بازگشت

المناجاة الانجيلية


180- عنه، مناجاة لمولانا، علي بن الحسين عليه السلام، و قد وجدتها في بعض مرويات أصحابنا رضي الله عنه في كتاب أنيس العابدين من مؤلفات بعض



[ صفحه 145]



قدمائنا عنه عليه السلام و هي:

بسم الله الرحمن الرحيم اللهم بذكرك أستفتح مقالي، و بشكرك أستنجح سؤالي و عليك توكلي في كل أحوالي، و اياك أملي فلا تخيب آمالي، اللهم بذكرك أستعيذ و أعتصم، و بركنك ألوذ و أتحزم، و بقوتك أستجير و أستنصر، و بنورك أهتدي و أستبصر، و اياك أستعين و أعبد، و اليك أقصد و أعمد، و بك اخاصم و احاول، و منك أطلب ما احاول، فأعني يا خير المعينين، و قني المكاره كلها يا رجاء المؤمنين.

الحمد لله المذكور بكل لسان، المشكور علي كل احسان، المعبود في كل مكان مدبر الامور، و مقدر الدهور، والعالم بما تجنه البحور و تكنه الصدور و تخفيه الظلام و يبديه النور، الذي حار في علمه العلماء، و سلم لحكمه الحكماء و تواضع لعزته العظماء، و فاق سعة فضله الكرماء، و ساد بعظيم حلمه الحلماء.

الحمد لله الذي لا يخفر من انتصر بذمته، و لا يقهر من استتر بعظمته، و لا يكدي من أذاع شكر نعمته، و لا يهلك من تغمده برحمته، ذي المنن التي لا يحصيها العادون و النعم التي لا يجازيها المجتهدون، و الصنائع التي لا يستطيع دفعها الجاهدون والدلائل التي يستبصر بنورها الموجودون، أحمده جاهرا بحمده، شاكرا لرفده، حمد موفق لرشده، واثق بعدله له الشكر الدائم، و الأمر اللازم.

اللهم اياك أسئل و بك أتوسل، و عليك أتوكل، و بفضلك أغتنم، و بحبلك أعتصم، و في رحمتك أرغب، و من نقمتك أرهب، و بقوتك أستعين، و بعظمتك أستكين، اللهم أنت الولي المرشد، و الغني المرفد، و العون المؤيد، الراحم الغفور، و العاصم المجير، و القاصم، المبير، و الخالق الحليم، و الرازق الكريم، و السابق القديم، علمت و خبرت، و حلمت فسترت، و رحمت فغفرت، و عظمت فقهرت، و ملكت فاستأثرت.



[ صفحه 146]



أدركت فاقتدرت، و حكمت فعدلت، و أنعمت فأفضلت و أبدعت فأحسنت و صنعت فأتقنت، وجدت فأغنيت، و أيدت فكفيت، و خلقت فسويت، و وفقت فهديت، بطنت الغيوب، فخبرت مكنون أسرارها، و حلت بين القلوب و بين تصرفها علي اختيارها، فأيقنت البرايا أنك مدبرها و خالقها و أذعنت أنك مقدرها و رازقها، لا اله الا أنت تعاليت عما يقول الظالمون علوا كبيرا.

اللهم اني اشهدك و أنت أقرب الشاهدين، و استشهد من حضرني من ملائكتك المقربين و عبادك الصالحين، من الجنة و الناس أجمعين، أني أشهد بسريرة زكية، و بصيرة من الشك بريئة، شهادة اعتقدها باخلاص و ايقان، و اعدها طمعا في الخلاص و الأمان، اسرها تصديقا بربوبيتك، و اظهرها تحقيقا لوحدانيك و لا أصد عن سبيلها و لا الحد في تأويلها.

انك أنت الله ربي لا اشرك بك أحدا و لا أجد من دونك ملتحدا لا اله الا الله وحده لا شريك له الواحد الذي لا يدخل في عدد، والفرد الذي لا يقاس بأحد، علا عن المشاكلة و المناسبة، و خلا من الاولاد و الصاحبة سبحانه من خالق ما أصنعه و رازق ما أوسعه و قريب ما أرفعه و مجيب ما أسمعه، و عزيز ما أمنعه، له المثل الأعلي في السماوات والأرض و هو العزيز الحكيم.

أشهد أن محمدا نبيه المرسل و وليه المفضل، و شهيده المستعدل المؤيد بالنور المضي ء و المسدد بالامر المرضي، بعثه بالاوامر الشافية و الزواجر الناهية، و الدلائل الهادية، التي أوضع برهانها، و شرح بنيانها، في كتاب مهيمن علي كل كتاب، جامع لكل رشد و صواب، فيه نبأ القرون، و تفصيل الشؤون و فرض الصلاة و الصيام، والفرق بين الحلال و الحرام، فدعي الي خير سبيل و شفا من هيام الغليل حتي علا الحق و ظهر، و زهق الباطل و انحسر، صلي الله عليه و آله صلاة دائمة ممهدة لا تنقضي لها مدة، و لا ينحصر لها عدة.



[ صفحه 147]



اللهم صل علي محمد و آل محمد ما جرت النجوم في الابراج، و طلاطمة البحور بألامواج، و ما ادلهم ليل داج، و اشرق نهار ذو ابتلاج، و صل عليه و آله ما تعاقبت الأيام، و تناوبت الأعوام، و ما خطرت الاوهام، و تدبرت الأفهام، و ما بقي الأنام.

اللهم صل علي محمد خاتم الأنبياء و آله البررة الأتقياء، و علي عترته النجباء صلاة معروفة بالتمام و النماء، و باقية بلا فناء و انقضاء.

اللهم رب العالمين، و احكم الحاكمين، و أرحم الراحمين، أسألك من الشهادة أقسطها، و من العبادة أنشطها، و من الزيادة أبسطها، و من الكرامة أغبطها و من السلامة أحوطها، و من الاعمال أقسطها، و من الامال أوفقها، و من الأقوال أصدقها و من المحال أشرفها و من المنازل ألطفها و من الحياطة أكنفها و من الرعاية أعطفها و من العصمة أكفاها.

من الراحة أشفاها و من النعمة أوفاها و من الهمم أعلاها و من القسم أسناها و من الأرزاق أغزرها و من الاخلاق أطهرها و من المذاهب أقصدها و من العواقب أحمدها و من الامور أرشدها و من التدابير أوكدها و من الحدود أسعدها و من الشؤن أعودها و من الفوائد أرجحها و من العوائل أنجحها و من الزيادات أتمها و من البركات أعمها و من الصالحات أعظمها.

اللهم اني أسألك قلبا خاشعا زكيا و لسانا صادقا عليا و رزقا واسعا هنيئا و عشيا رغدا مريا و أعوذ بك من ضنك المعاش و من شر كل سماع و واش و غلبة الاضداد و الاوباش و كل قبيح باطن أوقاش و أعوذبك من دعاء محجوب و رجاء مكذوب و حياء مسلوب و احتجاج مغلوب و رأي غير مصيب.

اللهم أنت المستعان و المستعاذ و عليك المعول و بك الملاذ فأنلني لطائف مننك فانك لطيف فلا تبتلني بمحنك فاني ضعيف، و تولني بعطف تحننك يا رؤف



[ صفحه 148]



يا من آوي المنقطعين اليه و اغني المتوكلين عليه، جد بغناك عن فاقتي و لا تحملني فوق طاقتي.

اللهم اجعلني من الذين جدوا في قصدك فلم ينكلوا و سلكوا الطريق اليك فلم يعدلوا و اعتمدوا عليك في الوصول حتي و صلوا فرويت قلوبهم من محبتك و آنست نفوسهم بمعرفتك فلم يقطعهم عنك قاطع و لا منعهم عن بلوغ ما املوه لديك مانع «فهم فيما اشتهت أنفسهم خالدون و لا يجزنهم الفزع الاكبر و تتلقا هم الملائكة هذا يومكم الذي كنتم توعدون».

اللهم لك قلبي و لساني، و بك نجاتي و أماني، و أنت العالم بسري و اعلاني فأمت قلبي عن البغضاء، و أصمت لساني عن الفحشاء، و أخلص سريرتي عن علائق الأهواء، و أكفني بأمانك عن عوائق الضراء، و اجعل سري معقودا علي مراقبتك و اعلاني موافقا لطاعتك، وهب لي جسما روحانيا، و قلبا سماويا، و همه متصله بك، و يقينا صادقا في حبك، و ألهمني من محامدك أمدحها، وهب لي من فوائدك أسمحها، انك ولي الحمد، و المستولي علي المجد.

يا من لا ينقص ملكوته عصيان المتمردين، و لا يزيد جبروته ايمان الموحدين، اليك استشفع بقديم كرمك، أن لا تسلبني ما منحتني من جسيم نعمك و اصرفني بحسن نظرك لي عن ورطة المهالك و عرفني بجميل اختيارك لي منجيات المسالك.

يا من قربت رحمته من المحسنين، و أوجب عفوه للاوابين، بلغنا برحمتك غنائم البر و الاحسان، و جللنا بنعمتك ملابس العفو و الغفران، و اصحب رغباتنا بحياء يقطعها عن الشهوات، و احش قلوبنا نورا، يمنعها من الشبهات، و أودع نفوسنا خوف المشفقين من سوء الحساب، و رجاء الواثقين بتوفير الثواب، فلا نغتر بالامهال، و لا نقصر في صالح الأعمال، و لا نفتر من التسبيح بحمدك في الغدو و



[ صفحه 149]



الاصال.

يا من أنس العارفين بطيب مناجاته، و ألبس الخاطئين ثوب موالاته، متي فرح من قصدت سواك همته، و متي استراح من أرادت غيرك عزيمته، و من ذالذي قصدك بصدق الارادة فلم تشفعه في مراده، أم من ذالذي اعتمد عليك في أمره فلم تجد باسعاده أم من ذاالذي استرشدك فلم تمنن بارشاده.

اللهم عبدك الضعيف الفقير و مسكينك اللهيف المستجير، عالم أن في قبضتك أزمة التدبير، و مصادر المقادير عن ارادتك، و أنك أقمت بقدسك حياة كل شي ء، و جعلته نجاة لكل حي، فارزقه من حلاوة مصافاتك ما يصير به الي مرضاتك وهب لي من خشوع التذلل و خضوع التقلل في رهبة الاخبات، و سلامة المحيا و الممات، ما تحضره كفاية المتوكلين، و تميزه به رعاية المكفولين، و تعزه ولاية المتصلين المقبولين.

يا من هو أبربي من الوالد الشفيق، و أقرب الي من الصاحب اللزيق أنت موضع انسي في الخلوة اذا أو حشني المكان، و لفظتني الأوطان، و فارقتني الالاف و الجيران و انفردت في محل ضنك، قصير السمك، ضيق الضريح، مطبق الصفيح، مهول منظره، ثقيل مدره، مخلاة بالوحشة عرصته، مغشاة بالظلمة ساحته، علي غير مهاد و لا وساد، و لا تقدمه زاد و لا اعتداد، فتداركني برحمتك التي وسعت الأشياء أكنافها، و جمعت الاحياء أطرافها، و عمت البرايا ألطافها، وعد علي بعفوك يا كريم، و لا تؤاخذني بجهلي يا رحيم؟

اللهم ارحم من اكتنفته سيئاته، و أحاطت به خطيئاته، و حفت به جناياته بعفوك أرحم من ليس له من عمله شافع، و لا يمنعه من عذابك مانع، أرحم الغافل عما أظله و الذاهل عن الأمر الذي خلق له، أرحم من نقض العهد و عذر و علي معصيتك أنطوي و أصر، و جاهرك بجهله و ما استتر، ارحم من ألقي عن رأسه



[ صفحه 150]



قناع الحياء، و حسر عن ذراعيه جلبات الاتقياء، و اجترأ علي سخطك بارتكاب الفحشاء، فيامن لم يزل عفوا غفارا، أرحم لمن لم يزل مسقطا عثارا.

اللهم اغفر لي ما مضي مني، و اختم لي بما ترضي به عني، و اعقد عزائمي علي توبة بك متصلة، و لديك متقبلة، تقيلني بها عثراتي، و تستر بها عوراتي، و ترحم بها عبراتي، و تجيرني بها اجارة من معاطب انتقامك، و تنيلني بها المسرة بمواهب انعامك، ليوم تبرز الاخبار، و تعظم الاخطار، و تبلي الأسرار، و تهتك الاستار و تشخص القلوب و الأبصار، يوم لا ينفع الظالمين معذرتهم، و لهم سوء الدار، انك معدن الالاء و الكرم، و صارف اللاواء و النقم، لا اله الا أنت، عليك اعتمد، و بك استعين، و أنت حسبي و كفي بك وكيلا.

يا مالك خزائن الأقوات و خاطر أصناف البريات، و خالق سبع طرائق مسلوكات من فوق سبع أرضين مذللات، العالي في وقار العز و المنعة، و الدائم في كبرياء الهيبة و الرفعة، و الجواد بنيله علي خلقه من سعة، ليس له حد و لا أمد، و لا يدركه تحصيل و لا عدد، و لا يحيط بوصفه أحد.

الحمد لله خالق امشاج النسيم، و مواج الانوار في الظلم، و مخرج الموجود من العدم، و السابق الازلية بالقدم، و الجواد علي الخلق بسوابق التعم، و العواد عليهم بالفضل و الكرم، الذي لا يعجزه كثرة الانفاق، و لا يمسك خشية الاملاق و لا ينقصه ادرار الارزاق و لا يدرك باناسي الأحداق، و لا يوصف بمضامة و لا افتراق أحمده علي جزيل احسانه، و أعوذ به من حلول خذلانه، و استهديه بنور برهانه، و او من به حق ايمانه و أشهد أن لا اله الا الله وحده لا شريك له الذي عم الخلائق جدواه، و تم حكمه فيمن أضل منهم و هداه، و أحاط علما بمن أطاعه و عصاه، و استولي علي الملك بعز أبد فحواه.

فسبحت له السموات و أكنافها، و الارض و أطرافها و الجبال و أعراقها و



[ صفحه 151]



الشجر و أغصانها، والبحار و حيتانها، و النجوم في مطالعها، و الأمطار في مواقعها و وحوش الأرض و سباعها، و مدد الانهار و أمواجها، و عذب المياه و أجاجها، و هبوب الريح و عجاجها، و كل ما وقع عليه وصف، و تسمية، أو يدركه حد يحويه، مما يتصور في الفكر، أو يتمثل بجسم أو قدر، أو ينسب الي عرض او جوهر، من صغير حقير، أو خطير كبير، مقرا له بالعبودية خاشعا، معترفا له بالوحدانية طائعا مستجيبا لدعوته خاضعا متضرعا لمشيته متواضعا له الملك الذي لانفاد لديموميته، و لا انقضاء لعدته.

أشهد أن محمدا عبده الكريم، و رسوله الطاهر المعصوم، بعثه و الناس في غمرة الضلالة ساهون، و في غرة الجهالة لاهون، لا يقولون صدقا، و لا يستعملون حقا، قد اكتنفتهم القسوة، و حقت عليهم الشقوة، الا من أحب الله انقاذه، و رحمه و أعانه فقام محمد صلوات الله عليه و آله فيهم مجدا في انذاره، مرشدا لأنواره، بعزم ثاقب، و حكم واجب، حتي تالق شهاب الايمان و تفرق حزب الشيطان، و أعز الله جنده، و عبد وحده.

ثم اختاره الله فرفعه الي روج جنته، و فسيح كرامته، فقبضه تقيا زكيا راضيا مرضيا طاهرا نقيا، و تمت كلمات ربك صدقا و عدلا لا مبدل لكلماته و هو السميع العليم صلي الله عليه و آله و أقربيه، و ذوي رحمه و مواليه، صلاة جليلة جزيلة موصولة مقبولة لا انقطاع لمزيدها و لا اتضاع لمشيدها، و لا امتناع لصعودها تنتهي الي مقر أرواحهم، و مقام فلاحهم، فيضاعف الله لهم تحياتها، و يشرف لديهم صلواتها، فتلقاهم مقرونة بالروح و السرور، محفوظة بالنضارة و النور، دائمة بلا فناء و لا فتور.

اللهم اجعل أكمل صلواتك و أشرفها، و أجمل تحياتك و ألطفها و أشمل بركاتك و أعطفها و أجل هباتك و أرأفها علي محمد خاتم النبيين، و أكرم الاميين و



[ صفحه 152]



عل أهل بيته الاصفياء الطاهرين، و عترته النجباء المختارين، و شيعته الاوفياء الموازرين، من أنصاره والمهاجرين، وأدخلنا في شفاعته يوم الدين، مع من دخل في زمرته من الموحدين، يا أكرم الأكرمين، و يا أرحم الراحمين.

اللهم أنت الملك الذي لا يملك و الواحد الذي لا شريك لك، يا سامع السر و النجوي، و يا دافع الضر و البلوي، و يا كاشف العسر و البؤسي، و قابل العذر و العتبي، و مسبل الستر علي الوري، جللني من رأفتك بأمرواق، و سمني من رعايتك بركن باق، و أوصلني بعنايتك الي غاية السباق، و اجعلني برحمتك، من أهل الرعاية للميثاق، و اعمر قلبي بخشية ذوي الاشفاق، يا من لم يزل فعله بي حسنا جميلا، و لم يكن بستره علي بخيلا، و لا بعقوبته علي عجولا، أتمم علي ما ظاهرت من تفضلك، و لا تواخذني بما سترت علي عند نظرك.

سيدي كم من نعمة ظللت لأنيق بهجتها لا بسأ، و كم اسديت عندي من يد قد طفقت بهدايتها منافسا، و كم قادتني من منة ضعفت قواي عن حمها، و ذهلت فطنتي عن ذكر فضلها، و عجز شكري عن جزائها، و ضقت ذرعا باحصائها، قابلتك فيه بالعصيان و نسيت شكر ما أوليتني فيها من الاحسان، فمن أسوء حالا مني ان لم تتداركني بالغفران، و توزعني شكر ما اصطنعت عندي من فوائد الامتنان فلست مستطيعا لقضاء حقوقك ان لم تويدني بصحبة توفيقك.

سيدي لو لا نورك عميت عن الدليل، و لو لا تبصيرك ضللت عن السبيل، و لو لا تعريفك لم أرشد للقبول، و لو لا توفيقك لم أهتد الي معرفة التأويل، فيا من أكرمني بتوحيده، و عصمني عن الضلال بتسديده، و ألزمني اقامة حدوده، لا تسلبني ما وهبت لي من تحقيق معرفتك و أحيني بيقين أسلم به من الالحاد في صفتك، يا خير من رجاه الراجون، و أرأف من لجأ اليه اللاجون، و أكرم من قصده المحتاجون، ارحمني اذا انقطع معلوم عمري، و درس ذكري و امتحي اثري،



[ صفحه 153]



بوئت في الضريح مرتهنا بعملي.

مسؤلا عما أسلفته من فارط زللي، منسيا كمن نسي في الاموات ممن كان قبلي، رب سهل لي توبة اليك و أعني عليها، و أحملني علي محجة الاخبات لك، و أرشدني اليها، فان الحول و القوة بمعونتك، و الثبات و الانتقال بقدرتك، يا من أرحم لي من الوالد الشفيق و أبر بي من الولد الرفيق، و أقرب الي من الجار اللصيق، قرب الخير من متناولي و اجعل الخيرة العامة فيما قضيت لي، و اختم لي بالبر و التقوي عملي، و أجرني من كل عائق يقطعني عنك، و كل قول و فعل يباعدني منك، و ارحمني رحمة تشفي بها قلبي من كل شبهة معترضة، و بدعة ممرضة.

سيدي خاب رجاء من رجا سواك و ظفرت يد من بحاجته ناجاك، و ضل من يدعو العباد لكشف ضرهم الا اياك، أنت المؤمل في الشدة و الرخاء و المفزع في كل كربة و ضراء، و المستجار به من كل فادحة و لأواء. لا يقنط من رحمتك الا من تولي و كفر، و لا ييأس من روحك الا من عصي و أصر، أنت وليي في الدنيا والاخرة، توفني مسلما و ألحقني بالصالحين.

يا من لا يحرم زواره عطاياه، و لا يسلم من استجاره و استكفاه، أملي واقف علي جدواك، و وجه طلبتي منصرف عمن سواك، و أنت الملي ء بتيسير الطلبات و الوفي بتكثير الرغبات، فأنجح لي المطلوب من فضلك برحمتك، و اسمح لي بالمرغوب فيه من بذلك بنعمتك.

سيدي ضعف جسمي، و دق عظمي، و كبر سني، و نال الدهر مني، و نفذت مدتي، و ذهبت شهوتي، و بقيت تبعتي، فجد بحلمك علي جهلي، و بعفوك علي قبيح فعلي، و لا تؤاخذني بما كسبت من الذنوب العظام، في سالف الأيام.

سيدي أنا المعترف باساءتي، المقر بخطائي، المأسور باجرامي، المرتهن بآثامي، المتهور باساءتي، المتحير عن قصد طريقي، انقطعت مقالتي، و ضل عمري



[ صفحه 154]



و بطلت حجتي في عظيم وزري، فامنن علي بكريم غفرانك و اسمح لي بعظيم احسانك فانك ذو مغفرة للطالبين شديد العقاب للمجرمين.

سيدي ان كان صغر كان في جنب طاعتك عملي، فقد كبر في جنب رجائك أملي سيدي كيف أنقلب من عندك بالخيبة محروما، و ظني بك أنك تقلبني بالنجاة مرحوما.

سيدي لم اسلط علي حسن ظني بك قنوط الايسين، فلا تبطل لي صدق رجائي لك في الآملين.

سيدي عظم جرمي اذ بارزتك باكتسابه، و كبر ذنبي اذ جاهرتك بارتكابي الا أن عظيم عفوك يسع المعترفين و جسيم غفرانك يعم التوابين.

سيدي ان دعاني الي النار مخشي عقابك فقد دعاني الي الجنة مرجو ثوابك سيدي ان أو حشتني الخطايا من محسان لطفك، فقد آنسني اليقين بمكارم عطفك و ان أنا متني الغفلة عن الاستعداد للقائك، فقد ايقظتني المعرفة بقديم آلائك و ان عزب عني تقديم لما يصلحني فلم يعزب ايقاني بنظرك الي فيما ينفعني، و ان انقرضت بغير ما أجببت من السعي أيامي، فبالايمان أمضيت السالفات من أعوامي.سيدي جئت ملهوفا قد لبست عدم فاقتي، و أقامني مقام الأذلاء بين يديك ضر حاجتي.

سيدي كرمت فأكرمني اذ كنت من سؤالك، وجدت بمعروفك فاخلطني بأهل نوالك، اللهم أرحم مسكينا لا يجيره الا عطاؤك، و فقيرا لا يغنيه الا جدواك.

سيدي أصبحت علي باب من أبواب منحك سائلا، و عن التعرض بسواك عادلا، و ليس من جميل امتنانك رد سائل ملهوف، و مضطر لانتظار فضلك المألوف.



[ صفحه 155]



سيدي ان حرمتني رؤية محمد صلي الله عليه و آله في دارالسلام، و أعد متني طوف الوصائف و الخدام، و صرفت وجه تأميلي بالخيبة دار المقام فغير ذلك منتني نفسي منك يا ذا الطول و الانعام.

سيدي و عزتك لو قرنتني في الأصفاد، و منعتني سيبك من بين العباد، ما قطعت رجائي عنك، و لا صرفت انتظاري للعفو منك.

سيدي لو لم تهدني الي الاسلام اضللت، و لو لم تثبتني اذ لظللت، و لو لم تشعر قلبي الايمان بك ما آمنت، و لا صدقت، و لو لم تطلق لساني بدعائك ما دعوت، و لو لم تعرفني حقيقة معرفتك ما عرفت، و لو لم تدلني علي كريم ثوابك ما رغبت و لو لم تبين لي أليم عقابك ما رهبت، فاسألك توفيقي لما يوجب ثوابك، و تخليصي مما يكسب عقابك.

سيدي ان أقعدني التخلف عن السبق مع الأبرار، فقد أقامتني الثقة بك علي مدارج الأخيار.

سيدي كل مكروب اليك يلتجي ء، و كل محزون اياك يرتجي، سمع العابدون بجزيل ثوابك فخشعوا، و سمع المولون عن القصد بجودك فرجعوا و سمع المحرومون بسعة فضلك فطمعوا، حتي ازدحمت عصاب العصاة من عبادك و عجت اليك الألسن بأصناف الدعاء في بلادك، فكل أمل ساق صاحبه اليك محتاجا، وكل قلب تركه و جيب الخوف اليك مهتاجا.

سيدي و أنت المسؤل الذي لا تسود لديه وجوه المطالب، و لم يردد راجيه فيزيله عن الحق الي المعاطب، سيدي ان أخطأت طريق النظر لنفسي بما فيه كرامتها فقد أصبت طريق الفرج بما فيه سلامتها.

سيدي ان كانت نفسي استعبدتني متمردة عتلي بما يرجيها فقد استعبدتها الان علي ما ينجيها، سيدي ان اجحف بي زاد الطريق في المسير اليك، فقد أوصلته



[ صفحه 156]



بذخائر ما أعددته من فضل تعويلي عليك.

سيدي اذا ذكرت رحمتك ضحكت لها عيون مسائلي، و اذا ذكرت عقوبتك بكت لها جفون وسائلي، سيدي أدعوك دعاء من لم يدع غيرك في دعائه، و أرجوك رجاء من لم يقصد غيرك برجائه، سيدي و كيف أرد عارض تطلعي الي نوالك و انما أنا في هذا الخلق أحد عيالك، سيدي كيف اسكت بالافحام لسان ضراعتي و قد أقلقني ما ابهم علي من تقدير عاقبتي.

سيدي قد علمت حاجة جسمي الي ما قد تكفلت لي من الرزق أيام حياتي و عرفت قلد استغنائي عنه بعد وفاتي، فيا من سمح لي به متفضلا في العاجل، لا تمنعنيه يوم حاجتي اليه في الآجل، فمن شواهد نعماء الكريم اتمام نعمائه، و من محاسن آلاء الجواد اكمال آلائه.

الهي لو لا ما جهلت من أمري لم استقلك عثراتي، و لو لا ما ذكرت من شدة التفريط لم أسكب عبراتي، سيدي فامح مثبتات العثرات لمسبلات العبرات، وهب كثير السيئات بقليل الحسنات.

سيدي ان كنت لا ترحم الا المجدين في طاعتك فالي من يفزع المقصرون؟ و ان كنت لا تقبل الا من المجتهدين فالي من يلجاء الخاطئون؟ و ان كنت لا تكرم الا أهل الاحسان فكيف يصنع المسيئون؟ و ان كان لا يفوز يوم الحشر الا المتقون فبمن يستغيث المذنبون؟

سيدي ان كان لا يجوز علي الصراط الا من أجازته براءة عمله فأني بالجواز لمن لم يتب اليك قبل دنو أجله؟ و ان لم تجد الا علي من عمر بالزهد مكنون سريرته فمن للمضطر الذي لم يرضه بين العالمين سعي نقيته.

سيدي ان حجبت عن أهل توحيدك نظر تغمدك بخطيئاتهم أوبقهم غضبك



[ صفحه 157]



بين المشركين بكرباتهم، سيدي ان لم تشملنا يد احسانك يوم الورود، اختلطنا في الخزي يوم الحشر بذوي الجحود فأوجب لنا بالاسلام مذخور هباتك، واصف ما كدرته الجرائم بصفح صلاتك، سيدي ليس لي عندك عهد اتخذته، و لا كبير عمل أخلصته الا أني واثق بكريم أفعالك، راج لجسيم افضالك عودتني من جميل تطولك عادة أنت أولي باتمامها، و وهبت لي من خلوص معرفتك حقيقة أنت المشكور علي الهامها.

سيدي ما جفت هذه العيون لفرط بكائها، و لا جادت هذه الجفون بفيض مائها، و لا أسعدها نحيب الباكيات الثاكلات لفقد عزائها، الا لما أسلفته من عمدها و خطائها، و أنت القادر سيدي علي كشف غماها.

سيدي أمرت بالمعروف و أنت أولي به من المأمورين و حضضت علي اعطاء السائلين و أنت خير المسؤولين، و ندبت الي عتيق الرقاب و أنت خير المعتقين، و حثثت علي الصفح عن الذنبين و أنت أكرم الصافحين، سيدي ان تلونا من كتابك سعة رحمتك أشفقنا من مخالفتك، و فرحنا ببذل رحمتك، و اذا تلونا ذكر عقوبتك جددنا في طاعتك، و فرقنا من أليم نقمتك، فلا رحمتك تؤمننا، و لا سخطك يؤيسنا.

سيدي كيف يتمنع من فيها من طوارق الرزايا، و قد رشق في كل دار منها اسهم من سهام المنايا، سيدي ان كان ذنبي منك قد أخافني فان حسن ظني بك قد اجارني، و ان كان خوفك قد اربقني فان حسن نظرك لي قد اطلقني، سيدي ان كان قددنا مني أجلي و لم يقربني منك عملي، فقد جعلت الاعتراف بالذنب أوجه وسائل عللي.

سيدي من أولي بالرحمة منك ان رحمت، و من أعدل في الحكم منك ان



[ صفحه 158]



عذبت، سيدي لم تزل برا بي أيام حياتي، فلا تقطع لطيف برك بي بعد وفاتي سيدي كيف آيس من حسن نظرك بي بعد مماتي، و أنت لم تولني الا جميلا في حياتي، سيدي عفوك أعظم من كل جرم، و نعمتك ممحاة لكل اثم.

سيدي ان كانت ذنوبي قد أخافتني فان محبتي لك قد آمنتني، فتول من أمري ما أنت أهله وعد بفضلك علي من قد غمره جهله، يا من السر عنده علانية، و لا تخفي عليه من الغوامض خافية، فاغفر لي ما خفي علي الناس من أمري، و خفف برحمتك من ثقل الأوزار ظهري.

سيدي سترت علي ذنوبي في الدنيا، و لم تظرها، فلا تفضحني، بها في القيامة و استرها، فمن أحق بالستر منك يا ستار، و من أولي منك بالعفو عن المذنبين يا غفار، الهي جودك بسط أملي، و سترك قبل عملي، فسرني بلقائك عند اقتراب اجلي.

سيدي ليس اعتذاري اليك اعتذار من يستغني عن قبول عذره، و لا تضرعي تضرع من يستنكف عن مسألتك لكشف ضره، فاقبل عذري يا خير من اعتذر اليه المسيئون و اكرم من استغفرها الخاطئون.

سيدي لا تردني في حاجة قد أفديت عمري في طلبها منك و لا أجد غيرك معدلا بها عنك، سيدي لو أردت اهانتي لم تهدني، و لو أردت فضيحتي لم تسترني فأدم امتاعي بماله هديتني، و لا تهتك عما به سترتني، سيدي لو لا ما اقترفت من الذنوب ما خفت عقابك، و لو لا ما عرفت من كرمك ما رجوت ثوابك، و أنت أكرم الأكرمين بتحقيق آمال الآملين، و ارحم من استرحم في التجاوز عن المذنبين.

سيدي القتني الحسنات بين جودك و احسانك، و ألقتني السيئات بين عفوك و غفرانك، و قد رجوت أن لا يضيع بين ذين و ذين مسيئي مرتهن بجريرته،



[ صفحه 159]



و محسن مخلص في بصيرته.

سيدي اني شهد لي الايمان بتوحيدك، و نطق لساني بتمجيدك و دلني القرآن علي فواضل جودك، فكيف لا يبتهج رجائي بتحقيق موعودك، و لا تفرح امنيتي بحسن مزيدك، سيدي ان غفرت فبفضلك و ان عذبت فبعدلك فيا من لا يرجي الا فضله، و لا يخشي الا عدله، امنن علي بفضلك، و لا تستقص علي في عدلك.

سيدي أدعوك دعاء ملح لا يمل مولاه، و أتضرع اليك تضرع من أقر علي نفسه بالحجة في دعواه، و خضع لك خضوع من يؤملك الآخرته و دنياه، فلا تقطع عصمة رجائي، و اسمع تضرعي و اقبل دعائي، و ثبت حجتي علي ما اثبت من دعواي.

سيدي لو عرفت اعتذارا من الذنب لأتيته، فأنا المقر بما احصيته و جنيته و خالفت أمرك فيه فتعديته، فهب لي ذنبي بالاعتراف، و لا تردني في طلبتي عند الانصراف، سيدي قد أصبت من الذنوب ما قد عرفت، و أسرفت علي نفسي بما قد علمت، فاجعلني عبدا اما طائعا فأكرمته و اما عاصيا فرحمته.

سيدي كأني بنفسي قد اضجعت بقعر حفرتها، و انصرف عنها المشيعون من جيرتها، و بكي عليها الغريب لطول غربتها، و جاد عليها بالدموع المشفق من عشيرتها و ناداها من شفير القبر ذو مودتها و رحمها المعادي لها في الحياة عند صرعتها، و لم يخف علي الناظرين اليها فرط فاقتها، و لا علي من قد رآها توسدت الثري عجز حيلتها.

فقلت: ملائكتي فريد نأي عنه الأقربون، و بعيد جفاه الاهلون، و وحيد فارقه المال و البنون، نزل بي قريبا، و سكن اللحد غريبا، و كان في دار الدنيا داعيا، و لنظري له في هذا اليوم راجيا، فتحسن عند ذلك ضيافتي، فتكون أشفق



[ صفحه 160]



علي من أهلي و قرابتي.

الهي و سيدي لو أطبقت ذنوب ما بين ثري الأرض الي أعنان السماء، و خرقت النجوم الي حد الانتهاء، ما ردني اليأس من توقع غفرانك، و لا صرفني القنوط عن انتظار رضوانك، سيدي قد ذكرتك بالذكر الذي ألهمتنيه، و وحدتك بالتوحيد الذي أكرمتنيه، و دعوتك بالدعاء الذي علمتنيه، فلا تحرمني برحمتك الجزاء الذي وعدتنيه، فمن النعمة لك، علي أن هديتني بحسن دعائك، و من اتمامها أن توجب لي محمودة جزائك.

سيدي أنتظر عقوك كما ينتظره المذنبون، و ليس أيأس من رحمتك التي يتوقعها المحسنون، الهي و سيدي انهملت بالسكب عبراتي، حين ذكرت خطاياي و عثراتي، و ما لها لا تنهمل و تجري و تفيض ماؤها و تردي و لست أدري الي ما يكون مصيري، و علي ما يتجهم عند البلاغ مسيري، يا أنس كل غريب مفرد آنس في القبر وحشتي، و يا ثاني كل وحيد ارحم في الثري طول وحدتي.

سيدي كيف نظرك لي بين سكان الثري؟ و كيف صنيعك بي في دار الوحشة و البلي؟ فقد كنت بي لطيفا أيام حياة الدنيا، يا أفضل المنعمين في آلائه، و أنعم المفضلين في نعمائه، كثرت أياديك فعجزت عن احصائها، وضقت درعا في شكري لك بجزائها، فلك الحمد علي ما اوليت من التفضل، و لك الشكر علي ما ابليت من التطول.

يا خير من دعاه الداعون، و أفضل من رجاه الراجون، بذمة الاسلام أتوسل اليك، و بحرمة القرآن أعتمد عليك، و بمحمد و أهل بيته أستشفع و أتقرت و أقدمهم أمام حاجتي اليك في الرعب و الرهب، اللهم فصل علي محمد و أهل بيته الطاهرين، و اجعلني بحبهم يوم العرض عليك نبيها، و من الأنجاس و الارجاس





[ صفحه 161]



نزيها، و بالتوسل بهم اليك مقربا وجيها.

يا كريم الصفح و التجاوز، و معدن العوارف و الجوائز، كن عن ذنوبي صافحا متجاوزا، وهب لي من مراقبتك ما يكون بيني و بين معصيتك حاجزا سيدي ان من تقرب منك لمكين من موالاتك، و ان من تحبب اليك لقمين بمرضاتك، و ان من تعرف بك لغير مجهول، و ان من استجار بك لغير مخذول.

سيدي أتراك تحرق بالنار وجها طالما خر ساجدا بين يديك، أم تراك تغل الي الأعناق أكفا طالما تضرعت في دعائها اليك، أم تراك تقيد بأنكال الجحيم أقداما طالما خرجت من منازلها طمعا فيما لديك منا منك عليها لا منا منها عليك.

سيدي كم من نعمة لك علي قل لك عندها شكري، و كم من بلية ابتليتني بها عجز عنها صبري، فيامن قل شكري عند نعمه فلم يحرمني و عجز صبري عند بليتي فلم يخذلني جميل فضلك، علي أبطرني و جليل حلمك عني غرني.

سيدي قويت بعافيتك علي معصيتك، و أنفقت نعمتك في سبيل مخالفتك، و أفنيت عمري في غير طاعتك، فلم يمنعك جرأتي علي ما عنه نهيتني، و لا انتهاكي ما منه حذرتني ان سترتني بحلمك الساتر، و حجبتني عن عين كل ناظر، وعدت بكريم أياديك حين عدت بارتكاب معاصيك فأنت العواد بالاحسان، و أنا العواد بالعصيان.

سيدي أتيتك معترفا لك بسوء فعلي، خاضعا لك باستكانة ذلي، راجيا منك جميل ما عرفتنيه، من الفضل الذي عودتنيه، فلا تصرف رجائي من فضلك خائبا، و لا تجعل ظني بتطولك كاذبا، سيدي ان آمالي فيك يتجاوز آمال الآملين و سؤالي اياك لا يشبه سؤال السائلين، لأن السائل اذا منع امتنع عن السؤال، و أنا فلا غتاء بي عنك في كل حال.



[ صفحه 162]



سيدي غرني بك حلمك عني اذ حلمت، و عفوك عن ذنبي اذ رحمت، و قد علمت أنك قادر أن تقول للأرض خذيه فتأخذني، و للسماء أمطريه حجارة فتمطرني و لو أمرت بعضي أن يأخذ بعضا لما أمهلني، فامنن علي بعفوك عن ذنبي، و تب علي توبة نصوحا تطهر بها قلبي.

سيدي أنت نوري في كل ظلمة، و ذخري لكل ملمة، و عمادي عند كل شدة و أنيس في كل خلوة و وحدة، فأعذني من سوء مواقف الخائنين و استنقذني من ذل مقام الكاذبين.

سيدي أنت دليل من انقطع دليله، و أمل من امتنع تأميله، فان كان ذنوبي حالت بين دعائي و اجابتك فلم يحل كرمك بيني و بين مغفرتك و انك لا تضل من هديت، و لا تذل من واليت، و لا يفتقر من أغنيت و لا يسعد من أشقيت و عزتك لقد أحببتك محبة استقرت في قلبي حلاوتها، و آنست نفسي ببشارتها و محال في عدل أقضيتك أن تسد أسباب رحمتك عن معتقدي محبتك.

سيدي لو لا توفيقك ضل الحائرون، و لو لا تسديدك لم ينج المستبصرون أنت سهلت لهم السبيل حتي و صلوا، و أنت أيدتهم بالتقوي حتي عملوا، فالنعمة عليهم منك جزيله، و المنة منك لديهم موصولة.

سيدي أسئلك مسئلة مسكين ضارع، مستكين خاضع، أن تجعلني من المؤقنين خيرا و فهما، و المحيطين معرفة و علما، انك لم تنزل كتبك الا بالحق، و لم ترسل رسلك الا بالصدق، و لم تترك عبادك هملا و لا سدي، و لم ترعهم بغير بيان و لا هدي و لم ترض منهم بالجهالة و الاضاعة، بل خلقتهم ليعبدوك، و رزقتهم ليحمدوك.

و دللتهم علي وحدانيتك ليوحدوك، و لم تكلفهم من الأمر ما لا يطيقون و لم



[ صفحه 163]



تخاطبهم بما يجهلون، بل هم بمنهجك عالمون، و بحجتك مخصوصون، أمرك فيهم، نافذ، و قهرك بنواصيهم آخذ، تجتبي من تشاء فتدنيه، و تهدي من أناب اليك من معاصيك فتنجيه، تفضلا منك بجسيم نعمتك، علي من أدخلته في سعة رحمتك يا اكرم الاكرمين، و أرأف الراحمين؟

سيدي خلقتني فأكملت تقديري، و صورتني فأحسنت تصويري، فصرت بعد العدم موجودا و بعد المغيب شهيدا، و جعلتني بتحنن رأفتك تاما سويا، و حفظتني في المهد طفلا صبيا، و رزقتني من الغذاء سائقا هنيئا ثم وهبت لي رحمة الاباء والامهات، و عطفت علي قلوب الحواضن و المربيات، كافيا لي شرور الانس و الجان، مسلما لي من الزيادة و النقصان، حتي أفصحت ناطقا بالكلام ثم أنبتني زائدا في كل عام، و قد أسبغت علي ملابس الانعام؟

ثم رزقتني من ألطاف المعاش، و أصناف الرياش، و كنفتني بالرعاية في جميع مذاهبي، و بلغتني ما احاول من سائر مطالبي اتماما لنعمتك لدي، و ايجابا لحجتك علي، و ذلك أكثر من أن يحصيه القائلون، أو يثني بشكره العاملون فخالفت ما يقربني منك، و اقترفت ما يباعدني عنك.

فظاهرت علي جميل سترك و أدنيتني بحسن نظرك و برك، و لم يباعدني عن احسانك تعرضي لعصيانك، بل تابعت علي في نعمك، وعدت بفضلك و كرمك، فان دعوتك أجبتني، و ان سألتك أعطيتني و ان شكرتك زدتني، و ان أمسكت عن مسألتك ابتدأتني، فلك الحمد علي بوادي أياديك و تواليها، حمدا يضاهي آلاؤك و يكافيها.

سيدي سترت علي في الدنيا ذنوبا ضاق علي، منها المخرج، و أنا الي سترها علي في القيامة أحوج، فيامن جللني بستره عن لواحظ المتوسمين، لا تزل سترك



[ صفحه 164]



عني علي رؤوس العالمين.

سيدي أعطيتني فأسنيت حظي، و حفظتني فأحسنت حفظي، و غذيتني فانعمت غذائي، و حبوتني فأكرمت مثواي، و توليتني بفوائد البر و الاكرام و خصصتني بنوافل الفضل و الانعام، فلك الحمد علي جزيل جودك، و نوافل مزيدك، حمدا جامعا لشكرك الواجب، مانعا من عذابك الواصب مكافئا لما بذلته من أقسام المواهب.

سيدي عودتني اسعافي بكل ما أسئلك و اجابتي الي تسهيل كل ما أحاوله و أنا اعتمدك في كل ما يعرض لي من الحاجات، و انزل بك كل ما يخطر ببالي من الطالبات، واثقا بقديم طولك، و مدلا بكريم تفضلك، و أطلب الخير من حيث تعودته، و التمس النجح من معدنه الذي تعرفته، و أعلم أنك لا تكل اللاجين اليك الي غيرك، و لا تخلي الراجين لحسن تطولك من نوافل برك.

سيدي تتابع منك البر و العطاء، فلزمني الشكر و الثناء فما من شي ء أنشره و أطويه من شكرك، و لا قول اعيده و أبديه في ذكرك، الا كنت له أهلا و محلا و كان في جنب معروفك مستصغرا مستقلاأ.

سيدي أستزيدك من فوائد النعم، غير مستبطي ء منك، فيه سني الكرم و استعيذ بك من بوادر النقم، غير مخيل في عدلك خواطر التهم، سيدي عظم قدر من اسعدته باصطفائك، و عدم النصر من أبعدته من فنائك، سيدي ما أعظم روح قلوب المتوكلين عليك، و انجح سعي الآملين لما لديك.

سيدي أنت أنقذت أولياءك من حيرة الشكوك، و أوصلت الي نفوسهم حيرة الملوك، و زينتهم بحلية الوقار و الهيبة، و أسبلت عليهم ستور العصمة و التوبة و سيرت هممهم في ملكوت السماء، و حبوتهم بخصائص الوائد و الحباء، و عقدت



[ صفحه 165]



عزائمهم بحبل محبتك، و آثرت خواطرهم بتحصيل معرفتك، فهم في خدمتك متصرفون و عند نهيك و أمرك واقفون، و بمناجاتك آنسون، و لك بصدق الارادة مجالسون و ذلك برأفة تحننك عليهم، و ما أسديت من جميل منك اليهم.

سيدي بك وصلوا الي مرضاتك، و بكرمك استشعروا ملابس موالاتك، سيدي فاجعلني ممن ناسبهم من أهل طاعتك، و لا تدخلني فيمن جانبهم من أهل معصيتك و اجعل ما اعتقدته من ذكرك خالصا من شبه الفتن، سالما من تمويه الاسرار و العلن مشوبا بخشيتك في كل أوان، مقربا من طاعتك في الاظهار والابطان، داخلا فيما يؤيده الدين و يعصمه، خارجا مما تبنيه الدنيا و تهدمه.

منزها عن قصد أحد سواك، وجيها عندك يوم أقوم لك و ألقاك، محصنا من لواحق الرئاء، مبرءا من بوائق الأهواء، عارجا اليك مع صالح الأعمال، بالغدو و الآصال، متصلا لا ينقطع بوادره، و لا يدرك آخره، مثبتا عندك في الكتب المرفوعة في عليين، مخزونا في الديوان المكنون الذي يشهده المقربون، و لا يمسه الا المطهرون.

اللهم أنت ولي الاصفياء و الاخيار، و لك الخلق و الاختيار، و قد ألبستني في الدنيا ثوب عافيتك، و أودعت قلبي صواب معرفتك، فلا تخلني في الآخرة عن عواطف رأفتك، و اجعلني ممن شمله عفوك، و لم ينله سطوتك، يا من يعلم علل الحركات و حوادث السكون، و لا تخفي عليه عوارض الخطرات في محال الظنون، اجعلنا من الذين أوضحت لهم الدليل عليك، و فسحت لهم السبيل اليك، فاستشعروا مدارع الحكمة و استطرفوا سبل التوبة.

حتي أنا خوافي رياض الرحمة، و سلموا من الاعتراض بالعصمة، انك ولي من اعتصم بنصرك، و مجازي من اذعن بوجوب شكرك، لا تبخل بفضلك، و لا



[ صفحه 166]



تسئل عن فعلك، جل ثناؤك، و فضل عطاؤك، و تظاهرت نعماؤك، و تقدست أسماؤك، فبتسييرك يجري سداد الامور، و بتقديرك يمضي انقياد التدبير، تجير و لا يجار منك، و لا الراغب مندوحة عنك، سبحانك لا اله الا أنت، عليك توكلي، و اليك يفد أملي، و بك ثقتي، و عليك معولي، و لا حول لي عن معصيتك الا بتسديدك، و لا قوة لي علي طاعتك الا بتأييدك.

لا اله الا أنت سبحانك اني كنت من الظالمين يا أرحم الراحمين، و خير الغافرين و صلي الله علي محمد خاتم النبيين و علي أهل بيته الطاهرين، و أصحابه المنتجبين و سلم تسليما كثيرا و حسبنا الله وحده، و نعم المعين، يا خير مدعو، و يا خير مسؤول، و يا أوسع من أعطي، و خير مرتجي، ارزقني و أوسع علي من واسع رزقك رزقا واسعا مباركا طيبا حلالا لا تعذبني عليه، و سبب لي ذلك من فضلك انك علي كل شي ء قدير. [1] .



[ صفحه 167]




پاورقي

[1] بحارالانوار: 173-121:94.