بازگشت

و كان من دعائه اذا اعترف بالتقصير عن تادية الشكر


اللهم ان احدا لا يبلغ من شكرك غاية الا حصل عليه من احسانك ما يلزمه شكرا و لا يبلغ مبلغا من طاعتك و ان اجتهد الا كان مقصرا دون استحقاقك بفضلك فاشكر عبادك عاجز عن شكرك، و اعبدهم مقصر عن طاعتك.

لا يجب لاحد ان تغفر له باستحقاقه، و لا ان ترضي عنه



[ صفحه 184]



باستيجابه فمن غفرت له فبطولك، و من رضيت عنه فبفضلك تشكر يسير ما شكرته، و تثيب علي قليل ما تطاع فيه حتي كان شكر عبادك الذي اوجبت عليه ثوابهم و اعظمت عنه جزاءهم امر ملكوا استطاعة الامتناع منه دونك فكافيتهم، او لم يكن سببه بيدك فجازيتهم! بل ملكت- يا الهي- امرهم قبل ان يملكوا عبادتك، و اعددت ثوابهم قبل ان يفيضوا في طاعتك، و ذلك ان سنتك الافضال، و عادتك الاحسان، و سبيلك العفو.

فكل البرية معترفة بانك غير ظالم لمن عاقبت، و شاهدة بانك متفضل علي من عافيت، و كل مقر علي نفسه بالتقصير عما استوجبت فلولا ان الشيطان يختدعهم عن طاعتك ما عصاك عاص، و لو لا انه صور لهم الباطل في مثال الحق ما ضل عن طريقك ضال.

فسبحانك! ما ابين كرمك في معاملة من اطاعك او عصاك: تشكر للمطيع ما انت توليته له، و تملي للعاصي فيما تملك معاجلته فيه اعطيت كلا منهما ما لم يجب له، و تفضلت علي كل منهما بما يقصر عمله عنه.

و لو كافات المطيع علي ما انت توليته لاوشك ان يفقد



[ صفحه 185]



ثوابك، و ان تزول عنه نعمتك، و لكنك بكرمك جازيته علي المدة القصيرة الفانية بالمدة الطويلة الخالدة، و علي الغاية القريبة الزائلة بالغاية المديدة الباقية ثم لم تسمه القصاص فيما اكل من رزقك الذي يقوي به علي طاعتك، و لم تحمله علي المناقشات في الالات التي تسبب باستعمالها الي مغفرتك، و لو فعلت ذلك به لذهب بجميع ما كدح له و جملة ما سعي فيه جزاء للصغري من اياديك و مننك، و لبقي رهينا بين يديك بسائر نعمك، فمتي كان يستحق شيئا من ثوابك؟ لا! متي؟!

هذا- يا الهي- حال من اطاعك، و سبيل من تعبد لك، فاما العاصي امرك و المواقع نهيك فلم تعاجله بنقمتك لكي يستبدل بحاله في معصيتك حال الانابة الي طاعتك، و لقد كان يستحق في اول ما هم بعصيانك كل ما اعددت لجميع خلقك من عقوبتك فجميع ما اخرت عنه من العذاب و ابطات به عليه من سطوات النقمة و العقاب ترك من حقك، و رضي بدون واجبك.

فمن اكرم- يا الهي- منك، و من اشقي ممن هلك عليك؟ لا! من؟ فتباركت ان توصف الا بالاحسان، و كرمت ان يخاف منك الا العدل، لا يخشي جورك علي من عصاك، و لا يخاف اغفالك ثواب من



[ صفحه 186]



ارضاك،

فصل علي محمد و اله، و هب لي املي، و زدني من هداك ما اصل به الي التوفيق في عملي، انك منان كريم.