في الصلاة علي النبي
اللهم صل علي محمد عبدك و رسولك، و مفتاح باب جنتك، و الناهض باعباء مواثيق عهدك الي عبادك، و ذريعه المومنين
[ صفحه 33]
الي رضوانك، و المستقل بما حملته من الاشاره بآياتك، و الذي لم يستطع الا موافقه علمك، و قبول الرساله اذ تقدم له قبولها في ام الكتاب عندك، و كيف يستطيع رد ما نفذت به مشيئتك من يتقلب في قبضتك و ناصيته بيدك؟!
اللهم كما اخترت محمدا علي علم لامرك، و جعلته شهيدا علي خلقك، و مبلغا عنك حجج آياتك، و اعلام شواهد بيناتك، فاسمع من اذنت له في الاستماع من الحق الذي صرحت عنه رسالته، و بصر من لم تجعل علي بصره غشاوه القلوب فنكل عن ان يري الحق في احسن صورته، و اوصل باذنك الهدي الي القلوب التي لم تغلفها بطبعك، و كان حجتك علي من علمته بالمعانده لك، و الخلاف علي رسلك، و بلغ مجهود الصبر في اظهار حقك، و آثر الجد علي التقصير و الريث في امرك ابتغاء الوسيله عندك، و الزلفه لديك و طول الخلود في رحمتك، و حتي قلت له «فتول عنهم فما انت بملوم».
فبلغه غايه الوصله و زده كما وصل بيننا و بين معرفتك.
اللهم و كما قمعت به الكفر علي جرانه و جدعت انف النفاق بحجه نبوته، و قطعت قرائن الضلال بنور هدايته، و جعلته
[ صفحه 34]
بمنك علي المشركين ثاقبا و لنبوه المرسلين خاتما، و علي الكتب الاولي مهيمنا، و بكل مبتعث قبله من الرسل مومنا، و لمن بلغ عنك شاهدا، و لمن ادبر عنك مجاهدا، و لك الي قيام الساعه حامدا، و للمومنين في عرصه القيامه قائدا، و بين الحق و الباطل فارقا، و بحقك في عبادك ناطقا، و لمن تقدمه من الانبياء مصدقا، فصل عليه صلاه ترفعه بها علي درجات النبيين، تنضر بها وجهه في موقف الساعه يوم الدين.
اللهم و كما جعلته بامرك صادعا، و لشمل منتشر الهدي جامعا و لعدد المشركين قاطعا، و لحمي الحق ان يستباح مانعا، و لما نجم من قرن الضلال قاصفا و لما نبغ من الباطل بسيف الحق دامغا و لما ائتمنته عليه من الرساله مبلغا، و للمستجيبين له المتعلقين بعروته بشيرا، و للمتخلفين عن ضوء نهار حقه نذيرا و سراجا منيرا، و لمن استصبح بذكاء زنده مستنيرا. فرضت علينا تعزيزه و توقيره و مهابته، و امرتنا ان لا نرفع الاصوات علي صوته، و ان تكون كلها مخفوضه دون هيبته، فلا يجهر بها عليه عند مناجاته، و نلقاه باخمدها عند محاورته، و نكف من غرب
[ صفحه 35]
الالسن لدي مسالته، اعظاما منك لحرمه نبوته، و اجلالا لقدر رسالته، و تمكينا في اثناء الصدور لمحبته، و توكيدا بين حواشي القلوب لمودته، فارفعه بسلامنا الي حيث قدرت في سابق علمك ان تبلغه اياه بصلاتنا عليه.
اللهم وهب له من رياض جنتك، و الدرج المتخذه لاهل ولايتك ما تقصر عنه مساله السائلين من عبادك، كرامه تنزله شرف ذروتها، و تبلغه قصوي مكنه غايتها، و تهطل سحائب النعيم بمزن ودقه و طوائف المزيد و الرضوان من فوقها، و تجري اليه جداول فضلك فيها، و تشرفه بالوسيله علي نازليها.
اللهم اجعله اجزل من احرز نصيبا من رحمتك، و انضر من اشرق وجهه لسجال عطيتك، و اقرب الانبياء زلفه يوم المقعد عندك، و اوفرهم حظا من رضوانك، و اكثرهم صفوف امه في جناتك.
اللهم و ابلغ به من تشريف منزلته، و اعلاء رتبته، و خاصه خالصته، و مكنه زلفته، و جزيل مثوبته، و الزياده في كرامته، و شكر قديم سابقته، و رفع درجته، و اعطائه الوسيله التي استثناها علي امته ما انت اهله في كرمك و فيض فضلك و جزيل مواهبك، و ما محمد
[ صفحه 36]
اهله فيك فيما بلغ في رضاك، و تحري من حفظ حقك، و تولي من المحاماه عن دينك، و الذب عن حدود نهيك، فقد دعا الي اثبات الخلق و الامر لك، و صبر علي الاذي فيك، و لم يشر بالربوبيه، الا اليك، منا منك عليه لا منا منه عليك، و بما انعمت به عليه من فضلك و مكنت في قلبه من معرفتك، و دللته عليه من اعلام قدرتك و اصطفيته له من تبليغ رسالتك.
اللهم و مهما تواري عنا من حجب الغيوب عندك، و توليت طي علمه عن عبادك، و كان في خزائن امرك، و لم تنزله في تاويل لديه في كتابك، و خانتنا الصفات، و كلت الالسن دون عبارته، فلم تهتد القلوب الي منازلك فيه من فضل عطاء توتيه، و ذخيره كرامه توصلها اليه، و تهطل سماوها عليه.
فاعط محمدا من ذلك حتي يرضي، وزده من ثوابك بعد الرضا ما لا تبلغه مساله السائلين، و تقصر عنه المني حتي لا تبقي غايه غبطه الا اوفيت به عليها، و لا ارتفاع درجه الا حللت به اليها و جعلته مخلدا في اعلي علوها.
اللهم و كما اكثرت ذرء امته، و عدد المستجيبين لرسالته، و المعترفين لحجته، حتي استفاض دينه، و علت كلمته فقد امت به لسان الباطل، حتي كلت حجته، و دمغت به الكفر
[ صفحه 37]
فاضحي ماموما قد هشمت في راسه بيضته و جدعت به انف الباطل، فاستخفي لقبح حليته، و طال به الاسلام، و انبجست ينابيع حكمته، فاحو المثوبه له علي حسب ما ابلي في حقك و تقدم فيه من النصيحه لخلقك.
اللهم و اجعله خطيب وفد المومنين اليك، و المكسو حلل الامان اذا وقف بين يديك، و الناطق اذا خرست الالسن في الثناء عليك.
اللهم و ابسط لسانه في الشفاعه لامته، و ار اهل الموقف من النبيين و اتباعهم تمكن منزلته، و اوهل ابصار اهل المعروف العلي بشعاع نور درجته، وقفه في المقام المحمود الذي وعدته، و اغفر ما احدث المحدثون بعده في امته، مما كان اجتهادهم فيه تحريا لمرضاتك و مرضاته، و ما لم يكن تاليبا علي دينك و نقضا لشريعته، و احفظ من قبل بالتسليم و الرضا دعوته، و اجعلنا ممن تكثر به وارديه، و لايذاد عن حوضه اذا ورده، و اسقنا منه كاسا رويا لا نظما بعده.
اللهم انه قد سبقنا بتقديمك اياه، و تاخيرنا عن رويته و ان كان لم يسبقنا بآياته و علاماته، و ما حج به عقولنا من برهان رسالاته، فامنا به غير شكاك، و لا ذي خواطر حالت بيننا و بين الاعتراف بحجته
[ صفحه 38]
و قد عظم تلهفنا علي الذين اخرجوه من بلده، و كانوا مع الذي كايده و جحده، و تمنينا ان لو شهدنا مشهدا من مشاهده، فنرد ايدي الذين حاربوه الي صدورهم، و نضرب صفحات خدودهم و لبات نحورهم.
اللهم فاذ قد فاتتنا نصرته، و ضرب وجوه المنكرين بحجته و قصرت بنا عن دهره، و لم تخرجنا في مده من نصره و عزره و آواه و وقره، و خرج من بيته مهاجرا معه، فصانه بنفسه عن المشركين و منعه لا عن لحمه و لا نسبه، فاجعلنا من اسعد اتباعه، و اولاهم يوم القيامه لمحبته و رافته، و اقرهم عيونا في المقام المحمود برويته و اعرفهم مقاما بعد السابقين الاولين في ثلته، و اوجه من ضممته من التابعين لهم بالاحسان الي زمرته، و اشدهم في الدنيا اعتقادا لمحبته.
اللهم احضره ذكرنا عند طلبته اليك في امته، و اخطرنا بباله لندخل في عده من ترحمه بشفاعته، و اره من اشرف صلواتنا و سبحات نورها المتلالئه بين يديه، ما تعرفه به اسماءنا عند كل درجه نرقي به اليها، و يكون وسيله لديه، و خاصه به، و قربه منه، و يشكرنا علي حسب ما مننت به علينا من الصلاه عليه.
[ صفحه 39]
اللهم و ان كان علمك قد سبق بشقوتي، و كنت عندك من المعذبين لخطيئتي، فبلغ محمدا ما حوته لطائف مسالتي، وزده من عندك حتي يرضي.
و ان رحمتني كما عرفتني به توحيدك، و استنقذتني من هوه الكفر الي نجاه الايمان، فشهادتي له بالبلاغ عندك، و الاحتجاج لك علي من انكرك، و خفض الجناح لمن استجاب لك دعاءه اليك و خلع كل معبود دونك.
اللهم و صل علي محمد صلواتك علي الانبياء و اهل بيوتات المرسلين، و اجمع به شملهم في غربه يوم القيامه، و انطقهم بالتساول لدي انعدام الافواه عن النطق بين يديك، و صل بمحمد ارحامهم يوم تقاطع الارحام، و احللهم اشرف المقام بين يديه و درجات المنزل المحمود، و نضر وجه محمد باستنقاذك اياهم من شر ذلك اليوم العصيب.