في السحر
عن طاووس انه قال: رايته- اي علي بن الحسين عليهماالسلام- يطوف من العشاء الي السحر و يتعبد، فلما لم ير احدا رمق السماء بطرفه، و قال:
الهي غارت نجوم سماواتك، و هجعت عيون انامك، و ابوابك مفتحات للسائلين، جئتك لتغفر لي و ترحمني، و تريني وجه جدي محمد صلي الله عليه و آله في عرصات القيامه.
ثم بكي و قال:
و عزتك و جلالك ما اردت بمعصيتي مخالفتك، و ما عصيتك اذ عصيتك و انا بك شاك، و لا بنكالك جاهل، و لا لعقوبتك متعرض، و لكن سولت لي نفسي، و اعانني علي ذلك سترك المرخي به علي.
فانا الان من عذابك من يستنقذني؟ و بحبل من اعتصم ان قطعت حبلك عني؟ فواسوءتاه غدا من الوقوف بين يديك اذا قيل للمخفين جوزوا و للمثقلين حطوا امع المخفين اجوز، ام مع المثقلين احط؟
[ صفحه 177]
ويلي كلما طال عمري كثرت خطاياي و لم اتب، اما آن لي ان استحيي من ربي.
ثم بكي، و انشا يقول:
اتحرقني بالنار يا غايه المني فاين رجائي ثم اين محبتي اتيت باعمال قباح رديه و ما في الوري خلق جني كجنايتي
ثم بكي، و قال:
سبحانك تعصي كانك لا تري، و تحلم كانك لم تعص، تتودد الي خلقك بحسن الصنيع كان بك الحاجه اليهم و انت يا سيدي الغني عنهم.
ثم خر الي الارض ساجدا، فدنوت منه، و شلت راسه، و وضعته علي ركبتي، و بكيت حتي جرت دموعي علي خده، فاستوي جالسا و قال:
من ذا الذي اشغلني عن ذكر ربي؟! فقلت: انا طاووس يا ابن رسول الله، ما هذا الجزع و الفزع؟ و نحن يلزمنا ان نفعل مثل هذا و نحن عاصون جافون! ابوك الحسين بن علي، و امك فاطمه الزهراء، وجدك رسول الله صلي الله عليه و آله! قال: فالتفت الي و قال: هيهات هيهات طاووس، دع عني حديث ابي و امي وجدي، خلق الله الجنه لمن اطاعه و احسن و لو كان عبدا حبشيا، و خلق النار لمن عصاه و لو كان ولدا قرشيا.
اما سمعت قوله تعالي: «فاذا نفخ في الصور فلا انساب بينهم يومئذ و لا يتساءلون»
و الله لا ينفعك غدا الا تقدمه تقدمها من عمل صالح.
[ صفحه 178]