بازگشت

مع المنصور


و تكشف رواية أبي الفرج (ت 356 ه) عن موقف الامام الصادق عليه السلام مع المنصور العباسي و هي احدي هذه المواقف قال في بيان ما جري للصادق عليه السلام مع المنصور بعد قتل ابراهيم: بسنده عن يونس بن أبي يعقوب، قال: حدثنا جعفر بن محمد عليه السلام من فيه الي أذني، قال: لما قتل ابراهيم حشرنا من المدينة و لم يترك فيها منا محتلم، حتي قدمنا الكوفة فمكثنا فيها شهرا نتوقع فيه القتل، ثم خرج الينا الربيع الحاجب فقال: أين هؤلاء العلويين؟ أدخلوا علي أميرالمؤمنين



[ صفحه 216]



رجلين منكم من ذوي الحجي، فدخلت اليه أنا و حسن بن زيد. فقال لي: أنت الذي تعلم الغيب؟ قلت: لا يعلم الغيب الا الله، قال: أنت الذي يجبي اليك الخراج؟ قلت: اليك يجبي يا أميرالمؤمنين الخراج. قال: أتدرون لم دعوتكم؟ قلت: لا. قال أردت أن أهدم رباعكم و أروع قلوبكم و أعقر نخلكم و أترككم بالسراة (مكان بنواحي البلقاء) لا يقربكم أحد من أهل الحجاز و أهل العراق فانهم لكم مفسدة.

فقلت: يا أميرالمؤمنين ان سليمان أعطي فشكر، و ان أيوب ابتلي فصبر، و ان يوسف ظلم فغفر، و أنت من ذلك النسل، فتبسم و قال: أعد علي. فأعدت فقال: مثلك فليكن زعيم القوم و قد عفوت عنكم و وهبت لكم جرم أهل البصرة، حدثني الحديث الذي حدثتني عن أبيك، عن آبائه، عن رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم قلت: حدثني أبي، عن أبائه، عن رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم، قال: «صلة الرحم تعمر الديار و تطيل الاعمار و ان كانوا كفارا».

قال: ليس هذا.

قلت: حدثني أبي، عن آبائه، عن علي عليه السلام، عن رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم، قال: «الارحام معلقة بالعرش تنادي: صل من و صلني و اقطع من قطعني».

قال: ليس هذا.

قلت: حدثني أبي عن آبائه عن علي عن رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم قال: «ان الله عزوجل يقول: أنا الرحمن، خلقت الرحم و شققت لها اسما من اسمي فمن وصلها وصلني و من قطعها قطعته».

قال: ليس هذا الحديث.

قلت: حدثني أبي، عن آبائه، عن علي عن رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم: «ان ملكا من الملوك في الارض كان بقي من عمره ثلاث سنين فوصل رحمه فجعلها الله ثلاثين سنة».

فقال: هذا الحديث. أي البلاد أحب اليك؟ فوالله لاصلن رحمي اليكم.

قلنا: المدينة، فسرحنا الي المدينة و كفي الله مؤونته [1] .



[ صفحه 217]



و هكذا نجد الامام الصادق عليه السلام قد ضيع كل فرصة قد مهد لها المنصور العباسي للقضاء علي العلويين، و جعل خططه الارهابية للفصل بين القيادة و القاعدة تذهب هباء، فحين أبعد الامام الصادق عليه السلام و العلويين من بلدهم المدينة مدينة جدهم رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم تركهم شهرا لا يعرف لهم مصير، و هم يتوقعون القتل، مهيئين أنفسهم لاشد ما يمكن أن يقع، ثم يتهم الامام بعلم الغيب و جباية الخراج ليأخذ علي الامام مأخذا سياسيا و يهددهم بكل وقاحة بهدم رباعهم و عقر نخيلهم كي لا يكون لهم مصدر رزق و يروع قلوبهم كي لا يكون لهم أمل في الحكم، و يتركهم بالسراة كي لا يكون لهم ملجأ حتي ينقطعوا عن القاعدة. و الامام الصادق عليه السلام بدد كل خططه بالتنبيه علي أن هذه الصفات ليست لمن يدعي امرة المؤمنين، بل صفات القائد: الشكر، و الصبر، و العفو، فان كان كما يدعي، فعليه أن يسير بسيرة القواد قبله كسليمان و أيوب، و تمكن الامام عليه السلام أن يجعل من هذا الطاغية يحافظ علي سمعة نفسه كقائد و أن لا يتصرف بروح الانتقام و بالنتيجة يسرح الامام و من معه الي المدينة.


پاورقي

[1] مقاتل الطالبيين: 300.