بازگشت

توثيق الصحيفة


تلقي جمهور علماء أهل البيت عليهم السلام الصحيفة بالقبول و واظبوا علي العمل به في أوقات الطاعات و مظان الاجابة جيلا بعد جيل.

فقد أسند اليها كل من الشيخ النجاشي (ت 450 ه) و الشيخ الطوسي (ت 460 ه) و ابن شهر آشوب (ت 588 ه) في كتبهم، و صرح طائفة كبيرة بتوثيق الصحيفة، و اليك بعضهم:

قال المجلسي الاول (ت 1070 ه) في اجازته المؤرخة 1064 ه ما لفظه:

«انه لا شك في أن الصحيفة الكاملة، عن مولانا سيد الساجدين بذاتها و فصاحتها و بلاغتها، و اشتمالها علي العلوم الالهية التي لا يمكن لغير المعصوم الاتيان بها و الحمد لله رب العالمين علي هذه النعمة الجليلة العظيمة التي اختصت بنا معشر الشيعة» [1] .

وعد الوحيد محمد باقر البهبهاني (ت 1260 ه) من أمارات الوثاقة أن يكون



[ صفحه 13]



المتن ما يشهد بكونه من الائمة عليهم السلام، و مثل بخطب نهج البلاغة و نظائرها و الصحيفة السجادية [2] .

و استدل صاحب الجواهر (ت 1266 ه) علي أن الجمعة من مناصب الامامة كالقضاء و الحدود، بما ورد من الدعاء (48) من الصحيفة في دعاء يوم الجمعة من قوله عليه السلام: «اللهم ان هذا المقام مقام لخلفائك» [3] و قال رحمه الله في الصحيفة: «المعلوم أنها من السجاد عليه السلام...» [4] .

و ذهب الشيخ مرتضي الانصاري (ت 1281 ه) في كفارة الغيبة الي أنها من حقوق الناس؛ و يتوقف رفعها علي اسقاط صاحبها حقه، ثم قال: «و في الدعاء (39) من أدعية الصحيفة السجادية و دعاء يوم الاثنين من ملحقاتها ما يدل علي هذا المعني» [5] .

قال السيد الامين: «و بلاغة ألفاظها و فصاحتها التي لا تباري، و علو مضامينها و ما فيها من أنواع التذلل لله تعالي و الثناء عليه، والاساليب العجيبة في طلب عفوه و كرمه و التوسل اليه أقوي شاهد علي صحة نسبتها، و ان هذا الدر من ذلك البحر، و هذا الجوهر من ذلك المعدن، و هذا الثمر من ذلك الشجر، مضافا الي اشتهارها شهرة لا تقبل الريب، و تعدد أسانيدها المتصلة الي منشئها صلوات الله عليه و علي آبائه و أبنائه الطاهرين عليهم السلام، فقد رواها الثقات بأسانيدهم المتعددة المتصلة الي زين العابدين عليه السلام».

و عن السيد البروجردي (ت 1380 ه): «و لا يخفي أن كون الصحيفة من الامام عليه السلام من البديهيات، و هي زبور آل محمد صلي الله عليه و آله و سلم يشهد بذلك أسلوبها و نظمها و مضامينها التي يلوح منها آثار الاعجاز، و لها اسناد ذكرها الشيخ و النجاشي، و لشارحها السيد علي خان رحمه الله ألفا سند عن آبائه» [6] .

قال شيخنا العلامة: «الصحيفة السجادية الاولي المنتهي سندها الي الامام



[ صفحه 14]



زين العابدين علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب عليهم السلام، المعبر عنها: أخت القرآن و انجيل أهل البيت و زبور آل محمد و يقال لها:«الصحيفة الكاملة» أيضا، و للاصحاب اهتمام بروايتها و يخصونها بالذكر في اجازاتهم. و عليها شروح كثيرة مرت في محلها، و هي من المتواترات عند الاصحاب، لاختصاصها بالاجازة و الرواية في كل طبقة و عصر، ينتهي سند روايتها الي الامام أبي جعفر الباقر عليه السلام، و زيد الشهيد ابنا علي بن الحسين عن أبيهما علي بن الحسين عليه السلام، المتوفي مسموما سنة 95 من الهجرة» [7] .

قال الجلالي: ما ذكره شيخنا العلامة أعلي الله مقامه لا شك فيه و لا ريب يعتريه كما فصلت ذلك في «الصيانة» فان ذلك يثبت تواتر النسبة في كل عصر و طبقة، ولكن ذلك لا يثبت تواتر النسخة، و من هنا لم يذهب الي ما تقدم جملة من المتأخرين، بل لا يعهد الاستدلال بها في أبواب الفقه من المتقدمين، و لعل صاحب الجواهر هو أول من استدل بها، و الله العالم. و ممن لم يذهب هذا المذهب سيدنا الاستاذ الخوئي دام ظله حيث ترجم راوي الصحيفة «المتوكل بن عمير بن المتوكل» و زاد قوله:«و كيف كان، فهو لم يثبت و ثاقته غير أن ابن داود ذكره في القسم الاول، و لعل ذلك من جهة أصالة العدالة، و الله العالم، و طريق الشيخ اليه مجهول» [8] .

و مهما كان، فسيرته العملية علي خلاف ذلك، بل تجد من كلامه في البيان ما يدل علي اعجازه.

قال السيد الخميني (ت 1415 ه): «... فأبواب المناقشة في الاسناد و الدلالة في كثير منها مفتوحة في الصحيفة المباركة السجادية؛ فان سندها ضعيف و علو مضمونها و فصاحتها و بلاغتها و ان لم توجب نحو وثوق علي صدورها، لكن لا توجبه في جميع فقراتها واحدة بعد واحدة، حتي تكون حجة يستدل بها في الفقه، و تلقي أصحابنا اياها بالقبول كتلقيهم نهج البلاغة له لو ثبت في الفقه أيضا انما هو علي نحو الاجمال، و هو غير ثابت في جميع الفقرات» [9] .



[ صفحه 15]



و من هنا نجد أن الاعلام و ان ناقشوا في السند، لا يسعهم الا توثيق النص، حيث اتفقت الطائفة علي العمل بها علي الرغم من اختلافات رواياتها.

هذا، و قد أولي أئمة الزيدية العناية بالصحيفة، قال محمد بن محمد بن زبارة أن المتوكل علي الله - اما اليمن - أخذ درس الصحيفة في محروس، ما نصه: «ثم سنة 1331 احدي و ثلاثون: صحيفة زين العابدين علي بن الحسين بن علي المشهورة في الادعية، و كنت - و لله الحمد - ممن تشرف بالحضور في مجالس ذلك التدريس في الكتب المذكورة بتكلم الاعوام التي كانت غرة شامخة في جبين الايام، ثم ذكر أبياتا منها قوله:



كانت مجالس تدريس الامام

لاعلام الانام فنون العلم و الاثر



منها «الشفاء» كاملا و «المنذري»

و منها «شرح مجموع زيد» خيرة الاثر



و منها «صحيفة زين العابدين» اما

م الناسكين سليل السبط خير سري



كجنة بسمت أزهارها و جرت

أنهارها اذ يكن غيث بمنهمر



(قال الجلالي: انه روي عن المتوكل المذكور السيد المسند محمد عبدالحسن الكتاني الفاسي شيخ لشيخي العلوي، فأنا الجلالي أروي عن العلوي عن الكتاني عن المتوكل باسناده). و ذكر من مشايخ المتوكل جماعة [10] .


پاورقي

[1] البحار، ج 66: 110.

[2] القواعد الرجالية (ملحق برجال الخاقاني): 6، ط 1388 ه.

[3] الصحيفة: دعاء 48.

[4] جواهر الكلام، ج 158: 11.

[5] المكاسب، ج 104: 10.

[6] البدر الزاهر: 25.

[7] الذريعة، ج 18: 15.

[8] معجم رجال الحديث، ج 187: 14.

[9] المكاسب المحرمة، ج 320: 1.

[10] ذيل، ص: 5.