بازگشت

اذا ابتدء بالدعاء بدء بالتحميد لله عز و جل و الثناء عليه






[ صفحه 17]



الحمد لله الاول بلا اول كان قبله، و الاخر بلا اخر يكون بعده الذي قصرت عن رويته ابصار الناظرين، و عجزت عن نعته اوهام الواصفين.

ابتدع بقدرته الخلق ابتداعا، و اخترعهم علي مشيته اختراعا ثم سلك بهم طريق ارادته، و بعثهم في سبيل محبته، لا يملكون تاخيرا عما قدمهم اليه، و لا يستطيعون تقدما الي ما اخر هم عنه.

و جعل لكل روح منهم قوتا معلوما مقسوما من رزقه، لا ينقص من زاده ناقص، و لا يزيد من نقص منهم زائد.

ثم ضرب له في الحيوة اجلا موقوتا، و نصب له امدا محدودا، يتخطا اليه بايام عمره، و يرهقه باعوام دهره، حتي اذا بلغ اقصي اثره، و استوعب حساب عمره، قبضه الي ما ندبه اليه من موفور



[ صفحه 18]



ثوابه، او محذور عقابه، ليجزي الذين اساوا بما عملوا و يجزي الذين احسنوا بالحسني عدلا منه، تقدست اسماوه، و تظاهرت الاوه، لا يسئل عما يفعل و هم يسئلون.

و الحمد لله الذي لو حبس عن عباده معرفه حمده علي ما ابلاهم من مننه المتتابعه، و اسبغ عليهم من نعمه المتظاهره، لتصرفوا في مننه فلم يحمدوه، و توسعوا في رزقه فلم يشكروه و لو كانوا كذلك لخرجوا من حدود الانسانيه الي حد البهيميه فكانوا كما وصف في محكم كتابه: ان هم الا كالانعام بل هم اضل سبيلا.

و الحمد لله علي ما عرفنا من نفسه، و الهمنا من شكره، و فتح لنا من ابواب العلم بربوبيته، و دلنا عليه من الاخلاص له في توحيده، و جنبنا من الالحاد و الشك في امره حمدا نعمر به فيمن حمده من خلقه، و نسبق به من سبق الي رضاه و عفوه حمدا يضي لنا به ظلمات البرزخ، و يسهل علينا به سبيل المبعث، و يشرف به منازلنا عند مواقف الاشهاد، يوم تجزي كل نفس بما كسبت و هم لا يظلمون، يوم لا يغني مولي عن مولي شيئا و لا هم ينصرون.



[ صفحه 19]



حمدا يرتفع منا الي اعلي عليين في كتاب مرقوم يشهده المقربون .

حمدا تقر به عيوننا اذا برقت الابصار، و تبيض به وجوهنا اذا اسودت الابشار.

حمدا نعتق به من اليم نار الله الي كريم جوار الله حمدا نزاحم به ملائكته المقربين، و نضام به انبياءه المرسلين في دار المقامه التي لا تزول، و محل كرامته التي لا تحول.

و الحمد لله الذي اختار لنا محاسن الخلق، و اجري علينا طيبات الرزق و جعل لنا الفضيلة بالملكة علي جميع الخلق، فكل خليقته منقادة لنا بقدرته، و صائرة الي طاعتنا بعزته.

و الحمد لله الذي اغلق عنا باب الحاجة الا اليه، فكيف نطيق حمده؟ ام متي نودي شكره؟! لا، متي؟.

و الحمد لله الذي ركب فينا الات البسط، و جعل لنا ادوات القبض، و متعنا بارواح الحيوة، و اثبت فينا جوارح الاعمال، و غذانا بطيبات الرزق، و اغنانا بفضله، و اقنانا بمنه ثم امرنا ليختبر طاعتنا، و نهانا ليبتلي شكرنا، فخالفنا عن طريق امره، و ركبنا متون



[ صفحه 20]



زجره، فلم يبتدرنا بعقوبته، و لم يعاجلنا بنقمته، بل تانانا برحمته تكرما، و انتظر مراجعتنا برافته حلما.

و الحمد لله الذي دلنا علي التوبه التي لم نفذها الا من فضله، فلو لم نعتدد من فضله الا بها لقد حسن بلاوه عندنا، و جل احسانه الينا، و جسم فضله علينا فما هكذا كانت سنته في التوبة لمن كان قبلنا، لقد وضع عنا ما لا طاقه لنا به، و لم يكلفنا الا وسعا، و لم يجشمنا الا يسرا، و لم يدع لاحد منا حجه و لا عذرا فالهالك منا من هلك عليه، و السعيد منا من رغب اليه.

و الحمد لله بكل ما حمده به ادني ملائكته اليه و اكرم خليقته عليه و ارضي حامديه لديه حمدا يفضل سائر الحمد كفضل ربنا علي جميع خلقه.

ثم له الحمد مكان كل نعمة له علينا و علي جميع عباده الماضين و الباقين عدد ما احاط به علمه من جميع الاشياء، و مكان كل واحدة منها عددها اضعافا مضاعفة ابدا سرمدا الي يوم القيمة.

حمدا لا منتهي لحده، و لا حساب لعدده، و لا مبلغ لغايته، و لا انقطاع لامده حمدا يكون وصلة الي طاعته و عفوه، و سببا الي رضوانه، و ذريعة الي مغفرته، و طريقا الي جنته، و خفيرا من



[ صفحه 21]



نقمته، و امنا من غضبه، و ظهيرا علي طاعته، و حاجزا عن معصيته، و عونا علي تاديه حقه و وظائفه.

حمدا نسعد به في السعداء من اوليائه، و نصير به في نظم الشهداء بسيوف اعدائه، انه ولي حميد.