بازگشت

و كان من دعائه في استقاله و التضرع في طلب العفو


اللهم يا من برحمته يستغيث المذنبون و يا من الي ذكر احسانه يفزع المضطرون و يا من لخيفته ينتحب الخاطئون يا انس كل مستوحش غريب، و يا فرج كل مكروب كئيب، و يا غوث كل مخذول فريد، و يا عضد كل محتاج طريد.

انت الذي وسعت كل شي رحمة و علما و انت الذي جعلت لكل مخلوق في نعمك سهما و انت الذي عفوه اعلي من عقابه و انت الذي تسعي رحمته امام غضبه و انت الذي عطاوه اكثر من منعه و انت الذي اتسع الخلائق كلهم في وسعه و انت الذي لا يرغب في جزاء من اعطاه و انت الذي لا يفرط في عقاب من عصاه.

و انا، يا الهي عبدك الذي امرته بالدعاء فقال: لبيك و سعديك، ها انا ذا، يا رب، مطروح بين يديك انا الذي اوقرت الخطايا ظهره



[ صفحه 100]



و انا الذي افنت الذنوب عمره، و انا الذي بجهله عصاك و لم تكن اهلا منه لذاك.

هل انت، يا الهي، راحم من دعاك فابلغ في الدعاء؟ ام انت غافر لمن بكاك فاسرع في البكاء؟ ام انت متجاوز عمن عفر لك وجهه تذللا؟ ام انت مغن من شكا اليك فقره توكلا؟

الهي لا تخيب من لا يجد معطيا غيرك، و لا تخذل من لا يستغني عنك باحد دونك.

الهي فصل علي محمد و اله، و لا تعرض عني و قد اقبلت عليك، و لا تحرمني و قد رغبت اليك، و لا تجبهني بالرد و قد انتصبت بين يديك انت الذي وصفت نفسك بالرحمة، فصل علي محمد و اله، و ارحمني، و انت الذي سميت نفسك بالعفو فاعف عني.

قد تري، يا الهي، فيض دمعي من خيفتك، و وجيب قلبي من خشيتك، و انتقاض جوارحي من هيبتك كل ذلك حياء منك لسوء عملي، و لذاك خمد صوتي عن الجار اليك، و كل لساني عن مناجاتك.

يا الهي فلك الحمد فكم من عائبة سترتها علي فلم تفضحني، و كم من ذنب غطيته علي فلم تشهرني، و كم من شائبة الممت



[ صفحه 101]



بها فلم تهتك عني سترها، و لم تقلدني مكروه شنارها، و لم تبد سواتها لمن يلتمس معائبي من جيرتي، و حسدة نعمتك عندي ثم لم ينهني ذلك عن ان جريت الي سوء ما عهدت مني.

فمن اجهل مني، يا الهي، برشده؟ و من اغفل مني عن حظه؟ و من ابعد مني من استصلاح نفسه حين انفق ما اجريت علي من رزقك فيما نهيتني عنه من معصيتك؟ و من ابعد غورا في الباطل، و اشد اقداما علي السوء مني حين اقف بين دعوتك و دعوة الشيطان فاتبع دعوته علي غير عمي مني في معرفة به و لا نسيان من حفظي له؟ و انا حينئذ موقن بان منتهي دعوتك الي الجنة، و منتهي دعوته الي النار.

سبحانك!! ما اعجب ما اشهد به علي نفسي، و اعدده من مكتوم امري و اعجب من ذلك اناتك عني، و ابطاوك عن معاجلتي، و ليس ذلك من كرمي عليك، بل تانيا منك لي، و تفضلا منك علي لان ارتدع عن معصيتك المسخطة، و اقلع عن سيئاتي المخلقة، و لان عفوك عني احب اليك من عقوبتي.

بل انا، يا الهي، اكثر ذنوبا، و اقبح اثارا، و اشنع افعالا، و اشد في الباطل تهورا، و اضعف عند طاعتك تيقظا، و اقل لوعيدك



[ صفحه 102]



انتباها و ارتقابا من ان احصي لك عيوبي، او اقدر علي ذكر ذنوبي، و انما اوبخ بهذا نفسي طمعا في رافتك التي بها صلاح امر المذنبين، و رجاء لرحمتك التي بها فكاك رقاب الخاطئين.

اللهم و هذه رقبتي قد ارقتها الذنوب، فصل علي محمد و اله، و اعتقها بعفوك، و هذا ظهري قد اثقلته الخطايا، فصل علي محمد و اله، و خفف عنه بمنك.

يا الهي لو بكيت اليك حتي تسقط اشفار عيني، و انتحبت حتي ينقطع صوتي، و قمت لك حتي تتنشر قدماي، و ركعت لك حتي ينخلع صلبي، و سجدت لك حتي تتفقا حدقتاي، و اكلت تراب الارض طول عمري، و شربت ماء الرماد اخر دهري، و ذكرتك في خلال ذلك حتي يكل لساني، ثم لم ارفع طرفي الي افاق السماء استحياء منك ما استوجبت بذلك محو سيئة واحدة من سيئاتي.

و ان كنت تغفر لي حين استوجب مغفرتك، و تعفو عني حين استحق عفوك فان ذلك غير واجب لي باستحقاق، و لا انا اهل له باستيجاب، اذ كان جزائي منك في اول ما عصيتك النار، فان تعذبني فانت غير ظالم لي.

الهي فاذ قد تغمدتني بسترك فلم تفضحني، و تانيتني بكرمك فلم تعاجلني، و حلمت عني بتفضلك فلم تغير نعمتك



[ صفحه 103]



علي، و لم تكدر معروفك عندي، فارحم طول تضرعي، و شدة مسكنتي، و سوء موقفي.

اللهم صل علي محمد و اله، و قني من المعاصي، و استعملني بالطاعة، و ارزقني حسن الانابة، و طهرني بالتوبة، و ايدني بالعصمة، و استصلحني بالعافيه، و اذقني حلاوة المغفرة، و اجعلني طليق عفوك، و عتيق رحمتك، و اكتب لي امانا من سخطك، و بشرني بذلك في العاجل دون الاجل، بشري اعرفها، و عرفني فيه علامة اتبينها ان ذلك لا يضيق عليك في وسعك، و لا يتكادك في قدرتك، و لا يتصعدك في اناتك، و لا يودك في جزيل هباتك التي دلت عليها اياتك.

انك تفعل ما تشاء، و تحكم ما تريد، انك علي كل شي قدير.