بازگشت

معجزاته ومعالي اموره وغرائب شأنه


1 لي: المفسر، عن جعفر بن أحمد، عن محمد بن عبدالله بن يزيد المقري، عن سفيان بن عيينة، عن الزهري، قال: كنت عند علي بن الحسين عليه السلام فجاءه رجل من أصحابه، فقال له علي بن الحسين عليه السلام: ما خبرك أيها الرجل؟ فقال الرجل: خبري يا ابن رسول الله أني أصبحت وعلي أربعمائة دينار دين لاقضاء عندي لها، ولي عيال ثقال ليس لي ما أعود عليهم به، قال: فبكي علي بن الحسين عليه السلام بكاءا شديدا، فقلت له: ما يبكيك يا ابن رسول الله؟ فقال: وهل يعد البكاء إلا للمصائب والمحن الكبار؟! قالوا: كذلك يابن رسول الله، قال: فأية محنة ومصيبة أعظم علي حر مؤمن من أن يري بأخيه المؤمن خلة فلا يمكنه سدها ويشاهده علي فاقة فلا يطيق رفعها، قال: فتفرقواعن مجلسهم ذلك، فقال بعض المخالفين وهو يطعن علي علي بن الحسين عليه السلام: عجبا لهؤلاء يدعون مرة أن السمآء والارض وكل شي ء يطيعهم، وأن الله لايرد هم عن شئ من طلباتهم، ثم يعترفون اخري بالعجز عن إصلاح حال خواص إخوانهم، فاتصل ذلك بالرجل صاحب القصة، فجاء إلي علي بن الحسين عليه السلام فقال له: يا ابن رسول الله بلغني عن



[ صفحه 21]



فلان كذا وكذا، وكان ذلك أغلظ علي من محنتي، فقال علي بن الحسين عليه السلام: فقد أذن الله في فرجك، يا فلانة احملي سحوري وفطوري، فحملت قرصتين، فقال علي بن الحسين عليه السلام للرجل: خذهما فليس عندنا غيرهما فان الله يكشف عنك

بهما وينيلك خيرا واسعا منهما، فأخذهما الرجل ودخل السوق لايدري ما يصنع بهما يتفكر في ثقل دينه وسوء حال عياله ويوسوس إليه الشيطان أين موقع هاتين من حاجتك، فمر بسماك قد بارت عليه سمكة قد أراحت، فقال له: سمكتك هذه بائرة عليك وإحدي قرصتي هاتين بائرة علي فهل لك أن تعطيني سمكتك البائرة وتأخذ قرصتي هذه البائرة؟ فقال: نعم، فأعطاه السمكة وأخذ القرصة، ثم مر برجل معه ملح قليل مزهود فيه فقال: هل لك أن تعطيني ملحك هذا المزهود فيه بقرصتي هذه المزهود فيها؟ قال: نعم ففعل فجاء الرجل بالسمكة والملح فقال: اصلح هذه بهذا، فلما شق بطن السمكة وجد فيه لؤلؤتين فاخرتين فحمدالله عليهما فبينما هو في سروره ذلك، إذ قرع بابه، فخرج ينظر من بالباب، فاذا صاحب السمكة وصاحب الملح قد جاءا يقول كل واحد منهما له: يا عبدالله جهدنا أن ناكل نحن أو أحد من عيالنا هذا القرص فلم تعمل فيه أسناننا، وما نظنك إلا وقد تناهيت في سوء الحال ومرنت علي الشقاء، قدرددنا إليك هذا الخبز وطيبنا لك ما أخذته منا، فأخذ القرصتين منهما، فلما استقر بعد انصرافهما عنه، قرع بابه، فاذا رسول علي بن الحسين عليه السلام فدخل فقال: إنه يقول لك: إن الله قد أتاك بالفرج فاردد إلينا طعامنا فانه لا يأكله غيرنا، وباع الرجل اللؤلؤتين بمال عظيم قضي منه دينه وحسنت بعد ذلك حاله، فقال: بعض المخالفين: ما أشد هذا التفاوت، بينا علي ابن الحسين لايقدر أن يسد منه فاقة إذا أغناه هذا الغناء العظيم، كيف يكون هذا؟ وكيف يعجز عن سد الفاقة من يقدر علي هذا الغناء العظيم؟ فقال علي بن الحسين عليه السلام: هكذا قالت قريش للنبي صلي الله عليه وآله: كيف يمضي إلي بيت المقدس ويشاهد ما فيه من آثار الانبياء من مكة ويرجع إليها في ليلة واحدة من لايقدر أن يبلغ من مكة إلي المدينة إلا في اثني عشر يوما؟! وذلك حين هاجر منها.



[ صفحه 22]



ثم قال علي بن الحسين عليه السلام: جهلوا والله أمرالله وأمر أوليائه معه، إن المراتب الرفيعة لاتنال إلا بالتسليم لله جل ثناؤه، وترك الاقتراح عليه والرضا بما يدبرهم به، إن أولياء الله صيروا علي المحن والمكاره صبرا لم يساوهم فيه غيرهم فجازاهم الله عزوجل بأن أوجب لهم نحج جميع طلباتهم، لكنهم مع ذلك لايريدون منه إلا ما يريده لهم [1] .

توضيح: يقال للشئ: أروح وأراح إذا تغيرت ريحه، ومرن علي الشئ: تعوده، والشقاء: المشقه والشدة.

أقول: قال الشيخ جعفر بن نماء في كتاب أحوال المختار: عن أبي بجير عالم الاهواز، وكان يقول بإمامة ابن الحنفية، قال: حججت فلقيت إمامي وكنت يوماعنده فمر به غلام شاب فسلم عليه، فقام فتلقاه وقبل ما بين عينيه وخاطبه بالسيادة، ومضي الغلام، وعاد محمد إلي مكانه، فقلت له: عندالله أحتسب عناي فقال: وكيف ذاك؟ قلت: لانانعتقد أنك الامام المفترض الطاعة تقوم تتلقي هذا الغلام وتقول له: يا سيدي؟ فقال: نعم، هو والله إمامي، فقلت: ومن هذا؟ قال: علي ابن أخي الحسين عليه السلام اعلم إني نازعته الامامة ونازعني، فقال لي: أترضي بالحجر الاسود حكما بيني وبينك؟ فقلت: وكيف نحتكم إلي حجر جماد فقال: إن إماما لايكلمه الجماد فليس بإمام، فاستحييت من ذلك، وقلت: بيني وبينك الحجر الاسود، فقصدنا الحجرو صلي وصليت، وتقدم إليه وقال: أسألك بالذي أودعك مواثيق العباد لتشهد لهم بالموافاة إلا أخبرتنا من الامام منا؟ فنطق والله الحجر وقال: يا محمد سلم الامر إلي ابن أخيك، فهو أحق به منك وهو إمامك وتحلحل [2] حتي ظننته يسقط فأذعنت بإمامته، ودنت له بفرض طاعته؟ قال أبوبجير: فانصرفت من عنده وقد دنت بإمامته علي بن الحسين عليهما السلام، وتركت



[ صفحه 23]



القول بالكيسانية [3] .

2 ير: أحمد بن محمد، عن الحسين بن سعيد، عن القاسم بن محمد، عن سليمان ابن دينار، عن عبدالله بن عطاء التميمي، قال: كنت مع علي بن الحسين عليهما السلام في المسجد فمر عمر بن عبدالعزيز، عليه شراكا فضة [4] وكان من أحسن الناس وهو شاب، فنظر إليه علي بن الحسين عليه السلام فقال: يا عبدالله بن عطاء أتري هذا المترف؟ إنه لن يموت حتي يلي الناس، قال: قلت: هذا الفاسق؟ قال: نعم فلا يلبث فيهم إلا يسيرا حتي يموت، فإذا هو مات لعنه أهل السمآء، واستغفر له أهل الارض [5] .

3 ختص [6] ير: محمد بن إسماعيل، عن علي بن الحكم، عن مالك بن عطية عن الثمالي قال: كنت مع علي بن الحسين عليه السلام في داره وفيها شجرة فيها عصافير فانتشرت العصافير وصوتت، فقال: يا أبا حمزة أتدري ما تقول؟ قلت: لا، قال: تقدس ربها وتسأله قوت يومها، قال: ثم قال: يا أبا حمزة علمنا منطق الطير و أوتينا من كل شئ [7] .

4 قب [8] : حلية الاولياء بالاسناد، عن الثمالي مثله [9] .

5 ير: محمد بن عبدالجبار، عن اللؤلؤي، عن أحمد الميثمي، عن صالح عن أبي حمزة، قال: كنت عند علي بن الحسين عليه السلام وعصافير علي الحائط قبالته



[ صفحه 24]



يصحن فقال: يا أبا حمزة أتدري ما يقلن؟ قال: يتحدثن، إن لهن وقتا يسألن فيه قوتهن، يا أبا حمزة لاتنامن قبل طلوع الشمس فإني أكرهها لك، إن الله يقسم في ذلك الوقت أرزاق العباد، وعلي أيدينا يجريها [10] .

6 ختص [11] ير: ابن أبي الخطاب، عن ابن معروف، عن أبي القاسم الكوفي، عن محمد بن الحسن، عن الحسن بن محمد بن عمران، عن زرعة، عن سماعة عن أبي بصير، عن رجل قال: خرجت مع علي بن الحسين عليه السلام إلي مكة، فلما رحلنا من الابواء [12] كان علي راحلته وكنت أمشي فرأي غنما وإذا نعجة قد تخلفت عن الغنم وهي تثغو ثغاءا شديدا وتلتفت وإذا سخلة خلفها تثغو وتشتد في طلبها وكلما قامت السخلة ثغت النعجة فتتبعها السخلة، فقال علي عليه السلام: يا عبدالعزيز أتدري ما قالت النعجة؟ قال: قلت: لا والله ما أدري، قال: فانها قالت: الحقي بالغنم فإن اختها عام أول تخلفت في هذا الموضع فأكلها الذئب [13] .

بيان: الثغاء بالضم صوت الغنم والظباء ونحوها.

7 ختص [14] ير: محمد بن الحسين، عن عبدالرحمن بن هاشم البجلي، عن سالم بن سلمة، عن أبي عبدالله عليه السلام قال: كان علي بن الحسين مع أصحابه في طريق مكة فمر به ثعلب وهم يتغدون، فقال لهم علي بن الحسين: هل لكم أن تعطوني موثقا من الله لاتهيجون هذا الثعلب ودعوه حتي يجيئني؟ فحلفوا له



[ صفحه 25]



فقال: يا ثعلب تعال، قال: فجاء الثعلب حتي أهل [15] بين يديه، فطرح عليه عرقا فولي به يأكله، قال عليه السلام: هل لكم تعطوني موثقا ودعوه أيضا فيجيئ؟ فأعطوه فكلح رجل منهم في وجهه، فخرج يعدو، فقال علي بن الحسين أيكم الذي أخفر ذمتي؟ فقال الرجل: أنا يا ابن رسول الله كلحت في وجهه ولم أدر فأستغفر الله فسكت [16] .

8 قب: من كتاب الوسيلة بالاسناد إلي أبي عبدالله عليه السلام مثله.

[17] بيان: العرق: بالفتح العظم اكل لحمه أو العظم بلحمه، والكلوح: العبوس 9 ختص [18] ير: الحسن بن علي، ومحمد بن أحمد، عن محمد بن الحسين عن محمد بن علي، وعلي بن محمد الحناط، عند محمد بن سكن، عن عمرو بن شمر عن جابر، عن أبي جعفر عليه السلام قال: بينا علي بن الحسين عليهما السلام مع أصحابه إذ أقبل ظبية من الصحراء حتي قامت حذاءه وصوتت، فقال بعض القوم: يا ابن رسول الله ما تقول هذه الظبية؟ قال: تزعم إن فلانا القرشي أخذ خشفها بالامس، وإنها لم ترضعه من أمس شيئا، فبعث إليه علي بن الحسين عليهما السلام: أرسل إلي بالخشف فلما رأت صوتت وضربت بيديها ثم أرضعته، قال: فوهبه علي بن الحسين عليهما السلام لها وكلمها بكلام نحو من كلامها، وانطلقت والخشف معها، فقالوا: يا ابن رسول الله ما الذي قالت؟ قال: دعت الله لكم وجزاكم بخير [19] .

10 قب: يونس الحر، عن الفتال، والقلاة عن أبي حاتم، والوسيلة عن الملا، بالاسناد عن جابر مثله [20] .



[ صفحه 26]



بيان: الخشف: مثلثة ولد الظبي.

11 ختص [21] ير: عبدالله بن محمد، عن محمد بن إبراهيم، عن بشير وإبراهيم ابني محمد، عن أبيهما، عن حمران بن أعين قال: كان أبومحمد علي بن الحسين عليهما السلام قاعدا في جماعة من أصحابه، إذا جاءته ظبية فبصبصت وضربت بيديها، فقال أبومحمد: أتدرون ما تقول الظبية؟ قالوا: لا، قال: تزعم أن فلان بن فلان رجلا من قريش اصطاد خشفا لها في هذا اليوم وإنما جاءت إلي تسألني أن أسأله أن يصنع الخشف بين يديها فترضعه، فقال علي بن الحسين عليهما السلام لاصحابه: قوموا بنا إليه فقاموا بأجمعهم فأتوه، فخرج إليهم قال: فداك أبي وامي ما حاجتك؟ فقال: أسألك بحقي عليك إلا أخرجت إلي هذه الخشف التي اصطدتها اليوم فأخرجها فوضعها بين يدي امها فارضعتها، ثم قال علي بن الحسين عليهما السلام: أسألك يا فلان لما وهبت لي هذه الخشف؟ قال: قد فعلت، قال: فأرسل الخشف مع الظبية فمضت الظبية فبصبصت وحركت ذنبها فقال علي بن الحسين عليهما السلام: أتدرون ما تقول الظبية؟ قالوا: لا قال: إنها تقول: رد الله عليكم كل غائب لكم، وغفر لعلي بن الحسين كما رد علي ولدي [22] .

بيان: قال الجوهري: بصبص الكلب وتبصبص: حرك ذنبه والتبصبص: التملق.

12 حتص [23] ير: محمد بن عبدالله بن أحمد الرازي، عن إسماعيل بن موسي، عن أبيه، عن جده، عن عمه عبدالصمد بن علي، قال: دخل رجل علي علي بن الحسين عليهما السلام فقال له علي بن الحسين من أنت؟ قال: أنا منجم قال: فأنت عراف؟ قال: فنظر إليه ثم قال: هل أدلك علي رجل قد مر مذ دخلت



[ صفحه 27]



علينا في أربع عشر عالما، كل عالم أكبر من الدنيا ثلاث مرات لم يتحرك من مكانه؟ قال: من هو؟ قال: أنا، وإن شئت أنبأتك بما أكلت وما ادخرت في بيتك [24] .

13 ك: ابن عصام، عن الكليني، عن علي بن محمد، عن محمد بن إسماعيل بن موسي بن جعفر، قال: حدثني أبي، عن أبيه موسي بن جعفر، عن أبيه جعفر ابن محمد، عن أبيه محمد بن علي عليهم السلام، إن حبابة الوالبية دعالها علي بن الحسين عليهما السلام فرد الله عليها شبابها، وأشار إليها بإصبعه، فحاضت لوقتها، ولها يومئذ مائة سنة وثلاث عشرة سنة [25] .

14 يج: إن علي بن الحسين عليهما السلام قال يوما: موت الفجاءة تخفيف المؤمن وأسف علي الكافر، وإن المؤمن ليعرف غاسله وحامله، فان كان له عند ربه خير ناشد حملته أن يعجلوا به، وإن كان غير ذلك ناشدهم أن يقصروا به فقال ضمرة بن سمرة: إن كان كما تقول قفز من السرير وضحك وأضحك، فقال عليه السلام اللهم إن ضمرة بن سمرة ضحك وأضحك لحديث رسول الله صلي الله عليه وآله فخذه أخذة أسف فمات فجاءة، فأتي بعد ذلك مولي لضمرة زين العابدين، فقال: آجرك الله في ضمرة مات فجاءة، إني لاقسم لك بالله إني سمعت صوته وأنا أعرفه كما كنت أعرف صوته في حياته في الدنيا وهو يقول: الويل لضمرة بن سمرة، خلا مني كل حميم وحللت بدار الجحيم، بها مبيتي والمقيل، فقال علي بن الحسين: الله أكبر هذا أجر من ضحك وأضحك من حديث رسول الله صلي الله عليه وآله [26] .

بيان: قفز: أي وثب.

15 يج: إن زين العابدين كان يخرج إلي ضيعة له، فإذا هو بذئب أمعط أعبس قد قطع علي الصادر والوارد، فدنا منه ووعوع [27] فقال: انصرف



[ صفحه 28]



فإني أفعل إنشاء الله، فانصرف الذئب فقيل: ما شأن الذئب؟ فقال: أتاني وقال: زوجتي عسر عليها ولادتها فأغثني وأغثها بأن تدعو بتخليصها، ولك الله علي أن لا أتعرض أنا ولا شئ من نسلي لاحد من شيعتك، ففعلت [28] .

ايضاح: الذئب الامعط: الذي قد تساقط شعره، والاعبس إما مأخوذ من عبوس الوجه، كناية عن غيظه وغضبه، أو من العبس بالتحريك و [هو] ما يتعلق في أذناب الابل من أبوالها وأبعارها فيجف عليها، يقال: أعبست الابل أي صار ذا عبس.

16 يج: إن علي بن الحسين عليه السلام قال: رأيت في النوم كأني اتيت بقعب لبن فشربته فأصبحت من غد فجاشت نفسي فتقيأت لبنا قليلا ومالي به عهد منذ حين ومنذ أيام [29] .

17 يج: إن أبا بصير قال: حدثني الباقر أن علي بن الحسين عليهما السلام قال: رأيت الشيطان في النوم فواثبني فرفعت يدي فكسرت أنفه فأصحبت وأنا علي ثوبي كرش دم [30] .

18 يج: روي أن يدي رجل وامرأة التصقتا علي الحجر وهما في الطواف وجهد كل أحد علي نزعهما فلم يقدر، فقال الناس: اقطعوهما، وبينماهم كذلك إذ دخل زين العابدين عليه السلام وقد ازدحم الناس ففرجوا له، فتقدم ووضع يده عليهما فانحلتا وافترقتا [31] .

19 يج: روي أن الحجاج بن يوسف كتب إلي عبدالملك بن مروان إن أردت أن يثبت ملكك فاقتل علي بن الحسين عليه السلام فكتب عبدالملك إليه: أما بعد فجنبني دماء بني هاشم واحقنها فاني رأيت آل أبي سفيان لما أولعوا فيها لم يلبثوا إلي أن أزال الله الملك عنهم، وبعث بالكتاب سرا أيضا فكتب علي بن الحسين عليه السلام إلي



[ صفحه 29]



عبدالملك في الساعة التي أنفذ فيها الكتاب إلي الحجاج: وقفت علي ما كتبت في دماء بني هاشم وقد شكر الله لك ذلك، وثبت لك ملكك، وزاد في عمرك، وبعث به مع غلام له بتاريخ الساعة التي أنفذ فيها عبدالملك كتابه إلي الحجاج، فلما قدم الغلام أوصل الكتاب إليه فنظر عبدالملك في تاريخ الكتاب فوجده موافقا لتاريخ

كتابه، فلم يشك في صدق زين العابدين ففرح بذلك وبعث إليه بوقر [32] دنانير وسأله أن يبسط إليه بجميع حوائجه وحوائج أهل بيته ومواليه، وكان في كتابه عليه السلام: إن رسول الله صلي الله عليه وآله أتاني في النوم فعرفني ما كتبت به إليك وما شكر من ذلك [33] .

20 يج: روي عن أبي خالد الكابلي قال: دعاني محمد ابن الحنفية بعد قتل الحسين عليه السلام ورجوع علي بن الحسين عليهما السلام إلي المدينة وكنا بمكة فقال: صر إلي علي بن الحسين عليه السلام وقل له: إني أكبر ولد أميرالمؤمنين بعد أخوي الحسن والحسين، وأنا أحق بهذا الامر منك، فينبغي أن تسلمه إلي، وإن شئت فاختر حكما نتحاكم إليه، فصرت إليه وأديت رسالته، فقال: ارجع إليه وقل له: يا عم اتق الله ولاتدع ما لم يجعله الله لك.

فان أبيت فبيني وبينك الحجر الاسود فمن أجابه الحجر فهو الامام فرجعت إليه بهذا الجواب، فقال له: قد اجبتك، قال أبوخالد: فدخلا جميعا وأنا معهما حتي وافيا الحجر الاسود، فقال علي بن الحسين عليهما السلام: تقدم يا عم فانك أسن فسله الشهادة لك، فتقدم محمد فصلي ركعتين دعا بدعوات ثم سأل الحجر بالشهادة إن كانت الامامة له فلم يجبه بشئ ثم قام علي بن الحسين عليهما السلام فصلي ركعتين ثم قال: أيها الحجر الذي جعله الله شاهدا لم يوافي بيته الحرام من وفود عباده إن كنت تعلم أني صاحب الامر وأني الامام المتفرض الطاعة علي جميع عبادالله فاشهدي ليعلم عمي أنه لاحق له في الامامة، فأنطق الله الحجر بلسان عربي مبين، فقال: يا محمد بن علي! سلم



[ صفحه 30]



الامر إلي علي بن الحسين فانه الامام المفترض الطاعة عليك وعلي جميع عبادالله دونك ودون الخلق أجمعين، فقبل محمد ابن الحنفية رجله وقال: الامر لك وقيل: إن ابن الحنفية إنما فعل ذلك إزاحة لشكوك الناس في ذلك.

وفي رواية اخري: إن الله أنطق الحجر يا محمد بن علي إن علي بن الحسين حجة الله عليك وعلي جميع من في الارض ومن في السماء مفترض الطاعة فاسمع له وأطع، فقال محمد: سمعا وطاعة يا حجة الله في أرضه وسمائه [34] .

21 - يج: روي عن جابر بن يزيد الجعفي، عن الباقر عليه السلام قال: كان علي بن الحسين جالسا مع جماعة إذا أقبلت ظبية من الصحراء حتي وقفت قد امه فهمهمت وضربت بيدها الارض، فقال بعضهم: يا ابن رسول الله ما شأن هذه الظيبة قد أتتك مستأنسة؟ قال: تذكر أن ابنا ليزيد طلب عن أبيه خشفا فأمر بعض الصيادين أن يصيد له خشفا فصاد بالامس خشف هذه الظيبة، ولم تكن قد أرضعته، فإنها تسأل أن يحمله إليها لترضعه وترده عليه، فأرسل علي بن الحسين عليهما السلام إلي الصياد فأحضره فقال: إن هذه الظبية تزعم أنك أخذت خشفا لها وأنك لم تسقه لبنا منذ أخذته وقد سألتني أن أسألك أن تتصدق به عليها فقال: يابن رسول الله لست أستجرئ علي هذا قال: اني أسألك أن تأتي به إليها لترضعه وترده عليك، ففعل الصياد، فلما رأته همهمت ودموعها تجري، فقال علي بن الحسين عليه السلام للصياد: بحقي عليك إلا وهبته لها، فوهبه لها، وانطلقت مع الخشف وقال: أشهد أنك من أهل بيت الرحمة وأن بني امية من أهل بيت اللعنة [35] .

22 كشف: من كتاب الدلايل للحميري مثله [36] .

23 يج: روي عن بكر بن محمد، عن محمد بن علي بن الحسين، قال: خرج أبي في نفر من أهل بيته وأصحابه إلي بعض حيطانه وأمر باصلاح سفرة، فلما



[ صفحه 31]



وضعت ليأكلوا أقبل ظبي من الصحراء يبغم [37] فدنا من أبي فقالوا: يا ابن رسول الله ما يقول هذا الظبي؟ قال: يشكو أنه لم يأكل منذ ثلاث شيئا فلا تمسوه حتي أدعوه ليأكل معنا، قالوا: نعم فدعاه فجاء فأكل معهم فوضع رجل منهم يده علي ظهره فنفر، فقال أبي: ألم تضمنوا لي أنكم لا تمسوه؟ فحلف الرجل أنه لم يرد به سوءا فكلمه أبي وقال للظبي: ارجع فلا بأس عليك فرجع يأكل حتي شبع ثم بغم وانطلق، فقالوا: يا ابن رسول الله ما قال؟ قال: دعا لكم وانصرف.

24 قب [38] يج: روي عن أبي الصباح الكناني قال: سمعت الباقر عليه السلام يقول: خدم أبوخالد الكابلي علي بن الحسين برهة من الزمان، ثم شكا شدة شوقه إلي والدته وسأله الاذن في الخروج إليها، فقال له علي بن الحسين عليهما السلام: يا كنكر إنه يقدم علينا غدا رجل من أهل الشام له قدر وجاه ومال وابنة له قد أصابها عارض من الجن وهو يطلب معالجا يعالجها ويبذل في ذلك ماله، فاذا قدم فصر إليه أول الناس وقل له: أنا اعالج ابنتك بعشرة آلاف درهم، فانه يطمئن إلي قولك ويبذل في ذلك، فلما كان من الغد قدم الشامي ومعه ابنته وطلب معالجا فقال أبوخالد: أنا اعالجها علي أن تعطيني عشرة آلاف درهم فإن أنتم وفيتم وفيت علي أن لا يعود اليها أبدا، فضمن أبوهاله ذلك، فقال علي بن الحسين: إنه سيغدر بك قال: قد ألزمته، قال: فانطلق فخذ باذن الجارية اليسري وقل: يا خبيث يقول لك علي بن الحسين اخرج من هذه الجارية ولا تعد إليها، ففعل كما أمره فخرج عنها وأفاقت الجارية من جنونها، فطالبه بالمال فدافعه، فرجع إلي علي بن الحسين عليها السلام فقال له: يا باخالد ألم أقل لك إنه يغدر، ولكن سيعود إليها فاذا أتاك فقل: إنما عاد إليها لانك لم تف بما ضمنت، فان وضعت عشرة آلاف علي يد علي ابن الحسين عليهما السلام فاني اعالجها علي أن لايعود أبدا، فوضع المال علي



[ صفحه 32]



يد علي بن الحسين عليهما السلام، وذهب أبوخالد إلي الجارية فأخذ باذنها اليسري ثم قال: يا خبيث يقول لك علي بن الحسين: اخرج من هذه الجارية ولا تتعرض لها إلا بسبيل خير، فانك إن عدت أحرقتك بنار الله الموقدة التي تطلع علي الافئدة، فخرج وأفاقت الجارية ولم يعد إليها، فأخذ أبوخالد المال، وأذن له في الخروج إلي والدته، فخرج بالمال حتي قدم علي والدته [39] .

25 يج: روي أن الحجاج بن يوسف لما خرب الكعبة بسبب مقاتلة عبدالله بن الزبير، ثم عمروها فلما اعيد البيت وأرادوا أن ينصبوا الحجر الاسود فكلما نصبه عالم من علمائهم، أو قاض من قضاتهم، أو زاهد من زهادهم يتزلزل ويضطرب ولا يستقر الحجر في مكانه، فجاءه علي بن الحسين عليهما السلام وأخذه من أيديهم وسمي الله ثم نصبه، فاستقر في مكانه، وكبر الناس [40] .

ولقد الهم الفرزدق في قوله: [41] .



يكاد يمسكه عرفان راحته

ركن الحطيم إذا ما جاء يستلم



26 يج: روي أن فاطمة بنت علي بن أبي طالب لما رأت ما يفعله ابن أخيها قالت لجابر: هذا علي بن الحسين عليهما السلام بقية أبيه انخرم أنفه، وثفنت جبهتاه وركبتاه، فعليك أن تأتيه وتدعوه إلي البقيا علي نفسه، فجآء جابر بابه وإذا ابنه محمد أقبل، قال له: أنت والله الباقر وأنا أقرئك سلام رسول الله صلي الله عليه وآله فقال له: إنك تبقي حتي تعمي ثم يكشف عن بصرك، الخبر بتمامه [42] .



[ صفحه 33]



27 يج: روي، عن ظريف بن ناصح قال: لما كانت الليلة التي خرج فيها محمد بن عبدالله بن الحسن، دعا أبوعبدالله بسفط وأخذ منه صرة قال: هذه مائتا دينار عزلها علي بن الحسين من ثمن شئ باعه لهذا الحدث الذي يحدث الليلة في المدينة، فأخذها ومضي من وقته إلي طيبة، وقال: هذه حادثة ينجو منها من كان عنها مسيرة ثلاث ليال، وكانت تلك الدنانيرنفقته بطيبة إلي قتل محمد بن عبدالله [43] .

28 قب: أبوالمفضل الشيباني في أماليه، وأبوإسحاق العدل الطبري في مناقبه، عن حبابة الوالبية قالت: دخلت علي علي بن الحسين عليه السلام وكان بوجهي وضح [44] فوضع يده عليه فذهب، قالت: ثم قال: يا حبابة ما علي ملة إبراهيم غيرنا وغير شيعتنا وسائر الناس منها براء [45] .

جابر، عن أبي عبدالله عليه السلام في قوله تعالي (هل تحس منهم من أحد أو تسمع لهم ركزا) فقال: يا جابرهم بنو امية ويوشك أن لايحس منهم من أحد يرجي ولا يخشي، فقلت: رحمك الله وإن ذلك لكائن؟ فقال: ما أسرعه سمعت علي بن الحسين عليهما السلام يقول: إنه قد رأي أسبابه [46] .

كافي الكليني: أبوحمزة الثمالي قال: دخلت: علي علي بن الحسين عليه السلام فاحتبست في الدار ساعة، ثم دخلت البيت وهو يلتقط شيئا وادخل يده من وراء الستر فناوله من كان في البيت، فقلت: جعلت فداك هذا الذي أراك تلتقط أي شئ هو؟ فقال: فضلة من زغب الملائكة، فقلت: جعلت فداك وإنهم



[ صفحه 34]



ليأتونكم؟ فقال: يا أبا حمرة إنهم ليزاحمونا علي متكائنا [47] .

أبوعبدالله بن عياش في المقتضب، عن سعيد بن المسيب في خبر طويل، عن ام سليم صاحبة الحصي قال لي: يا ام سليم أئتيني بحصاة، فدفعت إليه الحصاة من الارض فأخذها فجعلها كهيئة الدقيق السحيق، ثم عجنها فجعلها ياقوتة حمراء ثم قالت بعد كلام: ثم ناداني يا ام سليم، قلت: لبيك قال: ارجعي فرجعت فاذا هو واقف في صرحة داره وسطا فمد يده اليمني فانخرقت الدور والحيطان وسكك المدينة وغابت يده عني، ثم قال: خذي يا ام سليم فناولني والله كيسا فيه دنانير وقرط من ذهب وفصوص كانت لي مو جزع في حق لي [48] في منزلي فإذا الحق حقي [49] .

بيان: الصرح: القصر وكل بناء عال.

29 قب: كتاب الانوار: إنه عليه السلام كان قائما يصلي حتي وقف ابنه محمد عليهما السلام وهو طفل إلي بئر في داره بالمدينة بعيدة القعر فسقط فيها فنظرت إليه امه فصرخت وأقبلت نحو البئر تضرب بنفسها حذاء البئر وتستغيث وتقول: يا ابن رسول الله غرق ولدك محمد، وهو لا ينثني عن صلا ته، وهو يسمع اضطراب ابنه في قعر البئر فلما طال عليها ذلك، قالت: حزنا علي ولدها ما أقسي قلوبكم يا أهل بيت رسول الله؟ فأقبل علي صلاته ولم يخرج عنها إلا عن كمالها وإتمامها، ثم أقبل عليها وجلس علي أرجاء البئر ومد يده إلي قعرها، وكانت لاتنال إلا برشاء [50] طويل فأخرج ابنه محمدا عليه السلام علي يديه يناغي ويضحك، لم يبتل له ثوب ولاجسد بالماء، فقال: هاك يا ضعيفة اليقين بالله، فضحكت لسلامة ولدها وبكت لقوله عليه السلام



[ صفحه 35]



يا ضعيفة اليقين بالله فقال: لا تثريب عليك اليوم لو علمت أني كنت بين يدي جبار لوملت بوجهي عنه لمال بوجهه عني أفمن يري راحما بعده [51] .

30 د: مثله، وفي آخره: أفمن تري أرحم لعبده منه.

توضيح: الارجاء جمع الرجا وهو ناحية البئر، ويقال: ناغت الام صبيها أي لاطفته وشاغلته بالمحادثة والملاعبة.

31 ضه: في خبر طويل عن سعيد بن جبير قال أبوخالد الكابلي: أتيت علي بن الحسين عليهما السلام علي أن أسأله هل عندك سلاح رسول الله؟ فلما بصربي قال: يا أبا خالد أتريد أن اريك سلاح رسول الله صلي الله عليه وآله؟ قلت: والله يا ابن رسول الله ما أتيت إلا لاسألك عن ذلك، ولقد أخرتني بما في نفسي قال: نعم، فدعا بحق كبير وسفط، فأخرج لي خاتم رسول الله صلي الله عليه وآله ثم أخرج لي درعه، وقال: هذا درع رسول الله صلي الله عليه وآله وأخرج إلي سيفه، وقال: هذا والله ذوالفقار، وأخرج عمامته وقال: هذه السحاب، وأخرج رايته، وقال: هذه العقاب، وأخرج قضيبه، وقال: هذا السكب، وأخرج نعليه، وقال: هذان نعلا رسول الله صلي الله عليه وآله، وأخرج رداءه وقال: هذا كان يرتدي به رسول الله صلي الله عليه وآله ويخطب أصحابه فيه يوم الجمعة، وأخرج لي شيئا كثيرا، قلت: حسبي جعلني الله فداك [52] .

32 قب: العامري في الشيصبان، وأبوعلي الطبرسي في إعلام الوري [53] عبدالله بن سليمان الحضرمي في خبر طويل إن غانم بن ام غانم دخل المدينة ومعه أمه، وسأل هل تحسنون رجلا من بني هاشم اسمه علي؟ قالوا: نعم هو ذاك



[ صفحه 36]



فدلوني علي علي بن عبدالله بن فقلت له: معي حصاة ختم عليها علي والحسن والحسين عليهم السلام وسمعت إنه يختم عليه رجل اسمه علي فقال علي بن عبدالله بن العباس: يا عدو الله كذبت علي علي بن أبي طالب وعلي الحسن والحسين، وصار بنو هاشم يضربونني حتي أرجع عن مقالتي، ثم سلبوا مني الحصاة فرأيت في ليلتي في منامي الحسين عليه السلام وهو يقول لي: هاك الحصاة يا غانم وامض إلي علي ابني فهو صاحبك، فانتبهت والحصاة في يدي، فأتيت إلي علي بن الحسين عليهما السلام فختمها وقال لي: إن في أمرك لعبرة فلا تخبر به أحدا، فقال في ذلك غانم بن ام غانم:



أتيت عليا أبتغي الحق عنده

وعند علي عبرة لا احاول



فشد وثاقي ثم قال لي اصطبر

كأني مخبول عراني خابل



فقلت لحاك الله والله لم أكن

لاكذب في قولي الذي أنا قائل



وخلي سبيلي بعد ضنك فأصبحت

مخلاة نفسي وسربي سابل



فأقبلت يا خير الانام مؤمما

لك اليوم عند العالمين اسائل



وقلت وخير القول من كان صادقا

ولا يستوي في الدين حق وباطل



ولا يستوي من كان بالحق عالما

كآخر يمسي وهو للحق جاهل



فأنت الامام الحق يعرف فضله

وإن قصرت عنه النهي والفضائل



وأنت وصي الاوصيا محمد

أبوك ومن نيطت إليه الوسائل [54] .



بيان: ثم قال لي: أي قائل أو علي بن عبدالله، والخبل فساد العقل والجن وقال الجوهري: لحاه الله أي قبحه ولعنه انتهي، والضنك: الضيق، والسرب بالفتح والكسر الطريق وبالكسر البال والقلب والنفس، وفي البيت يحتمل الطريق والنفس، وقوله: سابل إما بالباء الموحدة، قال الفيروزآبادي: [55] السابلة من الطرق: المسلوكة والقوم المختلفة عليها، أو بالياء المثناة من تحت.



[ صفحه 37]



33 قب كتاب الارشاد [56] الزهري قال سعيد بن المسيب: كان الناس لا يخرجون من مكة حتي يخرج علي بن الحسين، فخرج وخرجت معه فنزل في بعض المنازل فصلي ركعتين سبح في سجوده فلم يبق شجر ولا مدر إلا سبحوا معه ففزعت منه فرفع رأسه، فقال: يا سعيد أفزعت؟ قلت: نعم يا ابن رسول الله، قال: هذا التسبيح الاعظم، وفي رواية سعيد بن المسيب: كان القراء لايحجون حتي

يحج زين العابدين عليه السلام وكان يتخذ لهم السويق الحلو والحامض، ويمنع نفسه فسبق يوما إلي الرحل فألفيته وهو ساجد، فوالذي نفس سعيد بيده لقد رأيت الشجر والمدر والرحل والراحلة يردون عليه مثل كلامه [57] .

وذكر [فصاحة] الصحيفة الكاملة عند بليغ في البصرة فقال: خذوا عني حتي املي عليكم وأخذ القلم وأطرق رأسه فما رفعه حتي مات.

حلية أبي نعيم، وفضائل أبي السعادات: روي أبوحمزة الثمالي، ومنذر الثوري، عن علي بن الحسين عليه السلام قال: خرجت حتي انتهيت إلي هذا الحائط فاتكيت عليه، فإذا رجل عليه ثوبان أبيضان ينظر في تجاه وجهي، ثم قال: يا علي بن الحسين! ما لي أراك كئيبا حزينا؟ أعلي الدنيا حزنك؟ فرزق الله حاضر للبر والفاجر، قلت: ما علي هذا حزني وإنه لكما تقول، قال: فعلي الآخرة؟ فهو ودع صادق يحكم فيه ملك قاهر فعلام حزنك؟ قال: قلت: أتخوف من فتنة ابن الزبير، قال: فضحك ثم قال: يا علي بن الحسين هل رأيت أحدا توكل علي الله فلم يكفه؟ قلت: لا، قال.

يا علي بن الحسين هل رأيت أحدا خاف الله فلم ينجه؟ قلت: لا، فقال: يا علي بن الحسين هل رأيت أحدا سأل الله فلم يعطه؟ قلت: لا، ثم نظرت فإذا ليس قد امي أحد، وكان الخضر عليه السلام [58] .



[ صفحه 38]



إبراهيم بن أدهم وفتح الموصلي قال كل واحد منهما: كنت أسيح في البادية مع القافلة، فعرضت لي حاجة فتنحيت عن القافلة، فإذا أنا بصبي يمشي فقلت: سبحان الله بادية بيداء وصبي يمشي، فدنوت منه وسلمت عليه فرد علي السلام فقلت له: إلي أين؟ قال: اريد بيت ربي، فقلت: حبيبي إنك صغير ليس عليك فرض ولا سنة، فقال: يا شيخ ما رأيت من هو أصغر سنا مني مات؟! فقلت: أين الزاد والراحلة، فقال: زادي تقواي، وراحلتي رجلاي، وقصدي مولاي، فقلت: ما أري شيئا من الطعام معك؟ فقال: يا شيخ هل يستحسن أن يدعوك إنسان إلي دعوة فتحمل من بيتك الطعام؟ قلت: لا، قال: الذي دعاني إلي بيته هو يطعمني ويسقيني، فقلت: ارفع رجلك حتي تدرك [59] فقال: علي الجهاد وعليه الابلاغ أما سمعت قوله تعالي: (والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا وإن الله لمع المحسنين) [60] .

قال: فبينا نحن كذلك إذ أقبل شاب حسن الوجه عليه ثياب بيض حسنة فعانق الصبي وسلم عليه، فأقبلت علي الشاب وقلت له: أسألك بالذي حسن خلقك من هذا الصبي؟ فقال: أما تعرفه؟ هذا علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب فتركت الشاب وأقبلت علي الصبي، وقلت: أسألك بآبائك من هذا الشاب؟ فقال: أما تعرفه؟ هذا أخي الخضر يأتينا كل يوم فيسلم علينا، فقلت: أسألك بحق آبائك لما أخبرتني بما تجوز المفاوز بلا زاد؟ قال: بل أجوز بزاد، وزادي فيها أربعة أشياء قلت: وما هي؟ قال: أري الدنيا كلها بحذافيرها مملكة الله، وأري الخلق كلهم عبيدالله وإماءه وعياله، وأري الاسباب والارزاق بيدالله، وأري قضاء الله نافذا في كل أرض الله، فقلت: نعم الزاد زادك يا زين العابدين، وأنت تجوز بها مفاوز الآخرة فكيف مفاوز الدنيا [61] .



[ صفحه 39]



في كتاب الكشي قال القاسم بن عوف في حديثه: قال زين العابدين عليه السلام: وإياك أن تشد راحلة برحلها فان ماهنا مطلب العلم حتي يمضي لكم بعد موتي سبع حجج، ثم يبعث لكم غلاما من ولد فاطمة [صلوات الله عليها] تنبت الحكمة في صدره، كما ينبت الطل [62] الزرع، قال: فلما مضي علي بن الحسين عليه السلام حسبنا الايام والجمع والشهور والسنين، فما زادت يوما ولا نقصت حتي تكلم محمد الباقرعليه السلام [63] .

وفي حديث أبي حمزة الثمالي أنه دخل عبدالله بن عمر علي زين العابدين عليه السلام وقال: يا ابن الحسين أنت الذي تقول إن يونس بن متي إنما لقي من الحوت ما لقي لانه عرضت عليه ولاية جدي فتوقف عندها؟ قال: بلي ثكلتك امك، قال: فأرني أنت ذلك إن كنت من الصادقين، فأمر بشد عينيه بعصابة وعيني بعصابة ثم أمر بعد ساعة بفتح أعيننا فإذا نحن علي شاطئ البحر تضرب أمواجه، فقال ابن عمر: يا سيدي دمي في رقبتك الله الله في نفسي فقال: هيه واريه إن كنت من الصادقين.

ثم قال: يا أيتها الحوت قال: فأطلع الحوت رأسه من الحجر مثل الجبل العظيم، وهو يقول: لبيك لبيك يا ولي الله، فقال: من أنت؟ قال: أنا حوت يونس يا سيدي قال: أنبئنا بالخبر قال: يا سيدي إن الله تعالي لم يبعث نبيا من آدم إلي أن صار جدك محمد إلا وقد عرض عليه ولا يتكلم أهل البيت، فمن قبلها من الانبياء سلم وتخلص، ومن توقف عنها وتمنع في حملها، لقي ما لقي آدم من المعصية وما لقي نوح من الغرق، وما لقي إبراهيم من النار، وما لقي يوسف من الجب، وما لقي أيوب من البلاء وما لقي داود من الخطيئة، إلي أن بعث الله يونس فأوحي الله إليه أن: يا يونس، تول أميرالمؤمنين عليا والائمة الراشدين من صلبه في كلام



[ صفحه 40]



له قال: فكيف أتولي من لم أره ولم أعرفه وذهب مغتاظا، فأوحي الله تعالي إلي أن التقمي يونس ولاتوهني له عظما، فمكث في بطني أربعين صباحا يطوف معي البحار في ظلمات ثلاث ينادي أنه لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين قد قبلت ولاية علي بن أبي طالب، والائمة الراشدين من ولده، فلما أن آمن بولايتكم أمرني ربي فقذفته علي ساحل البحر، فقال زين العابدين عليه السلام: ارجع أيها الحوت إلي وكرك! واستوي الماء [64] .

حماد بن حبيب الكوفي القطان قال: انقطعت عن القافلة عند زبالة [65] فلما أن أجنني الليل أويت إلي شجرة عالية، فلما اختلط الظلام إذا أنا بشاب قد أقبل عليه أطمار بيض يفوح منه رائحة المسك، فأخفيت نفسي ما استطعت، فتهيأ للصلاة، ثم وثب قائما وهو يقول: يا من حاز كل شئ ملكوتا، وقهر كل شئ جبروتا، أولج قلبي فرح الاقبال عليك، وألحقني بميدان المطيعين لك، ثم دخل في الصلاة فلما رأيته وقد هدأت أعضاؤه، وسكنت حركاته، قمت إلي الموضع الذي تهيأ فيه إلي الصلاة، فاذا أنا بعين تنبع فتهيأت للصلاة ثم قمت خلفه فاذا بمحراب كأنه مثل في ذلك الوقت، فرأيته: كلما مر بالآية التي فيها الوعد والوعيد يرددها بانتحاب وحنين، فلما أن تقشع الظلام، وثب قائما وهو يقول: يا من قصده الضالون فأصابوه مرشدا، وأمه الخائفون فوجدوه معقلا ولجأ إليه العابدون فوجدوه موئلا، متي راحة من نصب لغيرك بدنه، ومتي فرح من قصد سواك بنيته، إلهي قد تقشع الظلام ولم أقض من خدمتك وطرا، ولامن حياض مناجاتك صدرا، صل علي محمد وآله وافعل بي أولي الامرين بك يا أرحم الراحمين، فخفت أن يفوتني شخصه وأن يخفي علي أمره، فتعلقت به، فقلت: بالذي أسقط عنك هلاك التعب، ومنحك شدة لذيذ الرهب، إلا ما لحقتني منك جناح رحمة وكنف رقة فاني ضال، فقال: لو صدق توكلك ما كنت ضالا، ولكن



[ صفحه 41]



اتبعني واقف أثري، فلما أن صار تحت الشجرة أحذ بيدي وتخيل لي أن الارض يمتد من تحت قدمي، فلما انفجر عمود الصبح قال لي: ابشر فهذه مكة، فسمعت الضجة ورأيت الحجة [66] فقلت له: بالذي ترجوه يوم الازفة يوم الفاقة من أنت؟ فقال: إذا أقسمت فأنا علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب.

35 يج: روي عن حماد بن حبيب القطان الكوفي قال: خرجناسنة حجاجا فرحلنا من زبالة واستقبلتنا ريح سوداء مظلمة فتقطعت القافلة فتهت في تلك البراري فانتهيت إلي واد قفر وجنني الليل فأويت إلي شجرة، فلما اختلط الظلام إذا أنا بشاب عليه أطمار بيض، قلت: هذا ولي من أولياء الله متي أحس بحركتي خشيت نفاده فأخفيت نفسي، فدنا إلي موضع فتهيأ للصلاة وقد نبع له ماء فوثب قائما وساق الحديث نحو مامر، وفيه: ومتي فرح من قصد غيرك بهمته [67] .

بيان: تقشع الظلام وانقشع أي تصدع وانكشف.

36 يج: كتاب المقتل قال أحمد بن حنبل: كان سبب مرض زين العابدين عليه السلام في كربلا أنه كان لبس درعا ففضل عنه، فأخذ الفضلة بيده ومزقه [68] أمالي أبي جعفر الطوسي قال: خرج علي بن الحسين عليه السلام إلي مكة حاجا حتي انتهي إلي واد بين مكة والمدينة، فاذا هو برجل يقطع الطريق قال: فقال لعلي انزل قال: تريد ماذا؟ قال: اريد أن أقتلك وآخذ ما معك، قال: فأنا اقاسمك ما معي واحللك، قال: فقال اللص: لا، قال: فدع معي ما أتبلغ به، فأبي، قال فأين ربك؟ قال: نائم، قال: فإذا أسدان مقبلان بين يديه فأخذ هذا برأسه وهذا برجليه، قال: زعمت أن ربك عنك نائم [69] .



[ صفحه 42]



37 نبه: عن أبي عبدالله عليه السلام قال: خرج علي بن الحسين عليه السلام وذكر نحوه [70] .

38 ما: أحمد بن عبدون، عن علي بن محمد بن الزبير، عن علي بن فضال عن العباس بن عامر، عن أحمد بن زرق، عن يحيي بن العلا، عن أبي جعفر عليه السلام مثله [71] .

39 قب: روي أبومخنف، عن الجلودي أنه لما قتل الحسين عليه السلام كان علي بن الحسين نائما، فجعل رجل منهم يدافع عنه كل من أراد به سوءا [72] .

40 نجم: ذكر محمد بن علي مؤلف كتاب الانبياء والاوصياء من آدم عليه السلام إلي المهدي عليه السلام في حديث علي بن الحسين عليه السلام ما هذا لفظه أو معناه: وروي أن رجلا أتي علي بن الحسين عليه السلام وعنده أصحابه، فقال له: ممن الرجل؟ قال: أنا منجم قائف عراف، فنظر إليه ثم قال: هل أدلك علي رجل قد مر منذ دخلت علينا في أربعة آلاف عالم قال: من هو؟ قال: أما الرجل فلا أذكره ولكن إن شئت أخبرتك بما أكلت وادخرت في بيتك، قال: نبئني قال: أكلت في هذا اليوم جبنا، فأما في بيتك فعشرون دينارا منها ثلاثة دنانير وازنة، فقال له الرجل: أشهد أنك الحجة العظمي والمثل الاعلي وكلمة التقوي، فقال له: وأنت صديق امتحن الله قلبك بالايمان وأثبت [73] .

بيان: وازنة أي صحيحة الوزن بها يوزن غيرها.



[ صفحه 43]



41 نجم: باسنادنا إلي محمد بن جرير الطبري في كتاب الامامة قال: حضر علي بن الحسين عليه السلام الموت فقال: يا محمد أي ليلة هذه؟ قال: ليلة كذا وكذا قال: وكم مضي من الشهر؟ قال: كذا وكذا، قال: إنها الليلة التي وعدتها ودعا بوضوء فقال: إن فيه فارة، فقال بعض القوم: إنه ليهجر فقال: هاتوا المصباح فجيئ به، فاذا فيه فارة، فأمر بذلك الماء فاهريق وأتوه بماء آخر فتوضأ، وصلي حتي إذا كان آخر الليل توفي عليه السلام [74] .

42 كشف: من كتاب الدلائل لعبدالله الحميري، كان علي بن الحسين عليه السلام في سفر، وكان يتغدي وعنده رجل فأقبل غزال في ناحية يتقمم [75] وكانوا يأكلون علي سفرة في ذلك الموضع، فقال له: علي بن الحسين: ادن فكل فأنت آمن، فدنا الغزال فأقبل يقتمم من السفرة، فقام الرجل الذي كان يأكل معه بحصاة فقذف بها ظهره، فنفر الغزال ومضي، فقال له علي بن الحسين عليه السلام: أخفرت ذمتي؟ لاكلمتك كلمة أبدا [76] .

وعن أبي جعفر عليه السلام قال: إن أبي خرج إلي ماله ومعنا ناس من مواليه وغيرهم فوضعت المائدة ليتغذي وجاء ظبي وكان منه قريبا، فقال له: يا ظبي أنا علي بن الحسين بن علي بن أبيطالب وامي فاطمة بنت رسول الله صلي الله عليه وآله هلم إلي هذا الغذاء، فجاء الظبي حتي أكل معهم ما شاء الله أن يأكل، ثم تنحي الظبي فقال بعض غلمانه: رده علينا، فقال لهم: لاتخفروا ذمتي؟ قالوا: لا، فقال له: يا ظني أنا علي بن الحسين بن علي بن أبيطالب وامي فاطمة بنت رسول الله صلي الله عليه وآله هلم إلي هذا الغذاء وأنت آمن في ذمتي، فجاء الظبي حتي قام علي المائدة فأكل معهم فوضع رجل من جلسائه يده علي ظهره فنفر الظبي، فقال علي بن الحسين عليهما السلام: أخفرت ذمتي؟ لاكلمتك كلمة أبدا.



[ صفحه 44]



وتلكأت عليه ناقته بين جبال رضوي فأناخها ثم أراها السوط والقضيب ثم قال: لتنطلقن أولا فعلن، فانطلقت وما تلكأت بعدها [77] بيان: قال الفيروز آبادي: تلكاء عليه اعتل، وعنه أبطا [78] .

43 يج [79] كشف: وروي عن أبي عبدالله أنه التزقت يد رجل وامرأة علي الحجر في الطواف، فجهد كل واحد منهما أن ينزع يده، فلم يقدرا عليه وقال الناس: اقطعوهما! قال: فبيناهما كذلك إذ دخل علي بن الحسين عليهما السلام فأفرجوا له، فلما عرف أمرهما تقدم فوضع يده عليهما فانحلا وتفرقا [80] .

44 كشف: م عن أبي عبدالله عليه السلام قال: لما ولي عبدالملك بن مروان الخلافة كتب إلي الحجاج بن يوسف: بسم الله الرحمن الرحيم من عبدالملك ابن مروان أميرالمؤمنين إلي الحجاج بن يوسف أما بعد: فانظر دماء بني عبدالمطلب فاحقنها واجتنبها، فاني رأيت آل أبي سفيان لما ولعوا فيها لم يلبثوا إلا قليلا والسلام، قال: وبعث بالكتاب سرا، وورد الخبر علي علي بن الحسين عليه السلام ساعة كتب الكتاب وبعث به إلي الحجاج، فقيل له [81] : إن عبدالملك قد كتب إلي الحجاج كذا وكذا وإن الله قد شكر له ذلك، وثبت ملكه وزاده برهة، قال: فكتب علي بن الحسين عليه السلام: بسم الله الرحمن الرحيم إلي عبدالملك بن مروان أميرالمؤمنين من علي بن الحسين بن علي أما بعد: (فانك كتبت يوم كذا وكذا من ساعة كذا وكذا من شهر كذا وكذا بكذا وكذا، وإن رسول الله صلي الله عليه وآله أنبأني وخبرني،، وإن الله قد شكر لك ذلك وثبت ملكك وزادك فيه برهة) وطوي الكتاب وختمه وأرسل به مع غلام له علي بعيره وأمره أن يوصله إلي عبدالملك ساعة يقدم



[ صفحه 45]



عليه، فلما قدم الغلام أوصل الكتاب إلي عبدالملك، فلما نظر في تاريخ الكتاب وجده موافقا لتلك الساعة التي كتب فيها إلي الحجاج، فلم يشك في صدق علي ابن الحسين عليه السلام وفرح فرحا شديدا، وبعث إلي علي بن الحسين عليه السلام بوقر راحلته دراهم ثوابا لما سره من الكتاب [82] .

45 طا: من كتاب الدلايل [83] لمحمد بن جرير الطبري باسناده إلي جابر الجعفي عن أبي جعفر الباقر عليه السلام قال: خرج أبومحمد علي بن الحسين عليه السلام

إلي مكة في جماعة من مواليه وناس من سواهم، فلما بلغ عسفان ضرب مواليه فسطاطه في موضع منها، فلما دنا علي بن الحسين عليه السلام من ذلك الموضع قال لمواليه: كيف ضربتم في هذا الموضع؟ وهذا موضع قوم من الجن هم لنا أولياء ولنا شيعة وذلك يضر بهم ويضيق عليهم، فقلنا: ما علمنا ذلك، وعمدوا إلي قلع الفسطاط، وإذا هاتف نسمع صوته ولا نري شخصه وهو يقول: يا ابن رسول الله لا تحول فسطاطك من موضعه فإنا نحتمل لك ذلك، وهذا الطف قد أهديناه إليك، ونحب أن تنال منه لنسر بذلك، فإذا جانب الفسطاط طبق عظيم وأطباق معه فيها عنب ورمان وموز وفاكهة كثيرة، فدعا أبومحمد عليه السلام من كان معه فأكل وأكلوا من تلك الفاكهة [84] .

46 يج: مرسلا مثله [85] .

47 كش: وجدت بخط جبرئيل بن أحمد حدثني محمد بن عبدالله بن مهران عن محمد بن علي، عن محمد بن عبدالجبار، عن ابن البطائني، عن أبيه، عن أبي بصير قال: سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول: كان أبوخالد الكابلي بخدم محمد بن الحنفية دهرا، وما كان



[ صفحه 46]



يشك في أنه إمام حتي أتاه ذات يوم، فقال له: جعلت فداك إن لي حرمة ومودة وانقطاعا فأسألك بحرمة رسول الله صلي الله عليه وآله وأميرالمؤمنين عليه السلام إلا أخبرتني أنت الامام الذي فرض الله طاعته علي خلقه؟ قال: فقال: يا أبا خالد حلفتني بالعظيم الامام علي بن الحسين عليهما السلام علي وعليك وعلي كل مسلم، فأقبل أبوخالد لما أن سمع ما قاله محمد ابن الحنفية وجاء إلي علي بن الحسين عليهما السلام فلما استأذن عليه أخبر أن أبا خالد بالباب، فأذن له، فلما دخل عليه ودنا منه، قال: مرحبا يا كنكر ما كنت لنا بزائر ما بدالك فينا؟ فخر أبوخالد ساجدا شاكرا لله تعالي مما سمع من علي بن الحسين عليهما السلام فقال: الحمدلله الذي لم يمتني حتي عرفت إمامي، فقال له علي عليه السلام: وكيف عرفت إمامك يا أبا خالد؟ قال: إنك دعوتني باسمي الذي سمتني به امي التي ولدتني، وقد كنت في عمياء من أمري، ولقد خدمت محمد ابن الحنفية عمرا من عمري ولا أشك أنه إمام، حتي إذا كان قريبا سألته بحرمة الله تعالي وحرمة رسوله صلي الله عليه وآله وبحرمة أميرالمؤمنين عليه السلام فأرشدني إليك، وقال: هو الامام علي وعليك وعلي جميع خلق الله كلهم، ثم أذنت لي فجئت فدنوت منك وسميتني باسمي الذي سمتني امي، فعلمت أنك الامام الذي فرض الله طاعته علي وعلي كل مسلم [86] 48 يج: مرسلا مثله وفيه وقال: ولدتني امي فسمتني وردان، فدخل عليها والدي فقال: سميه كنكر! ووالله ما سماني به أحد من الناس إلي يومي هذا غيرك فأشهد أنك إمام من في الارض ومن في السماء [87] .

أقول: روي الشيخ أبوجعفر بن نما في كتاب شرح الثار مثله، وقد مر في باب أحوال المختار [88] .



[ صفحه 47]



49 كا: محمد بن يحيي، عن أحمد بن محمد، عن علي بن الحكم، عن مالك ابن عطية، عن الثمالي، قال: دخلت علي علي بن الحسين فاحتبست في الدار ساعة ثم دخلت وهو يلتقط شيئا وأدخل يده في وراء الستر فناوله من كان في البيت، فقلت: جعلت فداك هذا الذي أراك تلتقط أي شئ هو؟ قال: فضلة من زغب الملائكة نجمعه إذا خلونا نجعله سيا لاولادنا، فقلت: جعلت فداك وإنهم ليأتونكم؟ فقال: يا أبا حمزة إنهم ليزاحمونا علي تكأتنا [89] .

بيان: السيح عباءة، ومنهم [من] قرأ سبحا بالباء الموحدة جمع السبحة.

أقول: سيأتي في الابواب الآتية كثير من الاخبار المشتملة علي المعجزات ورأيت في بعض مؤلفات أصحابنا روي أن رجلا مؤمنا من أكابر بلاد بلخ كان يحج البيت ويزور النبي في أكثر الاعوام، وكان يأتي علي بن الحسين عليه السلام ويزوره ويحمل إليه الهدايا والتحف ويأخذ مصالح دينه منه، ثم يرجع إلي بلاده فقالت له زوجته: أراك تهدي تحفا كثيرة ولا أراه يجازيك عنها بشئ، فقال: إن الرجل الذي نهدي إليه هدايانا هو ملك الدنيا والآخرة وجميع ما في أيدي الناس تحت ملكه لانه خليفة الله في أرضه، وحجته علي عباده، وهو ابن رسول الله صلي الله عليه وآله وإمامنا، فلما سمعت ذلك منه أمسكت عن ملامته، ثم إن الرجل تهيأ للحج مرة اخري في السنة القابلة، وقصد دار علي بن الحسين عليه السلام فاستأذن عليه، فأذن له فدخل فسلم عليه وقبل يديه، ووجد بين يديه طعاما فقر به إليه وأمره بالاكل معه فأكل الرجل، ثم دعا بطست وإبريق فيه مآء، فقام الرجل، وأخذ الابريق وصب الماء علي يدي الامام عليه السلام فقال عليه السلام: يا شيخ أنت ضيفنا فكيف تصب علي يدي الماء؟ فقال: إني احب ذلك، فقال الامام عليه السلام: لما أحببت ذلك فوالله لارينك ما تحب وترضي وتقر به عيناك، فصب الرجل علي يديه الماء حتي امتلا ثلث الطست، فقال الامام عليه السلام: للرجل ما هذا؟ فقال: مآء، قال الامام عليه السلام: بل



[ صفحه 48]



هو ياقوت أحمر، فنظر الرجل، فاذا هو قد صار ياقوتا أحمر باذن الله تعالي.

ثم قال عليه السلام: يا رجل صب الماء فصب حتي امتلا ثلثا الطست فقال عليه السلام: ما هذا؟ قال: هذا ماء، قال عليه السلام: بل هذا زمرد أخضر فنظر الرجل فاذا هو زمرد أخضر، ثم قال عليه السلام: صب الماء فصبه علي يديه حتي امتلا الطست فقال: ما هذا؟ فقال: هذا ماء، قال عليه السلام: بل هذا در أبيض، فنظر الرجل إليه، فاذا هو در أبيض، فامتلا الطست من ثلاثة ألوان: در وياقوت وزمرد فتعجب الرجل وانكب علي يديه عليه السلام يقبلهما، فقال عليه السلام: يا شيخ لم يكن عندنا شئ نكافيك علي هداياك إلينا، فخذ هذه الجواهر عوضا عن هديتك، واعتذر لنا عند زوجتك لانها عتبت علينا، فأطرق الرجل رأسه وقال: يا سيدي من أنبأك بكلام زوجتي؟ فلا أشك أنك من أهل بيت النبوة، ثم إن الرجل ودع الامام عليه السلام وأخذ الجواهر وساربها إلي زوجته، وحدثها بالقصة فسجدت لله شكرا وأقسمت علي بعلها بالله العظيم أن يحملها معه إليه عليه السلام فلما تجهز بعلها للحج في السنة القابلة أخذها معه، فمرضت في الطريق وماتت قريبا من المدينة، فأتي الرجل الامام عليه السلام باكيا وأخبره بموتها، فقام الامام عليه السلام وصلي ركعتين ودعا الله سبحانه بدعوات، ثم التفت إلي الرجل، وقال له: ارجع إلي زوجتك فان الله عزوجل قد أحياها بقدرته وحكمته وهو يحيي العظام وهي رميم، فقام الرجل مسرعا فلما دخل خيمته وجد زوجته جالسة علي حال صحتها، فقال لها: كيف أحياك الله؟ قالت: والله لقد جاءني ملك الموت وقبض روحي وهم أن يصعد بها، فاذا أنا برجل صفته كذا وكذا وجعلت تعد أوصافه عليه السلام وبعلها يقول: نعم صدقت هذه صفة سيدي ومولاي علي بن الحسين عليه السلام قالت: فلما رآه ملك الموت مقبلا انكب علي قدميه يقبلهما ويقول: السلام عليك يا حجة الله في أرضه، السلام عليك يا زين العابدين، فردعليه السلام، وقال له: يا ملك الموت أعد روح هذه المرأة إلي جسدها، فانها كانت قاصدة إلينا وإني قد سألت ربي أن يبقيها ثلاثين سنة اخري



[ صفحه 49]



ويحييها حياة طيبة لقدومها إلينا زائرة لنا، فقال الملك: سمعا وطاعة لك يا ولي الله، ثم أعاد روحي إلي جسدي، وأنا أنظر إلي ملك الموت قد قبل يده عليه السلام وخرج عني، فأخذ الرجل بيد زوجته وأخلها إليه عليه السلام وهو بين أصحابه، فانكبت علي ركبتيه تقبلهما وهي تقول: هذا والله سيدي ومولاي، وهذا هو الذي أحياني الله ببركة دعائه، قال: فلم تزل المرأة مع بعلها مجاورين عند الامام عليه السلام بقية أعمارهما إلي أن ماتا رحمة الله عليهما.

وروي البرسي في مشارق الانوار أن رجلا قال: لعلي بن الحسين عليهما السلام بماذا فضلنا علي أعدائنا وفيهم من هو أجمل منا؟ فقال له الامام عليه السلام: أتحب أن تري فضلك عليهم؟ فقال: نعم، فمسح يده علي وجهه وقال: انظر فنظر فاضطرب وقال: جعلت فداك ردني إلي ما كنت فاني لم أر في المسجد إلا دبا وقردا وكلبا فمسح يده علي وجهه فعاد إلي حاله [90] .



[ صفحه 50]




پاورقي

[1] أمالي الصدوق ص 453 واخرجه الفتال في روضته ص 168.

[2] تحلحل عن مكانه زال.

[3] ذوب النضار لابن نما ص 292 ج 10 بحار الانوار ط تبريز، وص 347 ج 45 الطبع الجديد من البحار.

[4] يعني وعلي نعليه شراكان من فضة، والشراك: سيرالنعل علي ظهر القدم (ب).

[5] البصائر الجزء الرابع آخر الباب الثاني منه، واخرجه محمد بن جرير الطبري في دلائل الامامة ص 88 بتفاوت يسير.

[6] الاختصاص ص 293.

[7] بصائر الدرجات: الباب الرابع عشر من الجزء السابع.

[8] مناقب ابن شهر آشوب ج 2 ص 276 بتفاوت.

[9] حلية الاولياء ج 3 ص 140 بتفاوت.

[10] بصائر الدرجات: الباب الرابع عشر من الجزء السابع.

[11] الاختصاص ص 294 وفي السند فيه سقط فلاحظ.

[12] الابواء: بالفتح فالسكون وفتح الواو وألف ممدودة: قرية من اعمال الفرع من المدينة، وبها قبر آمنة ام النبي صلي الله عليه وآله.

[13] بصائر الدرجات: الباب الخامس عشر من الجزء السابع.

واخرجه محمد ابن جرير الطبري في دلائل الامامة ص 88 بتفاوت في السند والمتن.

[14] الاختصاص: ص 297.

[15] أهل الثعلب: رفع صوته، القاموس.

[16] بصائر الدرجات: الباب الخامس عشر من الجزء السابع.

[17] مناقب ابن شهر آشوب ج 2 ص 283 بتفاوت.

[18] الاختصاص ص 299 بتفاوت.

[19] بصائر الدرجات: الباب الخامس عشر من الجزء السابع.

[20] مناقب ابن شهر آشوب ج 3 ص 283.

[21] الاختصاص ص 297.

[22] بصائر الدرجات: الباب الخامس عشر من الجزء السابع.

واخرجه محمد بن جرير الطبري في دلائل الامامة ص 89.

[23] الاختصاص ص 319 بتفاوت.

[24] بصائرالدرجات: الباب الثاني عشر من الجزء الثامن.

[25] كمال الدين ص 297 وفيه تصريح بالتحديث في السند.

[26] الخرائج والجرائح ص 228 بتفاوت.

[27] الوعوعة، والوعواع: صوت الذئب والكلاب وبنات آوي.القاموس.

[28] الخرائج والجرائح ص 228.

[29] المصدر نفسه.

[30] لم نعثر عليهما في مظانهما رغم الفحص عنهما.

[31] لم نعثر عليهما في مظانهما رغم الفحص عنهما.

[32] الوقر: بالكسر الحمل، مجمع البحرين.

[33] الخرائج والجرائج 194 بتفاوت.

[34] المصدر السابق ص 194 بتفاوت.

[35] المصدر السابق ص 194 وهكذ ما بعده.

[36] كشف الغمة ج 2 ص 309 ط الاسلامية بطهران.

[37] بغالم الظبية صوتها، وهي بغوم اذا صاحت إلي ولدها بأرخم ما يكون من صوتها (مجمع البحرين، القاموس).

[38] مناقب ابن شهر آشوب ج 3 ص 286 بتفاوت كثير.

[39] الخرايج والجرايح 195 بتفاوت، وأخرجه الكشي أيضا في رجاله كما في اختيار الرجال ص 80 بتفاوت في ترجمة أبي خالد الكابلي.

[40] الخرائج والجرايح ص 195.

[41] هذا البيت من قصيدة تزيد أبياتها علي أربعين بيتا قالها الفرزدق الشاعر في مدح الامام السجاد عليه السلام وقد ذكرها ما يقرب من عشرين عالما من حفاظ السنة ومؤرخيهم وسيأتي تفصيل الكلام عن ذلك في محله ان شاء الله.

[42] لم نعثر عليه في الخرايج ولعله من السقط في المطبوعة.

[43] كسابقه، وقد اخرجه الصفار في بصائر الدرجات: الباب الثالث من الجزء الرابع بتفاوت، وطيبة: اسم ضيعة كانت للامام الصادق عليه السلام ذكرها معتب مولاه في حديث له مذكور في بصائر الدرجات: الحديث الثالث من الباب الثامن من الجزء الخامس.

[44] تعني البرص.

[45] مناقب ابن شهر آشوب ج 3 ص 276.

[46] مناقب ابن شهر آشوب ج 3 ص 276.

[47] مناقب ابن شهر آشوب ج 3 ص 277، والحديث في الكافي ج 1 ص 393 بتفاوت.

[48] الحق: من الحقة بالضم، وهي وعاء من خشب، الجمع حق وحقوق واحقاق وحقاق (القاموس).

[49] مناقب ابن شهر آشوب ج 3 ص 277.

[50] الرشاء: ككساء الحبل (القاموس).

[51] مناقب ابن شهر آشوب ج 3 ص 278.

[52] لم نجد هذا الحديث في مظانه من المصدر، نعم ورد فيه قول الصادق عليه السلام ان عندي سيف رسول الله وان عندي لراية رسول الله صلي الله عليه وآله الخ.

[53] لم نعثر عليه في النسختين المطبوعتين بايران قديما سنة 1312 وحديثا سنة 1379، ولعل في المطبوعتين نقص.

والافان نسخة الام من هذا الكتاب (اعلام الوري) وهي بخط مؤلفها كانت عند المجلسي، رحمهما الله تعالي.

[54] مناقب ابن شهر آشوب ج 3 ص 278.

[55] القاموس المحيط ج 3 ص 392.

[56] لم نعثر عليه في نسخة الارشاد المطبوعة بايران سنة 1308 وهي التي راجعناها في التعليق في المقام.

[57] مناقب ابن شهر آشوب ج 3 ص 279.

[58] مناقب ابن شهر آشوب ج 3 ص 279، واخرجه الراوندي في الخرايج والجرايح ص 196.

[59] يعني ارفع رجلك أورحلك علي المركوب، واركب مطيتي حتي تدرك الحج. (ب).

[60] سورة العنكبوت الاية: 69.

[61] مناقب ابن شهر آشوب ج 3 ص 280.

[62] الطل: أخف المطر وأضعفه وهو انفع للزرع من الوابل (ب).

[63] معرفة اخبار الرجال ص 83 في ترجمة القاسم بن عوف وفيه: (فان قل ماههنا يطلب العلم).

[64] مناقب ابن شهر آشوب ج 3 ص 281.

[65] زبالة: اسم موضع بطريق مكة.

[66] كانه اراد جمع الحاج، اصلهما حاجج وحججة والحديث في المصدر نفسه ص 282. (ب).

[67] الخرايج والجرايح ص 195 بتفاوت.

[68] ممالم نعثر عليه في الخرايج المطبوعة.

[69] امالي ابن الشيخ الطوسي الملحق بأمالي أبيه ص 605 طبع ايران سنة 1313.

[70] تنبيه الخواطر ص 326 طبع النجف وفيه يحيي بن العلاء قال: سمعت أبا جعفر يقول خرج علي بن الحسين الخ.

[71] أمالي ابن الشيخ ص 605.

[72] مناقب ابن شهر آشوب ج 3 ص 285.

[73] فرج المهموم في معرفة الحلال والحرام من علم النجوم ص 111 طبع النجف واخرج محمد بن جرير الطبري في دلائل الامامة ص 91 وفيه (عام) بدل (عالم) وسبق برقم (12) من الباب عن الاختصاص وبصائر الدرجات بتفاوت وبدون الذيل، فراجع.

[74] فرج المهموم ص 228.

[75] التقمم: هومن قمت الشاة: أكلت، أو من تقمم: تتبع الكناسات (القاموس).

[76] كشف الغمة ج 2 ص 306.

[77] المصدر السابق ج 2 ص 307.

[78] القاموس ج 1 ص 27 الطبعة الثالثة سنة 1352 بمصر.

[79] ممالم نقف عليه في الخرايج المطبوعة.

[80] كشف الغمة ج 2 ص 310.

[81] والقائل: الهاتف من الملائكة، أو هو رسول الله صلي الله عليه وآله في المنام (ب).

[82] المصدر السابق ج 2 ص 311، وروي الحديث الراوندي في الخرايج ص 194 بتفاوت.

[83] دلائل الامامة ص 93.

[84] الامان من اخطار الاسفار والازمان ص 124 طبع النجف بالمطبعة الحيدرية.

[85] الخرايج والجرايح ص 228 بتفاوت.

[86] معرفة اخبار الرجال ص 79 واخرجه السروي في مناقبه ج 3 ص 288 بتفاوت.

[87] ممالم نمعثر عليه في المطبوعة.

[88] ذكره في اوائل الرسالة المذكورة المسماة (ذوب النضار في شرح الثار) وقد طبعت في آخر المجلد العاشر من البحار طبع الكمباني وفي طبع تبريز من ص 292 والحديث المذكور فيه في أول ص 293، وراجع ج 45 الباب 49 من طبعتنا.

[89] الكافي ج 1 ص 393 وأخرجه الصفار في بصائر الدرجات في الباب السابع عشر من الجزء الثاني وفيه (سنجابا) بدل (سيحا).

[90] مشارق انوار اليقين ص 108 طبع دار الفكر في بيروت سنة 1379 وأخرجه الراوندي في الخرايج والجرايح ص 228.