بازگشت

دعاء آخر له


160- اللهم اني اسئلك امورا تفضلت بها علي كثير من خلقك من صغير أو كبير من غير مسئلة منهم لك، فان تجد بها علي فمنة من مننك، و الا تغعل فلست ممن يشارك في حكمه و لا يؤامر في خلقه، فان تك راضيا فأحق من أعطيته ما سألك من رضيت عنه مع هوان ما قصدت فيه اليك عليك، و ان تك ساخطا فأحق من عفا أنت و أكرم من غفر و عاد بفضله علي عبده: فأصلح منه فاسدا و قوم منه أودا، و ان أخذتني بقبيح عملي فواحد من جرمي يحل عذابك بي. و من أنا في خلقك يا مولاي و سيدي

فوعزتك ما تزين ملكك حسناتي و لاتقبحه سيئاتي، و لا ينقص خزائنك غناي، و لا يزيد فيها فقري، و ما صلاحي و فسادي الا اليك، فان صيرتني صالحا كنت، و ان جعلتني فاسدا لم يقدر علي صلاحي سواك، فما كان من عمل سيي ء أتيته فعلي علم مني بأنك تراني و أنك غير غافل عني، مصدق منك بالوعيد لي، و لمن كان في مثل حالي، واثق بعد ذلك منك بالصفح الكريم، و العفو القديم، و الرحمة الواسعة

فجرأني علي معصيتك ما أذقتني من رحمتك و وثوبي علي محارمك، ما رأيت من عفوك، و لو خفت تعجيل نقمتك لا خذت حذري منك كما أخذته من غيرك ممن هو دونك ممن خفت سطوته، فاجتنبت ناحيته، و ما توفيقي الا بك فلا



[ صفحه 122]



تكلني الي نفسي برحمتك فأعجز عنها، و لا الي سواك فيخذلني، فقد سألتك من فضلك مالا أستحقه بعمل صالح قدمته، و لا آيس منه لذنب عظيم ركتبه، لقديم الرجاء فيك و عظيم الطمع منك الذي أوجبته علي نفسك من الرحمة فالامر لك وحدك لا شريك لك و الخلق عيالك، و كل شيي ء خاضع لك

ملكك كثير، و عدلك قديم، و عطاؤك جزيل، و عرشك كريم، و ثناؤك رفيع و ذكرك أحسن، و جارك أمنع، و حكمك نافذ، و علمك جم، و أنت أول آخر ظاهر باطن بكل شيي ء عليم، عبادك، جميعا اليك فقراء، و أنا أفقرهم اليك لذنب تغفره، و لفقر تجبره، و لعائلة تغنيها، و لعورة تسترها، و لخطة تشدها، و لسيئة تتجاوز عنها، و لفساد تصلحه، و لعمل صالح تتقبله، و لكلام طيب ترفعه، و لبدن تعافيه

اللهم انك شوقتني اليك و رغبتني فيما لديك، و تعطفتني عليك، و أرسلت الي خير خلقك يتلو علي أفضل كتبك، فامنت برسولك و لم أقتد بهداه، و صدقت بكتابك و لم أعمل به، و أبغضت لقائك لضعف نفسي، و عصيت أمرك لخبيث عملي و رغبت عن سننك لفساد ديني، و لم أسبق الي رؤيتك لقساوة قلبي

اللهم انك خلقت جنة لمن أطاعك، و أعددت فيها من النعيم المقيم مالا يخطر علي القلوب، و وصفتها بأحس الصفة في كتابك، و شوقت اليها عبادك، و أمرت بالمسابقة اليها، و أخبرت عن سكانها و ما فيها من حور عين كأنهن بيض مكنون و ولدان كاللؤلؤ المنثور، و فاكهة و نخل و رمان، و جنات من أعناب، و أنهار من طيب الشراب، و سندس و استبرق و سلسبيل و رحيق مختوم و أسورة من فضة، و شراب طهور، و ملك كبير.

قلت من بعد ذلك تباركت و تعاليت: «فلا تعلم نفس ما اخفي لهم من قرة أعين جزاء بها كانوا يعملون» فنظرت في عملي فرأيته ضعيفا يا مولاي، و حاسبت





[ صفحه 123]



نفسي فلم أجدني أقوم بشكر ما أنعمت علي، و عددت سيئاتي فأصبتها تسترق حسناتي، فكيف أطمع أن أنال جنتك بعملي، و أنا مرتهن بخطيئتي، لا كيف يا مولاي و ان لم تداركني منك برحمة تمن بها علي في منن قد سبقت منك لا أحصيها تختم لي بها كرامتك فطوبي لمن رضيت عنه، و ويل لمن سخطت عليه، فارض عني و لا تسخط علي يا مولاي.

اللهم و خلقت نارا لمن عصاك، و أعددت لأهلها من أنواع العذاب فيها و وصفته و صنفته من الحميم و الغساق، و المهل، و الضريع و الصديد، و الغسلين و الزقوم، و السلاسل، والاغلال، و مقامع الحديد، و العذاب الغليظ، و العذاب الشديد، و العذاب المهين، و العذاب المقيم، و عذاب الحريق، و عذاب السموم و ظلل من يحموم، و سرابيل القطران، و سرادقات النار، و النحاس، و الزقوم الحطمة، و الهاوية، و لظي، و النار الحاميه، و النار الموقدة التي لا تطفأ، و النار التي تكاد تميز من الغيظ، و النار التي وقودها الناس و الحجارة، و النار التي يقال هل امتلأت؟ فتقول هل من مزيد، و الدرك الأسفل من النار.

قد خفت يا مولاي اذ كنت لك عاصيا أن أكون لها مستوجبا لكبير ذنبي و عظيم جرمي، و قديم اساءتي، وافكر في غناك عن عذابي، و فقري الي رحمتك يا مولاي، مع هوان ما طمعت فيه منك عليك، و عسره عندي و يسره عليك، و عظيم قدره عندي، و كبير خطره لدي و موقعه مني، مع جودك بجسيم الامور، و صفحك عن الذنب الكبير، لا يتعاظمك يا سيدي ذنب أن تغفره، و لا خطيئة أن تحطها عني و عمن هو أعظم جرما مني، لصغر خطري في ملكك، مع تضرعي و ثقتي بك و توكلي عليك، و رجائي اياك، و طمعي فيك، فيحول ذلك بيني و بين خوفي من دخول النار، و من أنا يا سيدي فتقصد قصدي بغضب يدوم منك، علي، تريد به عذابي، ما أنا في خلقك الا بمنزلة الذرة في ملكك العظيم، فهب لي نفسي



[ صفحه 124]



بجودك و كرمك فانك تجد مني خلقا و لا أجد منك و بك غني عني، و لا غنايي حتي تلحقني بهم فتصيرني معهم انك أنت العزيز الحكيم، رب حسنت خلقي، و عظمت عافيتي و وسعت علي في رزقي، و لم تزل تنقلني الي كرامة، و من كرامة الي فضل.

تجدد لي ذلك في ليلي و نهاري لا أعرف غير ما أنا فيه حتي ظننت أن ذلك واجب عليك لي، و أنه لا ينبغي لي أن أكون في غير مرتبتي، لأني لم أدر ما عظيم البلاء فأجد لذة الرخاء، و لم يذلني الفقر فأعرف فضل الأمن فأصبحت و أمسيت في غفلة مما فيه غيري ممن هو دوني فكفرت و لم أشكر بلاءك، و لم أشك أن الذي أنا فيه دائم غير زائل عني، لا أحدث نفسي بانتقال عافية و تحويل فقر، و لا خوف و لا حزن في عاجل دنياي و آجل آخرتي.

فيحول ذلك بيني و بين التضرع اليك في دوام ذلك لي، مع ما أمرتني به من شكرك و وعدتني عليه من المزيد من لديك، فسهوت و لهوت، و غفلت و أمنت، و أشرت و بطرت و تهاونت حتي جاء التغيير مكان العافية، بحلول البلاء، و نزل الضر بمنزلة الصحة و بأنواع السقم و الأذي و أقبل الفقر بازاء الغني، فعرفت ما كنت فيه للذي صرت اليه فسألتك مسئلة من لا يستوجب أن تسمع له دعوة لعظيم ما كنت فيه من الغفلة، و طلبت طلبة من لا يستحق نجاح الطلبة، للذي كنت فيه من اللهو و الفترة.

و تضرعت تضرع من لا يستوجب الرحمة لما كنت فيه من الزهو والاستطالة، فرضيت بما اليه صيرتني و ان كان الضر قد مسني، و الفقر قد أذلني، و البلاء قد حل بي، فان يك ذلك من سخط منك فأعوذ بحلمك من سخطك، و ان كنت أردت أن تبلوني فقد عرفت ضعقي و قلة حيلتي، اذ قلت تباركت و تعاليت «ان الانسان خلق هلوعا اذا مسه الشر جزوعا و اذا مسه الخير منوعا.



[ صفحه 125]



قلت عزيت من قائل: «و أما الانسان اذا ما ابتليه ربه فأكرمه و نعمه فيقول ربي أكرمني، و أما اذا ما ابتليه فقدر عليه رزقه فيقول ربي أهانتي» و قلت جليت من قائل «ان الانسان ليطغي أن رآه استغني» و قلت سبحانك: «و اذا مسكم الضر فاليه تجأرون» و قلت عزيت و جليت «و اذا مس الانسان ضر دعا ربه منيبا اليه ثم اذا خوله نعمة منه نسي ما كان يدعو اليه من قبل» و قلت «و اذا مس الانسان الضر دعانا لجنبه أو قاعدا أو قائما فلما كشفنا عنه ضره مر كأن لم يدعنا الي ضر مسه و قلت: «و يدع الانسان بالشر دعاءه بالخير و كان الانسان عجولا».

صدقت يا سيدي و مولاي هذه صفاتي التي أعرفها من نفسي، و قد مضي علمك في يا مولاي، و وعدتني منك وعدا حسنا أن ادعوك فتستجيب لي، فأنا أدعوك كما أمرتني فاستجب لي كما وعدتني، و زدني من نعمتك و عافيتك و كلاءتك و سترك، و انقلني مما أنا فيه الي ما هو أفضل منه، حتي تبلغ بي فيما أنا فيه رضاك و أنال به ما عندك فيما أعددته لأوليائك و أهل طاعتك، مع النبيين و الصديقين و الشهداء والصالحين، و حسن اولئك رفيقا.

فارزقنا في دارك دار المقام، في جوار محمد الحبيب زين القيامة، تمام الكرامة و دوام النعمة، و مبلغ السرور، انك علي كل شي ء قدير، و صلي الله علي محمد النبي و علي اله، و سلم تسليما كثيرا والحمد لله رب العالمين. [1] .


پاورقي

[1] بحارالانوار: 133:94.