بازگشت

و من خطبة له في الشام


وتجمع هذه الخطبة من فضائله ومناقبه، مالا تجمعها خطبة غيرها، لما أمر يزيد بمنبر وخطيب ليذكر مساوي الحسين وابيه علي عليهما السلام فصعد الخطيب المنبر، فحمد الله وأثني عليه، واكثر الوقيعة في علي والحسين عليهما السلام واطنب في تقريظ معاوية بن يزيد عليهما اللعنة.

فصاح به علي بن الحسين عليه السلام: ويلك أيها الخاطب، أشتريت رضا المخلوق بسخط الخالق، فتبؤا مقعدك من النار، ثم قال: يا يزيد ائذن لي حتي اصعد هذه الاعواد [1] فاتكلم بكلمات فيهن لله رضا، ولهؤلاء الجلساء أجر وثواب.

فأبي يزيد، فقال الناس: يا أمير المؤمنين ائذن له ليصعد فلعلنا نسمع منه شيئاً، فقال لهم: ان صعد المنبر هذا لم ينزل



[ صفحه 99]



الا بفضيحتي وفضيحة آل أبي سفيان، فقالوا: وما قدر ما يحسن هذا، فقال له: أنه من اهل بيت قد زقوا العلم زقا، [2] ولم يزالوا به حتي اذن له بالصعود.

فصعد المنبر، فحمد الله وأثني عليه، ثم خطب خطبة ابكي منها العيون، واوجل منها القلوب؛ فقال فيها: أيها الناس، اعطينا ستاً، وفضلنا بسبع، اعطينا: العلم والسماحة، والفصاحة والشجاعة، والمحبة في قلوب المؤمنين، وفضلنا بأن منا النبي المختار محمد صلي الله عليه وآله، ومنا الصديق، ومنا الطيار، ومنا أسد الله وأسد رسوله، ومنا سيدة نساء العالمين فاطمة البتول [3] ، ومنا سبطا هذه الأمة، وسيد شباب أهل الجنة، فمن عرفني فقد عرفني، ومن لم يعرفني أنبأته بحسبي ونسبي، انا ابن مكة ومني،



[ صفحه 100]



انا ابن زمزم والصفي، انا ابن من حمل الزكاة [4] بأطراف الردا انا ابن خير من ائتزر وارتدي، انا ابن من انتعل واحتفي، انا ابن خير من طاف وسعي، انا ابن من حمل علي البراق [5]



[ صفحه 117]




پاورقي

[1] عبر الامام (ع) بالاعواد ولم يقل بالمنبر لان المنبر محل شريف ومكان رفيع، لا يجلس عليه الا اولياء الله وعباده الصالحين لا امثال معاوية ويزيد لعنهما الله، ومرتزقيهما المنبوذين.

[2] زق الطير اي وضع الطعام في فمه.

[3] ذكر الفتال الشهيد في روضة الواعظين ان الرسول (ص) سئل ما البتول فانا سمعناك تقول ان مريم بتول، وان فاطمة بتول فقال: البتول التي لم تر حمرة قط ولم تحض فان الحيض مكروه في بنات الانبياء.

[4] في اكثر النسخ: (حمل الركن باطراف الرداء) وهو الصحيح، لتكون اشارة الي ما اشتهر عند المؤرخين من ان الكعبة قد تهدمت بالسيل قبل بعثة النبي صلّي الله عليه وآله، فاجتمعت القبائل لبنائه وعندما ارادوا وضع الحجر في موضعه علي الركن، تنازعوا بينهم فيمن ينصبه منهم، ويكتسب ذاك الشرف العظيم، وكاد ان يقع بينهم قتال كبير لكنهم اتفقوا اخيراً علي ان يتحاكموا الي اول من يدخل المسجد ذلك الحين، فدخل محمد صلي الله عليه وآله فقالوا جاء الأمين فتحاكموا اليه، فنزع صلي الله عليه وآله ردائه وبسطه علي الأرض ورفع الحجر فوضعه في الرداء، وامر ان ياخذ كل رئيس قبيلة بطرف من اطراف الرداء، ويحمله الي قرب البيت فحملوه فتقدم صلي الله وعليه وآله فاخذ الحجر بنفسه ونصبه في موضعه من الكعبة وبذلك اكتسب صلي الله عليه وآله العظمة لنفسه، والقي التعب والثقل علي رؤساء القبائل، وقطع النزاع، واخمد الفتنة. (ملخص من تاريخ اليعقوبي ج1 وتاريخ مكة ج1 ص 103 للازرقي).

[5] البراق دابة نحو البغل كان يركبه الرسول صلي الله عليه وآله عند العروج الي السماء. كما في (مجمع البحرين).