بازگشت

في اليقظة و كان من دعائه للضرورة و كان من دعائه في المناجات و هي المناجات الشريفة الانجيلية الطويلة


و هي اكبر مناجاة لطيفة قد ظهرت من فيض الله علي لسانه المبارك صلوات الله عليه و اقول قد رايت في كتاب عتيق من مؤلفات قد ماء اصحابنا رضوان الله عليهم اجمعين ان هذا الدعاء المعروف بالمناجاة الانجيلية مروي عن



[ صفحه 101]



مولانا سيد الساجدين و زين العابدين صلوات الله عليه و علي ابائه الطاهرين و اولاده المعصومين و انما سميت هذه المناجات بالانجيلية لان فقراتها تشبه اكثر فقرات مواعظ الانجيل النازل علي عيسي عليه السلام لا الانجيل المتداول بين النصاري الان ثم لا يخفي ان عبارات هذا المناجاة و سياقها اقوي دليل علي صحة صدورها عن ذلك الامام المعصوم و هذه الحجة تكفي في كونها من ادعيته عليه السلام ان لم يصح سندها و اسنادها مع انه قد رواها جماعة من المتقدمين و المتأخرين في كتبهم كما نقلها فيه صاحب انيس العابدين و غيره في غيره ايضا و منهم المولي الجليل مولانا محسن القاشاني المعاصر قدس سره في كتاب ذريعة الضراعة و قد قال ابن شهر آشوب في



[ صفحه 102]



معالم العلماء في ترجمة يحيي بن علي بن محمد الحسيني البرقي انه يروي عن الصادق عليه السلام الدعاء المعروف بانجيل اهل البيت عليهم السلام انتهي و الظاهر ان مراده رض به هو هذا الدعاء الشريف و ان حمله السيد الداماد و المولي محمد تقي المجلسي ره و اضرابهما علي الصحيفة الكاملة المشهورة و لكن عندي في ذلك تأمل و لا سيما انه قد وقع فيه بلفظ الدعاء مفردا فتأمل و قد رايت ايضا في اردبيل في طي بعض الأدعية الشريفة المذكورة في مجموعة عتيقة جدا هذه المناجاة منسوبة اليه عليه السلام الا ان الموجودة فيها اخصر و اقصر من هذه بكثير فلا تغفل و هي هذه

بسم الله الرحمن الرحيم

اللهم بذكرك استفتح مقالي، و بشكرك استنجح سئوالي، و عليك اتوكل في كل احوالي، و اياك



[ صفحه 103]



آمل فلا تخيب آمالي.

اللهم بذكرك استعيذ و اعتصم و بركنك الوذ و اتحزم، و بقوتك استجير و استنصر، و بنورك اهتدي و استبصر، و اياك استعين و اعبد، و اليك اقصد و اعمد، و بك اخاصم و اجادل، و منك اطلب ما احاول، فاعني يا خير المعينين، وقني المكاره كلها يا رجاء المومنين.

الحمد لله المذكور بكل لسان، المشكور علي كل احسان، المعبود في كل مكان، مدبر الامور، و مقدر الدهور، و العالم بما تجنه البحور، و تكنه الصدور، و يخفيه الظلام، و يبديه النور الذي حار في علمه العلماء، و سلم لحكمه الحكماء، و تواضع لعزته العظماء، و فاق بسعة فضله الكرماء، و سار بعظيم حلمه الحلماء، و الحمد لله الذي



[ صفحه 104]



لا يخفر من انتصر بذمته، و لا يقهر من استتر بعظمته و لا يكدي من اذاع شكر نعمته، و لا يهلك من تغمد برحمته ذي المنن التي لا يحصيها العادون، و النعم التي لا يجازيها المجتهدون و الصنائع التي لا يستطيع دفعها الجاحدون، و الدلائل التي يستبصر بنورها الموجودون، احمده جاهرا بحمده، شاكرا لرفده، حمد موفق لرشده، واثق بوعده له الشكر الدائم، و الامر اللازم.

اللهم اياك اسئل، و بك اتوسل، و عليك اتوكل، و بفضلك اغتنم، و بحبلك اعتصم، و في رحمتك ارغب، و من نقمتك ارهب، و بعونك استعين، و لعظمتك استكين.

اللهم انت الولي المرشد، و الغني المرقد، و العون المؤيد، الراحم الغفور،



[ صفحه 105]



و العاصم المجير، و القاصم المبير و الخالق الحليم و الرازق الكريم، و السابق القديم.

علمت فخبرت، و حلمت فسترت، و رحمت فغفرت، و عظمت فقهرت، و ملكت فاستاثرت و ادركت فاقتدرت، و حكمت فعدلت، و انعمت فافضلت، و ابدعت فاحسنت، و اصنعت فاتقنت، وجدت فاغنيت، و ايدت فكفيت، و خلقت فسويت، و وقفت فهديت.

بطنت الغيوب فخبرت مكنون اسرارها، و حلت بين القلوب و بين تصرفها علي اختيارها، فايقنت البرايا انك مدبرها و خالقها، و اذعنت انك مقدرها و رازقها، لا اله الا انت تعاليت عما يقول الظالمون علوا كبيرا.

اللهم اني اشهدك و انت اقرب



[ صفحه 106]



الشاهدين، و اشهد من حضرني من ملائكتك المقربين، و عبادك الصالحين، من الجنة و الناس اجمعين.

اني اشهد بسريرة، و بصيرة من الشك برية، شهادة اعتقدها باخلاص و ايقان، و اعدها طمعا في الخلاص و الأمان، اسرها تصديقا بربوبيتك، لا اصد عن سبيلها، و لا الحد في تاويلها، انك انت الله ربي لا اشرك بك احدا، و لا اجد من دونك ملتحدا لا اله الا الله وحده لا شريك له، الواحد الذي لا يدخل في عدد، و الفرد الذي لا يقاس باحد، علا عن المشاكلة و المناسبة و خلا من الأولاد و الصاحبة، سبحانه من خالق ما اصنعه، و رازق ما اوسعه، و قريب ما ارفعه، و مجيب ما اسمعه، و عزيز ما امنعه



[ صفحه 107]



«له المثل الأعلي في السماوات و الارض و هو العزيز الحكيم».

و اشهد ان محمدا نبيه المرسل، و وليه المفضل، و شهيده المعدل المؤيد بالنور المضي، و المسدد بالامر المرضي، بعثه بالاوامر الشافية، و الزواجر الناهية، و الدلائل الهادية، التي اوضح برهانها، و شرح بنيانها في كتاب مهيمن علي كل كتاب، جامع لكل رشد و صواب، فيه نبأ القرون و تفصيل الشئون، و فرض الصلوة و الصيام، و الفرق بين الحلال و الحرام، فدعا الي خير سبيل، و شفا من هيام الغليل، حتي علا الحق و ظهر، و زهق الباطل و انحسر صلي الله عليه و آله صلوة دائمة ممهدة، لا تنقضي لها مدة، و لا تنحصر لها عدة.

اللهم صل علي محمد و آل



[ صفحه 108]



محمد ما جرت النجوم في الأبراج و طلاطمت البحور بالامواج، و ما ادلهم ليل داج و اشرق نهار ذو ابتلاج و صل عليه و آله ما تعاقبت الايام، و تناوبت الاعوام، و ما خطرت الأوهام، و تدبره الافهام، و ما بقي الانام.

اللهم صل علي محمد خاتم الانبياء، و آله البررة الاتقياء، و علي عترته النجباء الخيرة الاصفياء، صلوة مقرونة بالتمام و النماء، و باقية بلا فناء و لا انقضاء.

اللهم رب العالمين، و احكم الحاكمين، و ارحم الراحمين

اسئلك من الشهادة اقسطها و من العبادة انشطها، و من الزيادة ابسطها، و من الكرامة اغبطها، و من السلامة احوطها، و من الاعمال اوسطها و من الامال اوفقها،



[ صفحه 109]



و من الاقوال اصدقها، و من المحال اشرفها، و من المنازل الطفها، و من الحياطة اكنفها و من الرعاية اعطفها، و من العصمة اكفاها، و من الراحة اشفاها، و من النعمة اوفاها، و من الهمم اعلاها، و من القسم اسناها و من الارزاق اعززها، و من الاخلاق اطهرها، و من المذاهب اقصدها و من العواقب احمدها، و من الأمور ارشدها، و من التدابير اوكدها و من الجدود اسعدها، و من الشئون اعودها و من الفوائد ارجحها، و من العوائد انجحها، و من الزيادات اتمها، و من البركات اعمها، و من الصالحات اعظمها.

اللهم اني اسئلك قلبا خاشعا زكيا، و لسانا صادقا عليا، و رزقا واسعا هنيئا، و عيشا رغدا مريئا.

و اعوذبك من ضنك



[ صفحه 110]



المعاش، و من شر كل ساع و واش، و غلبه الاضداد و الاوباش و كل قبيح باطن او فاش.

و اعوذبك من دعاء محجوب، و رجاء مكذوب، و حياء مغلوب و اخاء معيوب و احتجاج مغلوب، و راي غير مصيب.

اللهم انت المستعان و المستعاذ، و عليك المعول و بك الملاذ، فانلني لطائف مننك فانك لطيف، و لا تبتلني بمحنك فاني ضعيف، و تولني بعطف تحننك يا رؤف، يا من آوي المنقطعين اليه، و اغني المتوكلين عليه، جد بغناك علي فاقتي، و لا تحملني فوق طاقتي.

اللهم اجعلني من الذين جدوا في قصدك فلم ينكوا و سلكوا الطريق اليك فلم يعدلوا، و اعتمدوا عليك في الوصول حتي و صلوا، فرويت قلوبهم من محبتك، و انست



[ صفحه 111]



نفوسهم بمعرفتك، فلم يقطعهم عنك قاطع، و لا منعهم عن بلوغ ما املوه لديك مانع، فهم فيما اشتهت انفسهم خالدون «لا يحزنهم الفزع الاكبر و تتلقهم الملائكة هذا يومكم الذي كنتم توعدون».

اللهم لك قلبي و لساني، و بك نجاتي و اماني، و انت العالم بسري و اعلاني، فامت قلبي عن البغضاء، و اصمت لساني عن الفحشاء، و اخلص سريرتي عن علائق الاهواء، و اكفني بامانك من عوائق الضراء.

و اجعل سري معقودا علي مراقبتك، و اعلاني موافقا لطاعتك، وهب لي جسما روحانيا، و قلبا سماويا، و همة متصلة بك، و يقينا صادقا في حبك، و الهمني من محامدك



[ صفحه 112]



امدحها، وهب لي من فوائدك اسمحها، انك ولي الحمد و المستولي علي المجد.

يا من لا ينقص ملكوته عصيان المتمردين، و لا يزيد جبروته ايمان الموحدين، اليك استشفع بقديم كرمك، ان لا تسلبني ما منحتني من جسيم نعمك، و اصرفني بحسن نظرك لي عن ورطة المهالك، و عرفني بجميل اختيارك لي منجيات المسالك.

يا من قربت رحمته من المحسنين، و اوجب عفوه للأوابين، بلغنا برحمتك غنائم البر و الاحسان، و جللنا بنعمتك ملابس العفو و الغفران، و اصحب رغباتنا بحياء يقطعها عن الشهوات، و احش قلوبنا نورا يمنعها من الشبهات، و اودع نفوسنا خوف المشفقين من سوء الحساب، و رجاء



[ صفحه 113]



الواثقين بتوفير الثواب، فلا نغتر بالأمهال و لا نقصر في صالح الأعمال، و لا نفتر عن التسبيح بحمدك في الغدو و الاصال.

يا من آنس العارفين بطول مناجاته، و البس الخائفين ثوب موالاته.

متي فرح من قصدت سواك همته؟! و متي استراح من ارادت غيرك عزيمته؟! و من ذا الذي قصدك بصدق الأرادة فلم تشفعه في مراده؟! ام من ذا الذي اعتمد عليك في امره فلم تجد باسعاده؟! ام من ذا الذي استرشدك فلم تمنن بارشاده؟!

اللهم عبدك الضعيف الفقير، و مسكينك اللهيف المستجير، عالم ان في قبضتك اذمة التدبير، و مصادر المقادير عن ارادتك و انك قد اقمت بقدسك



[ صفحه 114]



حيوة لكل شي ء، و جعلته نجاة لكل حي، فارزقه من حلاوة مصافاتك ما يصير به الي مرضاتك، و هب له من خشوع التذلل و خضوع التبتل في رهبة الأخبات و سلامة المحياء و الممات، ما تحضره به كفاية المتوكلين، و تميزه به رعاية المكفولين، و تعزه به ولاية المتصلين المقبولين.

يا من هو ابر بي من الوالد الشفيق، و اقرب الي من الصاحب اللزيق.

انت موضع انسي في الخلوة اذا اوحشني المكان، و لفظتني الأوطان، و فارقتني الألاف و الجيران، و انفردت في محل ضنك قصير السمك ضيق الضريح مطبق الصفيح، مهول منظره، ثقيل مدره، مستقلة بالوحشة عرصته، مستغشاة بالظلمة ساحته، علي غير مهاد و لا وساد،



[ صفحه 115]



و لا تقدمة زاد، و لا اعتداد لمعاد، فتداركني برحمتك التي وسعت الاشياء اكنافها و جمعت الاحياء اطرافها، و عمت البرايا الطافها، وعد علي بعفوك يا كريم، و لا تؤاخذني بجهلي يا رحيم.

اللهم ارحم من اكتنفته سيئاته، و احاطت به خطيئاته، و حفت به جناياته، بعفوك ارحم من ليس له من عمله شافع، و لا يمنعه من عذابك مانع، ارحم الغافل عما اضله، و الذاهل عن الامر الذي خلق له، ارحم من نقض العهد و غدر، و علي معصيتك انطوي و اسر، و جاهرك بجهله و ما استتر، ارحم من القي علي وجهه قناء الحياء و حسرعلي راسه جلباب الاتقياء، و اجترء علي سخطك بارتكاب الفحشاء، فيا من لم يزل



[ صفحه 116]



عفوا غفارا ارحم من لم يزل مسقطا عتابا.

اللهم اغفرلي ما مضي مني، و اختم لي بما ترضي به عني، و اعقد عزائمي علي توبة بك متصلة و لديك مستقبلة، تقيلني بها عثراتي، و تستر بها عوراتي، و ترحم بها عبراتي، و تجيرني بها اجارة من معاطب انتقامك، و تنيلني بها المسرة بمواهب انعامك، يوم تبرز الاخبار، و تعظم الاخطار، و تبلي الاسرار، و تهتك الاستار، و تشخص القلوب و الابصار «يوم لا ينفع الظالمين معذرتهم و لهم اللعنة و لهم سوء الدار» انك معدن الالاء و الكرم، و صارف اللاواء و النقم، لا اله الا انت عليك اعتمد و بك استعين، و انت حسبي و كفي بك وكيلا.

يا مالك خزائن الاقوات و فاطر اصناف



[ صفحه 117]



البريات، و خالق سبع طرائق مسلوكات من فوق سبع ارضين مذللات، العالي في وقار العز و المنعة، و الدائم في كبرياء الهيبة و الرفعة، و الجواد بنيله علي خلقه من سعة، ليس له حد و لا امد، و لا يدركه تحصيل و لا عدد، و لا يحيط بوصفه احد.

الحمد لله خالق امشاج النسم و مولج الانوار في الظلم، و مخرج الموجود من العدم، و السابق الازليه بالقدم، و الجواد علي الخلق بسوابق النعم، و العواد عليهم بالفضل و الكرم، الذي لا يعجزه كثرة الانفاق، و لا يمسك خشية الاملاق، و لا ينقصه ادرار الارزاق، و لا يدرك باناسي الاحداق و لا يوصف بمضامة و لا افتراق.

احمده علي جزيل احسانه، و اعوذ به من حلول خذلانه، و استهديه بنور برهانه، و اومن به حق ايمانه.

و اشهد ان لا اله



[ صفحه 118]



الا الله وحده لا شريك له، الذي عم الخلائق جدواه و تم حكمه فيمن اضل منهم و هداه، و احاط علما بمن اطاعه و عصاه، و استولي علي الملك بعوائد فحواه، فسبحت له السموات و اكنافها، و الارض و اطرافها، و الجبال و اعراقها و الشجر و اغصانها، و البحار و حيتانها، و النجوم في مطالعها، و الأمطار في مواقعها، و وحوش الأرض و سباعها، و مدر الانهار و امواجها، و عذب المياه و اجاجها، و هبوب الرياح و عجاجها و كل ما وقع عليه وصف و تسمية، او يدركه حد يحويه مما يتصور في الفكر، او يتمثل بجسم او قدب، او ينسب الي عرض او جوهر من صغير حقير، او خطير كبير، مقرا له بالعبودية خاشعا، متضرعا لمشيته متواضعا،



[ صفحه 119]



له الملك الذي لا نفاد لديموميته و لا انقضاء لعديته.

و اشهد ان محمدا عبده الكريم، و رسوله الطاهر المعصوم، بعثه و الناس في غمرة الضلالة ساهون، و في غرة الجهالة لا هون، لا يقولون صدقا و لا يستعملون حقا، قد اكتنفتهم القسوة، و حقت عليهم الشقوة، الا من احب الله انفاذه، و رحمه و اعانه، فقام محمد صلي الله عليه و آله فيهم مجدا في انذاره، مرشدا لانواره، بعز ثاقب و حكم واجب، حتي تالق شهاب الايمان، و تفرق حزب الشيطان و اعز الله جنده، و عبد وحده.

ثم اختاره الله فرفعه الي روح جنته، و فسيح كرامته، فقبضه تقيا زكيا راضيا مرضيا طاهرا نقيا «و تمت كلمات



[ صفحه 120]



ربك صدقا وعدلا لا مبدل لكلماته و هو السميع العليم» صلي الله عليه و علي آله، و ذوي رحمه و مواليه، صلوة جليلة جزيلة، موصولة مقبولة، لا انقطاع لمزيدها، و لا اتضاع لمشيدها، و لا امتناع لصعودها، تنتهي الي مقر ارواحهم، و مقام فلاحهم، فيضاعف الله لهم تحياتها، و تشرف لديهم صلواتها، فتلقيهم مقرونة بالروح و السرور، محفوظة بالنضارة و النور، دائمة بلا فناء و لا فتور.

اللهم اجعل اكمل صلواتك و اشرفها، و اكمل تحياتك و الطفها، و اشمل بركاتك و اعطفها، و اجل هباتك و ارافها علي محمد خاتم النبيين و اكرم الاميين، و علي اهل بيته الاصفياء الطاهرين، و عترته النجباء المختارين، و شيعته الاوصياء الموازرين



[ صفحه 121]



من انصاره و المهاجرين، و ادخلنا في شفاعته يوم الدين مع من دخل في زمرته من الموحدين، يا اكرم الاكرمين و يا ارحم الراحمين.

اللهم انت الملك الذي لا تملك و الواحد الذي لا شريك لك، يا سامع السر و النجوي، و يا دافع الضر و البلوي، و يا كاشف العسر و البؤسي، و قابل العذر و العتبي و مسبل الستر علي الوري جللني من رافتك بامن واق، و سمعني من رعايتك بركن باق، و اوصلني بعنايتك الي غاية السباق، و اجعلني برحمتك من اهل الرعاية للميثاق، و اعمر قلبي بخشية ذوي الاشفاق، يا من لم يزل فعله بي حسنا جميلا، و لم يكن بستره علي بخيلا، و لا بعقوبته علي عجولا، اتمم علي ما ظاهرت من تفضلك، و لا تواخذني بما سترت علي عند نظرك.

سيدي كم من نعمة



[ صفحه 122]



ظللت لا نيق بهجتها لا بسا، و كم اسديت عندي من يد قد طفقت بهدايتها منافسا، و كم قلدتني من منة ضعفت قواي عن حملها، و ذهلت فطنتي عن ذكر فضلها، و عجز شكري عن جزائها، وضقت ذرعا باحصائها، قابلتك فيها بالعصيان، و نسيت شكر ما اوليتني فيها من الاحسان، فمن اسوء حالا مني ان لم تتداركني بالغفران، و توزعني شكر ما اصطنعت عندي من فوائد الامتنان؟! فلسمت مستطيعا لقضاء حقوقك ان لم تويدني بصحة توفيقك.

سيدي لو لا نورك عميت عن الدليل، و لولا تبصيرك ضللت عن السبيل، و لولا تعريفك لم ارشد للقبول، و لو لا توفيقك لم اهتد الي معرفة التاويل.

فيامن اكرمني بتوحيده، و عصمني عن الضلالة بتسديده، و الزمني اقامة حدوده، لا تسلبني ما وهبت لي



[ صفحه 123]



من تحقيق معرفتك، و احيني بيقين اسلم به من الالحاد في صفتك، يا خير من رجاه الراجون، و اراف من لجأ اليه اللاجون، و اكرم من قصده المحتاجون، ارحمني اذا انقطع معلوم عمري، و درس ذكري، و امتحي اثري، و بوئت في الضريح مرتهنا بعملي، مسئولا عما اسلفته من فارط زللي، منسيا كمن نسي من الاموات ممن كان قبلي.

رب سهل لي توبة اليك، و اعني عليها، و احملني علي محجة الاحباب لك، و ارشدني اليها، فان الحول و القوة بمعونتك، و الثبات و الانتقال بقدرتك.

يا من هو ارحم بي من الوالد الشفيق، و ابربي من الولد الرفيق، و اقرب الي من الجار اللصيق، قرب الخير من متناولي، و اجعل الخيرة العامة فيما قضيت لي، و اختم لي بالبر و التقوي



[ صفحه 124]



عملي، و اجرني من كل عائق يقطعني عنك، و كل قول و فعل يباعدني منك، و ارحمني رحمة تشفي بها قلبي من كل شبهة معترضة، و بدعة ممرضة.

سيدي خاب رجاء من رجا سواك، و ظفرت يدا من بحاجته ناجاك، و ضل من يدعو العباد لكشف ضره الا اياك، انت المومل في الشدة و الرخاء، و المفزع في كل كربة و ضراء، و المستجار به من كل فادحة و لاواء، لا يقنط من رحمتك الا من تولي و كفر، و لا يياس منك الا من عصي و اصر، انت وليي في الدنيا و الاخرة، توفني مسلما و الحقني بالصالحين.

يا من لا يحرم زواره عطاياه، و لا يسلم من استجاره و استكفاه، املي واقف علي جدواك، و وجه طلبتي منصرف عمن سواك، و انت الملي



[ صفحه 125]



بتيسير الطلبات، و الوفي بتكثير الرغبات، فانجح لي المطلوب من فضلك برحمتك، و اسمح لي بالمرغوب فيه من بذلك بنعمتك.

سيدي ضعف جسمي، و رق عظمي، و كبر سني، و نال الدهر مني، و نفدت مدتي، و ذهبت شهوتي، و بقيت تبعتي، فجد بحلمك علي جهلي، و بعفوك علي قبيح فعلي، و لا تواخذني بما كسبت من العظام في سالف الايام.

سيدي انا المعترف باساءتي، المقر بخطائي، الماسور باجرامي المرتهن بآثامي، المتهور باساءتي، المتحير عن قصد طريقي انقطعت مقالتي، و علل عمري، و بطلت حجتي في عظيم وزري، فامنن علي بكريم غفرانك، و اسمح لي بعظيم احسانك، فانك ذو مغفرة للطالبين، شديد العقاب للمجرمين.

سيدي ان كان صغر



[ صفحه 126]



في جنب طاعتك عملي، فقد كبر في جنب رجائك املي. سيدي كيف انقلب من عندك بالخيبة محروما وظني بك انك تقلبني بالنجاة مرحوما؟! سيدي لم اسلط علي حسن ظني بك قنوط الايسين، فلا تبطل لي صدق رجائي لك في الاملين. سيدي عظم جرمي اذ بارزتك باكتسابه، و كبر ذنبي اذ جاهرتك بارتكابه، الا ان عظيم عفوك يسع المعترفين، و جسيم غفرانك يعم التوابين.

سيدي ان دعاني الي النار مخبيي عقابك، فقد دعاني الي الجنة مرجو ثوابك. سيدي ان اوحشتني الخطايا من عن محاسن لطفك، فقد آنسني اليقين بمكارم عطفك، و ان انامتني الغفلة عن الاستعداد للقائك، فقد ايقظتني المعرفة بقديم



[ صفحه 127]



آلائك، و ان عزب لبي عن تقديم ما يصلحني، فلم يعزب ايقاني بنظرك الي فيما ينفعني، و ان انقرضت بغير ما اوجبت من السعي ايامي، فبالايمان امضيت السالفات من اعوامي.

سيدي جئت ملهوفا قد لبست عدم فاقتي، و اقامني مقام الاذلاء بين يديك ضر حاجتي. سيدي كرمت بكرمك فاكرمني اذ كنت من سوالك، وجدت بمعروفك فاخلطني باهل نوالك.

اللهم ارحم مسكينا لا يجيره الا عطاوك، و فقيرا لا يغنيه الا جدواك.

سيدي اصبحت علي باب من ابواب منحك سائلا، و عن التعرض لسواك عادلا و ليس من جميل امتنانك رد سائل ملهوف، و مضطر لانتظار فضلك المالوف. سيدي



[ صفحه 128]



ان حرمتني رؤيه محمد صلي الله عليه و آله في دار السلام، و اعدمتني طوف الوصائف و الخدام، و صرفت وجه تاميلي بالخيبة في دار المقام، فغير ذلك منتني نفسي منك، يا ذا الطول و الانعام.

سيدي و عزتك لو قرنتني بالاصفاد، و منعتني سيبك من بين العباد، ما قطعت رجائي عنك، و لا صرفت وجه انتظاري للعفو منك. سيدي لو لم تهدني الي الاسلام لضللت، و لو لم تثبتني اذا لزللت و لو لم تشعر قلبي الايمان بك ما آمنت و لا صدقت، و لو لم تطلق لساني بدعائك ما دعوت، و لو لم تطلق لساني بدعائك ما دعوت، و لو لم تعرفني حقيقة معرفتك ما عرفت، و لو لم تدلني علي كريم ثوابك ما رغبت، و لو لم تبين لي اليم عقابك



[ صفحه 129]



ما رهبت، فاسئلك سيدي توفيقي لما يوجب ثوابك، و تخليصي مما يكسب عقابك.

سيدي ان اقعدني التخلف عن السبق مع الابرار، فقد اقامتني الثقة بك علي مدارج الاخيار. سيدي كل مكروب اليك يلتجي، و كل محزون اياك يرتجي، سمع العابدون بجزيل ثوابك فخشعوا، و سمع المولون عن القصد بجودك فرجعوا، و سمع المجرمون بسعة فضلك فطمعوا، حتي ازدحمت عصائب العصاة من عبادك و عجت اليك الالسن باصناف الدعاء في بلادك، فكل امل ساق صاحبه اليك محتاجا، و كل قلب تركه و جيب الخوف اليك مهتاجا.

سيدي و انت المسئول الذي لا تسود لديه وجوه المطالب، و لم يردد راجيه



[ صفحه 130]



فيزيله عن الحق الي المعاطب. سيدي ان اخطات طريق النظر لنفسي بما فيه كرامتها، فقد اصبت طريق الفرج بما فيه سلامتها. سيدي ان كانت نفسي استعبدتني متمردة علي بما يرجيها فقد استعبدتها الان علي ما ينجيها. سيدي ان اجحف بي زاد الطريق في المسير اليك، فقد اوصلته بذخائر ما اعددته من فضل تعويلي عليك.

سيدي اذا ذكرت رحمتك ضحكت لها عيون مسائلي، و اذا ذكرت عقوبتك بكت لها جفون و سائلي. سيدي ادعوك دعاء من لم يدع غيرك في دعائه، و ارجوك رجاء من لم يقصد غيرك برجائه. سيدي و كيف ارد عارض تطلعي الي نوالك، و انما انا في هذا الخلق احد عيالك. سيدي كيف اسكت



[ صفحه 131]



بالافحام لسان ضراعتي، و قد اقلقني ما ابهم علي من تقدير عاقبتي؟!

سيدي قد علمت حاجة جسمي الي ما قد تكفلت لي من الرزق ايام حيواتي، و عرفت قلة استغنائي عنه بعد وفاتي، فيامن سمح لي به متفضلا في العاجل، لا تمنعنيه يوم حاجتي اليه في الاجل، فمن شواهد نعماء الكريم اتمام نعمائه، و من محاسن آلاء الجواد اكمال آلائه.

سيدي لولا ما جهلت من امري لم استقلك عثراتي و لولا ما ذكرت من شدة التفريط لم اسكب عبراتي. سيدي فامح مثبتات العثرات بمسبلات العبرات، وهب كثير السيئات بقليل الحسنات.

سيدي ان كنت لا ترحم الا المجدين في طاعتك، فالي من يفزع المقصرون؟! و ان كنت لا تقبل الا من المجتهدين، فالي من



[ صفحه 132]



يلجا الخاطئون؟! و ان كنت لا تكرم الا اهل الاحسان فكيف يصنع المسيئون؟! و ان كان لا يفوز يوم الحشر الا المتقون، فبمن يستغيث المذنبون؟!

سيدي ان كان لا يجوز علي الصراط الا من اجازته براءة عمله، فاني بالجواز لمن لم يتب اليك قبل دنو اجله؟! و ان لم تجد الا علي من عمر بالزهد مكنون سريرته، فمن للمضطر الذي لم يرضه بين العالمين سعي نقيته؟!

سيدي ان حجبت عن اهل توحيدك نظر تغمدك بخطيئاتهم اوقعهم غضبك بين المشركين بكرباتهم. سيدي ان لم تشملنا يد احسانك يوم الورود اختلطنا في الخزي يوم الحشر بذوي الجحود، فاوجب لنا بالاسلام مذخور هباتك، و اصف ما كررته الجرائم



[ صفحه 133]



بصفح صلاتك. سيدي ليس لي عندك عهد اتخذته، و لا كبير عمل اخلصته، الا اني واثق بكريم افعالك، راج بجسيم افضالك، عودتني من جميل تطولك عادة انت اولي باتمامها، و وهبت لي من خلوص معرفتك حقيقة انت المشكور علي الهامها.

سيدي ما جفت هذه العيون لفرط بكائها، و لا جادت هذه الجفون بفيض مائها، و لا اسعدها نحيب الباكيات الثاكلات لفقد عرائها الا بما اسلفته من عمدها و خطائها، و انت القادر سيدي علي كشف عمائها.

سيدي امرت بالمعروف و انت اولي به من المامورين، و حضضت علي اعطاء السائلين و انت خير المسئولين، و ندبت الي عتق الرقاب و انت خير المعتقين، و حثثت علي



[ صفحه 134]



الصفح عن المذنبين و انت اكرم الصافحين.

سيدي ان تلونا من كتابك سعة رحمتك، اشفقنا من مخالفتك، و فرحنا ببذل رحمتك، و اذا تلونا ذكر عقوبتك جددنا في طاعتك، و فرقنا من اليم نقمتك، فلا رحمتك تؤمننا و لا سخطك يؤيسنا.

سيدي كيف يمتنع من فيها من طوارق الرزايا، و قد رشق في كل دار منها سهم من سهام المنايا؟! سيدي ان كان ذنبي منك قد اخافني، فان حسن ظني بك قد اجارني، و ان كان خوفك قد اربقني فان حسن نظرك لي قد اطلقني. سيدي ان كان قد دنا مني اجلي و لم يقربني منك عملي، فقد جعلت الاعتراف بالذنب اوجه وسائل عللي.

سيدي من اولي بالرحمة منك ان رحمت؟ و من اعدل في الحكم



[ صفحه 135]



منك ان عذبت؟ سيدي لم تزل برا بي ايام حيوتي، فلا تقطع لطيف برك بي بعد وفاتي. سيدي كيف آيس من حسن نظرك بي بعد مماتي، و انت لم تولني الا جميلا في حيوتي؟! سيدي عفوك اعظم من كل جرم، و نعمتك ممحاة لكل اثم.

سيدي ان كانت ذنوبي قد اخافتني، فان محبتي لك قد آمنتني، فتول من امري ما انت اهله، وعد بفضلك علي من قد غمره جهله، يا من السر عنده علانية، و لا تخفي عليه من الغوامض خافية، فاغفرلي ما خفي علي الناس من امري، و خفف برحمتك من ثقل الاوزار ظهري.

سيدي سترت علي ذنوبي في الدنيا و لم تظهرها، فلا تفضحني بها في القيمة و استرها، فمن احق بالستر منك يا ستار، و من اولي منك بالعفو عن المذنبين



[ صفحه 136]



يا غفار؟! الهي جودك بسط املي، و سترك قبل عملي، فسرني بلقائك عند اقتراب اجلي.

سيدي ليس اعتذاري اليك اعتذار من يستغني عن قبول عذره، و لا تضرعي تضرع من يستنكف عن مسئلتك لكشف ضره، فاقبل عذري يا خير من اعتذر اليه المسيئون، و اكرم من استغفره الخاطئون.

سيدي لا تردني في حاجة قد افنيت عمري في طلبها منك، و لا اجد غيرك معدلا بها عنك. سيدي لو اردت اهانتي لم تهدني، و لو اردت فضيحتي لم تسترني، فادم امتاعي بما له هديتني، و لا تهتك عني ما به سترتني.

سيدي لولا ما اقترقت من الذنوب ما خفت عقابك، و لو لا ما عرفت من كرمك ما رجوت ثوابك، و انت اكرم الاكرمين بتحقيق امل الاملين،



[ صفحه 137]



و ارحم من استرحم في التجاوز عن المذنبين.

سيدي القتني الحسنات بين جودك و احسانك، و القتني السيئات بين عفوك و غفرانك، و قد رجوت ان لا يضيع بين ذين و ذين مسييء مرتهن بجريرته، و محسن مخلص في بصيرته.

سيدي اذا شهد لي الايمان بتوحيدك، و نطق لساني بتمجيدك، و دلني القرآن علي فواضل جودك، فكيف لا يبتهج رجائي بتحقيق موعودك، و لا يفرح امنيتي بحسن مزيدك؟! سيدي ان عفوت فبفضلك، و ان عذبت فبعدلك، فيامن لا يرجي الا فضله، و لا يخشي الا عدله، امنن علي بفضلك، و لا تستقض علي في عدلك.

سيدي ادعوك دعاء ملح لا يمل مولاه، و اتضرع اليك تضرع من اقر علي نفسه بالحجة



[ صفحه 138]



في دعواه، و خضع لك خضوع من يؤملك لاخرته و دنياه، فلا تقطع عصمة رجائي، و اسمع تضرعي، و اقبل دعائي، و ثبت حجتي علي ما اثبت من دعواي.

سيدي لو عرفت اعتذارا من الذنب لأ تيته، فانا المقر بما احصيته و جنيته، و خالفت امرك فيه فتعديته، فهب لي ذنبي بالاعتراف، و لا تردني في طلبتي عند الانصراف. سيدي قد اصبت من الذنوب ما قد عرفت، و اسرفت علي نفسي بما قد علمت، فاجعلني عبدا: اما طائعا فاكرمته، و اما عاصيا فرحمته.

سيدي كاني بنفسي قد اضجعت في قعر حفرتها، و انصرف عنها المشيعون من جيرتها، و بكي عليها الغريب لطول غربتها، و جاد عليها بالدموع



[ صفحه 139]



المشفق من عشيرتها، و ناداها من شفير القبر ذووا مودتها، و رحمها المعادي لها في الحيوة عند صرعتها، و لم يخف علي الناظرين اليها فرط فاقتها، و لا علي من قد رآها توسدت الثري عجز حيلتها فقلت: ملائكتي فريد نايء عنه الاقربون، و بعيد جفاه الاهلون و وحيد فارقه المال و البنون، نزل بي قريبا، و سكن اللحد غريبا، و كان لي في دار الدنيا داعيا، و لنظري له في هذا اليوم راجيا، فتحسن عند ذلك ضيافتي، و تكون اشفق علي من اهلي و قرابتي.

الهي و سيدي لو اطبقت ذنوبي ما بين ثري الارض الي اعنان السماء، و خرقت النجوم الي حد الانتهاء، ما ردني ياس عن توقع غفرانك، و لا صرفني القنوط عن انتظار



[ صفحه 140]



رضوانك. سيدي قد ذكرتك بالذكر الذي الهمتنيه، و وحدتك بالتوحيد الذي اكرمتنيه و دعوتك بالدعاء الذي علمتنيه، فلا تحرمني برحمتك الجزاء الذي وعدتنيه، فمن النعمة لك علي ان هديتني بحسن دعائك، و من اتمامها ان توجب لي محمود جزائك.

سيدي انتظر عفوك كما تنتظره المذنبون، و لست ايئس من رحمتك التي يتوقعها المحسنون، الهي و سيدي انهملت بالسكب عبراتي، حين ذكرت خطاياي و عثراتي، و ما لها لا تنهمر و تجري و تفيض ماؤها و تذري و لست ادري الي ما يكون مصيري! و علي ما يتهجم عند البلاغ مسيري! يا انس كل غريب مفرد آنس في القبر وحشتي، و يا ثاني كل وحيد ارحم في الثري طول وحدتي.

سيدي كيف



[ صفحه 141]



نظرك بين سكان الثري؟ و كيف صنيعك بي في دار الوحشة و البلي؟ فقد كنت بي لطيفا ايام حيوة الدنيا، يا افضل المنعمين في آلائه، و انعم المفضلين في نعمائه، كثرت اياديك فعجزت عن احصائها، وضقت ذرعا في شكري لك لجزائها، فلك الحمد علي ما اوليت من التفضل، و لك الشكر علي ما ابليت من التطول.

يا خير من دعاه الداعون، و افضل من رجاه الراجون، بذمة الاسلام اتوسل اليك، و بحرمة القرآن اعتمد عليك، و بمحمد و اهل بيته استشفع و اتقرب و اقدمهم امام حاجتي اليك في الرغب و الرهب.

اللهم فصل علي محمد و اهل بيته الطاهرين، و اجعلني بحبهم يوم العرض عليك نبيها و من الانجاس و الارجاس نزيها، و



[ صفحه 142]



بالتوسل بهم اليك مقربا وجيها.

يا كريم الصفح و التجاوز، و معدن العوارف و الجوائز، كن عن ذنوبي صافحا متجاوزا، و هب لي من مراقبتك ما يكون بيني و بين معصيتك حاجزا.

سيدي ان من تقرب لديك بالخير منك لمكين من موالاتك، و ان من تحبب اليك لقمين بمرضاتك، و ان من تعرف بك لغير مجهول، و ان من استجاربك لغير مخذول.

سيدي اتراك تحرق بالنار و قد طال ما خر ساجدا بين يديك؟! ام تراك تغل الي الاعناق اكفا طالما تضرعت في دعائها اليك؟! ام تراك تقيد بانكال الجحيم اقداما طال ما خرجت من منازلها طمعا فيما لديك، منا منك عليها لا منا منها عليك؟!

سيدي كم من نعمة لك علي قل لك عندها شكري! و كم من



[ صفحه 143]



بلية ابتليتني بها عجز عنها صبري! فيامن قل شكري عند نعمه فلم يحرمني، و عجز صبري عند بليته فلم يخذلني، جميل فضلك علي ابطرني، و جليل حلمك عني غرني.

سيدي قويت بعافيتك علي معصيتك، و انفقت نعمتك في سبيل مخالفتك، و افنيت عمري في غير طاعتك، فلم يمنعك جراتي علي ما عنه نهيتني، و لا انتهاك ما منه حذرتني ان سترتني بحلمك الساتر، و حجيتني عن عين كل ناظر، و عدت بكريم اياديك حين عدت بارتكاب معاصيك فانت العواد بالاحسان، و انا العواد بالعصيان.

سيدي اتيتك معترفا لك بسوء فعلي، خاضعا لك باستكانة ذلي، راجيا منك جميل ما عرضتنيه، من الفضل الذي عودتنيه، فلا تصرف



[ صفحه 144]



رجائي من فضلك خائبا، و لا تجعل ظني بتطولك كاذبا، سيدي ان آمالي فيك يتجاوز آمال الاملين، و سؤالي اياك لا يشبه سؤال السائلين، لان السائل اذا منع امتنع عن السؤال، و انا فلا غني بي عنك في كل حال.

سيدي غرتي بك حلمك عني اذ حلمت، و عفوك عن ذنبي اذ رحمت، و قد علمت انك قادر ان تقول للأرض خذيه فتاخذني، و للسماء امطريه حجارة فتمطرني، و لو امرت بعضي ان ياخذ بغضا لما امهلني، فامنن علي بعفوك عن ذنبي، و تب علي توبة نصوحا تطهر بها قلبي.

سيدي انت نوري في كل ظلمة، و ذخري لكل ملمة و عمادي عند كل شدة، و انيسي في كل خلوة و وحدة، فاعذني من سوء مواقف الخائبين، و استنقذني من ذل



[ صفحه 145]



مقام الكاذبين.

سيدي انت دليل من انقطع دليله، و امل من امتنع تاميله، فان كانت ذنوبي حالت بين دعائي و اجابتك، فلم يحل كرمك بيني و بين مغفرتك، و انك لا تضل من هديت، و لا تذل من واليت و لا يفتقر من اغنيت، و لا يسعد من اشقيت، و عزتك لقد احببتك محبة استقرت في قلبي حلاوتها، و انست نفسي ببشارتها، و محال في عدل اقضيتك، ان تسد ابواب رحمتك عن معتقدي محبتك.

سيدي لولا توفيقك ضل الحائرون، و لولا تسديدك لم ينج المستغفرون انت سهلت لهم السبيل حتي وصلوا، و انت ايدتهم بالتقوي حتي عملوا، فالنعمة عليهم منك جزيلة، و المنة منك لديهم موصولة.

سيدي اسئلك مسئلة مسكين ضارع،



[ صفحه 146]



مستكين خاضع، ان تجعلني من الموقنين خبرا و فهما، و المحيطين معرفة و علما، انك لم تنزل كتبك الا بالحق، و لم ترسل رسلك الا بالصدق، و لم ترسل رسلك الا بالصدق و لم تترك عبادك هملا و لا سدي، و لم تدعهم بغير بيان و لا هدي، و لم ترض منهم بالجهالة و الاضاعة بل خلقتهم ليعبدوك، و رزقتهم ليحمدوك، و دللتهم علي وحدانيتك ليوحدوك، و لم تكلفهم من الامر ما لا يطيقون، و لم تخاطبهم بما يجهلون، بل هم بمنهجك عاملون، و بحجتك مخصوصون، امرك فيهم نافذ و قهرك بنواصيهم آخذ، تجتبي من تشاء فتدنيه، و تهدي من اناب اليك من معاصيك فتنجيه، تفضلا منك بجسيم نعمتك، علي من ادخلته في سعة رحمتك، يا اكرم الاكرمين و اراف الراحمين.



[ صفحه 147]



سيدي خلقتني فاكملت تقديري و صورتني فاحسنت تصويري، فصرت بعد العدم موجودا و بعد المغيب شهيدا و جعلتني بتحنن رافتك تاما سويا، و حفظتني في المهد طفلا صبيا، و رزقتني من الغذاء سائغا هنيئا ثم وهبت لي رحمة الاباء و الامهات، و عطفت علي قلوب الحواضن و المربيات، كافيا لي شرور الانس و الجان، مسلما لي من الزيادة و النقصان، حتي افصحت ناطقا بالكلام، ثم انبتني زائدا في كل عام، و قد اسبغت علي ملابس الانعام.

ثم رزقتني من الطاف المعاش، و اصناف الرياش، و كنفتني بالرعاية في جميع مذاهبي، و بلغتني ما احاول من سائر مطالبي، اتماما لنعمتك لدي، و ايجابا لحجتك علي، و ذلك اكثر من ان يحصيه



[ صفحه 148]



القائلون، او يثني بشكره العاملون، فخالفت ما يقربني منك، و اقترفت ما يباعدني عنك، فظاهرت علي جميل سترك، و ادبتني بحسن نظرك و برك، و لم يباعدني عن احسانك تعرضي لعصيانك، بل تابعت علي في نعمك، وجدت علي بفضلك و كرمك، فان دعوتك اجبتني، و ان سئلتك اعطيتني، و ان شكرتك زدتني، و ان امسكت عن مسئلتك ابتداتني، فلك الحمد علي بوادي اياديك و تواليها، حمدا يضاهي آلائك و يكافيها.

سيدي سترت علي في الدنيا ذنوبا ضاق علي منها المخرج، و انا الي سترها علي في القيمة احوج، فيامن جللني بستره عن لواحظ المتوسمين لا تزل سترك عني علي رؤس العالمين.

سيدي اعطيتني فاسنيت



[ صفحه 149]



حظي، و حفظتني فاحسنت حفظي، و غذيتني فانعمت غذائي، و حبوتني فاكرمت مثواي، و توليتني بعوائد البر و الاكرام، و خصصتني بنوافل الفضل و الانعام، فلك الحمد علي جزيل جودك و نوافل مزيدك، حمدا جامعا لشكرك الواجب، مانعا من عذابك الواصب مكافئا لما بذلته من اقسام المواهب.

سيدي عودتني اسعافي بكل ما اسئلك و اجابتي الي تسهيل كل ما احاوله، و انا اعتمدك في كل ما يعرض لي من الحاجات، و انزل بك كل ما يخطر ببالي من الظلمات، واثقا بقديم تطولك، و مدلا بكريم تفضلك، و اطلب الخير من حيث تعودته، و التمس النجح من معدنه الذي تعرفته، و اعلم انك لا تكل اللاجين اليك الي غيرك، و لا تخلي الراجين لحسن تطولك



[ صفحه 150]



من نوافل برك.

سيدي تتابع منك البر و العطاء، فلزمني الشكر و الثناء، فما من شي ء انشره و اطويه من شكرك، و لا قول اعيده و ابديه في ذكرك، الا كنت له اهلا و محلا، و كان في جنب معرفتك مستصغرا مستقلا.

سيدي استزيدك من فوائد النعم، غير مستبطيء منك فيه سني الكرم، و استعيذبك من بوادر النقم، غير مخيل في عدلك خواطر التهم. سيدي عظم قدر من اسعدته باصطفائك، و عدم النصر من ابعدته من فنائك.

سيدي ما اعظم روح قلوب المتوكلين عليك، و انجح سعي الاملين لما لديك!

سيدي انت انقذت اوليائك من حيرة الشكوك، و اوصلت الي نفوسهم حيرة الملوك، و



[ صفحه 151]



زينتهم بحلية الوقار و الهيبة و اسبلت عليهم ستور العصمة و التوبة، و سيرت هممهم في ملكوت السماء، و حبوتهم بخصائص الزوائد و الحباء، و عقدت علي قلوبهم بحبل محبتك، و آثرت خواطرهم بتحصيل معرفتك، فهم في خدمتك منصرفون، و عند امرك و نهيك واقفون، و بمناجاتك آنسون، و لك بصدق الارادة مجالسون، و ذلك برافة تحننك عليهم، و ما اسديت من جميل مننك اليهم.

سيدي بك و صلوا الي مرضاتك، و بكرمك استشعروا ملابس موالاتك، سيدي فاجعلني ممن ناسبهم من اهل طاعتك، و لا تدخلني فيمن جانبهم من اهل معصيتك، و اجعل ما اعتقدته من ذكرك، خالصا شبه الفتن، سالما من تمويه



[ صفحه 152]



الاسرار و العلن، مشوبا بخشيتك في كل اوان، مقربا من طاعتك في الاظهار و الابطان، داخلا فيما يؤيده الدين و يعصمه، خارجا مما تبنيه الدنيا و تهدمه، منزها عن قصد احد سواك، وجيها عندك يوم اقوم لك و القاك، محصنا من لواحق الرياء، مبرئا من بوائق الاهواء، عارجا اليك مع صالح الاعمال، بالغدو و الاصال، متصلا لا تنقطع بوادره، و لا يدرك آخره، مثبتا عندك في الكتب المرفوعة في عليين، مخزونا في الديوان المكنون الذي يشهده المقربون، و لا يمسه الا المقربون.

اللهم انت ولي الاصفياء و الاخيار، و لك الخلق و اليك الاختيار، و قد البستني في الدنيا ثوب عافيتك، و اودعت قلبي صواب معرفتك، فلا تخلني



[ صفحه 153]



في الاخرة عن عواطف رافتك، و اجعلني ممن شمله عفوك، و لم ينله سطوتك.

يا من يعلم علل الحركات و حوادث السكون، و لا تخفي عليه عوارض الخطرات في محال الظنون، اجعلنا من الذين اوضحت لهم الدليل عليك، و فسحت لهم السبيل اليك، فاستشعروا مدارع الحكمة، و استطرقوا سبل التوبة، حتي اناخوا في رياض الرحمة، و سلموا من الاعتراض بالعصمة، انك ولي من اعتصم بنصرك، و مجازي من اذعن بوجوب شكرك، لا تبخل بفضلك، و لا تسئل عن فعلك، جل ثناؤك، و فضل عطاؤك، و تظاهرت نعماؤك، و تقدست اسماؤك، فبتسييرك يجري سداد الامور، و بتقديرك يمضي انقياد التدبير، تجير



[ صفحه 154]



و لا يجار منك، و لا لراغب مندوحة عنك.

سبحانك لا اله الا انت، عليك توكلي، و اليك يفد املي، و بك ثقتي، و عليك معولي، و لا حول لي عن معصيتك الا بتسديدك، و لا قوة لي علي طاعتك الا بتاييدك، لا اله الا انت سبحانك اني كنت من الظالمين يا ارحم الراحمين، و خير الغافرين.

و صلي الله علي محمد خاتم النبيين، و علي اهل بيته الطاهرين، و اصحابه المنتجبين، و سلم تسليما كثيرا، و حسبنا الله وحده، و نعم المعين.

يا خير مدعو و يا خير مسئول و اكرم مأمول و يا اوسع من اعطي، و يا خير مرتجي ارزقني و اوسع علي من واسع رزقك، رزقي رزقا واسعا مباركا طيبا حلالا لا تعذبني عليه، و سبب لي ذلك من فضلك انك علي كل شي ء



[ صفحه 155]



قدير يا ارحم الراحمين.