في المناجاة
بسم الله الرحمن الرحيم
الهي اسالك ان تعصمني حتي لا اعصيك، فاني قد بهت
[ صفحه 477]
و تحيرت من كثره الذنوب مع العصيان، و من كثره كرمك مع الاحسان، و قد اكلت لساني كثره ذنوبي، و اذهبت عني ماء وجهي، فباي وجه القاك و قد اخلقت الذنوب وجهي؟! و باي لسان ادعوك و قد اخرست المعاصي لساني؟!
و كيف ادعوك و انا العاصي؟! و كيف لا ادعوك و انت الكريم؟! و كيف افرح و انا العاصي؟! و كيف احزن و انت الكريم؟! و كيف ادعوك و انا انا؟! و كيف لا ادعوك و انت انت؟! و كيف افرح و قد عصيتك؟! و كيف احزن و قد عرفتك؟!
و انا استحيي ان ادعوك و انا مصر علي الذنوب، و كيف بعبد لا يدعو سيده؟! و اين مفره و ملجاه ان يطرده؟!
الهي، بمن استغيث ان لم تقلني عثرتي؟! و من يرحمني ان لم ترحمني؟! و من يدركني ان لم تدركني؟! و اين الفرار اذا ضاقت لديك امنيتي؟
الهي، بقيت بين خوف و رجاء، خوفك يميتني، و رجاوك يحييني.
الهي، الذنوب صفاتنا، و العفو صفاتك.
الهي، الشيبه نور من انوارك، فمحال ان تحرق نورك بنارك.
الهي، الجنه دار الابرار، و لكن ممرها علي النار، فياليتني اذا حرمت الجنه لم ادخل النار.
[ صفحه 478]
الهي، و كيف ادعوك و اتمني الجنه مع افعالي القبيحه؟! و كيف لا ادعوك و لا اتمني الجنه مع افعالك الحسنه الجميله؟!
الهي، انا الذي ادعوك و ان عصيتك، و لا ينسي قلبي ذكرك.
الهي، انا الذي ارجوك و ان عصيتك، و لا ينقطع رجائي من رحمتك.
الهي، انا الذي اذا طال عمري زادت ذنوبي، و طالت مصيبتي بكثره ذنوبي، و طال رجائي بكثره عفوك يا مولاي.
الهي، ذنوبي عظيمه، و لكن عفوك اعظم من ذنوبي.
الهي، بعفوك العظيم اغفر لي ذنوبي العظيمه، فانه لا يغفر الذنوب العظيمه الا الرب العظيم.
الهي، انا الذي اعاهدك فانقض عهدي، و اترك عزمي حين تعرض شهوتي، فاصبح بطالا و امسي لا هيا، و تكتب ما قدمت يومي و ليلتي.
الهي، ذنوبي لا تضرك و عفوك اياي لا ينقصك، فاغفر لي مالا يضرك، و اعطني ما لا ينقصك.
الهي، ان احرقتني لا ينفعك و ان غفرت لي لا يضرك، فافعل بي ما لا يضرك و لا تفعل بي ما لا يسرك.
الهي، لولا ان العفو من صفاتك لما عصاك اهل معرفتك.
[ صفحه 479]
الهي، لولا انك بالعفو تجود لما عصيتك و الي الذنب اعود.
الهي، لولا ان العفو احب الاشياء لديك لما عصاك احب الخلق اليك.
الهي، رجائي منك غفران، و ظني فيك احسان، اقلني عثرتي ربي فقد كان الذي كان، فيامن له رفق بمن يعاديه، فكيف بمن يتولاه و يناجيه؟!
و يا من كلما نودي اجاب، و يا من بجلاله ينشي السحاب، انت الذي قلت: «من الذي دعاني فلم البه»؟ «و من الذي سالني فلم اعطه»؟ «و من الذي اقام ببابي فلم اجبه»؟
و انت الذي قلت: «انا الجواد و مني الجود، و انا الكريم و مني الكرم، و من كرمي في العاصين ان اكلاهم في مضاجعهم كانهم لم يعصوني، و اتولي حفظهم كانهم لم يذنبوني».
الهي، من الذي يفعل الذنوب؟ و من الذي يغفر الذنوب؟ فانا فعال الذنوب، و انت غفار الذنوب.
الهي، بئس ما فعلت من كثره الذنوب و العصيان، و نعم ما فعلت من الكرم و الاحسان.
الهي، انت الذي اغرقتني بالجود و الكرم و العطايا، و انا الذي
[ صفحه 480]
اغرقت نفسي بالذنوب و الجهاله و الخطايا، و انت مشهور بالاحسان، و انا مشهور بالعصيان.
الهي، ضاق صدري و لست ادري باي علاج اداوي ذنبي؟ فكم اتوب منها؟ و كم اعود اليها؟ و كم انوح عليها ليلي و نهاري؟ فحتي متي يكون و قد افنيت بها عمري؟!
الهي، طال حزني، و دق عظمي، و بلي جسمي و بقيت الذنوب علي ظهري، فاليك اشكو سيدي فقري و فاقتي، و ضعفي و قله حيلتي.
الهي، ينام كل ذي عين، و يستريح الي وطنه، و انا وجل القلب و عيناي تنتظران رحمه ربي، فادعوك يا رب فاستجب دعائي، و اقض حاجتي، و اسرع باجابتي.
الهي، انتظر عفوك كما ينتظره المذنبون، و لست اياس من رحمتك التي يتوقعها المحسنون.
الهي، اتحرق بالنار وجهي، و كان لك مصليا؟!
الهي، اتحرق بالنار عيني، و كانت من خوفك باكيه؟!
الهي، اتحرق بالنار لساني، و كان للقرآن تاليا؟!
الهي، اتحرق بالنار قلبي، و كان لك محبا؟!
الهي، اتحرق بالنار جسمي، و كان لك خاشعا؟!
[ صفحه 481]
الهي، اتحرق بالنار اركاني، و كانت لك ركعا سجدا؟!
الهي، امرت بالمعروف و انت اولي به من المامورين، و امرت بصله السئوال و انت خير المسوولين.
الهي، ان عذبتني فعبد خلقته لما اردته فعذبته، و ان انجيتني فعبد وجدته مسيئا فانجيته.
الهي، لا سبيل لي الي الاحتراس من الذنب الا بعصمتك، و لا وصول لي الي عمل الخير الا بمشيتك، فكيف لي بالاحتراس ما لم تدركني فيه عصمتك؟!
الهي، سترت علي في الدنيا ذنوبا و لم تظهرها، فلا تفضحني بها يوم القيامه علي رووس العالمين.
الهي، جودك بسط املي، و شكرك قبل عملي، فسرني بلقائك عند اقتراب اجلي.
الهي، اذا شهد لي الايمان بتوحيدك، و نطق لساني بتحميدك، و دلني القرآن علي فواضل جودك، فكيف ينقطع رجائي بموعودك؟!
الهي، انا الذي قتلت نفسي بسيف العصيان، حتي استوجبت منك القطيعه و الحرمان، فالامان الامان، هل بقي لي عندك وجه الاحسان؟
[ صفحه 482]
الهي، عصاك آدم فغفرت له، و عصاك خلق من ذريته، فيامن عفا عن الوالد معصيته، اعف عن الولد العصاه لك من ذريته.
الهي، خلقت جنتك لمن اطاعك، و وعدت فيها ما لا يخطر بالقلوب، و نظرت الي عملي، فرايته ضعيفا يا مولاي، و حاسبت نفسي، فلم اجد ان اقوم بشكر ما انعمت علي، و خلقت نارا لمن عصاك، و وعدت فيها انكالا و جحيما و عذابا، و قد خفت يا مولاي ان اكون مستوجبا لها لكبير جراتي، و عظيم جرمي، و قديم اساءتي، فلا يتعاظمك ذنب تغفره لي، و لا لمن هو اعظم جرما مني لصغر خطري في ملكك مع يقيني بك، و توكلي و رجائي لديك.
الهي، جعلت لي عدوا يدخل قلبي، و يحل محل الراي و الفكره مني، و اين الفرار اذا لم يكن منك عون عليه؟!
الهي، ان الشيطان فاجر خبيث، كثير المكر، شديد الخصومه، قديم العداوه، كيف ينجو من يكون معه في دار و هو المحتال؟! الا اني اجد كيده ضعيفا، فاياك نعبد و اياك نستعين، و اياك نستحفظ، و لا حول و لا قوه الا بالله، يا كريم يا كريم يا كريم.
[ صفحه 483]