق أو البيع لا فرق، ساهم الامام من خلالها في توسيع أتباع مدرسته عبر هذه الشريحة من المجتمع الاسلامي التي كان لها أن تساهم في الحضارة الاسلامية و تؤثر فيها الي أبعد الحدود. رغم أن المؤرخين لا يشيرون الي انجازاتها الا لما ما - فقد أصبح أتباع الامام بين الفقراء و العبيد، فكانوا الرسل لمدرسة أهل البيت الي كافة أرجاء العالم الاسلامي.

و تبقي خطوة الامام الأبرز و هي موضوع هذا البحث ما أثر عنه من أدعية الي الله سبحانه في مختلف أمور الحياة، و لأن الدعاء مخ العبادة كما أثر عن رسول الله (ص) أو هو العبادة كما ورد في أثر آخر، فقد برزت الصحيفة المنسوبة اليه (الصحيفة السجادية) كأهم ما أثر عنه سلام الله عليه.