بازگشت

و كان من دعائه في وداع شهر رمضان


اللهم يا من لا يرغب في الجزاء و يا من لا يندم علي العطاء و يا من لا يكافي عبده علي السواء منتك ابتداء، و عفوك تفضل، و عقوبتك عدل، و قضاوك خيرة ان اعطيت لم تشب عطاءك بمن، و ان منعت لم يكن منعك تعديا تشكر من شكرك و انت الهمته شكرك و تكافي من حمدك و انت علمته حمدك تستر علي من لو شئت فضحته، و تجود علي من لو شئت منعته، و كلاهما اهل منك للفضيحة و المنع غير انك بنيت افعالك علي التفضل، و اجريت قدرتك علي التجاوز و تلقيت من عصاك بالحلم، و امهلت من قصد لنفسه بالظلم، تستنظرهم باناتك الي الانابة، و تترك معاجلتهم الي التوبة لكيلا يهلك عليك هالكهم، و لا يشقي بنعمتك شقيهم الا عن طول الاعذار اليه، و بعد ترادف الحجة عليه، كرما من عفوك يا كريم، و عائدة من عطفك يا حليم.



[ صفحه 293]



انت الذي فتحت لعبادك بابا الي عفوك، و سميته التوبة، و جعلت علي ذلك الباب دليلا من وحيك لئلا يضلوا عنه، فقلت- تبارك اسمك-: توبوا الي الله توبة نصوحا عسي ربكم ان يكفر عنكم سيئاتكم و يدخلكم جنات تجري من تحتها الانهار يوم لا يخزي الله النبي و الذين امنوا معه، نورهم يسعي بين ايديهم و بايمانهم، يقولون: ربنا اتمم لنا نورنا، و اغفر لنا، انك علي كل شي قدير. فما عذر من اغفل دخول ذلك المنزل بعد فتح الباب و اقامة الدليل.

و انت الذي زدت في السوم علي نفسك لعبادك، تريد ربحهم في متاجرتهم لك، و فوزهم بالوفادة عليك، و الزيادة منك، فقلت- تبارك اسمك و تعاليت-: من جاء بالحسنة فله عشر امثالها، و من جاء بالسيئة فلا يجزي الا مثلها و قلت: مثل الذين ينفقون اموالهم في سبيل الله كمثل حبة انبتت سبع سنابل في كل سنبلة مائة حبة، و الله يضاعف لمن يشاء، و قلت: من ذا الذي يقرض الله قرضا حسنا فيضاعفه له اضعافا كثيرة. و ما انزلت من نظائرهن في القران من تضاعيف الحسنات.

و انت الذي دللتهم بقولك من غيبك و ترغيبك الذي فيه حظهم علي ما لو سترته عنهم لم تدركه ابصارهم، و لم تعه اسماعهم، و لم تلحقه



[ صفحه 294]



اوهامهم، فقلت: اذكروني اذكركم، و اشكروا لي و لا تكفرون، و قلت: لئن شكرتم لازيدنكم، و لئن كفرتم ان عذابي لشديد و قلت: ادعوني استجب لكم، ان الذين يستكبرون عن عبادتي سيدخلون جهنم داخرين، فسميت دعاءك عبادة، و تركه استكبارا، و توعدت علي تركه دخول جهنم داخرين فذكروك بمنك، و شكروك بفضلك، و دعوك بامرك، و تصدقوا لك طلبا لمزيدك، و فيها كانت نجاتهم من غضبك، و فوزهم برضاك و لو دل مخلوق مخلوقا من نفسه علي مثل الذي دللت عليه عبادك منك كان موصوفا بالاحسان، و منعوتا بالامتنان، و محمودا بكل لسان، فلك الحمد ما وجد في حمدك مذهب، و ما بقي للحمد لفظ تحمد به، و معني ينصرف اليه يا من تحمد الي عباده بالاحسان و الفضل، و غمرهم بالمن و الطول، ما افشي فينا نعمتك، و اسبغ علينا منتك، و اخصنا ببرك! هديتنا لدينك الذي اصطفيت، و ملتك التي ارتضيت، و سبيلك الذي سهلت، و بصرتنا الزلفة لديك، و الوصول الي كرامتك.

اللهم و انت جعلت من صفايا تلك الوظائف، و خصائص تلك الفروض شهر رمضان الذي اختصصته من سائر الشهور، و تخيرته من جميع الازمنة و الدهور، و اثرته علي كل اوقات السنة بما انزلت



[ صفحه 295]



فيه من القران و النور، و ضاعفت فيه من الايمان، و فرضت فيه من الصيام، و رغبت فيه من القيام، و اجللت فيه من ليلة القدر التي هي خير من الف شهر.

ثم اثرتنا به علي سائر الامم، و اصطفيتنا بفضله دون اهل الملل، فصمنا بامرك نهاره، و قمنا بعونك ليله، متعرضين بصيامه و قيامه لما عرضتنا له من رحمتك، و تسببنا اليه من مثوبتك.

و انت الملي بما رغب فيه اليك، الجواد بما سئلت من فضلك، القريب الي من حاول قربك و قد اقام فينا هذا الشهر مقام حمد، و صحبنا صحبة مبرور، و اربحنا افضل ارباح العالمين، ثم قد فارقنا عند تمام وقته، و انقطاع مدته، و وفاء عدده فنحن مودعوه وداع من عز فراقه علينا، و غمنا و اوحشنا انصرافه عنا، و لزمنا له الذمام المحفوظ، و الحرمة المرعية، و الحق المقضي، فنحن قائلون:

السلام عليك يا شهر الله الاكبر، و يا عيد اوليائه.

السلام عليك يا اكرم مصحوب من الاوقات، و يا خير شهر في الايام و الساعات.

السلام عليك من شهر قربت فيه الامال، و نشرت فيه الاعمال.

السلام عليك من قرين جل قدره موجودا، و افجع فقده مفقودا، و مرجو الم فراقه.



[ صفحه 296]



السلام عليك من اليف انس مقبلا فسر، و اوحش منقضيا فمض.

السلام عليك من مجاور رقت فيه القلوب و قلت فيه الذنوب.

السلام عليك من ناصر اعان علي الشيطان، و صاحب سهل سبل الاحسان.

السلام عليك ما اكثر عتقاء الله فيك، و ما اسعد من رعي حرمتك بك.

السلام عليك ما كان امحاك للذنوب، و استرك لانواع العيوب.

السلام عليك ما كان اطولك علي المجرمين، و اهيبك في صدور المومنين!

السلام عليك من شهر لا تنافسه الايام.

السلام عليك من شهر هو من كل امر سلام.

السلام عليك غير كريه المصاحبة، و لا ذميم الملابسة.

السلام عليك كما وفدت علينا بالبركات، و غسلت عنا دنس الخطيئات.

السلام عليك غير مودع برما، و لا متروك صيامه ساما.

السلام عليك من مطلوب قبل وقته، و محزون عليه قبل فوته.



[ صفحه 297]



السلام عليك كم من سوء صرف بك عنا، و كم من خير افيض بك علينا.

السلام عليك و علي ليلة القدر التي هي خير من الف شهر.

السلام عليك ما كان احرصنا بالامس عليك، و اشد شوقنا غدا اليك.

السلام عليك و علي فضلك الذي حرمناه، و علي ماض من بركاتك سلبناه.

اللهم انا اهل هذا الشهر الذي شرفتنا به، و وفقتنا بمنك له حين جهل الاشقياء وقته، و حرموا لشقائهم فضله انت ولي ما اثرتنا به من معرفته، و هديتنا له من سنته، و قد تولينا بتوفيقك صيامه و قيامه علي تقصير، و ادينا فيه قليلا من كثير.

اللهم فلك الحمد اقرارا بالاساءة، و اعترافا بالاضاعة، و لك من قلوبنا عقد الندم، و من السنتنا صدق الاعتذار، فاجرنا علي ما اصابنا فيه من التفريط اجرا نستدرك به الفضل المرغوب فيه، و نعتاض به من انواع الذخر المحروص عليه و اوجب لنا عذرك علي ما قصرنا فيه من حقك، و ابلغ باعمارنا ما بين ايدينا من شهر رمضان المقبل، فاذا بلغتناه فاعنا علي تناول ما انت اهله من العبادة، و ادنا الي القيام بما



[ صفحه 298]



يستحقه من الطاعة، و اجر لنا من صالح العمل ما يكون دركا لحقك في الشهرين من شهور الدهر.

اللهم و ما الممنا به في شهرنا هذا من لمم او اثم، او واقعنا فيه من ذنب، و اكتسبنا فيه من خطيئة علي تعمد منا، او علي نسيان ظلمنا فيه انفسنا، او انتهكنا به حرمة من غيرنا.

فصل علي محمد و اله، و استرنا بسترك، و اعف عنا بعفوك، و لا تنصبنا فيه لاعين الشامتين، و لا تبسط علينا فيه السن الطاغين، و استعملنا بما يكون حطة و كفارة لما انكرت منا فيه برافتك التي لا تنفد، و فضلك الذي لا ينقص.

اللهم صل علي محمد و اله، و اجبر مصيبتنا بشهرنا، و بارك لنا في يوم عيدنا و فطرنا، و اجعله من خير يوم مر علينا اجلبه لعفو، و امحاه لذنب، و اغفرلنا ما خفي من ذنوبنا و ما علن.

اللهم اسلخنا بانسلاخ هذا الشهر من خطايانا، و اخرجنا بخروجه من سيئاتنا، و اجعلنا من اسعد اهله به، و اجزلهم قسما فيه، و اوفرهم حظا منه.

اللهم و من رعي هذا الشهر حق رعايته، و حفظ حرمته حق حفظها، و قام بحدوده حق قيامها، و اتقي ذنوبه حق تقاتها، او تقرب اليك



[ صفحه 299]



بقربة اوجبت رضاك له، و عطفت رحمتك عليه، فهب لنا مثله من وجدك، و اعطنا اضعافه من فضلك، فان فضلك لا يغيض، و ان خزائنك لا تنقص بل تفيض، و ان معادن احسانك لا تفني، و ان عطاءك للعطاء المهنا.

اللهم صل علي محمد و اله، و اكتب لنا مثل اجور من صامه، او تعبد لك فيه الي يوم القيمة.

اللهم انا نتوب اليك في يوم فطرنا الذي جعلته للمومنين عيدا و سرورا، و لاهل ملتك مجمعا و محتشدا من كل ذنب اذنبناه، او سوء اسلفناه، او خاطر شر اضمرناه، توبة من لا ينطوي علي رجوع الي ذنب، و لا يعود بعدها في خطيئة، توبة نصوحا خلصت من الشك و الارتياب، فتقبلها منا، و ارض عنا، و ثبتنا عليها.

اللهم ارزقنا خوف عقاب الوعيد، و شوق ثواب الموعود حتي نجد لذة ما ندعوك به، و كابة ما نستجيرك منه و اجعلنا عندك من التوابين الذين اوجبت لهم محبتك، و قبلت منهم مراجعة طاعتك، يا اعدل العادلين.

اللهم تجاوز عن ابائنا و امهاتنا و اهل ديننا جميعا من سلف منهم و من غبر الي يوم القيمة.

اللهم صل علي محمد نبينا و اله كما صليت علي ملائكتك



[ صفحه 300]



المقربين، و صل عليه و اله كما صليت علي انبيائك المرسلين، و صل عليه و اله كما صليت علي عبادك الصالحين، و افضل من ذلك يا رب العالمين، صلوة تبلغنا بركتها، و ينالنا نفعها، و يستجاب لها دعاونا، انك اكرم من رغب اليه، و اكفي من توكل عليه، و اعطي من سئل من فضله، و انت علي كل شي قدير.