بازگشت

الامام زين العابدين (ت / 95 ه)


قال المفيد (ت 413 ه): «و الامام بعد الحسين بن علي عليه السلام ابنه أبومحمد علي بن الحسين زين العابدين عليه السلام و كان يكني أيضا أباالحسين، و أمه شاه زنان بنت يزدجرد بن شهريار بن كسري. و يقال ان اسمها كان شهر باويه و كان أميرالمؤمنين عليه السلام ولي حريث بن جابر الحنفي جانبا من المشرق فبعث اليه بنتي يزدجرد بن شهريار بن كسري فنحل ابنه الحسين عليه السلام شاه زنان منهما فأولدها زين العابدين عليه السلام و نحل الاخري محمد بن أبي بكر فولدت له القاسم بن محمد بن أبي بكر فهما ابنا خالة.

و كان مولد علي بن الحسين عليه السلام بالمدينة سنة ثمان و ثلاثين من الهجرة فبقي مع جده أميرالمؤمنين عليه السلام سنتين و مع عمه الحسن عليه السلام اثنتي عشرة سنة و مع أبيه الحسين عليه السلام ثلاثا و عشرين سنة و بعد أبيه أربعا و ثلاثين سنة. و توفي بالمدينة سنة خمس و تسعين من الهجرة و له يومئذ سبع و خمسون سنة.

و كانت امامته أربعا و ثلاثين سنة. و دفن بالبقيع مع عمه الحسن بن علي عليه السلام. و ثقبت له الامامة بوجوه» [1] .

و ترجمه الذهبي (ت 748 ه) في سير اعلام النبلاء مفصلة [2] ، نقتطف منها قوله: علي بن الحسين عليه السلام ابن الامام علي بن أبي طالب بن عبدالمطلب بن هاشم بن عبدمناف، السيد الامام، زين العابدين، الهاشمي العلوي، المدني، يكني أباالحسين و يقال: أبوالحسن، و يقال: أبومحمد، و يقال: أبوعبدالله، و أمه أم



[ صفحه 182]



ولد، اسمها سلافة بنت مالك الفرس يزدجرد، و قيل: غزالة. ولد في سنة ثمان و ثلاثين ظنا.

و حدث عن أبيه الحسين الشهيد، و كان معه يوم كائنة كربلاء و له ثلاث و عشرون سنة، و كان يومئذ موعوكا فلم يقاتل، و لا تعرضوا له، مع آله الي دمشق فأكرمه يزيد ورده مع آله الي المدينة ثم ذكر من روي عنه رواية ثم قال ابن سعد: هو علي الاصغر، و أما أخوه علي الاكبر، فقتل مع أبيه بكربلاء، و كان علي بن الحسين ثقة، مأمونا، كثير الحديث عاليا، رفيعا، ورعا.

روي ابن عيينة، عن الزهري، قال: ما رأيت قرشيا أفضل من علي بن الحسين.

- ابن سعد، عن علي بن محمد، عن علي بن مجاهد، عن هشام بن عروة، قال: كان علي بن الحسين يخرج علي راحلته الي مكة و يرجع لا يقرعها، و كان يجالس أسلم مولي عمر، فقيل له: تدع قريشا، و تجالس عبد بني عدي! فقال: انا يجلس الرجل حيث ينتفع.

و عن عبدالرحمن بن أردك (و يقال هو) أخو علي بن الحسين لامه قال: كان علي بن الحسين يدخل المسجد، فيشق الناس حتي يجلس في حلقة زيد بن أسلم، فقال له نافع بن جبير: غفر الله لك، أنت سيد الناس، تأتي تتخطي حتي تجلس مع هذا العبد، فقال علي بن الحسين: العلم يبغي و يؤتي و يطلب من حيث كان.

- ابن عيينة، عن الزهري، قال: ما كان أكثر مجالستي مع علي بن الحسين، و ما رأيت أحدا كان أفقه منه، ولكنه كان قليل الحديث.

- و روي شعيب، عن الزهري، قال: كان علي بن الحسين من أفضل أهل بيته، و أحسنهم طاعة، و أحبهم الي مروان، و الي عبدالملك.

- معمر، عن الزهري قال: لم أدرك من أهل البيت أفضل من علي بن الحسين.

- و روي عبدالرحمن بن زيد بن أسلم، عن أبيه، قال: ما رأيت فيهم مثل علي بن الحسين.



[ صفحه 183]



- ابن وهب، عن مالك، قال: لم يكن في أهل البيت مثله، و هو ابن أمة.

- حماد بن زيد، عن يحيي بن سعيد: سمعت علي بن الحسين و كان أفضل هاشمي أدركته يقول: يا أيها الناس، أحبونا حب الاسلام، فما برح بنا حبكم حتي صار علينا عارا.

- عبدالله بن عمر العمري، عن الزهري، قال: حدثت علي بن الحسين بحديث، فلما فرغت قال: أحسنت! هكذا حدثناه؛ قلت: ما أراني الا حدثتك بحديث أنت أعلم به مني؛ قال: لا تقل ذاك، فليس لا يعرف من العلم؛ انما العلم ما عرف، و تواطأت عليه الالسن.

- و قيل: ان رجلا قال لابن المسيب: ما رأيت أورع من فلان؛ قال: هل رأيت علي بن الحسين؟ قال: لا؛ قال: ما رأيت أورع منه.

- و قال جويرية بن أسماء: ما أكل علي بن الحسين بقرابته من رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم درهما قط.

- ابن سعد، عن علي بن محمد، عن سعيد بن خالد، عن المقبري، قال: بعث المختار الي علي بن الحسين بمائة ألف، فكره أن قبلها، و خاف أن يردها، فاحتبسها عنده، فلما قتل المختار، بعث يخبر بها عبدالملك، و قال: ابعث من يقبضها. فأرسل اليه عبدالملك: يابن العم، خذها قد طيبتها لك، فقبلها.

- و روي مصعب بن عبدالله، عن مالك: أحرم علي بن الحسين، فلما أراد أن يلبي، قالها، فأغمي عليه، و سقط من ناقته، فهشم. و لقد بلغني أنه كان يصلي في كل يوم و ليلة ألف ركعة الي أن مات. و كان يسمي زين العابدين لعبادته.

- يونس بن بكير عن محمد بن اسحاق: كان ناس من أهل المدينة يعيشون، لا يدرون من أين كان معاشهم، فلما مات علي بن الحسين، فقدوا ذلك الذي كانوا يؤتون بالليل.

جرير بن عبدالحميد، عن عمرو بن ثابت: لما مات علي بن الحسين، وجدوا بظهره أثرا مما كان ينقل الجرب بالليل الي منازل الارامل.

- و قال شيبة بن نعامة: لما مات علي وجدوه يعول مائة أهل بيت. قلت: لهذا كان يبخل، فانه ينفق سرا و يظن أهله أنه يجمع الدراهم.



[ صفحه 184]



- و قال بعضهم: ما فقدنا صدقة السر حتي توفي علي [3] .

- و قال عثمان بن حكيم: رأيت علي علي بن الحسين كساء خز، و جبة خز.

- و روي حسين بن زيد بن علي، عن عمه، أن عليا بن الحسين كان يشتري كساء الخز بخمسين دينارا يشتو فيه، ثم يبيعه، و يتصدق بثمنه.

- و قال محمد بن هلال: رأيت علي بن الحسين يعتم، و يرمي منها خلف ظهره.

- و قيل: كان يلبس في الصيف ثوبين ممشقين من ثياب مصر و يتلو: (قل من حرم زينة الله التي أخرج لعباده و الطيبات من الرزق) [4] .

- و قيل: كان علي بن الحسين اذا سار في المدينة علي بغلته، لم يقل لاحد: الطريق: و يقول: هو مشترك ليس لي أن أنحي عنه أحدا.

و كان له جلالة عجيبة، و حق له و الله ذلك، فقد كان أهلا للامامة العظمي لشرفه و سؤدده و علمه و تألهه و كمال عقله. قد اشتهرت قصيدة الفرزدق - و هي سماعنا - أن هشام بن عبدالملك حج قبيل ولايته الخلافة، فكان اذا أراد استلام الحجر زوحم عليه، و اذا دنا علي بن الحسين من الحجر تفرقوا عنه اجلالا له، فوجم لها هشام و قال: من هذا؟ فما أعرفه، فأنشأ الفرزدق يقول:



هذا الذي تعرف البطحاء و طأته

و البيت يعرفه و الحل و الحرم... [5] .



قال الجلالي: و حيث لم يورد الذهبي القصيدة بكاملها، بل اكتفي بالقول بأنها طويلة أنقلها علي رواية المزي (ت 742 ه) في تهذيب الكمال [6] ، قال: و قال محمد بن زكريا الغلابي: حدثنا عبيدالله بن محمد ابن عائشة، قال حدثني أبي و غيره أن هشام بن عبدالملك حج في خلافة عبدالملك أو الوليد، فطاف بالبيت و أراد أن يستلم الحجر، فلم يقدر عليه من الزحام، فنصب له منبر، فجلس عليه و أطاف به أهل الشام، فبينا هو كذلك اذ أقبل علي بن الحسين عليه ازار ورداء أحسن الناس



[ صفحه 185]



وجها و أطيبهم رائحة بين عينيه سجادة كأنها ركبة عنز، فجعل يطوف بالبيت فاذا بلغ الي موضع الحجر تنحي له الناس عنه حتي يستلمه هيبة له و اجلالا، فغاظ ذلك هشاما، فقال رجل من أهل الشام لهشام: من هذا الذي قد هابه الناس هذه الهيبة فأفرجوا له عن الحجر؟ فقال هشام: لا أعرفه؛ لئلا يرغب فيه أهل الشام. فقال الفرزدق - و كان حاضرا -: لكني أعرفه، فقال الشامي: من هو يا أبافراس؟

فقال الفرزدق:



هذا الذي تعرف البطحاء و طأته

و البيت يعرفه و الحل و الحرم



هذا ابن خير عباد الله كلهم

هذا التقي النقي الطاهر العلم



اذا رأته قريش قال قائلها

الي مكارم هذا ينتهي الكرم



ينمي الي ذروة العز التي قصرت

عن نيلها عرب الاقوام و العجم



يكاد يمسكه عرفان راحته

ركن الحطيم اذا ما جاء يستلم



يغضي حياء و يغضي من مهابته

فما يكلم الا حين يبتسم



بكفه خيزران ريحها عبق

من كف أروع في عرنينه شمم



مشتقة من رسول الله نبعته

طابت عناصره و الخيم و الشيم



ينجاب نور الهدي عن نور غرته

كالشمس ينجاب عن اشراقها العتم



حمال أثقال أقوم اذا فدحوا

حلو الشمائل تحلو عنده نعم



هذا ابن فاطمة ان كنت جاهله

بجده أنبياء الله قد ختموا



الله فضله قدما و شرفه

جري بذاك له في لوحه القلم



فليس قولك: «من هذا؟» بضائره

العرب تعرف من أنكرت و العجم



من جده دان فضل الانبياء له

و فضل أمته دانت له الامم



عم البرية بالاحسان فانقشعت

عنه الغيابة و الاملاق و العدم



كلتا يديه سحاب عم نفعهما

يستوكفان و لا يعروهما العدم



سهل الخليقة لا تخشي بوادره

يزينه اثنان: حسن الخلق و الكرم



لا يخلف الوعد ميمون نقيبته

رحب الفناء أريب حين يعتزم



من معشر حبهم دين، و بغضهم

كفر، و قربهم منجي و معتصم



يستدفع السوء و البلوي بحبهم

و يسترب به الاحسان و النعم



مقدم بعد ذكر الله ذكرهم

في كل بر و مختوم به الكلم





[ صفحه 186]





ان عد أهل التقي كانوا أئمتهم

أو قيل: من خير أهل الارض؟ قيل: هم



لا يستطيع جواد بعد غايتهم

و لا يدانيهم قوم و ان كرموا



هم الغيوث اذا ما أزمة أزمت

و الاسد أسد الشري و البأس محتدم



يأبي لهم أن يحل الذم ساحتهم

خيم كريم و أيد بالندي هضم



لا ينقص العسر بسطا من أكفهم

سيان ذلك ان أثروا و ان عدموا



أي الخلائق ليست في رقابهم

لاولية هذا أو له نعم



من يشكر الله يشكر أولية ذا

فالدين من بيت هذا ناله الامم



قال: فغضب هشام و أمر بحبس الفرزدق، فحبس بعسفان بين مكة و المدينة، فبلغ ذلك علي بن الحسين، فبعث الي الفرزدق باثني عشر ألف درهم، و قال: أعذر أبافراس، فلو كان عندنا أكثر منها لوصلناك بها. فردها، و قال: يا بن رسول الله ما قلت الذي قلت الا غضبا لله و لرسوله، و ما كنت لارزأ عليه شيئا. فردها اليه، و قال: بحقي عليك لما قبلتها، فقد رأي الله مكانك و علم نيتك، فقبلها و جعل يهجو هشاما و هو في الحبس، فكان مما هجاه به:



أيحبسني بين المدينة و التي

اليها قلوب الناس يهدي منيبها



يقلب رأسا لم يكن رأس سيد

و عينا له حولاء باد عيوبها



قال فبعث، فأخرجه. يعقوب بن سفيان: ولد سنة ثلاث و ثلاثين.

و قال سفيان بن عيينة، عن الزهري: كان علي بن الحسين مع أبيه يوم قتل و هو ابن ثلاث و عشرين سنة.

و قال المزي عن وفاته عليه السلام: و قال محمد بن سعد، عن الواقدي: حدثني حسين بن علي بن حسين، قال: مات أبي علي بن حسين سنة أربع و تسعين، و صلينا عليه بالبقيع.

قال محمد بن سعد: أهل بيته و أهل بلده أعلم بذلك.

و قال يحيي بن بكير: مات سنة أربع أو خمس و تسعين.

و قال: أبوبكر بن أبي خيثمة، عن علي بن محمد المدائني: توفي علي بن حسين سنة مائة، قال: و يقال: سنة تسع و تسعين.



[ صفحه 187]



و قال سفيان بن عيينة: عن جعفر بن محمد: عن أبيه: مات علي بن الحسين و هو ابن عثمان و خمسين. و كذلك قال مصعب بن عبدالله، و يحيي بن بكير، و أبوبكر بن البرقي، و غير واحد [7] .

و قال الذهبي (ت 748 ه): و كانت أم علي من بنات ملوك الاكاسرة، تزوج بها بعد الحسين رضي الله عنه مولاه زبيد، فولدت له عبدالله بن زييد - بياءين - قاله ابن سعد.

و قيل: هي عمة أم الخليفة يزيد بن الوليد بن عبدالملك.

قال الواقدي و أبوعبيد و البخاري و القلاس: مات سنة أربع و تسعين. و روي ذلك عن جعفر الصادق عليه السلام.

و قال يحيي أخو محمد بن عبدالله بن حسن: مات في رابع عشر ربيع الاول، ليلة الثلاثاء سنة أربع.

و قال أبونعيم: توفي سنة اثنتين و تسعين.

و قال معن بن عيسي: سنة ثلاث. و قال يحيي بن بكير: سنة خمس و تسعين. و الاول الصحيح.

قال أبوجعفر الباقر عليه السلام: عاش أبي ثمانيا و خمسين سنة.

قلت: قبره بالبقيع، و لا بقية للحسين الا من قبل ابنه زين العابدين [8] .

قال الجلالي: و لابن عساكر (ت 751 ه) ترجمة مفصلة للامام عليه السلام ذكرتها في الاكتفاء بذيله، و للتفصيل راجع:

وفيات الاعيان 6:3، و البداية و النهاية 108:9، و طبقات ابن سعد 156:5، و حلية الاولياء 133:3.



[ صفحه 188]




پاورقي

[1] الارشاد: 253.

[2] سير أعلام النبلاء 386:4 و ما بعدها.

[3] تهذيب التهذيب 352:9.

[4] سورة الاعراف، الآية: 31.

[5] سير أعلام النبلاء 399:4.

[6] تهذيب الكمال: 20.

[7] تهذيب الكمال 404:20.

[8] سير أعلام النبلاء 400:4.