بازگشت

في جوامع مطالب الدنيا و الاخره


اللهم اني اسالك امورا تفضلت بها علي كثير من خلقك، من صغير او كبير من غير مساله منهم لك، فان تجد بها علي فمنه من مننك، و الا تفعل فلست ممن يشارك في حكمه، و لا يوامر في خلقه، فان تك راضيا فاحق من اعطيته ما سالك من رضيت عنه مع هوان ما قصدت فيه اليك عليك، و ان تك ساخطا فاحق من عفا انت، و اكرم من غفر و عاد بفضله علي عبده، فاصلح منه فاسدا، و قوم منه اودا و ان اخذتني بقبيح عملي فواحد من جرمي يحل عذابك بي.

و من انا في خلقك يا مولاي و سيدي؟! فوعزتك ما تزين ملكك حسناتي، و لا تقبحه سيئاتي، و لا ينقص خزائنك غناي، و لا يزيد فيها فقري، و ما صلاحي و فسادي الا اليك، فان صيرتني صالحا كنت صالحا، و ان جعلتني فاسدا لم يقدر علي صلاحي سواك، فما كان من



[ صفحه 594]



عمل سيي ء اتيته، فعلي علم مني بانك تراني، و انك غير غافل عني، مصدق منك بالوعيد لي، و لمن كان في مثل حالي، واثق بعد ذلك منك بالصفح الكريم، و العفو القديم، و الرحمه الواسعه، فجراني علي معصيتك ما اذقتني من رحمتك، و وثوبي علي محارمك ما رايت من عفوك.

و لو خفت تعجيل نقمتك لاخذت حذري منك كما اخذته من غيرك، ممن هو دونك، ممن خفت سطوته فاجتنبت ناحيته، و ما توفيقي الا بك، فلا تكلني الي نفسي برحمتك فاعجز عنها، و لا الي سواك فيخذلني، فقد سالتك من فضلك ما لا استحقه بعمل صالح قدمته، و لا آيس منه لذنب عظيم ركبته بل لقديم الرجاء فيك، و عظيم الطمع منك الذي اوجبته علي نفسك من الرحمه.

فالامر لك و خدك لا شريك لك، و الخلق عيالك، و كل شي ء خاضع لك، ملكك كبير، و عدلك قديم، و عطاوك جزيل، و عرشك كريم، و ثناوك رفيع، و ذكرك احسن، و جارك امنع و احكم و حكمك نافذ، و علمك جم و انت اول آخر ظاهر باطن بكل شي ء عليم، عبادك جميعا اليك فقراء، و انا افقرهم اليك لذنب تغفره، و لفقر تجبره و لعائله تغنيها، و لعوره تسترها، و لخله



[ صفحه 595]



تسدها، و لسيئه تتجاوز عنها، و لفساد تصلحه، و لعمل صالح تتقبله و لكلام طيب ترفعه، و لبدن تعافيه.

اللهم انك شوقتني اليك، و رغبتني فيما لديك، و تعطفتني عليك و ارسلت الي خير خلقك يتلو علي افضل كتبك، فامنت برسولك و لم اقتد بهداه، و صدقت بكتابك و لم اعمل به، و ابغضت لقاءك لضعف نفسي، و عصيت امرك لخبيث عملي، و رغبت عن سنتك لفساد ديني، و لم اسبق الي رويتك لقساوه قلبي.

اللهم انك خلقت جنه لمن اطاعك، و اعددت فيها من النعيم المقيم ما لا يخطر علي القلوب، و وصفتها باحسن الصفه في كتابك، و شوقت اليها عبادك، و امرت بالمسابقه اليها، و اخبرت عن سكانها و ما فيها من حور عين كانهن بيض مكنون، و ولدان كاللولو المنثور، و فاكهه و نخل و رمان، و جنات من اعناب، و انهار من طيب الشراب و سندس و استبرق و سلسبيل و رحيق مختوم و اسوره من فضه، و شراب طهور، و ملك كبير، و قلت من بعد ذلك تباركت و تعاليت «فلا تعلم نفس ما اخفي لهم من قره اعين جزاء بما كانوا يعملون».

فنظرت في عملي فرايته ضعيفا يا مولاي، و حاسبت نفسي فلم اجدني اقوم بشكر ما انعمت علي، و عددت سيئاتي فاصبتها تسترق



[ صفحه 596]



حسناتي، فكيف اطمع ان انال جنتك بعملي، و انا مرتهن بخطيتي؟!

لا، كيف يا مولاي ان لم تداركني منك برحمه تمن بها علي في منن قد سبقت منك لا احصيها تختم لي بها كرامتك؟ فطوبي لمن رضيت عنه، و ويل لمن سخطت عليه، فارض عني، و لا تسخط علي يا مولاي.

اللهم و خلقت نارا لمن عصاك، و اعددت لاهلها من انواع العذاب فيها، و وصفته بما وصفته من الحميم و الغساق و المهل و الضريع و الصديد و الغسلين و الزقوم و السلاسل و الاغلال، و مقامع الحديد، و العذاب الغليظ، و العذاب الشديد، و العذاب المهين، و العذاب المقيم، و عذاب الحريق، و عذاب السموم، و ظل من يحموم و سرابيل القطران، و سرادقات النار و النحاس، و الزقوم، و الحطمه، و الهاويه، و لظي، و النار الحاميه، و النار الموقده، التي تطلع علي الافئده، و النار الموصده ذات العمد الممدده، و السعير، و الحميم، و النار التي لا تطفا، و النار التي تكاد تميز من الغيظ، و النار التي وقودها الناس و الحجاره، و النار التي يقال لها: هل امتلات؟ و تقول هل من مزيد! و الدرك الاسفل من النار.

فقد خفت يا مولاي اذ كنت لك عاصيا ان اكون لها مستوجبا



[ صفحه 597]



لكبير ذنبي، و عظيم جرمي، و قديم اساءتي، و افكر في غناك عن عذابي، و فقري الي رحمتك يا مولاي مع هوان ما طمعت فيه منك عليك، و عسره عندي، و يسره عليك، و عظيم قدره عندي، و كبير خطره لدي، و موقعه مني مع جودك بجسيم الامور، و صفحك عن الذنب الكبير.

لا يتعاظمك- يا سيدي- ذنب ان تغفره، و لا خطيئه ان تحطها عني، و عمن هو اعظم جرما مني، لصغر خطري في ملكك مع تضرعي، و ثقتي بك، و توكلي عليك، و رجائي اياك، و طمعي فيك، فيحول ذلك بيني و بين خوفي من دخول النار.

و من انا يا سيدي فتقصد قصدي بغضب يدوم منك علي تريد به عذابي؟! ما انا في خلقك الا بمنزله الذره في ملكك العظيم! فهب لي نفسي بجودك و كرمك، فانك تجد مني خلفا و لا اجد منك و بك غني عني و لا غني بي حتي تلحقني بهم، فتصيرني معهم انك انت العزيز الحكيم.

رب حسنت خلقي، و عظمت عافيتي، و وسعت علي في رزقي، و لم تزل تنقلني من نعمه الي كرامه، و من كرامه الي فضل تجدد لي ذلك في ليلي و نهاري، لا اعرف غير ما انا فيه، حتي ظننت ان ذلك واجب عليك لي، و انه لا ينبغي لي ان اكون في غير مرتبتي، لاني لم ادر



[ صفحه 598]



ما عظيم البلاء فاجد لذه الرخاء، و لم يذلني الفقر فاعرف فضل الغني و لم يهني الخوف فاعرف فضل الامن، فاصبحت و امسيت في غفله مما فيه غيري، ممن هو دوني، فكفرت و لم اشكر بلاءك، و لم اشك ان الذي انا فيه دائم غير زائل عني، لا احدث نفسي بانتقال عافيه و تحويل فقر، و لا خوف و لا حزن في عاجل دنياي و آجل آخرتي، فيحول ذلك بيني و بين التضرع اليك في دوام ذلك لي، مع ما امرتني به من شكرك، و وعدتني عليه من المزيد من لدنك.

فسهوت و لهوت و غفلت و امنت و اشرت و بطرت و تهاونت حتي جاء التغيير مكان العافيه بحلول البلاء، و نزل الضر بمنزله الصحه و بانواع السقم و الاذي، و اقبل الفقر بازاء الغني، فعرفت ما كنت فيه للذي صرت اليه، فسالتك مساله من لا يستوجب ان تسمع له دعوه لعظيم ما كنت فيه من الغفله، و طلبت طلبه من لا يستحق نجاح الطلبه للذي كنت فهي من اللهو و الفتره و تضرعت تضرع من لا يستوجب الرحمه لما كنت فيه من الزهو و الاستطاله فرضيت بما اليه صيرتني و ان كان الضر قد مسني، و الفقر قد اذلني و البلاء قد حل بي.

فان يك ذلك من سخط منك فاعوذ بحلمك من سخطك، و ان



[ صفحه 599]



كنت اردت ان تبلوني، فقد عرفت ضعفي و قله حيلتي، اذ قلت تباركت و تعاليت: «ان الانسان خلق هلوعا اذا مسه الشر جزوعا و اذا مسه الخير منوعا».

و قلت عزيت من قائل: «فاما الانسان اذا ما ابتلاه ربه فاكرمه و نعمه فيقول ربي اكرمن و اما اذا ما ابتلاه فقدر عليه رزقه فيقول ربي اهانن».

و قلت جليت من قائل: «ان الانسان ليطغي ان راه استغني».

و قلت سبحانك: «اذا مسكم الضر فاليه تجارون».

و قلت عزيت و جليت: «و اذا مس الانسان ضر دعا ربه منيبا اليه ثم اذا خوله نعمه منه نسي ما كان يدعوا اليه من قبل».

و قلت: «و اذا مس الانسان الضر دعانا لجنبه اوقاعدا اوقائما فلما كشفنا عنه ضره مر كان لم يدعنا الي ضر مسه».

و قلت: «و يدع الانسان بالشر دعاءه بالخير و كان الانسان عجولا».

صدقت يا سيدي و مولاي، هذه صفاتي التي اعرفها من نفسي و قد مضي علمك في يا مولاي، و وعدتني منك وعدا حسنا ان ادعوك كما امرتني فتستجيب لي، فانا ادعوك كما امرتني، فاستجب لي كما وعدتني، و زدني من نعمتك و عافيتك، و كلاءتك و سترك، و انقلني مما انا فيه



[ صفحه 600]



الي ما هو افضل منه حتي تبلغ بي فيما فيه رضاك، و انال به ما عندك فيما اعددته لاوليائك و اهل طاعتك مع «النبيين و الصديقين و الشهداء و الصالحين، و حسن اولئك رفيقا» فارزقنا في دارك دار المقامه في جوار محمد الحبيب زين القيامه، تمام الكرامه، و دوام النعمه، و مبلغ السرور، انك علي كل شي ء قدير، و صلي الله علي محمد النبي، و علي آله و سلم تسليما كثيرا، و الحمد لله رب العالمين.