بازگشت

مع الامام علي بن الحسين


كان وحيه المؤجل الدعاء و العبادة. لأن الدعاء هو نمط، من انماط، الحكم يقوم علي الحياد الايجابي، توصل اليه ثورة اللاعنف... عن النبي (ص) قال: «يولد لأبني الحسين ابن يقال له علي، اذا كان يوم القيامة نادي مناد من بطنان العرش ليقم سيد العابدين، فيقوم هو» [1] .

عندما آل أمر الخلافة اليه بادر ينفذ الوصية، ترك السيف و لاذ بالعبادة و الدعاء، و ضمن دعاءه دستور جمهورية انسانية يحكمها التسامح و العدل، و يسودها الخير الذي يلغي الشر بالمحبة و الكلمة و الدعاء... فكانت الصحيفة السجادية: أدعية و دموعا، ما ترك زين العابدين السيف خوفا مما عاشه في كربلاء، كما ادعي كثيرون، حفيد علي، تغلي في عروقه دماء علي، لا ترهبه سيوف، و لا تخفيه رماح أو حشود، فابنه زيد الشهيد (122 - 79 ه) ثار و قتل مع أنه وعي قصة كربلاء، ما خاف القتل، بل كان يلتذ به في كل خطوة من ثورة..

كانت الصحيفة السجادية ترسم دستور أمة، تقرر التوحيد و النبوة و الامامة، العبادات و المعاملات و الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر بأسلوب الدعاء، تذكر الناس بحقوق الصلاة و الصوم و الحج و الوالدين و الجيران و الملائكة و طبقات المجتمع و حماة الثغور.. في زمن بدأ الناس يتهاونون في شؤون العبادات، تلهيهم الدنيا، يقلدون حكامهم، تهاونوا بالصلاة و كأن الأجيال تعبت منها... فردهم علي بن الحسين اليها بسلوكه العبادي و كثرة صلاته، صلي ألف ركعة في اليوم و الليلة، فأوضح طريق الزهاد بقوة، فكانوا اذا ذكروه بكوا و قالوا، هو زين العابدين [2] .

الدعاء عنده رسالة، منطلق ثورة اللاعنف، التي تصلح أمور المسلمين، الدعاء هو تشريع لسياسة الحياد الايجابي، الذي لا يرفع السيف بوجه أحد، انما يلغي السيف، بالكلمة و الدعاء و المحبة، و التوجيه، و أمنيهات الهداية و السعادة لكل فرد من أي مجتمع... الدعاء هو الوعي بالانسان عن طريق الوعي بالخالق، و بناء أمة تلتزم الواجبات و الحقوق، هذا الوحي بالانسان و التزام الموجبات حققتها بعض الدول الأوربية مثل سويسرا و السويد.. حيث ألغيت الجيوش، و أخذت مكانها الشرطة، (رجال الأمن). و غدت نموذج المجتمعات الراقية و المتطورة... هذا هو المجتمع الذي أراد بناءه الامام زين العابدين من منهجية الدعاء؛ لكنه أراده مجتمعا مؤمنا...


پاورقي

[1] ابن عساكر: 234 / 17.

[2] نفسه: 234 / 17.