بازگشت

في المناجاة المعروفة بالانجيلية الطويلة


كما وجدناه اولا في كتاب لبعض اصحابنا في الأدعية و الاعمال سماه تحفة العابدين او انيس العابدين او نحو ذلك لان المضاف كان تألفا من النسخة و لم يبق غير لفظة العابدين و عبر عن نفسه في خطبته بمحمد الطبيب راينا منه نسخة في دمشق الشام كتبت في سنة 1124 اربع و عشرين و مائه بعد الالف بدمشق ثم وجدناها في الصحيفة الثالثة قال و كان من دعائه عليه السلام في المناجاة



[ صفحه 166]



و هي المناجاة الشريفة الأنجيلية الطويلة و هي اكبر مناجاة قد ظهرت من فيض الله علي لسانه المبارك صلوات الله عليه ثم قال قد رأيت في كتاب عتيق من مؤلفات قدماء اصحابنا رضوان الله عليهم اجمعين ان هذا الدعاء المعروف بالمناجاة الأنجيلية مروي عن مولانا سيد الساجدين و زين العابدين صلوات الله عليه و علي آبائه الطاهرين و اولاده المعصومين و انما سميت هذه المناجاة بالأنجيلية لأن فقراتها تشبه اكثر فقرات مواعظ الأنجيل النازل علي عيسي عليه السلام لا الأنجيل المتداول بين النصاري الآن قال ثم لا يخفي ان عبارات هذه المناجاة و سياقها اقوي دليل علي صحة صدورها عن ذلك الامام المعصوم و هذه الحجة تكفي في كونها من ادعيته عليه السلام و ان (ان خ ل) لم يصح سندها و اسنادها مع انه قد رواه جماعة من المتقدمين و المتأخرين في كتبهم كما نقله ( نقلها خ ل) فيه (كذا) صاحب انيس العابدين و غيره في غيره ايضا و منهم المولي الجليل مولانا محسن القاشاني المعاصر قدس سره في كتاب ذريعة الضراعة و قد قال ابن شهر اشوب في معالم العلماء في ترجمة يحيي بن علي بن محمد الحسيني البرقي انه يروي عن الصادق عليه السلام الدعاء المعروف بانجيل اهل البيت عليهم السلام انتهي و الظاهر ان مراده (رض) به هو هذا الدعاء الشريف و ان حمله السيد الداماد و المولي محمد تقي المجلسي (ره) و اضرابهما علي الصحيفة الكاملة المشهورة و لكن عندي



[ صفحه 167]



في ذلك تأمل و لا سيما انه قد وقع فيه بلفظ الدعاء مفردا فتامل و قد رأيت ايضا في اردبيل في طي بعض الادعيه الشريفة المذكورة في مجموعة عتيقة جدا هذه المناجاة منسوبة اليه عليه السلام الا ان الموجودة فيها اخصر و اقصر من هذه بكثير فلا تغفل انتهي كلامه في الصحيفة الثالثة (اقول) و حكي الفاضل المعاصر النوري في حاشية الصحيفة الثالثة عن استاذ المؤلف المولي السبزواري انه ذكرها في كتاب مفاتيح النجاة و قد ذكرها المجلسي في البحار قال و قد وجدتها في بعض مرويات اصحابنا رضي الله عنه في كتاب انيس العابدين من مؤلفات بعض قدمائنا عنه عليه السلام انتهي (و المناجاة هي هذه).

بسم الله الرحمن الرحيم

اللهم بذكرك استفتح مقالي، و بشكرك استنجح سوالي، و عليك اتوكل (توكلي خ ل) في كل احوالي، و اياك آمل (و أنت أملي خ ل) فلا تخيب آمالي.

اللهم بذكرك استعيذ و اعتصم (و استعصم خ ل) و بركنك الوذ و اتحزم، و بقوتك استجير و استنصر، و بنورك اهتدي و استبصر، و اياك استعين و اعبد، و اليك اقصد و اعمد،



[ صفحه 168]



و بك اخاصم و اجادل، و منك اطلب ما اجاول، فاعني يا خير المعينين، وقني المكاره كلها يا رجاء المومنين.

الحمد لله المذكور بكل لسان، المشكور علي كل احسان، المعبود في كل مكان، مدبر الامور، و مقدر الدهور، و العالم بما تجنه البحور، و تكنه الصدور، و يخفيه الظلام، و يبديه النور الذي حار في علمه العلماء، و سلم بحكمه (لحكمه خ ل) الحكماء، و تواضع لعزته العظماء، و فاق بسعه فضله الكرماء، و ساد بعظيم حلمه الحلماء، و الحمد لله الذي لا يخفر من انتصر بذمته، و لا يقهر من استتر بعظمته و لا يكدي من اذاع شكر نعمته، و لا يهلك من تغمده برحمته ذي المنن التي لا يحصيها العادون، و النعم التي لا يجازيها المجتهدون و الصنائع التي لا يستطيع دفعها الجاحدون، و الدلائل التي يستبصر بنورها الموجودون، احمده جاهرا بحمده،



[ صفحه 169]



شاكرا لرفده، حمد موفق لرشده، واثق بوعده (بعدله خ ل) له الشكر الدائم، و الامر اللازم.

اللهم اياك اسال، و بك اتوسل، و عليك اتوكل، و بفضلك اغتنم، و بحبلك اعتصم، و في رحمتك ارغب، و من نقمتك ارهب، و بعونك (و بقوتك خ ل) استعين، و لعظمتك استكين.

اللهم انت الولي المرشد، و الغني المرفد، و العون المويد، الراحم الغفور، و العاصم المجير، و القاصم المبير و الخالق الحكيم (الحليم خ ل) و الرازق الكريم، و السابق القديم.

علمت فخبرت، و حلمت فسترت، و رحمت فغفرت، و عظمت فقهرت، و ملكت فاستاثرت و ادركت فاقتدرت، و حكمت فعدلت، و انعمت فافضلت، و ابدعت فاحسنت، و صنعت فاتقنت، وجدت فاغنيت، و ايدت فكفيت، و خلقت فسويت، و وفقت فهديت.

بطنت (و بطنت خ ل) الغيوب فخبرت مكنون اسرارها، و حلت بين



[ صفحه 170]



القلوب و بين تصرفها علي اختيارها، فايقنت البرايا انك مدبرها و خالقها، و اذعنت انك مقدرها و رازقها، لا اله الا انت تعاليت عما يقول الظالمون علوا كبيرا.

اللهم اني اشهدك و انت اقرب الشاهدين، و اشهد من حضرني من ملائكتك المقربين، و عبادك الصالحين، من الجنة و الناس اجمعين.

اني اشهد بسريرة زكية، و بصيرة من الشك برية، شهادة اعتقدها باخلاص و ايقان، و اعدها طمعا في الخلاص و الامان، اسرها تصديقا بربوبيتك، و اظهرها تحقيقا لوحدانيتك لا (و لا خ ل) اصد عن سبيلها، و لا الحد في تاويلها، انك انت الله ربي لا اشرك بك احدا، و لا اجد من دونك ملتحدا لا اله الا الله وحده لا شريك له، الواحد الذي لا يدخل في عدد، و الفرد الذي لا يقاس باحد، علا عن المشاكلة و المناسبة و خلا من الاولاد و الصاحبة، سبحانه من



[ صفحه 171]



خالق ما اصنعه، و رازق ما اوسعه، و قريب ما ارفعه، و مجيب ما اسمعه، و عزيز ما امنعه «له المثل الاعلي في السماوات و الارض و هو العزيز الحكيم».

و اشهد ان محمدا نبيه المرسل، و وليه المفضل، و شهيده المعدل (المستعدل خ ل) المويد بالنور المضي، و المسدد بالامر المرضي، بعثه بالاوامر الشافية، و الزواجر الناهية، و الدلائل الهادية، التي اوضح برهانها، و شرح بيانها (تبيانها خ ل) في كتاب مهيمن علي كل كتاب، جامع لكل رشد و صواب، فيه نبا القرون و تفصيل الشئون، و فرض الصلاة و الصيام، و الفرق بين الحلال و الحرام، فدعي الي خير سبيل، و شفي من هيام الغليل، (الغليل خ ل) حتي علا الحق و ظهر، و زهق الباطل و انحسر صلي الله عليه و آله صلاة دائمة ممهدة، لا تنقضي لها مدة، و لا تنحصر لها عدة.

اللهم صل علي محمد و آل



[ صفحه 172]



محمد ما جرت النجوم في الابراج و تلاطمت البحور بالامواج، و ما ادلهم ليل داج و اشرق نهار ذو ابتلاج و صل عليه و عليهم (و آله خ ل) ما تعاقبت الايام، و تناوبت الاعوام، و ما خطرت الاوهام، و تدبرت الافهام، و ما بقي الانام.

اللهم صل علي محمد خاتم الانبياء، و آله البررة الاتقياء، و علي عترته النجباء الخيرة الاصفياء، صلاة مقرونة بالتمام و النماء، و باقية بلا فناء و لا انقضاء.

اللهم رب العالمين، و احكم الحاكمين، و ارحم الراحمين

اسالك من الشهادة اقسطها و من العبادة انشطها، و من الزيادة ابسطها، و من الكرامة اغبطها، و من السلامة احوطها، و من الاعمال أفسطها (اوسطها خ ل) و من الامال اوفقها، و من الاقوال اصدقها، و من المحال اشرفها، و من المنازل الطفها، و من الحياطة اكنفها و من الرعايه أغبطها (اعطفها خ ل)،



[ صفحه 173]



و من العصمة اكفاها، و من الرحمة (الراحة خ ل) اشفاها، و من النعمة اوفاها، و من الهمم اعلاها، و من القسم اسناها و من الارزاق اغزرها، و من الاخلاق اطهرها، و من المذاهب اقصدها و من العواقب احمدها، و من الامور ارشدها، و من التدابير اوكدها و من الجدود اسعدها، و من الشئون اعودها و من الفوائد ارجحها، و من العوائد انجحها، و من الزيادات اتمها، و من البركات اعمها، و من الصالحات اعظمها.

اللهم اني اسالك قلبا خاشعا زكيا، و لسانا صادقا عليا، و رزقا واسعا هنيا، و عيشا رغدا مريئا.

و اعوذبك من ضنك المعاش، و من شر كل ساع و واش، و غلبة الاضداد و الاوباش و كل قبيح باطن او فاش.

و اعوذبك من دعاء محجوب، و رجاء مكذوب، و حياء مسلوب و اخاء معبوب و احتجاج مغلوب، و راي غير مصيب.

اللهم انت



[ صفحه 174]



المستعان و المستعاذ، و عليك المعول و بك الملاذ (المعاذ خ ل)، فانلني لطائف منك (مننك خ ل) فانك لطيف، و لا تبلني (تبتلني خ ل) بمحنك فاني ضعيف، و تولني بعطف تحننك (محبتك خ ل) يا رؤف، يا من آوي (أدني خ ل) المنقطعين اليه، و اغني المتوكلين عليه، جد بغناك علي فاقتي، و لا تحملني فوق طاقتي.

اللهم اجعلني من الذين جدوا في قصدك فلم يتكلوا (ينكوا خ ل) و سلكوا الطريق اليك فلم يعدلوا، و اعتمدوا عليك في الوصول حتي و صلوا، فرويت قلوبهم من محبتك، و انست نفوسهم بمعرفتك، فلم يقطعهم عنك قاطع، و لا منعهم عن بلوغ ما املوه لديك مانع، فهم فيما اشتهت انفسهم خالدون «لا يحزنهم الفزع الاكبر و تتلقاهم الملائكة هذا يومكم الذي كنتم توعدون».

اللهم لك قلبي و لساني، و بك نجاتي و اماني، و انت العالم



[ صفحه 175]



بسري و اعلاني، فامت قلبي عن البغضاء، و اصمت لساني عن الفحشاء، و اخلص سريرتي (و علانيتي خ) عن (من خ ل) علائق الاهواء، و اكفني (و اكنفني خ ل) بامانك من عوائق الضراء.

و اجعل سري معقودا علي مراقبتك، و اعلاني موافقا لطاعتك، وهب لي جسما روحانيا، و قلبا سماويا، و همه متصله بك، و يقينا صادقا في حبك، و الهمني من محامدك امدحها، وهب لي من فوائدك اسمحها، انك ولي الحمد و المستولي علي المجد.

يا من لا ينقص ملكوته عصيان المتمردين، و لا يزيد جبروته ايمان الموحدين، اليك استشفع بقديم كرمك، ان لا تسلبني ما منحتني من جسيم نعمك، و اصرفني بحسن نظرك لي عن ورطة المهالك، و عرفني بجميل اختيارك لي منجيات المسالك.

يا من قربت رحمته من المحسنين، و اوجب عفوه للاوابين، بلغنا برحمتك غنائم البر و الاحسان، و جللنا بنعمتك



[ صفحه 176]



ملابس العفو و الغفران، و اصحب رغباتنا بحياء يقطعها عن الشهوات، و احش قلوبنا نورا يمنعها من الشبهات، و أوزع (و اودع خ ل) نفوسنا خوف المشفقين من سوء الحساب، و رجاء الواثقين بتوفير الثواب، فلا تغتر (نغتر خ ل) بالامهال (بالامهال خ ل) و لا تقصر (نقصر خ ل) في صالح الاعمال، و لا تفتر (نفتر خ ل) عن التسبيح بحمدك في الغدو و الاصال.

يا من آنس العارفين بطيب (بطول خ ل) مناجاته، و البس الخائفين ثوب موالاته.

متي فرح من قصدت سواك همته؟! و متي استراح من ارادت غيرك عزيمته؟! و من ذا الذي قصدك بصدق الاراده فلم تشفعه في مراده؟! ام من ذا الذي اعتمد عليك في امره فلم تجد باسعاده؟! ام من ذا الذي استرشدك فلم تمنن بارشاده؟!

اللهم عبدك الضعيف الفقير، و مسكينك اللهيف المستجير، عالم



[ صفحه 177]



ان في قبضتك ازمه التدبير، و مصادر المقادير عن ارادتك و انت (و انك قد خ ل) اقمت بقدسك حياة كل شي ء، (حياة لكل شيء خ ل) و جعلته (و جعلتها خ ل) نجاة لكل حي، فارزقه من حلاوة مصافاتك ما يصير به الي مرضاتك، و هب له من خشوع التذلل و خضوع التقلل (التبتل خ ل) في رهبة (و رهبة خ ل) الاخبات و سلامة المحيا و الممات، ما تحضره به كفاية المتوكلين، و تميره به رعاية المكفولين، و تعيره به ولاية المتصلين المقبولين.

يا من هو ابر بي من الوالد الشفيق، و اقرب الي من الصاحب اللزيق. (الرفيق خ ل)

انت موضع انسي في الخلوة اذا اوحشني المكان، و لفظتني الاوطان، و فارقتني الالاف (الأهل خ ل) و الجيران، و انفردت في محل ضنك قصير السمك ضيق المخرج (الضريح خ ل) مطبق الصفيح، مهول منظره، ثقيل



[ صفحه 178]



مدره، مستقلة (مخلاة خ ل) بالوحشة عرصته، مغشاة (مستغشاة خ ل) بالظلمة ساحته، علي غير مهاد و لا وساد، و لا تقدمة زاد، و لا اعتداد لمعاد، فتداركني برحمتك التي وسعت الاشياء اكنافها و جمعت الاحياء اطرافها، و عمت البرايا الطافها، وعد علي بعفوك يا كريم، و لا تواخذني بجهلي يا رحيم.

اللهم ارحم من اكتنفته سيئاته، و احاطت به خطيئاته، و حفت به جناياته، بعفوك ارحم من ليس له من عمله شافع، و لا يمنعه من عذابك مانع، ارحم الغافل عما اضله، و الذاهل عن الامر الذي خلق له، ارحم من نقض العهد و غدر، و علي معصيتك انطوي و اصر، و جاهرك بجهله و ما استتر، ارحم من القي عن راسه (وجهه خ ل) قناع الحياء، و حسر عن ذراعيه (رأسه خ ل) جلباب الاتقياء، و اجترا علي سخطك بارتكاب الفحشاء، فيا من لم يزل عفوا غفورا (غفارا خ ل)



[ صفحه 179]



ارحم من لم يزل مسقطا عثارا.

اللهم اغفرلي ما مضي مني، و اختم لي بما ترضي به عني، و اعقد عزائمي علي توبة بك متصلة و لديك متقبلة، تقيلني بها عثراتي، و تستر بها عوراتي، و ترحم بها عبراتي، و تجيرني بها اجارة من معاطب انتقامك، و تنيلني بها المسرة بمواهب انعامك، يوم تبرز الاخبار، و تعظم الاخطار، و تبلي الاسرار، و تهتك الاستار، و تشخص القلوب و الابصار «يوم لا ينفع الظالمين معذرتهم و لهم اللعنة و لهم سوء الدار» انك معدن الالاء و الكرم، و صارف اللاواء و النقم، لا اله الا انت عليك اعتمد و بك استعين، و انت حسبي و كفي بك وكيلا.

يا مالك خزائن الاقوات و يا فاطر (و فاطر خ ل) اصناف البريات، و خالق سبع طرائق مسلوكات من فوق سبع ارضين مذللات، العالي في وقار العز و المنعة، و الدائم في كبرياء الهيبة و الرفعة، و الجواد بنيله



[ صفحه 180]



علي خلقه من سعة، ليس له حد و لا امد، و لا يدركه تحصيل و لا عدد، و لا يحيط بوصفه احد.

الحمد لله خالق امشاج (أشباح خ ل) النسم و مولج الانوار في الظلم، و مخرج الموجود من العدم، و السابق الازلية بالقدم، و الجواد علي الخلق بسوابغ النعم، و العواد عليهم بالفضل و الكرم، الذي لا يعجزه كثرة الانفاق، و لا يمسك خشية الاملاق، و لا ينقصه ادرار الارزاق، و لا يدرك باناسي الاحداق و لا يوصف بمضامة (بمصاحبة خ ل) و لا افتراق.

احمده علي جزيل احسانه، و اعوذ به من حلول خذلانه، و استهديه بنور برهانه، و اومن به حق ايمانه.

و اشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له، الذي عم الخلائق جدواه و تم حكمه فيمن اضل منهم و هداه، و احاط علما بمن اطاعه و عصاه، و استولي علي الملك بعز ابد فحواه، فسبحت



[ صفحه 181]



له السموات و اكنافها، و الارض و اطرافها، و الجبال و اعرافها (و اعراقها خ ل) و الشجر و اغصانها، و البحار و حيتانها، و النجوم في مطالعها، و الامطار في مواقعها، و وحوش الارض و سباعها، و مدد (و مدر خ ل) الانهار و امواجها، و عذب المياه و اجاجها، و هبوب الرياح (الريح خ ل) و عجاجها و كل ما وقع عليه وصف أو تسمية، (و تسمية خ ل) او يدركه حد (يحويه خ) مما يتصور في الفكر، او يتمثل بجسم او قدر، (و كل ما وقع عليه و هم أو حس أو حواه نوع أو جنس مما يتصور في فكر أو يعرف بحد أو قدر أو ينسب الخ خ ل) او ينسب الي عرض او جوهر من صغير حقير، او خطير كبير، مقرا له بالعبودية خاشعا، معترفا له بالوحدانية (بالربوبية خ ل) طائعا، مستجيبا لدعوته خاضعا، (سامعا خ ل) متضرعا لمشيته (متصرفا بمشيته خ ل)



[ صفحه 182]



متواضعا، له الملك الذي لا نفاد لديموميته و لا انقضاء لعدته. (لمدته خ ل)

و اشهد ان محمدا عبده الكريم، و رسوله الطاهر المعصوم، بعثه و الناس في غمرة الضلالة ساهون، و في غرة الجهالة لا هون، لا يقولون صدقا و لا يستعملون (يعملون خ ل) حقا، قد اكتنفتهم القسوة، و حقت عليهم الشقوة، الا من احب الله انقاذه، و رحمه و اعانه، فقام محمد صلوات الله عليه و آله (صلي الله عليه و آله خ ل) فيهم مجدا في انذاره، مرشدا لانواره، بعزم ثاقب و حكم واجب، حتي تالق شهاب الايمان، و تفرق حزب الشيطان و اعز الله جنده، و عبد وحده.

ثم اختاره الله فرفعه الي روح جنته، و فسيح كرامته، فقبضه تقيا زكيا راضيا مرضيا طاهرا نقيا «و تمت كلمة ربك صدقا وعدلا لا مبدل لكلماته و هو السميع العليم» صلي الله عليه و علي



[ صفحه 183]



آله و اقربيه، و ذوي رحمه و مواليه، صلاة جليلة جزيلة، موصولة مقبولة، لا انقطاع لمزيدها، و لا اتضاع لمشيدها، و لا امتناع لصعودها، تنتهي الي مقر ارواحهم، و مقام فلاحهم، فيضاعف الله لهم تحياتها، و يشرف لديهم صلواتها، فتتلقاهم مقرونة بالروح و السرور، محفوفة بالنضارة و النور، دائمة بلا فناء (نفاد خ ل) و لا فتور.

اللهم اجعل اكمل صلواتك و اشرفها، و اجمل تحياتك و الطفها، و اشمل بركاتك و اعطفها، و اجل هباتك و ارافها علي محمد خاتم النبيين و اكرم المرسلين المبعوث في الاميين، و علي اهل بيته الاصفياء الطاهرين، و عترته النجباء المختارين، و شيعته الاوفياء الموازرين من انصاره و المهاجرين، و ادخلنا في شفاعته يوم الدين مع من دخل في زمرته من الموحدين، يا اكرم الاكرمين و أرحم (و يا ارحم خ ل) الراحمين.

اللهم



[ صفحه 184]



انت الملك (الملك خ ل) الذي لا يملك (لا يهلك خ ل) و الواحد الذي لا شريك لك، يا سامع السر و النجوي، و يا دافع الضر و البلوي، و يا كاشف العسر و البوسي، و قابل العذر و العتبي و مسبل الستر علي الوري جللني من رافتك (بأمن خ ل) بامر واق، (و سمني خ ل) و اشملني من رعايتك بركن باق، و اوصلني بعنايتك الي غاية السباق، و اجعلني برحمتك من اهل الرعاية للميثاق، و اعمر قلبي بخشية ذوي الاشفاق، يا من لم يزل فعله بي حسنا جميلا، و لم يكن بستره علي بخيلا، و لا بعقوبته علي عجولا، اتمم علي ما ظاهرت من تفضلك، و لا تواخذني بما سترت علي عند نظرك. (بما سترت بتطولك)

سيدي كم من نعمة ظللت لا نيق بهجتها لا بسا، و كم اسديت عندي من يد قد طفقت بهدايتها منافسا، و كم قلدتني من منة ضعفت قواي عن حملها، و ذهلت



[ صفحه 185]



فطنتي عن ذكر فضلها، و عجز شكري عن جزائها، وضقت ذرعا باحصائها، قابلتك فيها بالعصيان، و نسيت شكر ما اوليتني فيها من الاحسان، فمن اسوء حالا مني ان لم تداركني (تتداركني خ ل) بالغفران، و توزعني شكر ما اصطنعت عندي من فوائد الامتنان؟! فلسمت مستطيعا لقضاء حقوقك ان لم تويدني بصحة (بصحبة خ ل) توفيقك.

سيدي لو لا نورك عميت عن الدليل، و لولا تبصيرك ضللت عن السبيل، و لولا تعريفك لم ارشد للقبول، و لو لا توفيقك لم اهتد الي معرفة التاويل.

فيامن اكرمني بتوحيده، و عصمني من (عن خ ل) الضلال (الضلالة خ ل) بتسديده، و الزمني اقامة حدوده، لا تسلبني ما وهبت لي من تحقيق معرفتك، و احبني (و احيني خ ل) بيقين اسلم به من الالحاد في صفتك، يا خير من رجاه الراجون، و اراف من لجا اليه



[ صفحه 186]



اللاجون، و اكرم من قصده المحتاجون، ارحمني اذا انقطع معلوم عمري، و درس (و اندرس خ ل) ذكري، و انمحي اثري، و بوئت (و ثويت خ ل) في الضريح مرتهنا بعملي، مسئوولا عما اسلفته من فارط زللي، منسيا كمن نسي من (في خ ل) الاموات ممن كان قبلي.

رب سهل لي توبة اليك، و اعني عليها، و احملني علي محجة الاخبات لك، و ارشدني اليها، فان الحول و القوة بمعونتك، و الثبات و الانتقال بقدرتك.

يا من هو ارحم لي (بي خ ل) من الوالد الشفيق، و ابربي من الولد الرفيق، و اقرب الي من الجار اللصيق، قرب الخير من متناولي، و اجعل الخيرة التامة (العامة خ ل) فيما قضيت لي، و اختم لي بالبر و التقوي عملي، و اجرني من كل عائق يقطعني عنك، و كل قول و فعل يباعدني منك، و ارحمني رحمة تشفي بها قلبي من كل شبهة معترضة، و بدعة ممرضة.

سيدي



[ صفحه 187]



خاب رجاء من رجا سواك، و ظفرت يدا (يد خ ل) من بحاجته ناجاك، و ضل من يدعو العباد لكشف ضره الا اياك، انت المومل في الشدة و الرخاء، و المفزع في كل كربة و ضراء، و المستجار به من كل فادحة و لاواء، لا يقنط من رحمتك الا من تولي و كفر، و لا يياس من روحك (منك خ ل) الا من عصي و اصر، انت وليي في الدنيا و الاخرة، توفني مسلما و الحقني بالصالحين.

يا من لا يحرم زواره عطاياه، و لا يسلم من استجاره و استكفاه، املي واقف علي جدواك، و وجه طلبتي منصرف عن (عمن خ ل) سواك، و انت المليء (الملي خ ل) بتيسير الطلبات، و الوفي بتكثير الرغبات، فانجح لي المطلوب من فضلك برحمتك، و اسمح لي بالمرغوب فيه من بذلك بنعمتك.

سيدي ضعف جسمي، و دق عظمي، و كبر سني، و نال الدهر مني،



[ صفحه 188]



و نفدت مدتي، و ذهبت شهوتي، (شهواتي خ ل) و بقيت تبعتي، فجد بحلمك علي جهلي، و بعفوك علي قبيح فعلي، و لا تواخذني بما كسبت من الذنوب العظام في سالف الايام.

سيدي انا المعترف باسائتي، المقر بخطائي، الماسور باجرامي المرتهن بآثامي، المتهور باساءتي، المتحير عن قصد طريقي انقطعت مقالتي، و ضل عمري، و بطلت حجتي في عظيم وزري، فامنن علي بكريم غفرانك، و اسمح لي بعظيم احسانك، فانك ذو مغفرة للطالبين، شديد العقاب للمجرمين.

سيدي ان كان صغر في جنب طاعتك عملي، فقد كبر في جنب رجائك املي. سيدي كيف انقلب من عندك بالخيبة محروما وظني بك انك تقلبني بالنجاة مرحوما؟! سيدي لم اسلط علي حسن ظني بك قنوط الايسين، فلا تبطل لي صدق رجائي لك في الاملين. سيدي عظم جرمي اذ بارزتك باكتسابه،



[ صفحه 189]



و كبر ذنبي اذ جاهرتك بارتكابه، الا ان عظيم عفوك يسع المعترفين، و جسيم غفرانك يعم التوابين.

سيدي ان (اذا خ ل) دعاني الي النار مخشي عقابك، فقد دعاني الي الجنة مرجو ثوابك. سيدي ان اوحشتني الخطايا عن (من خ ل) محاسن لطفك، فقد آنسني اليقين بمكارم عطفك، و ان انامتني الغفلة عن الاستعداد للقائك، فقد ايقظتني المعرفة بقديم آلائك، و ان عزب لبي عن تقديم ما يصلحني، (و ان عزب عني تقديم لما يصلحني خ ل) فلم يعزب ايقاني بنظرك الي فيما ينفعني، و ان انقرضت بغير ما احببت (أوجبت خ ل) من السعي ايامي، فبالايمان امضيت السالفات من اعوامي.

سيدي جئت (جئتك خ ل) ملهوفا قد لبست عدم فاقتي، و اقامني مقام الاذلاء بين يديك ضر حاجتي. سيدي كرمت بكرمك فاكرمني اذ كنت من سوالك، وجدت بمعروفك فاخلطني (فألحقني خ ل)



[ صفحه 190]



باهل نوالك.

اللهم ارحم مسكينا لا يجيره الا عطاوك، و فقيرا لا يغنيه الا جدواك. (جدواك خ ل)

سيدي اصبحت علي باب من ابواب منحك سائلا، و عن التعرض لسواك عادلا و ليس من جميل امتنانك رد سائل ملهوف، و مضطر لانتظار فضلك المالوف. سيدي ان حرمتني روية محمد صلي الله عليه و آله في دار السلام، و اعدمتني طوائف (طوف خ ل تطواف خ ل طواف خ ل) الوصائف و الخدام، و صرفت وجه تاميلي بالخيبة في دار المقام، فغير ذلك منتني نفسي منك، يا ذا الطول و الانعام.

سيدي و عزتك لو قرنتني في الاصفاد، (بالاصفاد خ ل) و منعتني سيبك من بين العباد، ما قطعت رجائي عنك، و لا صرفت وجه انتظاري للعفو منك. سيدي لو لم تهدني الي الاسلام لضللت، و لو لم تثبتني اذا لزللت و لو لم تشعر قلبي



[ صفحه 191]



الايمان بك ما آمنت و لا صدقت، و لو لم تطلق لساني بدعائك ما دعوت، و لو لم تطلق لساني بدعائك ما دعوت، و لو لم تعرفني حقيقة معرفتك ما عرفت، و لو لم تدلن علي كريم ثوابك ما رغبت، و لو لم تبين لي اليم عقابك ما رهبت، فاسئلك سيدي توفيقي لما يوجب ثوابك، و تخليصي (و يخلصني خ ل) مما يكسب عقابك.

سيدي ان اقعدني التخلف عن السبق مع الابرار، فقد اقامتني الثقة بك علي مدارج الاخيار. سيدي كل مكروب اليك يلتجي، و كل محزون اياك يرتجي، سمع العابدون بجزيل ثوابك فخشعوا، و سمع المتولون (المولون خ ل) عن القصد بجودك فرجعوا، و سمع المجرمون بسعة رحمتك (المحرومون بسعة فضلك خ ل) فطمعوا، حتي ازدحمت عصائب العصاة من عبادك ببابك و عجت اليك الالسن باصناف الدعاء في بلادك، فكل امل ساق (سائق خ ل) صاحبه اليك محتاجا، و كل قلب تركه



[ صفحه 192]



و جيب الخوف اليك مهتاجا.

سيدي و انت المسئول الذي لا تسود لديه وجوه المطالب، و لم يردد راجيه فيزيله عن الحق الي المعاطب. سيدي ان اخطات طريق النظر لنفسي بما فيه كرامتها، فقد أصابت (اصبت خ ل) طريق الفرج (طريق المسئلة اليك خ ل) بما فيه سلامتها. سيدي ان كانت نفسي استعبدتني متمردة علي بما يرجيها (علي ما يرديها خ ل) فقد استعبدتها الان علي ما ينجيها. سيدي ان اجحف بي زاد الطريق في المسير اليك، فقد اوصلته بذخائر ما اعددته من فضل تعويل (تعويلي خ ل) عليك.

سيدي اذا ذكرت رحمتك ضحكت لها عيون مسائلي، و اذا ذكرت عقوبتك بكت لها جفون و سائلي. سيدي ادعوك دعاء من لم يدع غيرك في دعائه، و ارجوك رجاء من لم يقصد غيرك برجائه. سيدي و كيف ارد عارض



[ صفحه 193]



تطلعي الي نوالك، و انما انا في هذا الخلق احد عيالك. سيدي كيف اسكت بالافحام لسان ضراعتي، و قد اقلقني ما ابهم علي من تقدير عاقبتي؟!

سيدي قد علمت حاجة جسمي الي ما قد تكفلت لي من الرزق ايام حيوتي، و عرفت قلة استغنائي عنه بعد وفاتي، فيامن سمح لي به متفضلا في العاجل، لا تمنعنيه يوم حاجتي اليه في الاجل، فمن شواهد نعماء الكريم اتمام نعمائه، و من محاسن آلاء الجواد اكمال آلائه.

الهي (سيدي خ ل) لولا ما جهلت من امري لم استقلك عثراتي و لولا ما ذكرت من شدة التفريط لم اسكب عبراتي. سيدي فامح مثبتات العثرات بمسبلات العبرات، وهب كثير السيئات بقليل (لقليل خ ل) الحسنات.

سيدي ان كنت لا ترحم الا المجدين في طاعتك، فالي من يفزع المقصرون؟! و ان كنت لا تقبل الا من المجتهدين،



[ صفحه 194]



فالي من يلجأ الخاطئون؟! و ان كنت لا تكرم الا اهل الاحسان فكيف يصنع المسيئون؟! و ان كان لا يفوز يوم الحشر الا المتقون، فبمن يستغيث المذنبون؟!

سيدي ان كان لا يجوز علي الصراط الا من اجازته براءة عمله، فاني بالجواز لمن لم يتب اليك قبل دنو اجله؟! و ان لم تجد الا علي من عمر بالزهد مكنون سريرته، فمن للمضطر الذي لم يرضه بين العالمين (العاملين خ ل) سعي نقيته؟!

سيدي ان حجبت عن اهل توحيدك نظر تغمدك بخطيئاتهم اوقعهم (اوبقهم خ ل) غضبك بين المشركين بكرباتهم. سيدي ان لم تنشلنا (تشملنا خ ل) يد احسانك يوم الورود اختلطنا في الخزي يوم الحشر بذوي الجحود، فاوجب لنا بالاسلام مذخور هباتك، و اصف ما كدرته الجرائم بصفح صلاتك. سيدي ليس لي عندك عهد اتخذته، و لا



[ صفحه 195]



كبير عمل اخلصته، الا اني واثق بكريم افعالك، راج لجسيم افضالك، عودتني من جميل تطولك عادة انت اولي باتمامها، و وهبت لي من خلوص معرفتك حقيقة انت المشكور علي الهامها.

سيدي ما جفت (حنت خ ل) هذه العيون لفرط (الي فرط خ ل) بكائها، و لا جادت هذه الجفون بفيض مائها، و لا اسعدها نحيب الباكيات الثاكلات لفقد عزائها الا لما (بما خ ل) اسلفته من عمدها و خطائها، و انت القادر سيدي علي كشف غمائها.

سيدي امرت بالمعروف و انت اولي به من المامورين، و حضضت علي اعطاء السائلين و انت خير المسئولين، و ندبت الي عتق الرقاب و انت خير المعتقين، و حثثت علي الصفح عن المذنبين و انت اكرم الصافحين.

سيدي ان تلونا من كتابك سعة رحمتك، اشفقنا من مخالفتك، و فرحنا ببذل رحمتك،



[ صفحه 196]



و اذا تلونا ذكر عقوبتك جددنا في طاعتك، و فرقنا من اليم نقمتك، فلا رحمتك تومننا و لا سخطك يويسنا.

سيدي كيف يتمنع (يمتنع خ ل) من فيها من طوارق الرزايا، و قد رشق في كل دار منها سهم من سهام المنايا؟! سيدي ان كان ذنبي منك قد اخافني، فان حسن ظني بك قد اجارني، و ان كان خوفك قد أوبقني (اربقني خ ل) فان حسن نظرك لي قد اطلقني. سيدي ان كان قد دنا مني اجلي و لم يقربني منك عملي، فقد جعلت الاعتراف بالذنب اوجه وسائل عللي.

سيدي من اولي بالرحمة منك ان رحمت؟ و من اعدل في الحكم منك ان عذبت؟ سيدي لم تزل برا بي ايام حياتي، فلا تقطع لطيف برك بي بعد وفاتي. سيدي كيف آيس من حسن نظرك بي [1] .



[ صفحه 197]



بعد مماتي، و انت لم تولني الا جميلا في حياتي؟! سيدي عفوك اعظم من كل جرم، و نعمتك ممحاة لكل اثم.

سيدي ان كانت ذنوبي قد اخافتني، فان محبتي لك قد آمنتني، فتول من امري ما انت اهله، وعد بفضلك علي من قد غمره جهله، يا من السر عنده علانية، و لا يخفي عليه من الغوامض خافية، فاغفرلي ما خفي علي الناس من امري، و خفف برحمتك من ثقل الاوزار ظهري.

سيدي سترت علي ذنوبي في الدنيا و لم تظهرها، فلا تفضحني بها في القيمة (بها يوم القيمة خ ل) و استرها، فمن احق بالستر منك يا ستار، و من اولي منك بالعفو عن المذنبين يا غفار؟! الهي جودك بسط املي، و سترك قبل عملي، فسرني بلقائك عند اقتراب اجلي.

سيدي ليس اعتذاري اليك اعتذار من يستغني عن قبول عذره، و لا تضرعي تضرع من يستنكف عن مسئلتك



[ صفحه 198]



لكشف ضره، فاقبل عذري يا خير من اعتذر اليه المسيئون، و اكرم من استغفره الخاطئون.

سيدي لا تردني في حاجة قد افنيت عمري في طلبها منك، و لا اجد غيرك معدلا بها عنك. سيدي لو اردت اهانتي لم تهدني، و لو اردت فضيحتي لم تسترني، فادم امتاعي بما له هديتني، و لا تهتك عني ما به سترتني.

سيدي لولا ما اقترفت من الذنوب ما خفت عقابك، و لو لا ما عرفت من كرمك ما رجوت ثوابك، و انت اكرم الاكرمين بتحقيق آمال (أمل خ ل) الاملين، و ارحم من استرحم في التجاوز عن المذنبين.

سيدي القتني الحسنات بين جودك و احسانك، و القتني السيئات بين عفوك و غفرانك، و قد رجوت ان لا يضيع بين ذين و ذين مسيي مرتهن بجريرته، و محسن مخلص في بصيرته.

سيدي ان (اذا خ ل) شهد لي الايمان بتوحيدك، و نطق



[ صفحه 199]



لساني بتمجيدك، و دلني القرآن علي فواضل جودك، فكيف لا يبتهج رجائي بتحقيق موعودك، و لا يفرح [2] امنيتي بحسن مزيدك؟! سيدي ان غفرت (عفوت خ ل) فبفضلك، و ان عذبت فبعدلك، فيامن لا يرجي الا فضله، و لا يخشي الا عدله، امنن علي بفضلك، و لا تستقص علي في عدلك.

سيدي ادعوك دعاء ملح لا يمل مولاه، و اتضرع اليك تضرع من اقر علي نفسه بالحجة في دعواه، و خضع لك خضوع من يوملك لاخرته و دنياه، فلا تقطع عصمة رجائي، و اسمع تضرعي، و اقبل دعائي، و ثبت حجتي علي ما اثبت من دعواي.

سيدي لو عرفت اعتذارا من الذنب لا تيته، فانا المقر بما احصيته و جنيته، و خالفت امرك فيه فتعديته، فهب لي ذنبي بالاعتراف، و لا تردني في طلبي (طلبتي خ ل) عند



[ صفحه 200]



الانصراف. سيدي قد اصبت من الذنوب ما قد عرفت، و اسرفت علي نفسي بما قد علمت، فاجعلني عبدا: اما طائعا فاكرمته، (فأكرمتني خ ل) و اما عاصيا فرحمته. (فرحمتني خ ل)

سيدي كاني بنفسي قد اضجعت في قعر حفرتها، و انصرف عنها المشيعون من جيرتها، و بكي عليها الغريب لطول غربتها، و جاد عليها بالدموع المشفق من عشيرتها، و ناداها من شفير القبر ذو و مودتها، و رحمها المعادي لها في الحيوة عند صرعتها، و لم يخف علي الناظرين اليها فرط فاقتها، و لا علي من قد رآها توسدت الثري عجز حيلتها فقلت: ملائكتي فريد ناي عنه الاقربون، و بعيد جفاه الاهلون و وحيد فارقه المال و البنون، نزل بي قريبا، و سكن اللحد غريبا، و كان لي في دار الدنيا داعيا، و لنظري له في هذا اليوم راجيا، فتحسن عند ذلك ضيافتي، و تكون اشفق علي من اهلي و قرابتي.

الهي و سيدي



[ صفحه 201]



لو اطبقت [3] ذنوبي ما بين ثري الارض الي اعنان [4] السماء، و خرقت النجوم الي حد الانتهاء، ما ردني الياس عن توقع غفرانك، و لا صرفني القنوط عن انتظار رضوانك.

سيدي قد ذكرتك بالذكر الذي الهمتنيه، و وحدتك بالتوحيد الذي اكرمتنيه و دعوتك بالدعاء الذي علمتنيه، فلا تحرمني برحمتك الجزاء الذي وعدتنيه، فمن النعمة لك علي ان هديتني بحسن دعائك، و من اتمامها ان توجب لي محمود جزائك.

سيدي انتظر عفوك كما ينتظره المذنبون، و لست ايئس من رحمتك التي يتوقعها المحسنون، الهي و سيدي انهملت بالسكب عبراتي، حين ذكرت خطاياي و عثراتي، و ما لها لا تنهمل



[ صفحه 202]



و تجري و تفيض ماءها و تذري و لست ادري الي ما يكون مصيري! و علي ما يتهجم عند البلاغ مسيري! يا انس كل غريب مفرد آنس في القبر وحشتي، و يا ثاني كل وحيد ارحم في الثري طول وحدتي.

سيدي كيف نظرك لي بين سكان الثري؟ و كيف صنيعك بي في دار الوحشة و البلي؟ فقد كنت بي (لي خ ل) لطيفا ايام حيوة الدنيا، يا افضل المنعمين في آلائه، و انعم المفضلين في نعمائه، كثرت اياديك فعجزت عن احصائها، وضقت ذرعا في شكري لك بجزائها، فلك الحمد علي ما اوليت من التفضل، و لك الشكر علي ما ابليت من التطول.

يا خير من دعاه الداعون، و افضل من رجاه الراجون، بذمة الاسلام اتوسل اليك، و بحرمة القرآن اعتمد عليك، و بمحمد و اهل بيته استشفع و اتقرب و اقدمهم امام حاجتي اليك في الرغب و الرهب.

اللهم فصل علي محمد و اهل



[ صفحه 203]



بيته الطاهرين، و اجعلني بحبهم يوم العرض عليك نبيها و من الانجاس و الارجاس نزيها، و بالتوسل بهم اليك مقربا وجيها.

يا كريم الصفح و التجاوز، و معدن العوارف و الجوائز، كن عن ذنوبي صافحا متجاوزا، و هب لي من مراقبتك ما يكون بيني و بين معصيتك حاجزا.

سيدي ان من تقرب منك (من تقرب لديك بالخير منك خ ل) لمكين من موالاتك، و ان من تحبب اليك لقمين بمرضاتك، و ان من تعرف بك لغير مجهول، و ان من استجاربك (استجارك خ ل) لغير مخذول.

سيدي اتراك تحرق بالنار وجها طالما خر ساجدا بين يديك؟! ام تراك تغل الي الاعناق اكفا طالما تضرعت في دعائها اليك؟! ام تراك تقيد بانكال الجحيم اقداما ظالما خرجت من منازلها طمعا فيما لديك، منا منك عليها لا منا منها عليك؟!

سيدي



[ صفحه 204]



كم من نعمة لك علي قل لك عندها شكري! و كم من بليه ابتليتني بها عجز عنها صبري! فيامن قل شكري عند نعمه فلم يحرمني، و عجز صبري عند بليته فلم يخذلني، جميل فضلك علي ابطرني، و جليل حلمك عني غرني.

سيدي قويت بعافيتك علي معصيتك، و انفقت نعمتك في سبيل مخالفتك، و افنيت عمري في غير طاعتك، فلم يمنعك جراتي علي ما عنه نهيتني، و لا انتها كي ما منه حذرتني ان سترتني بحلمك الساتر، و حجبتني عن عين كل ناظر، و عدت بكريم اياديك حين عدت بارتكاب معاصيك فانت العواد بالاحسان، و انا العواد بالعصيان.

سيدي اتيتك معترفا لك بسوء فعلي، خاضعا لك باستكانة ذلي، راجيا منك جميل ما عرفتنيه، من الفضل الذي عودتنيه، فلا تصرف رجائي من فضلك خائبا، و لا تجعل ظني بتطولك كاذبا، سيدي



[ صفحه 205]



ان املي فيك يتجاوز آمال الاملين، و سؤالي اياك لا يشبه سؤال السائلين، لان السائل اذا منع امتنع عن السؤال، و انا فلا غناء بي عنك في كل حال.

سيدي غرني بك حلمك عني اذ حلمت، و عفوك عن ذنبي اذ رحمت، و قد علمت انك قادر ان تقول للارض خذيه فتاخذني، و للسماء امطريه حجارة فتمطرني، و لو امرت بعضي ان ياخذ بعضا لما امهلني، فامنن علي بعفوك عن ذنبي، و تب علي توبة نصوحا تطهر بها قلبي.

سيدي انت نوري في كل ظلمة، و ذخري لكل ملمة و عمادي عند كل شدة، و انيسي في كل خلوة و وحدة، فاعذني من سوء مواقف الخائبين، و استنقذني من ذل مقام الكاذبين.

سيدي انت دليل من انقطع دليله، و امل من امتنع تاميله، فان كانت ذنوبي حالت بين دعائي و اجابتك، فلم يحل (فلن يحول خ ل)



[ صفحه 206]



كرمك بيني و بين مغفرتك، و انك (و أنت خ ل) لا تضل من هديت، و لا تذل من و اليت و لا يفتقر من اغنيت، و لا يسعد من اشقيت، و عزتك لقد احببتك محبة استقرت في قلبي حلاوتها، فأنست (و انست خ ل) نفسي ببشارتها، و محال في عدل اقضيتك، ان تسد اسباب (أبواب خ ل) رحمتك عن معتقدي محبتك.

سيدي لولا توفيقك ضل الحائرون، و لولا تسديدك لم ينج المستبصرون (المستغفرون خ ل) انت سهلت لهم السبيل حتي وصلوا، و انت ايدتهم بالتقوي حتي عملوا، فالنعمة عليهم منك جزيلة، و المنة منك لديهم موصولة.

سيدي اسئلك مسئلة مسكين ضارع، مستكين خاضع، ان تجعلني من الموقنين خبرا و فهما، و المحيطين معرفة و علما، انك لم تنزل كتبك الا بالحق، و لم ترسل رسلك الا بالصدق، و لم تترك



[ صفحه 207]



عبادك هملا و لا سدي، و لم تدعهم بغير بيان و لا هدي، و لم تدعهم الا الي الطاعة، و لم ترض منهم بالجهالة و الاضاعة، و بل خلقتهم ليعبدوك، و رزقتهم ليحمدوك، و دللتهم علي وحدانيتك ليوحدوك، و لم تكلفهم من الامر ما لا يطيقون، و لم تخاطبهم بما يجهلون، بل هم بمنهجك عالمون، و بحجتك مخصوصون، امرك فيهم نافذ و قهرك بنواصيهم آخذ، تجتبي من تشاء فتدنيه، و تهدي من اناب اليك من معاصيه (معاصيك خ ل) فتنجيه، تفضلا منك بجسيم نعمتك، علي من ادخلته في سعة رحمتك، يا اكرم الاكرمين و اراف الراحمين.

سيدي خلقتني فاكملت تقديري و صورتني فاحسنت تصويري، فصرت بعد العدم موجودا و بعد المغيب شهيدا و جعلتني بتحنن رافتك تاما سويا، و حفظتني في المهد طفلا صبيا، و رزقتني



[ صفحه 208]



من الغذاء سائغا هنيئا ثم وهبت لي رحمة الاباء و الامهات، و عطفت علي قلوب الحواضن و المربيات، كافيا لي شرور الانس و الجان، مسلما لي من الزيادة و النقصان، حتي افصحت ناطقا بالكلام، ثم انبتني زائدا في كل عام، و قد اسبغت علي ملابس الانعام.

ثم رزقتني من الطاف المعاش، و اصناف الرياش، و كنفتني بالرعاية في جميع مذاهبي، و بلغتني ما احاول من سائر مطالبي، اتماما لنعمتك لدي، و ايجابا لحجتك علي، و ذلك اكثر من ان يحصيه القائلون، او يثني بشكره العاملون، فخالفت ما يقربني منك، و اقترفت ما يباعدني عنك، فظاهرت علي جميل سترك، و ادنيتني بحسن نظرك و برك، و لم يباعدني عن احسانك تعرضي لعصيانك، بل تابعت علي في نعمك، وعدت (و جدت علي خ ل) بفضلك



[ صفحه 209]



و كرمك، فان دعوتك اجبتني، و ان سالتك اعطيتني، و ان شكرتك زدتني، و ان امسكت عن مسئلتك ابتداتني، فلك الحمد علي بوادي اياديك و تواليها، حمدا يضاهي آلاءك و يكافيها.

سيدي سترت علي في الدنيا ذنوبا ضاق علي منها المخرج، و انا الي سترها علي في القيمة احوج، فيامن جللني بستره عن لواحظ المتوسمين لا تزل سترك عني علي رؤس العالمين.

سيدي اعطيتني فاسنيت حظي، و حفظتني فاحسنت حفظي، و غذيتني فانعمت غذائي، و حبوتني فاكرمت مثواي، و توليتني بفوائد (بعوائد خ ل) البر و الاكرام، و خصصتني بنوافل الفضل و الانعام، فلك الحمد علي جزيل جودك و نوافل مزيدك، حمدا جامعا لشكرك الواجب، مانعا من عذابك الواصب مكافئا لما بذلته من اقسام المواهب.

سيدي عودتني اسعافي بكل ما اسئلك (أسئله خ ل)



[ صفحه 210]



و اجابتي الي تسهيل كل ما احاوله، و انا اعتمدك في كل ما يعرض لي من الحاجات، و انزل بك كل ما يخطر ببالي من الطلبات، واثقا بقديم طولك، (تطولك خ ل) و مدلا بكريم تفضلك، و اطلب الخير من حيث تعودته، و التمس النجح من معدنه الذي تعرفته، و اعلم انك لا تكل اللاجين اليك الي غيرك، و لا تخلي الراجين بحسن (لحسن خ ل) تطولك من نوافل برك.

سيدي تتابع منك البر و العطاء، فلزمني الشكر و الثناء، فما من شي ء انشره و اطويه من شكرك، و لا قول اعيده و ابديه في ذكرك، الا كنت له اهلا و محلا، و كان في جنب معروفك مستصغرا مستقلا.

سيدي استزيدك من فوائد النعم، غير مستبطي منك فيه سني الكرم، و استعيذبك من بوادر النقم، غير مخيل [5] في عدلك



[ صفحه 211]



خواطر التهم. سيدي عظم قدر من اسعدته باصطفائك، و عدم النصر من ابعدته من فنائك.

سيدي ما اعظم روح قلوب المتوكلين عليك، و انجح سعي الاملين لما لديك! (لما لديك خ ل)

سيدي انت انقذت اولياءك من حيره الشكوك، و اوصلت الي نفوسهم (قلوبهم خ ل) حبرة الملوك، و زينتهم بحلية الوقار و الهيبة و اسبلت عليهم ستور العصمة و التوبة، و صيرت هممهم في ملكوت السماء، و حبوتهم بخصائص الفوائد و الحباء، و عقدت عزائمهم بحبل محبتك، و آثرت خواطرهم بتحصيل معرفتك، فهم في خدمتك متصرفون، و عند نهيك و امرك (أمرك و نهيك خ ل) واقفون، و بمناجاتك آنسون، و لك بصدق الارادة مجالسون، و ذلك برافة تحننك عليهم، و ما اسديت من جميل منك (مننك)



[ صفحه 212]



اليهم.

سيدي بك و صلوا الي مرضاتك، و بكرمك استشعروا ملابس موالاتك، سيدي فاجعلني ممن ناسبهم من اهل طاعتك، و لا تدخلني فيمن جانبهم من اهل معصيتك، و اجعل ما اعتقدته من ذكرك، خالصا من شبه الفتن، سالما من تمويه الاسرار و العلن، مشوبا بخشيتك في كل اوان، مقربا من طاعتك في الاظهار و الابطان، داخلا فيما يويده الدين و يعصمه، خارجا مما تبنيه الدنيا و تهدمه، منزها عن قصد احد سواك، وجيها عندك يوم اقوم لك و القاك، محصنا من لواحق الرياء، مبرا من بوائق الاهواء، عارجا اليك مع صالح الاعمال، بالغدو و الاصال، متصلا لا تنقطع بوادره، و لا يدرك آخره، مثبتا عندك في الكتب المرفوعة في عليين، مخزونا في الديوان المكنون الذي يشهده المقربون، و لا يمسه الا المطهرون.

اللهم انت ولي الاصفياء



[ صفحه 213]



و الاخيار، و لك الخلق و اليك الاختيار، و قد البستني في الدنيا ثوب عافيتك، و اودعت قلبي صواب معرفتك، فلا تخلني في الاخرة عن عواطف رافتك، و اجعلني ممن شمله عفوك، و لم تنله سطوتك.

يا من يعلم علل الحركات و حوادث السكون، و لا يخفي عليه عوارض الخطرات في محال الظنون، اجعلنا من الذين اوضحت لهم الدليل عليك، و فسحت لهم السبيل اليك، فاستشعروا مدارع الحكمة، و استطرقوا سبل التوبة، حتي اناخوا في رياض الرحمة، و سلموا من الاعتراض (الأغراض خ ل) بالعصمة، انك ولي من اعتصم بنصرك، و مجازي من اذعن بوجوب شكرك، لا تبخل بفضلك، و لا تسئل عن فعلك، جل ثناؤك، و فضل عطاؤك، و تظاهرت نعماؤك، و تقدست اسماؤك، فبتيسيرك (فبتسييرك خ ل) يجري سداد الامور،



[ صفحه 214]



و بتقديرك يمضي انقياد التدبير، تجير و لا يجار منك، و لا لراغب مندوحة عنك.

سبحانك لا اله الا انت، عليك توكلت (توكلي خ ل)، و اليك يفد املي، و بك ثقتي، و عليك معولي، و لا حول لي (عن معصيتك خ) الا بتسديدك، و لا قوة لي (علي طاعتك خ) الا بتاييدك، لا اله الا انت سبحانك اني كنت من الظالمين يا ارحم الراحمين، و خير الغافرين.

و صلي الله علي محمد خاتم النبيين، و علي اهل بيته الطاهرين، و اصحابه المنتجبين، و سلم تسليما كثيرا، و حسبنا الله وحده، و نعم المعين.

هذا اخر ما في كتاب محمد الطبيب

(و زاد في الصحيفة الثالثة و في البحار ايضا عن انيس العابدين )

يا خير مدعو و يا خير مسئول و يا اوسع من اعطي، و يا خير مرتجي ارزقني و اوسع علي من واسع رزقك، (و أوسع رزقي خ ل) رزقا واسعا مباركا طيبا حلالا لا تعذبني عليه، و سبب لي ذلك من فضلك انك



[ صفحه 215]



علي كل شي ء قدير يا ارحم الراحمين.


پاورقي

[1] كذا في جميع النسخ و الظاهر لي «منه».

[2] كذا في جميع النسخ و الظاهر تفرح «منه».

[3] الذي وجدناه في النسخ كلها اطبقت و لكن الظاهر انه غلط «منه».

[4] الأعنان من السماء نواحيها و عنانها بالكسر ما بدالك منها اذا نظرتها كذا في القاموس و الذي وجدناه في جميع النسخ اعنان «منه».

[5] كذا في النسخ و كأنه من خيل عليه تخييلا و تخيلا اذا وجه التهمأ اليه كما في القاموس و يحتمل كونه بالجيم «منه».