بازگشت

عمر بن المتوكل (القرن الثاني الهجري)


ان ضبط الراوي الخامس و السادس في سند الصحيفة و مصادر التراجم لا يخلو من اضطراب، و الملخص منها وجوه:

1- ان عمر (مكبرا) ابن المتوكل يروي عن أبيه المتوكل بن هارون، عن يحيي بن زيد كما في هذه النسخة.

2- ان عمير (مصغرا) ابن المتوكل، روي عن أبيه، عن يحيي بن زيد، و هذا هو الظاهر من ترجمة النجاشي (المتوكل بن عمير بن المتوكل).

و ظاهر العنوان أن هناك حفيد يسمي المتوكل، و أب يسمي عمير، وجد يسمي المتوكل [1] .

3- ان عمير (مصغرا) ابن المتوكل، يروي عن أبيه وسميه عمير بن المتوكل بن هارون بن المتوكل، و قال المجلسي (1070) ما لفظه:

«بأن يكون النسب عمير بن المتوكل بن عمير بن المتوكل بن هارون» [2] .



[ صفحه 134]



4- ان عمير بن المتوكل بن هارون البجلي (البلخي)، روي عن أبي هارون بن المتوكل، عن يحيي.

و التحقيق هنا: «ان في سند الروايات ابن و أب، أما الاب فهو عمر بن هارون البلخي المتوفي سنة 194 ه، ذكرته مصادر الشيعة و السنة.

أما مصادر الشيعة، فذكرت روايته عن الامام الصادق عليه السلام من دون كلام، و بعض مصادر السنة التي غمزت فيه علي ما ستعرف السبب في ذلك، و المهم انه لم يلقب بالمتوكل الا في سند الصحيفة و مصادر الشيعة خاصة، كما أنه لا ذكر لولده الا فيهما و يتضح ما ذكرناه بملاحظة كلمات القوم في المقام: قال النجاشي (ت 450 ه): «المتوكل بن عمر بن المتوكل، روي عن يحيي بن زيد دعاء الصحيفة، أخبرنا الحسين بن عبيدالله، عن ابن أخي طاهر، عن محمد بن مطهر، عن أبيه، عن عمير بن المتوكل عن أبيه متوكل عن يحيي بن زيد بالدعاء» [3] .

قال الطوسي (ت 460 ه): «المتوكل بن عمر بن المتوكل، روي عن يحيي بن زيد بن علي عليه السلام دعاء الصحيفة، أخبرنا بذلك جماعة عن التلعكبري، عن أبي محمد (الحسن، يعرف) بابن أخي طاهر، عن محمد بن مطهر، عن أبيه، عن عمر بن المتوكل، عن أبيه، عن يحيي بن زيد رضي الله عنه، و أخبرنا بذلك أحمد بن عبدون، عن أبي بكر الدوري، عن ابن طاهر بن محمد بن مطهر عنه [4] .

و نقل المجلسي الاول (ت 1070 ه) كلامي النجاشي و الطوسي، و زاد قوله: «و لا يخفي ما فيهما من المنافاة بين أول كلامهما و آخرهما، و يمكن أن يكون المتوكل، الراوي عن يحيي ابن عمير أيضا، و يكون انتسابه في سند الصحيفة الي هارون باعتبار جد الاب بأن يكون النسب هكذا: عمير بن المتوكل بن عمير بن المتوكل بن هارون» [5] .

و نقل المدني (ت 1120 ه) كلام النجاشي ثم قال: «ان أول كلامه ظاهر في أن الراوي عن يحيي بن زيد دعاء الصحيفة هو المتوكل بن عمير، و يظهر من سنده ان



[ صفحه 135]



المتوكل جده كما في المتن، و يمكن التوفيق بنوع عناية، و لم ينص أحد من الاصحاب علي توثيق المتوكل المذكور غير أن الحسن بن داود ذكر سبطه متوكل بن عمير في قسم الموثوقين من كتابه، و هو لا يجدي كما توهم بعضهم» [6] .

قال الجلالي: التعبير بالسبط لا يصح، و خاصة من مثل السيد المذكور فانه علي ما ذكروه يكون المتوكل بن عمير حفيده لا سبطه، و لم يذكر رحمه الله كيف يكون التوفيق بعناية».

و نقل التفريشي (ت 1265 ه) كلام النجاشي و الطوسي و علق عليه بقوله: «و الذي يظهر في أول دعواهما أن المتوكل بن عمير، روي عن يحيي بن زيد دعاء الصحيفة، و يظهر من سندهما أن المتوكل جده، روي عن يحيي بن زيد دعاء الصحيفة، و يمكن التوفيق بنوع عناية، والله العالم».

ثم علق علي كلامه نفسه بقوله: «بأن أول كلامهما علي أن المتوكل الذي جد المتوكل بن عمير - روي عن علي بن زيد دعاء الصحيفة» [7] .

و وقع في نفس المشكلة شيخنا المحقق السيد محمد صادق بحرالعلوم، حيث ظن المتوكل اسما علما و قال: «لا يخفي ان المتوكل الذي هو أبوعمير، وجد المتوكل بن عمير اسم ابنه هارون، و حفيده المتوكل بلخي لا بجلي» [8] .

و كما ستقف قريبا، ليس هناك سوي راو باسم عمر بن هارون، و له ولد يسمي بعمر أو عمير، و ليس هناك حفيد و لا جد.

و استظهر التستري رأيا جديدا لم يظهر مستنده حيث قال: «الظاهر أن الفهرس و رجال النجاشي رأيا (المتوكل أبوعمير بن المتوكل) فصحفاه (بالمتوكل بن عمير بن المتوكل) فيتفق مع من في سند الصحيفة» [9] .

و ستقف ان اسم «عمر» مكبر، و ان كنيته أبوحفص. ثم كيف يمكن القول بهذا التصحيف من دون دليل،؟ و قال سيدنا الاستاذ دام ظله: «يظهر من النجاشي و الشيخ



[ صفحه 136]



أن المتوكل هذا، و هو الذي يروي دعاء الصحيفة عن يحيي بن زيد، كان له ابن يسمي عمير باسم جده والد المتوكل، كما أن المتوكل بن عمير سمي باسم جده والد عمير هذا و المذكور في أول الصحيفة أن الراوي له هو المتوكل بن هارون، و يمكن الجمع بامكان أن والد المتوكل الذي هو جد المتوكل الراوي كان اسمه هارون، فوصف المتوكل الراوي بابن هارون، والله العالم.

و كيف كان، فهو لم تثبت و ثاقته، غير أن ابن داود ذكره في القسم الاول، و لعل ذلك من جهة أصالة العدالة، والله العالم. و طريق الشيخ اليه مجهول» [10] .

و عنوان السيد الامين (ت 1370 ه) عمير بن المتوكل، و ذكر له الشعر الآتي:



كنا كشارب سم حان مهلكه

أغاثه الله بالترياق من كثب



هاجت بمصرعه الدنيا فما سكنت

الا باسمهم المحاء للريب [11]



و لم يزد رحمه الله علي ذلك شيئا.

قال الجلالي: و الصحيح في الاسم و اللقب و النسب هو «عمير» مصغرا، عن أبيه «عمر» مكبرا، الملقب بالمتوكل الثقفي ولاء، و البلخي أصلا. و أن الاختلاف في الضبط نشأ من تصور القلب علما، و تصحيف البلخي نسبة الي مدينة بلخ بخراسان، و البجلي نسبة الي قبيلة بجيلة.

و بيان ذلك بملاحظة أمور:

الاول: ان لفظة المتوكل ليست علما، بل هي لقب مخفف لقولهم: المتوكل علي الله، بل لا نكاد نجد من سمي به الا مجازا نادرا.

و أشهر من عرف بهذا اللقب هو جعفر بن المعتصم محمد بن هارون الرشيد المعروف بالمتوكل العباسي (ت 240 ه)، و هو أيضا من ألقاب الامام الحسن العسكري عليه السلام (المستشهد 460) ولكن لم يعرف به.

و يكاد ينحصر استعمال لفظة «المتوكل» علما ان صح بندرة المورد، و هو بعيد جدا.



[ صفحه 137]



نعم، لا تنافي بين شهرة لقب علي اسم علم لاسباب اجتماعية أو سياسية، قد تخرج عن اختيار صاحب اللقب نفسه، كألقاب الفقيه و الامام و الشيخ، و قد يكون البلخي نفسه استثقل اسمه مكبرا في المجتمع الذي يوالي أهل البيت عليهم السلام فاكتفي باللقب، و الله العالم.

الثاني: ان أسانيد الصحيفة تتفق علي وجود ابن باسم «عمير» مصغرا، يروي عن والده، و تصغير الاسم اما لما تقدم أو للتمييز بين الاب و الابن، و ان كانت بعض النسخ تحتفظ باسمه مكبرا كما في نسختنا.

الثالث: ان مصادر التراجم و الرواة سنة و شيعة تشير الي روايته عن الامام الصادق عليه السلام (المستشهد 148 ه) باسم عمر بن هارون البلخي، و ما ذكروه من الوصف و الطبقة تنحصر بعمير بن هارون الثقفي البلخي (ت 194 ه). و عليه يصح رواية «عمير» مصغرا عن والده المسمي ب«عمر» مكبرا و الملقب بالمتوكل، بأن يقال كما في السند «عمير بن المتوكل عن أبيه المتوكل»، و دراسة الطبقة تنفي وجود شخص آخر من الاسرة في سلسلة الرواة، والله العالم.


پاورقي

[1] رجال النجاشي: 426.

[2] شرح من لا يحضره الفقيه 418:14.

[3] النجاشي: 426.

[4] الفهرست: 199.

[5] شرح من لا يحضره الفقيه 418:14.

[6] رياض السالكين: المقدمة.

[7] نقد الرجال:280، و راجع تكملة الرجال للكاظمي 300:2، و جامع الرواة 39:2.

[8] تكملة الرجال 300:2 (الهامش).

[9] قاموس الرجال 478: 7.

[10] معجم رجال الحديث 177:14 و 178.

[11] أعيان الشيعة 223:42.